تجهيز أراميس وبورتوس
وكان الأصحاب الأربعة قلَّما يجتمعون لانهماكهم في التجهيز، فلما خرجت كاتي من عند دارتانيان ذهب إلى منزل أتوس فوجد عنده صاحبيه بورتوس وأراميس، فجلسوا يتحدَّثون وإذا بخادم بورتوس قد دخل عليهم وقال له: إن في بيته أمرًا ضروريًّا يدعوه للذهاب. فقام وخرج، ولم يتجاوز الباب حتى دخل بازين خادم أراميس فقال له إن رجلًا يطلب مقابلته. فقال: وما عساهُ يكون؟ قال: هو رجل فقير. قال: فأعطِه صدقة واصْرِفْه. قال: زعم أن له معك كلامًا وأنك تُسَرُّ لِمَرْآهُ لأنه آتٍ من مدينة تور. قال: أما إذا كان ذلك فنعم. ثمَّ خرج، فبقيَ دارتانيان وأتوس يتحدثان، فقال له دارتانيان: لقد وجد صاحباك نفقتهما، فما تصنع أنت؟ قال: ذلك لله. ثمَّ أخذ الفتى يقصُّ عليه قصة ميلادي وما كان منها مما لا فائدة في استيفائه.
وبَعْدُ، فاذكر أيها الصديق أيامَ الصِّبا إلى أن نلتقي، وخُذ من حامل رسالتي إليكَ ما ندفعُه لك، وافعل ما يجب عليك في الحرب، وأنا أفعل ما يجب عليَّ هنا، وموعدنا باللقاء قريب إن شاء الله تعالى.
ثمَّ أخرج الرجل من جرابٍ معه صُرَّة فيها ستمائة دينار وألقاها على المائدة وخرج، وأقام أراميس يعيد قراءة الكتاب ويقول: أنا لك يا حبيبة القلب وشقيقة الروح. ثمَّ نظر وإذا بحاشية في الرسالة معناها: «احتفل بحامل هذه الرسالة فإنه من أشرف رجال إسبانيا.» فالتفت أراميس فلم يَجِدِ الرجلَ وإذا ببازين قد دخل يستأذن لدارتانيان، ثمَّ دخل دارتانيان وقال: مَنْ هذا الرجل الذي دعاك؟ قال: هو رجل أتاني بقصيدة لي طبعتُها أَرْسَلَها معه صاحب المطبعة. ثمَّ أخذ بعض المال في جيبه وخرج مع دارتانيان إلى أتوس، وفيما هما يسيران وجدا خادم بورتوس يقود فرسًا وبغلًا، فسألاه عنهما فقال: هما من عند عشيقة بورتوس. وبعد قليل ذهب بورتوس إلى عشيقته يعاتبها على عدم إرسال المال، فقالت له: تعالَ غدًا مساء فيكون زوجي غائبًا فنتحدث مَلِيًّا. ثمَّ أعطَتْه صُرَّة وخرج.