في المناجاة
الله في كلف الأحشاء مفتون
يهتاجه الشوق من بادٍ ومكنونِ
يقوى ويضعف كالآذيِّ آونة
يطغى وآونة يهدا إلى حين
يمزق الشوق أحشاه كما فتكت
بالغيم عجرفة الهوج المجانين
مقطِّب فإذا ما افتر عابسه
فذاك سخر أسًى في القلب مدفون
قد طارد القلق المضني سكينته
فبات نهزة خوف غير مأمون
باع الرجاء ولم يبتع به بدلًا
سوى قنوط طرير الغرب مسنون
في صدره من زمان الصيف وقدته
لكنه مطلخمٌّ جد مدجون
حنادسٌ كظلام الموت باردة
وهمس يأس كألحان الشياطين
ماضيه أسحم مرهوب وحاضره
كظته مثل شظيَّات البراكين
يستقطر الألم الدامي مساربه
كأن في كل عضو نصل سكين
إن نام نغَّصت الأحلام رقدته
أو قام ناجاه همٌّ غير مظنون
•••
هيهات يحنو على قلبي معذبهُ
أو يحفل السهم إن أصمى بمطعون
وددت لو لان لي لفظ فأودعه
ما ضاق عن بعضه شرحي وتبييني
أستحمل الريح معناه لتنهيَه
إلى الذي ليس يدري ما يُعنِّيني
إذًا لفاجأه من حيث يأمنه
برق يضيء له قلبي ويبديني
•••
لا يخصب الظن في جدب الزمان ولا
يضوع في قفره عرفُ الرياحين
ولا تهش فراديس الجمال إلى
نار الجوى وجراحات المساكين
ألفتُ شجويَ حتى صرت أحسب في
غير التلهف أخلاقًا تنافيني
قوتي همومي، على أن الفؤاد لها
قوت، فدأبيَ أُفنِيها وتُفنيني
أبكي حياتيَ في الدنيا وأندبها
من ذا عساه إذا ما مت يبكيني
لو كان يجري الهوى كالنهر مطَّردًا
لكنه البحر يغريني ليرديني
أو كان في الحب هلكٌ لاغتبطت به
لكنْ لأمر رهيب ما يباقيني
يكوي الفؤاد ويشفيه ليكويَه
عودًا لبدء ويخليني ليشجوني
هذي الجحيم التي قد حدثوك بها
يا رحمة الله آوي كل مفتون