الطعام عند عشيقة بورتوس
ولم يُنسِ الْبِرَازُ بورتوس موعدَ عشيقته للغداء، فسار إلى بيتها وصعد في سُلَّم مظلِم متهدِّم حتى بلغ الباب، ففتح له وقابلته العشيقة وهي تقول لزوجها: هذا ابن عمي، فأهلًا بك وسهلًا. فدخل بورتوس وسلَّم على زوجها، فرحَّب به وقال: أهلًا بابن العم، فنحن إذن أقرباء؟ قال: نعم، وأنا مسرور لذلك. فقالت الامرأة: لقد تلطَّفَ بنا ابنُ عمنا إذ خصَّنا بمؤاكلته قبل أن يخرج إلى الحرب. ثمَّ نهضوا إلى قاعة الطعام وجلسوا حولَ الْخِوَان، وجعلت الامرأة تختلف إليهم بأنواع الطعام والشراب وتتلطف في خدمة ضيفها وتبشُّ في وجهه، حتى قال لها زوجها: أراكِ شديدة الاحتفاء بذوي قُرْباك. قالت: نعم، تلك سُنَّة القرابة. ثمَّ انتهى الغداء فقامت الامرأة ببورتوس إلى غرفة وجلست إليه تُعاتبه على تركها وهجرانها، ثمَّ قالت له: أُبيح لك زيارتنا ثلاثًا في كل أسبوع. قال: عُذرًا يا سيِّدتي، فإني مهتم بالتجهيز للحرب. قالت: وكم تبلغ نفقته؟ قال: نحن معاشرَ الحرس لا يكفي الواحد منَّا أقل من ألف وخمسمائة دينار. قالت: وكيف تنفقها؟ قال: أشتري ببعضها جوادًا … قالت: ذلك عندي، فلا تهتم به، ثمَّ ماذا؟ قال: ما يتبع الجواد من سرج ولجام وعُدَّة جِلَادٍ مِمَّا لا ينقص ثَمَنُه عن ثلاثمائة دينار، ثمَّ يَلْزَمُني جوادٌ آخر لخادمي إذ لا يستطيع أن يتبعني ماشيًا. قالت: أنا أُعطيه بغلًا يركبه. قال: حسن، ثمَّ يلزمني خُرْج. قالت: عند زوجي عدة منه، فاختر لنفسك واحدًا. قال: ما أظنُّ أخراج زوجك إلا فارغة، وأنا لا أحتاج الْخُرْج إلا إذا كان ملآنَ. قالت: ولكني أعطيك فوق ذلك ثمانمائة دينار. فرضيَ بها وطاب قلبُه وودَّعها ذاهبًا إلى بيته.