أحلام الموتى
أرسل إلينا صديقنا الشاعر الجليل عباس أفندي محمود العقاد قصيدة بهذا العنوان يقول في مطلعها:
ستغرب شمسُ هذا العمر يومًا
ويغمض ناظري ليلُ الحمام
فهل يسري إلى قبري خيالٌ
من الدنيا وأنباء الأنام
ويمسي طيفُ من أهوى سميري
ويؤنس وحشتي ترجيع هام
فأجبناه بهذه الأبيات:
لهان عليَّ أن ألقي حمامي
وأطوى تحت طيات الرغام
إذا ما الليل نام رأيتُ قلبي
كلوءًا مطعمًا مرَّ الفطام
وما طاف الكرى بالعين إلَّا
ليفتحها على الكرب العظام
وفي ظُلَم القبور لنا مجير
يجلِّي وحشة العيش الجهام
أجنُّوني إذا ما متُّ رمسًا
ينادمني به خضل الغمام
ترقرقُ عنده غدرانُ ماءٍ
على ضفَّاتها أثر الهوامي
تغنيني الحمائم في ذراها
وقد هب النسيم مع الظلام
تذكرني ليالينا وكانت
مسلسلة البشاشة في نظام
وما إن أرتجي شيئًا ولكن
هي الأحلامُ عونُ ذوي السقام
إذا ما الموت رنَّق في جفوني
وبات بكفه يومًا زمامي
فما يغني خيالٌ من حبيب
يزورك بالتحية والسلام
وكيف يصد عنك وأنت حيٌّ
ويمسي واصلًا لك في الرجام