الراعي المعبود
هي قصة قديمة، وﻟ «جيمس رسل لويل» قصيدة فيها، وقد نظمتها بتصرف كثير ما بين حذف وزيادة.
غشى الأرض في شباب الزمان
رائع الحسن من بني الإنسان
وجهه كالربيع روَّضه القطـ
ـر وكفَّاه كالنسيم الواني
ما له بالطعان والحرث والزر
ع ولا السعي والدءوب يدان
يقطع العمر بالغناء فتعطو
مصغياتٍ سوانحُ الغزلان
وتحط العقبانُ بين قمار
آمناتٍ من وثبة العقبان
وترى الأفعوان ينصت للصو
ت وتصغى الذؤبان في الوديان
كل عين من حسنه تتلقَّا
هُ بوبلٍ من دمعها هتان
وله روعة تبيت لها النفـ
ـس تَنزَّى كألسن النيران
•••
زعموا أنه اصطفاه مليكٌ
أخذت منه روعةُ الألحان
فهو ندمانه إذا الكأس دارت
ومغنِّيه والعشير الداني
وأمين على خزائنه طـ
ـرًّا وراعيه سيد الرعيان
نعمة أرمضت قلوب أعاديـ
ـه وأورت حزازة الإخوان
فمضوا يسخرون منه وينحو
ن عليهِ بألسن الأضغان
لا رعاه الإله من باهلٍ كـ
ـلٍّ يُزجِّي الزمان بالإرنان
يرسل الصوت ضاجعًا فيميد الـ
ـسامعوهُ تمايد النشوان
كيف لا يحسن الغناء وقد فا
ز بعيش النوامة المبطان
مسمع معجب ولكنه الآ
لُ تراءى للَّاغب الظمآن
عبث كله وإن سحر القلـ
ـب بروعات حسنه الفتان
•••
كلهم فيه حائر ليس يدري
أمن الإنس أم من الجنَّان
يسمع الناس صوته فيخرو
ن سجودًا لفاتنات الأغاني
فإذا ما رأوه عادوا فقالوا
إنها خدعة من الآذان
يكتسي منه كلُّ لفظ جمالًا
بارعَ الأخذ مونق الألوان
قصدوا قصده على الرغم منهم
وجروا خلفه بغير عنان
فلهم قول كافرٍ ذي كنود
ولهم فعل راسخ الإيمان
وهو عنهم في غفلة معرض الوجـ
ـه كأن ليس من بني الإنسان
يلحظ الأرض والسماوات والنا
س بعين جِنِّيةِ الإنسان
وكأن الوجود يوحي إليهِ
بمعاني الجمال والإحسان
ثم وافاه حينهُ فمضى غيـ
ـر مَرُوعٍ من المنايا الدواني
ترك الأرض ذات حسن جديد
وشباب مخلد الريعان
وغدت بعده مواطئ نعليـ
ـهِ حرامًا يزورها المشرقان
أكبرت شأنه الخلائق حتى
عبدوه في غابر الأزمان
ليتهم أنصفوه حيًّا فلما
أن قضى شيَّعوه بالنكران