من شقوق الظلام: قصة سجين أكثر ما يؤرق فيها أنها لم تنته بعد
«وجوهٌ شاحبة يَكتظُّ بها المكان، مُتوزِّعةٌ على مقاعدَ خشبيةٍ، تحمل تنوُّعًا بشكلٍ غريب في كل الملامح والأعمار، وقَطعًا في الأفكار والانتماءات، لم يَكُن يُوحِّدها شيءٌ سوى الظُّلم الواقع عليها. عيونُها شاخصةٌ إلى اللاشيء، حائرة تنتظر مستقبلًا مجهولًا، بل ولا تدري لماذا هي هنا بالأصل؟!»
هكذا يروي «ناهض الهندي» في روايةٍ بديعة وسيمفونيةٍ سوداء تَقطُر ألمًا يستحيلُ أملًا؛ كيف كانت وجوهُ زملائه المعتقَلين في سجون العراق أيامَ بعث «صدام». ومِن خطفِه واعتقالِه من أمام منزله، ومن عيون إخوته وأمامَها؛ إلى مَسلخِ أجهزةِ الأمن العراقية في الثمانينيَّات، ومن سجنٍ إلى آخَر، يروي لنا رحلتَه الإجبارية، التي ما اختارها وما كان ليختارها أيُّ عاقل، وامتدَّت لعشرِ سنواتٍ كاملة، ذاق فيها مع رفاقه، المُكرَهين على أمرهم، كلَّ صنوفِ العذاب من تكبيلٍ وجَلدٍ وضربٍ و«تعليق» خارج إطارِ أيِّ قانون إلا قانون المستبِد وشريعته، وما ذلك إلا لأن عقولهم تجرَّأَت على التفكير في مُعارَضةِ هواه.