حياة الصورة وموتها
«لولادة الصورة علاقةٌ وطيدة بالموت. لكن، إذا كانت الصورة العتيقة تنبثق من القبور، فذلك رفضٌ منها للعدم، وضمان لاستمرار الحياة. الصورة التشكيلية رعبٌ مروَّض، وما ينجم عن ذلك هو أن الموت كلما انمحى من الحياة الاجتماعية غدَت الصورةُ أقلَّ حيوية، وغدَتْ معها حاجتنا للصور أقلَّ مصيرية.»
استطاعت آلات التبصُّر الحديثة، وهي الفوتوغرافيا والسينما والتلفزيون، أن تُظهِر من جديدٍ الصورةَ القديمة التي صنعها الإنسان بيدَيه عبْر الزمن؛ ولكن، هل نجحت هذه الثورة التكنولوجية في إحياء الصورة بالفعل أم أنها بدايةٌ لموتها؟ هذا التساؤل ضِمن تساؤلاتٍ كثيرة يطرحها «ريجيس دوبري» للمناقشة من الناحية الفلسفية في ثنايا هذا الكتاب الغنيِّ بطابعه الفكري. ويُقدِّم لنا كاتبنا بِلُغته الآسِرة خلال فصوله تصورًا نظريًّا شاملًا لمراحل تطور الصورة عبر القرون والأحقاب — منذ كانت رموزًا مُزخرَفة على جداريات الكهوف والمعابد، ثم تماثيل، فأيقونات، إلى أن وصلَت إلى العصر الإلكتروني والإبداع الرقمي واللغة المكتوبة في العصر الحديث — ومدى التغييرات التي لحقَت بملامح الصورة، وأهميتها، وتحوُّلها عبْر التاريخ الإنساني.