الصدق في الكذب
(قيلت ردًا على قصيدة كتب بها إلينا صديقنا الشاعر الجليل عباس أفندي محمود العقاد بعد أن اطلع على القصيدة السالفة.)
لذة العيش في مدامٍ رخد
يا صديقي فعدْ لماضي العهد
لستُ إبليس يا صديقي ولا بعـ
ـض شياطينه فتنكر قصدي
لكنِ الحسنُ روضة وسبيلي
شم وردٍ بها وتقبيل ورد
وقديمًا كانت سبيلك هذي
فمتى حلتَ أو تغيَّرت بعدي
قد وجدتُ الخلوَّ صحراء قفرًا
ووجدت الغرام جنَّات خلد
هيِّنٌ جنْب ما تفوز به النفـ
ـس من السعد سورةٌ للوجد
•••
لا تلمني أني أُنقِّل قلبي
ناسيًا عهدَ غير ذاكر عهدي
إن خيرًا من التصنع في القر
ب بعادٌ على جفاء وصد
ضمَّنا الود فاتصلنا وعدنا
مثل ضدين يدنوان لرد
لم يدع بيننا الجفاء ولا البعـ
ـد سوى زورة على غير ود
ضعُف القلب عن هواه وما القلـ
ـب على كل ذي جمال بجلد
سنَّة الله لا تجيز وقوفًا
يا أخي أو تمهُّلًا عند حد
يكمل البدر ليلة وتراهُ
بعدها ناقصًا لطلعة سعد
•••
لا لعًا للذي كبا بيَ في الحـ
ـبِّ وأهلًا بحبيَ المستجد
قد تصابيت فاعذروا أو فلوموا
ليس شيء على الغرام بمجد
وتداويت من غرام ملول
بهوًى مُسعد على العيش نجد
مسكري إن شربت منه بلحظي
بشهيٍّ من خمر خديه صرد
إنْ أخسَّ القديم حظي فهذا
مجزلٌ قسمتي ومورٍ زندي
وحديثي نفسي بأنْ سوف يُنسيـ
ـني شقائي بما يؤاتي ويسدي
•••
لا تصدق مقالتي يا صديقي
واغتفر كذبة على غير عمد
أنا من مصر في فلاة وإن كا
نت رياضًا أعالج العيش وحدي
لابسًا ثوب وحشة لا أرى الأخـ
ـلاق يبلى من خلقها المسود
دائم الصمت مفرد الرأي والفكـ
ـرة لا أتقي الهموم بحد
مقبلًا مدبرًا كما حار في الصحـ
ـراء من ضل عن طريق الرشد
عالمًا أن كل يوم سيأتيـ
ـني بأمر خافي المعارف نكد
وسفاهًا أرى فراريَ مما
هو حتمٌ ما إن له من مرد
تلك حالي على الحقيقة لا ما
أتسلَّى به من الزور جهدي
عبثٌ كلها الحياة وزور
ومحال وباطل ليس يجدي