استقبال صديق
كيف به والجفاءُ يبعد بهْ
وفرقةُ الصب منتهى أربهْ
تالله ما أن يني يباعدنا
بالغدر في جده وفي لعبه
إن يصغ للشوق بعد ذاك فقد
أسرف في كبره وفي غضبه
وكيف يرجو البقاء من رجل
لم يبقِ من وصلةٍ إلى سببه
إن مرَّ لم يكترث لخطرته
أو قال لم يلتفت إلى خطبه
قد قلَّ من يصدق الوداد فما
أحس من ودهم سوى كذبه
أعطشني الناس بعد أن «رويوا»
من مستهلِّ الوفاء منسكبه
جفوا كما جفَّت الحياة فما
أعرف من عودهم سوى حطبه
ما لي وما للزمان وا عجبي
وا عجب أن يكفَّ عن عجبه
غاض غدير الوفاء في زمنٍ
فاض بما لا يجفُّ من نوبه
ما جوُّ هذا الزمان من أربي
رجال هذا الزمان أخلق به
أصحب من لا أودُّ صحبته
ومن أذوق البعادَ في قربه
لم يبقَ عندي من الرجاء سوى الـ
ـقنوط من برقه ومن صببه
وزفرةٍ تحطم الضلوع لها
على زمان عريت من قشبه
وحسرةٍ إثرَ غلمةٍ ذهبوا
عنِّي فلجَّ الزمانُ في حربه
يسرع دمعي إذا ذكرتهمُ
إسراع فيض الغمام في صببه
أما فتًى صادق الهوى كأخي
«شكري» يردُّ الزمان عن نوبه
أوثقُ من تصطفي وأكرم من
تأخذ من عقله ومن أدبه
خلائقٌ سهلة موطأة
كالبارد العذب غب منسكبه
كم مجلسٍ الودادُ ثالثنا
والراحُ تجلى كالحق من حجبه
ذاك قريبي وليس من رحمي
وهو نسيبي ولستُ من نسبه
إن ضرب الدهر بيننا فلقد
لُفَّ كما كان قبل شمليَ به