تصدير
لقد اعتمدتُ في استخلاص العصارة التي ضمَّنتُها هذا الكُتيِّب، العزيز على نفسي، على نوعَين من الدراسة، أولهما: الدراسة التاريخية لتطور الشعر عندنا وعند غيرنا من الدول؛ لكي أظلَّ مرتكزًا على ما أنتجت البشرية فعلًا من شعر. وثانيهما: النظريات الأدبية والفنية، والمذاهب التي ظهرت عبر التاريخ. وكل ذلك لكي أستخلص في النهاية المقوِّمات الأساسية التي لا يمكن أن ينهض الشعر بدونها، طبقًا لأهدافه. فالشعر لا بد أن يُثير فينا إحساساتٍ جماليةً وانفعالاتٍ وجدانيةً، وإلا فَقَدَ صفته. ولتحقيق هذه الأهداف هناك عدة وسائل أو خصائص لا بد من توافرها فيه: كالوجدان في مضمونه، والصور البيانية في تعبيره، وموسيقى اللغة في وزنه.
فإن كنتُ قد وُفِّقتُ إلى ما قصدتُ إليه بفضل المنهج الذي اخترتُه، كان هذا خير جزاء على ما بذلتُ من جهد في استخلاص هذه العصارة، وتقديمها إلى القراء عامة في أبسط تعبير وأوضحه، ودون أن أُثقل صفحات الكُتيِّب بهوامش أو مراجع مما لا يتفق وطبيعة هذه المكتبة الثقافية التي توخَّت الوزارة أن تكون في متناول أكبر عدد من القراء، وإن كان المتخصصون يمكن أن يجدوا فيها هم أيضًا بُغيتهم.