مناجاة الحسن
حثَّا شرابهما في ظل حسَّان
رياه ريحاننا في مجلس ألحان
ريا الحبيب ولا شيء كنفحته
وهْنًا يُهيج أطرابي وأشجاني
حثَّا شرابهما حتى رأيتهما
لا يسمعان وإن كانا يقولان
هما أثيران علاني على ظمأ
وبالشراب على سري يغوصان
ويضحكان إذا ما الخمر رنحني
دوارها واستوى سري وإعلاني
ويعجبان لنسجي الزور أجعله
ذريعة لطرير الحسن غيساني
ويحسبانيَ مجانًا كأنهما
لم يعرفا سخر أشجان وأحزان
… … … … … …
… … … … … …
… … … … … …
… … … … … …
يكاد يأكله باللحظ مبصره
لو يستطيع رنوًّا لحظ ولهان
ولفظه السحر إلا أنه كلم
ولحظه الخلد إلا أنه جاني
وجه مضيء من الفردوس مخرجه
ملء النواظر من حسن وإحسان
وقال صف ليلتي هذي مجملها
نفسي فداؤك من راج ومنان
أهبت بالشعر فاستفتحت مغلقه
كنجمة الصبح تحدو نوره الواني
ولو وكلت إلى نفسي عييت بها
لكن دعوت فما أعيا بتبيان
سقيًا ورعيًا لها من ليلة سلفت
عادت رطابًا بها أعواد أغصاني
إذ ملعبي الناس ألهو غير محتشم
بأرجل منهمُ طرًّا وأذقان
سقيتني الحب إذ نحسو على مهل
ألذ ما يتحساه حبيبان
وظلت ترشقني باللحظ عن عرض
فأتقيك بإغضاءات غفلان
وأصرف الفكر عنكم بالمزاح عسى
أفيء يومًا إلى رشدي ورجحاني
وأدَّعي أن ضنئي سالبي رشدي
كيما ألهي الحشا عن حسن مفتان
وياسَمين شممناه مناقلة
نشقته ونشقت الحسن في آن
كنا وكنت كسحبٍ بينها قمر
فمزقت شملنا أرواح غيران
أو كالضياء رمى نجم وشائعه
من بين أوراق أغصان وأفنان
راخت ليالي النوى أوتار عيداني
يا لهف نفسي على جنكي وعيداني
يا ليلة ليَ منه لست ذاكرها
ألا استهلَّت بصوب الدمع أجفاني
بعد السلو تعود القلب صبوته
يا ليت ما عاد منها كان أخطاني
كم ليلة بعدها كابدتها سهرًا
وكل هم بها لي منه زوجان
كالبحر حين تهب الريح عاصفة
صدري، ويخبط بطنانًا بظهران
يا موقد النار في قلبي وتاركها
تكوي حشاي وتوهي صرح بنياني
حتى غدوت وألفاظي لها وقدٌ
كأنما هي من أحشاء بركان
برِّدْ بقربك نيراني فإن لها
شبًّا كأنَّ له تخبيط شيطان
عجلت بالهجر يا موفي على أملي
ويا سقامي ووسواسي وشغلاني
وليلتان هما لي منك واحدة
عفوًا وأخرى على وعد ونشدان
أليلتان جزائي منك أجلهما
بعدٌ على حسرات إثر إحسان
مسافة البيت لا شهر ولا سنة
لكن دقائق تعدو ذات أمعان
أإن دعوتك للرعيا فلا عجل
وإن دعوت إلى مطل فلا واني
تحدث الناس عما فيك من حسن
هيهات ذاك لقلب الواله العاني
يا جنة العين ما للأرض ملبسة
سوابغًا من سدى همٍّ وأحزان
يا روضة من رياض الحسن فاتنة
تموج باليانع النائي وبالداني
فيك الشقائق للجاني تميل على
طرائفٍ من أقاح وسط ريحان
ونرجس فوقها يسطو بلحظته
على فؤاد طويل البث قرحان
قد كان ظنيَ أني قد ملأت يدي
هيهات ذاك حرمنا أي حرمان
أتم طيبًا وحسنًا منك ما نظرتْ
عيني ولا سمعتْ في الدهر آذاني
ولا أتم أسى مني ولا كمدًا
يا صاعقي بجمال ما له ثان
يا حسن كم من أخي حسن كلفت به
قد سار سيرك في صد وهجران
لما برمت به فارقته جذلًا
وكف دمعيَ عن سح وتهتان
لكن أبت ذاك آيات لحسنك لم
تترك سوى سبل إقرار وإذعان
أهون عليك بمفتون وشقوته
إذا لهوت بأكباد وأذهان