الأوديسة
«وسكَت أوديسيوس، وصمت الجمعُ المحتشِد في الرَّدْهة الملكية، فكأنَّ على رُءوسهم الطيرَ من روعةِ ما حدث، حتى نهضَت أريتا الملِكة، ذات الذِّراعَين العاجيتَين، فقالت: أيها الفياشيون، كيف أنتم وهذا المهاجِر النبيل الذي زادَته الآلهةُ بَسْطةً في العقل والجسم، وأَضفَت عليه هذا البهاءَ وذاك الرُّوَاء؟ إنه ضيفي …»
قضى «أوديسيوس» في حروبه عشرين سنةً كاملة بعيدًا عن زوجته، قضى منها سبع سنوات في السجن، ومات خلالها مِن رجاله مَن مات، لكنه لم يفقد حماسَه للعودة إلى مدينته إيثاكا، فظلَّ يقاتل حتى عاد إليها بعد عشر سنوات. وخلال غيابه انتشرَت شائعاتُ وفاته، لكنَّ زوجته «بينيلوبي» لم تنكُث عهدَها له، فظلَّت تنتظر إيابَ رجلٍ طال أمدُ غيابه حتى لم يَعُد من الانتظار رجاء، فطمع فيها النبلاء والأبطال، وتقدَّموا لخِطبتها حالمين بها وبمُلك زوجها، لكنها لقَّنت الجميع، رجالًا ونساءً، درسًا في الوفاء، فنالت بذلك شرفَ الخلود في أسطورة «هوميروس».