عظة المحبوب
ألا عُدْ إلى العهد الذي كنت أحمدُ
ولا تتركنِّي في العذاب أخلَّدُ
هجرتك لا أني سلوت هواكمُ
ولكنما أخشى الذي بت أعبد
أحبك لكني أخافك والهوى
مخوفٌ وبعض الشر في الخير يوجد
على أنه سيان قربك والنوى
إذا لم يكن لي منكمُ متودد
يضاحكك الإخوان أنسًا وغبطة
فتلهو ويبكيني الأسى والتوجد
فكيف ملامي لاهيًا لا يُحِسُّنا
وأنِّي على ما يوجع القلب مسعِد
وهل نافعي أني كتومٌ وأنَّني
عيوف وأنِّي صابر متجلد
ألا في سبيل الله ليل سهرته
ودمعي على الخدين سلك منضَّد
سميريَ وسواسي وصحبي خواطرٌ
حوالك مثل الليل أو هي أسود
أخاف عليك الناس أن يلهجوا بنا
وأكتم حتى عنك سرِّي وأبعد
وهَوَّنَ عندي ما أعاني من الجوى
يقينيَ أن البعد أحجى وأرشد
وكيف أرجِّي منك بلًّا لغلتي
وصدري على السر المبرح موصد
تفجَّر بحرٌ بيننا متزاخر
تظل المنايا فيه تُرغي وتُرعد
أخاف عليَّ الهولَ إما ركبته
وتجذبني نفسي إليه وتورد
فأقبلُ والآمال فيك كثيرة
وأعرض والأهوال للنفس رُصَّدُ
وأخشى الكرى إذ كل حلم مروِّع
وأخشى الردى إذ كل شيء مهدد
خَلت بك عني الملهيات وإن تكن
عطوفًا تصافي كل من يتودد
تصادحُ أطيار القلوب سوى الذي
له صدحة تعيي الورى وتَغَرُّدُ
ومثل نسيم الصبح أنت سماحة
يُقَبل ما يبدو له ويبرد
ألم ترَ للأزهار كيف رواؤها
وكيف غدًا يجني عليها التورُّد
يروقك منها حسنها غير أنها
تصوِّح إن أمست تقلبها اليد
كذلك تذوي بعد حين فلا تكن
لكل طلوب غاية ليس تبعد
ولا تمنح الود امرَأً ليس أهله
فما كل ماء لامع الوجه مورد