حكم العادة أو تأثيرها
ج: حكم العادة هو الذي يسهل علينا تنجيز الأعمال، والعادة وحدها هي التي تؤثر في حياتنا الأثرين من طيب وخبيث؛ وعلى ذلك فقد تعين علينا الأخذ بخير العادات وأشرفها.
ج: إِذا استهان المرء بالكذب في الأمر الصغير لا يلبث أن يرى لسانه منطلقًا بالكذب في كل شيء، فيكذب لوجه الكذب، وينتهي بانتقاص كرامته، وعدم تصديق الناس لكل ما يقول، فعلينا إِذن بالصدق!
ج: أعرف رفيقًا لي كان لا يحب العمل في أيام الدراسة، فلما شبَّ والتمس وجوه الرزق لم يجد نفسه قادرًا على اكتساب قوته، وها هو اليوم عالة على غيره ويا ويله من أيام شيخوخته، فعلينا أن نعوِّد نفوسنا حب العمل المنظم.
ج: إِني أعرف رفيقًا لي في المدرسة كان لا يفتح فاه إِلا بشتم أو بقذف، وقد أضاف إِلى ذلك غلظ القلب، وخشونة الطبع فلم يزل به سوء خلقه حتى جرَّه إِلى نفور الناس منه واجتنابهم طريقه، فعلينا أن نعود نفوسنا الأدب وأن نروضها على الأخلاق المطمئنة.
ج: أعرف رفيقًا لي في المدرسة كان لا يبالي الذمة في عمله، ولا أظنه إِذا شب أن ينزع عن هذا الخلق، فهو لا يصلح أن يكون ربًّا لمصنع أو حانوت، ولا تلبث تلك العادة أن تذهب بملكة الصلاح فيه، فيصبح رجلًا مسلوب الشرف منزوع الأمانة، فيجب علينا أن نجعل الذمة نصب أعيننا في كل أعمالنا.
ج: أعرف رفيقًا لي في المدرسة مولعًا بوضع الأشياء في غير مواضعها، فترى قمطره في حالة من الفوضى لا يشبهها غير عقله وحياته، فما أظن أنه يخضع في يوم من الأيام لقانون النظام، فلنَرُض أنفسنا في مدة الدراسة على نظام تام.
ج: أعرف رفيقًا في المدرسة لا تكاد تصل يده إِلى قرش حتى يبادر إِلى تبديده، فلا يعرف طريق صندوق التوفير، ولا يدرك للمال قيمة، فهو يبعثره هنا وهناك في غير وجوهه، فلا أظنه يخرج عن طباعه التي لا تلبث أن ترمي به في أحضان الحيرة والضيق، فعلينا أن نعوِّد أنفسنا الاقتصاد.
ج: أعرف رفيقًا لي في المدرسة لا تفتأ يده مشروعة لضرب غيره، ولا أحسبه إِن دام على ذلك إِلا سيعتاد الشراسة وسوء الخلق في الدار، في الطريق، في الحانوت.
فلنعود أنفسنا اللطف ومرونة الطبع.
ج: أعرف رفيقًا لي في المدرسة لا يكاد يقع أمامه أحد في هفوة إلا بادر بنشرها بين الناس؛ فلا يفلت منه شهرة بدون أن ينتقصها، ولا شرفًا بدون أن يهدمه، ولا يلبث الناس إِن دام على ذلك أن يسموه بناهش الأعراض، ويتحاموا صحبته، فلا يجد له من يتخذه صديقًا.