الفصل الثامن

لما حمل الليل العاصفة على حجره

(١) حكاية عن الغنى والحاجة

في قديم الزمان كان هناك أخ وأخته، وكان اسمهما الغنى والحاجة. كان يتلذَّذ بآلاف المتع، وكانت لا تكاد تجد الخبز الجاف.

عاشت الأخت تخدم الأخ على مدى مئات السنوات، لم يكن يُؤثِّر فيه بكاؤها، ولا تعبيرها في بعض الأحيان عن ألمها بالغناء.

كان يلعنها ويدوسها بقدميه، وكان يضربها على وجهها الناعم الرقيق، وكانت تركع على الأرض ضارعةً: «إلهي، كن في عوني.»

كيف ستنتهي الأغنية؟ إنها لَأغنيةٌ حزينة، وأنا لا أريد أن أواصل الاستماع إليها، ما لم يحدث للأخت شيء ما.

هذه هي نهاية الأغنية، عن الغنى والحاجة؛ ففي صباحٍ مشرقٍ جميل، ضربت الأخت أخاها ضربةً مميتة.١

(٢) شارل الأول

في الغابة، في كوخ الفحَّامين، يجلس ملك محزون ووحيد، يجلس أمام المهد الذي يرقد فيه ابن الفحَّام، يهدهده بصوتٍ رتيب: «أيبابوبيا، ماذا يخشخش في القش؟ إنها الأغنام تثغو وتئِنُّ في الحظيرة، أنت تحمل العلامة على جبينك، وتبتسم في نومك ابتسامةً مخيفة.

أيبابوبيا، القطة الصغيرة ماتت. أنت تحمل العلامة على جبينك. ستصبح رجلًا وتهز البلطة في يدك، وها هي ذي أشجار الصنوبر ترتجف في الغابة.

تلاشت عقيدة الفحَّامين القديمة، ولم يَعُد أبناؤهم يؤمنون، أيبابوبيا، لا بالإله في السماء، ولا بالملِك على الأرض.

القطة الصغيرة ماتت، والفيران الصغيرة فَرِحة وسعيدة، صدر الحكم وقُضِي علينا، أيبابوبيا، على الإله في السماء، وعليَّ أنا الملِك على الأرض.

شجاعتي تنطفئ، قلبي مريض، ومرضه يزداد كلَّ يوم، أيبابوبيا. أنت يا طفل الفحَّام — وأنا أعلم هذا — أنت جلَّادي.

مرثية موتي هي أغنية مهدك، أيبابوبيا، سوف تحلق جدائل شعري الأشيب قبلها، وفي عنقي سيصلصل الحديد.

أيبابوبيا، ما الذي يخشخش في القش، لقد استوليت على المملكة، وستضرب عنقي حتى يسقط رأسي عن جذعي، القطة الصغيرة ماتت.

أيبابوبيا، ما الذي يخشخش في القش؟ الأغنام تثغو وتئِن في الحظيرة. القطة الصغيرة ماتت، والفيران الصغيرة فَرِحة وسعيدة. نَم، يا جلَّادي الصغير، نَم.»٢

(٣) النسَّاجون

ما من دمعة واحدة في العيون العابسة. إنهم جالسون أمام النول مكشِّرين عن أسنانهم. «ألمانيا، نحن ننسج كفنك، ننسج فيه اللعنة المثلثة. نحن ننسج، ننسج.

لعنة على الصنم الذي تضرَّعنا له، في برد الشتاء وشدة الجوع، عبثًا علَّقنا الأملَ عليه وانتظرنا صابرين، فاستهزأ بنا وسخر منا وعامَلنا معامَلة الحمقى. نحن ننسج، ننسج.

لعنة على الملك، ملك الأغنياء، الذي لم يستطع بؤسنا أن يرقِّق قلبه، والذي استنزف منا آخِر قرش نملكه، وأمر بإطلاق الرصاص علينا كالكلاب. نحن ننسج، ننسج.

لعنة على الوطن الزائف، الوطن الذي لا ينمو فيه غير الخزي والعار، وتُقطَف فيه كل الزهور قبل الأوان، وتنتعش الديدان على العفن والفساد. نحن ننسج، ننسج.

المكوك يرف ويطير، النول يدوم ويدوِّي، نحن ننسج بنشاط ليلَ نهار. يا ألمانيا العجوز، نحن ننسج كفنك، ننسج فيه اللعنة المثلثة، نحن ننسج، ننسج.»٣

(٤) أغنية للحصاد

هنالك ينمو حقل القمح الذهبي، يمتد ليصل إلى حافة العالم. اطحني، يا طاحونة، اطحني.

تعصف الريح في الأرض البراح، ترتفع الطواحين إلى حافة السماء. اطحني، يا طاحونة، اطحني.

يهبط الشفق المحمر المعتم في المساء، يصرخ فقراء كثيرون يريدون الخبز. اطحني، يا طاحونة، اطحني.

تكنس العاصفة الحقول، لن يصرخ إنسانٌ بعدُ من الجوع. اطحني، يا طاحونة، اطحني.٤
١  عن أدولف جلاسبرنر.
٢  عن هينريش هيني.
٣  عن هينريش هيني.
٤  عن ريشارد ديميل.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤