الأزاهير الميتة
أجِلْ في حياتي الطرف تبصرْ رسومها
دوائرَ عفتها الليالي الدوائرُ
تولت ليالي السعد وهْي حميدة
جاءت ليالٍ بالنحوس مواقر
وأصبحْت والآمال حولي ذوابلٌ
تساقطُ أوراق لها وأزاهر
يشاهقها البرق المضيء عشية
وتهفو بها الأرواح وهْي ثوائر
وعُرِّيَتِ الأفنان من ورق الصبا
وعافت ذَوَاها الصادحات الطوائر
فما ينتحيها غير غربان شقوة
لهن نعيقٌ فوقها متطاير
فأين زهور الحب يا طول حسرتي؟
وأين أزاهير الشباب النواضرُ؟
وأين أزاهير السرور كأنها
تحيي الفتى والعمر قينان ناضر؟
وأين أزاهير القناعة والرِّضَى؟
دهتها صروف بالسموم قواطر
وأين زهور الصبر والأمن والمنى؟
زوتها عن العين الهموم الزواخر
طواها زمان ليس ينشر ما طوى
فلن تجتليها يا لهيف النواظر
وغابت فغاب الأمن والخير كله
ودارت على رَوْق الحياة الدوائر
ثوت حيث لا شمسٌ ترد حياتها
إليها ولا صوب الغمائم ناصر
أفي كل يوم زهرة ليَ غضة
تموت فأبكيها ودهريَ ساخر
تساقطُ أزهارُ الحياة على يدي
وقلبيَ مقروحٌ وصدريَ واغر
كأن وباءً عاث فيها فلم تكد
تنوِّر حتى أعجلتها المقادر
ولا خير في عيش إذا كان مجدبًا
بواطنه مصفرة والظواهر
إذا مر بي يوم حميد، وربما
تبسَّم في الليل النجوم الزواهر
تلَفت حولي باحثًا عن شبيبتي
وأزهارها والدمع في الجفن حائر
تقطَّعُ أحشائي إذا ما افتقدتها
ويضرم أنفاسي الحنين المخامر
وبيضاءَ من زهر العفاف فقدتها
وبالرغم مني أن قلبيَ ذاكر
فغيَّبها قبر الفؤاد وجادها
بصيِّبه جفنٌ على الدهر ماطر
بكينا عليها حقبة ثم ردَّنا
إلى الصبر دهرٌ بالملمَّات زاجر
وما عجبٌ أن المنايا علقنَها
وكرَّ عليها الدهر والدهر جائر
وكيف أُرجِّي أن تدوم وقد مضت
بأندادها عندي المنايا البواكر
وإن محالًا أن تدوم وحيدة
وإن سفاها ما تريق المحاجر
وإن ضلالًا ندبُ ما ليس راجعًا
وإن عناءً ما تحن الضمائر
سيمضي وإن طال الزمان بيَ الردى
وتذهلني عما افتقدت المقابر