تمهيد
وَعَدْنا في التمهيد الذي وضعناه لكتاب «التاريخ السري لاحتلال إنجلترا مصر» لمستر ويلفرد سكاون بلنت؛ أن نصدر من بعده كتاب «السيف والنار في السودان» لسلاطين باشا، وهذان الكتابان يعدان من المستندات التاريخية التي لا بد من الاطلاع عليها؛ لمعرفة الحوادث التي تقلبت على مصر والسودان من خمسين سنة؛ وهي الحوادث التي ما زلنا نعاني نتائجها إلى الآن.
فاليوم ها نحن نبرز كتاب «السيف والنار في السودان»؛ وفاءً بذلك الوعد، ورغبة في أن تكون له الفائدة المرجوَّة في خدمة تاريخ مصر الحديث.
وسلاطين باشا، مؤلف هذا الكتاب، هو ضابطٌ نمساويٌّ ولد سنة ١٨٥٧ في فينا، وجاء إلى مصر سنة ١٨٧٨ ودخل في خدمتها، فعينه غوردون باشا حاكمًا لدارفور سنة ١٨٨٤، ولكن لم يمضِ عليه في منصبه هذا قليلٌ حتى اعتقلته جيوش المهدي؛ فبقي أسيرًا يدَّعي الإسلام والإيمان بالمهدوية إلى سنة ١٨٩٥، وحينئذ فرَّ إلى الجيش المصري واشترك معه في استرداد دنقلة وأم درمان.
وبقي سلاطين باشا بعد ذلك موظفًا في حكومة السودان بين سنة ١٩٠٠ وسنة ١٩١٤، ثم أعلنت الحرب العالمية فترك الخدمة في السودان وعاد إلى النمسا، ودخل في خدمة الصليب الأحمر، ولما عقدت الهدنة سنة ١٩١٨ انتدب عضوًا في بعثة الصلح في باريس.
وقد نقل هذا الكتاب إلى اللغة الإنجليزية السر ونجت باشا، الذي كان حاكمًا للسودان ثم معتمدًا لإنجلترا في مصر، وهذه الترجمة الإنجليزية هي التي اعتمدنا عليها في التعريب.