في فرنسا
وكان أشد خوف شارل الأول ملك إنكلترا من موت بيكنهام أنه يوهِن عزائم المحاصرين في روشل، فسعى في أن يكتم عنهم خبر موته ما أمكن، فمنع المراكب من الخروج من شطوط إنكلترا إلى أن يصل الجيش الذي كان بيكنهام عازِمًا على أن يقوده إلى روشل، ثمَّ زاد في التحوط حتى منع سفراء الدانمرك من السفر بعد أن أذن لهم، ومنع سفير هولاندا أيضًا عن مأمورية مهمة كانت له. ولكنه قبل أن يصدر هذا الأمر الشديد بمنع خروج السفن كان فُلْكان قد خرجا من المينا أحدهما يحمل ميلادي وأمَّا الثاني فسيأتي ذكر من كان فيه.
ابن العم العزيز
هذا أطال الله بقاءك صك أختي في إخراج خادمتنا من الدير الْمُسمَّى بدير بيتين لرداءة الهواء فيه، وهي ترسل لك هذا الصك على سرور منها بخروج هذه الفتاة لأنها تحبها وتأمل منها الخير في المستقبل. والسلام.
المأمول من رئيسة دير بيتين أن تسلِّم حامل كتابي هذا الفتاة التي أُدخلت الدير بأمري.
وكفى بذلك شاهدًا على شرف أراميس أن تكون ابنة عمه تسمي الملكة أختها، وكان أصحابه يتهكَّمون عليه في أنها قصارة ويسألونه حقيقة أمرها حتى منعهم عن أن يفاتحوه بشأنها، فأرسلوا غلمانهم أمامَهم بالزاد والمتاع، ثمَّ سافروا مع الملك في السادس عشر من الشهر، وركب الكردينال في ركاب الملك يشيِّعه إلى مسافة بعيدة، ثمَّ استأذن من الملك وودَّعه وعاد. وما زال الملك سائرًا بحرَّاسه حتى بلغ باريز في الثالث والعشرين من الشهر ودخلها في الليل. وذهب الحراس لشأنهم، وفي عزم دارتانيان أن يلحق بحبيبته ليأخذها من الدَّيْر. وفيما هو وأصحابه في إحدى الحانات وخادمه إلى جانبه إذا بفارس خرج من الحانة وركب جوادًا وسار، وهَبَّ الهواء فرفع قَلَنْسُوَتَه عن رأسه فتبَيَّنه دارتانيان ثمَّ امْتُقِعَ لونه وسقط الكأس من يده، فقال له بلانشت: ما بالُك يا مولاي؟ فدنا منه أصحابه، فقالوا: ما بالك؟ قال: هو بعينه، فدعوني أتبعه. قالوا: ومن هو؟ قال: عدوي الذي نغَّصَ عيشي وخطف حبيبتي، وكانت بداءة أمري معه في مينك، فهلمُّوا إلى خيلكم نتبعه. قالوا: أخطأت، فإن جواده مستريح وخيلنا تَعِبَة فلا ندركه. وفيما هم كذلك وإذا بخادم يصيح بالفارس — وكان قد أَبْعَدَ: هذه يا مولاي ورقة وقعت منك. فقال له دارتانيان: أُعطيك هذا الدينار فهاتها. فأخذها وفتحها وتجمَّع حولَه أصحابه فقالوا: ما فيها؟ قال: كلمة واحدة وهي «أرمانتيير». قالوا: لا ندري ما هذا؟ قال: أظنُّها اسم بلد أو قرية، فاركبوا يا قوم. فركبوا وساروا في طريق بيتين خَبَبًا.