الفصل التاسع عشر

تساءل العمدة: «ماذا تقصد؟»

نظر القس إلى الباب. «ما أقوله يا أخي، إنه ما من جند هنالك. لقد فرُّوا.»

وقف العمدة وأخوه في الغرفة الخاصة بالعمدة في المجلس البلدي.

«ينبغي أن نُغادر أيضًا. الخيول جاهزة.»

أخذ العمدة يملأ صندوقًا خشبيًّا بالكنوز المنهوبة من سفينة الكنز «لا بلانكا».

صاح القس بحدَّة مُتزايدة: «أخي! لا يُمكننا أن نحمل المزيد.»

نظر العمدة إليه. وقال: «ألا يتعيَّن عليك أن تكون في الكنيسة مع رعيتك؟ ألا يجب أن تُصلِّي ليُنقذنا الرب؟»

احمرَّت وجنتا القس. فأردف: «العربة تنتظر عند درج السلالم. لا يسعنا التأخير أكثر من ذلك. إذا رآنا الناس نُغادر …»

قال العمدة بازدراء: «الناس لن ينقلبوا على الجنود.»

«قلت لك إن الجنود قد غادروا.»

اهتزَّت الغرفة وظهر شقٌّ على الجدار. ثم تساقط الجص من السقف.

قال القس: «أتوسَّل إليك يا أخي، اترك الباقي. لديك ما هو أكثر قيمة من ذلك.»

اختطف العمدة بضعة أشياء أخيرة من الخزانة الخشبية الطويلة. آلَمَه أن يترك خلفه سبائك الذهب والأقداح الفضية. دس حفنة من الياقوت وغيره من المجوهرات في جيوبه.

ثم صاح بأوامره: «هنا! تعالَ إلى هنا!»

وعندما لم يأتِ أحد، أشار إلى القس ليُمسك بطرف صندوق الحُلِيِّ وأمسك هو بالطرف الآخَر. تعثرا وهما يحملان الصندوق بينهما ليخرجا من الغرفة ويمرَّا عَبْر الأروقة الفارغة للمجلس البلدي.

تساءل العمدة: «أين ذهب الحراس؟»

رد القس: «هذا ما كنتُ أحاول أن أُخبرك به. لقد غادر الجميع.»

ظهرت بارقة غضب في عينَي العمدة. وصاح قائلًا: «سآمُر بشنقهم جزاءً لتركهم مواقعهم.»

خرج الرجلان — أحدهما مدثرًا بثوبه الكهنوتي الأسود، والآخَر مُرتديًا ملابسه الإسبانية الراقية — وتعثَّرَا على دَرَج سُلم المجلس البلدي. امتدَّت الساحة أسفل منهم كاشفة عن مشهدٍ يعجُّ بالفوضى. ركض الرجال والنساء من كل حدَب وصوب بينما تساقط الرماد الساخن على رءوسهم.

بدأ العمدة يختنق. فسحب منديلًا رقيقًا من الدانتيل من جيبه وغطَّى به فمه وأنفه. كانت عربة الخيول تنتظر عند سفح الدَّرَج. بدا الحصانان في حالة توتر، فركا بقدمَيهما الأرض المضطربة من أسفلهما.

قفز السائس وفتح باب العربة. صعد العمدة وأخوه ووضعا الصندوق عند أقدامهما. ثم صعد السائس إلى مقعده، وهوى بسوطه فانطلق الحصانان نحو الميناء.

أخرج العمدة رأسه من النافذة. وصاح قائلًا: «ليس هذا الطريق، يا أحمق! اسلك الطريق الساحلي.»

حاول القس أن يُعارضه؛ إلا أن العمدة لم يكُن ليسمع: «لكن أخي …»

لف السائق بالعربة. امتثل لأوامر العمدة وتوجَّه نحو الطريق البحري القديم المُتجه شرقًا، دون أن يُلقي بالًا لأي شخصٍ في طريقه؛ سواء أكانوا نساءً أم أطفالًا أم رجالًا.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥