الفصل الثامن
لم يغمض جفنٌ للأرملة سيلفا، مثل آنا تمامًا.
وعند الفجر، استسلمت وذهبت إلى مكانها المعتاد بجوار طاولات صيد السمك. كانت الأفكار تطِنُّ في رأسها مثل الدبابير في جرة. خشِيَت أن يكون هناك رابط بين التغييرات الطارئة على الجبل ووفاة والد آنا، توماس بيريز. لم ترغب في الاعتراف بذلك، لكن تملَّكَها الشعور بالخوف.
وفي وقتٍ لاحق، تناوَلَت الفنجان الثالث من القهوة المُرَّة السوداء عندما رأت هيئة أنطونيو بقامته الطويلة والنحيلة يسير في الشارع المنحدِر المؤدي إلى الميناء.
قالت: «حمدًا لله.»
ثم هبَّت واقفة على قدمَيها، مما أسقط فنجانها على الأرض. فارت القهوة الساخنة واندلَقَت على النار. لم تنتبِه لشيء، سارت بأسرع ما يمكن أن تحمِلها ساقاها العجوزتان عَبْر الرمال لتلتقِيَه.
قالت له عندما وصل إلى مستواها: «ثمَّة خطب ما.»
أومأ أنطونيو برأسه موافقًا. وأردف: «أجل، جميع الأمارات تُشير إلى ذلك.»
استدار الصديقان العجوزان ونظرا فوق برج كنيسة القديسة آنا، ثم إلى الجبل الأسود من ورائه. أمكنهما رؤية سُحب من الدخان الرمادي الداكن تحوم فوق الفوهة.
«أهكذا بدأ الأمر من قبل؟»
أومأ برأسه مرة أخرى. وأردف: «أولًا، وقعت الهزات الأرضية، ثم تصاعدت السُّحب البيضاء من وسط الرماد، ثم السحب الرمادية، ثم تحوَّلَت السماء إلى اللون الأحمر. وانبعث الرماد الأسود والحِمَم البركانية من ثلاث فوهات. ثم جاء نهر من النيران لا يُبقي ولا يَذَر ليُحيل الأرض إلى صخرة.»
تطلَّعَتِ العجوز إليه. ثم سألته: «هل توقع توماس بيريز ما كان قادمًا؟»
فأجابها قائلًا: «كان قلِقًا بشأن عدة أمور. لكنه رأى التغييرات الطارئة على الجبل قبل أن أراها أنا.»
مالت برأسها. «والآن هو ميت.»
حدَّقَت في أنطونيو. «الآن هو ميت. إنهم لا يُريدون أي تهديد لثرواتهم.»
وقف العجوزان يُحيط بهما صمت مُطبِق لدقيقة. لم يرغب أنطونيو أن يُخبرها بالمزيد، خشية أن يُعرِّضها للخطر. لم يُساوره الشك في أن صديقه، توماس بيريز، قد قُتِل لإخراسه إلى الأبد.
سألَتْه الأرملة سيلفا: «في رأيك كم تبقَّى من الوقت؟»
أرخى أنطونيو ذراعَيه إلى جانبه. ثم أجابها: «لا يُوجَد شيء أكيد. لقد أَنَّ الجبل الأسود بالشكوى من قبلُ، بَيْد إنه دخل مرة أخرى في سباتٍ عميق.»
رمقته بعينَيها الذابلتَين. ثم تساءلت: «ولكن ماذا لو لم يحدث هذا؟»
أجابها: «يومان، أو ربما ثلاثة أيام على الأكثر.»
أشارت الأرملة سيلفا بإشارة الصليب على نفسها. وسألته: «ماذا يُمكننا أن نفعل؟»
ربَّت أنطونيو بيده النحيلة على كتفها. ثم قال: «لا حيلة بيد أحدٍ لإيقافه. لكن يجب أن نُحذِّر الجميع في البلدة. يجب أن يستعد الناس للمغادرة.»
نظرا على طول الشارع الضيِّق حيث مقر المجلس البلدي. كان عبارةً عن مبنًى أبيض مهيب في قلب الساحة الرئيسية. رفرف علَم ملوَّن فوق ساريتِه. اصطفَّت زهور زاهية في صناديق النوافذ الخشبية على نوافذ الطابق الأول. بَدَا المشهد رائعًا يوشي بأهمية البلدة باعتبارها أكبر ميناء تجاري في تينيريفي.
قالت الأرملة سيلفا بهدوء: «لكن هل سيستمعون؟»
تجهَّم وجه أنطونيو المليء بالتجاعيد. ثم أردف: «إنهم لم يستمعوا إلى توماس ولا أظن أنهم سيستمعون إليَّ. ولكن ليس أمامنا خيار سوى المحاولة.»