إكليل الشوك
أجوب فيافي العيش سدمان حائرًا
وما ليَ من لفح الزمان مقيل
لقد طال بي التسيار حتى أملَّني
ولو أن ألوان السماء شكول
يسوِّد شجوي كل ما أنا مبصر
فكل سناء قد عراه ذبول
يقيدني ثقل الهموم إلى الثرى
فليس إلى السعي الحليل سبيل
كنسر يريد النهض لا يستطيعه
وهيهات منه والجناح ثقيل
وليل كأنَّ الموت أرخى ظلاله
عليه فتامور الظلام قتيل
إذا عنَّ فيه البرق كالخيط أبصرت
غياهبَه الألحاظُ كيف تصول
وإن هبَّت الأرواح من رقداتها
حسبت الدنا جذَّت لهن أصول
تجسم لي وهمي به فحسبتني
أرى حلمًا تنهار منه عقول
كأن الربيع الطلق جاد بنفسه
وغال قوى هذي الطبيعة غول
فلا الصبح مرجوٌّ ولا الليل منتهٍ
ولا للنفوس الحائرات دليل
وأبصرت روضًا هائج النبت كظَّه
وجلَّله شوك عليه طويل
تناولت منه شوكة ولففتها
لرأسيَ إكليلًا وذاك يهول
فظل يضج الناس إذ يبصرونني
ويضحك مني عالِم وجهول
ويلتف حولي صبية يعبثون بي
ويغضي حياءً صاحبٌ وخليل
مضيت فلم أنهر صبيًّا مرهقًا
ولم أحفل الشياب كيف تقول
وفي أُذُني صوت نديٌّ يحثني
يميد بعطفي حسنه ويميل
أشق به هذا الأنام كأنهم
وما أطنبوا فيه الغداة فضول