جزيرة الأخطبوط!
كمَن الشياطين في أماكنهم دون صوتٍ … وفجأة علا صوت زورقٍ بخاريٍّ اقترب من الشاطئ، ثم قفز منه ثلاثة حراس يلبسون الملابس المطاطية السوداء وقبَّعاتهم، وأسلحتهم المعلقة فوق أكتافهم.
فهمس «أحمد» للباقين: لقد جاءت فرصتنا.
تساءلت «إلهام»: ماذا ستفعل يا «أحمد»؟
فأجابها: سنمارس نفس الخدعة مع هؤلاء المخادعين … وزحف «أحمد» نحو الشاطئ، ثم تمدد فوق الأرض الصخرية متظاهرًا بالموت.
أقبل الحراس الثلاثة، وما كادوا يشاهدون «أحمد» الممدَّد على الأرض، حتى امتدت أيديهم إلى أسلحتهم، وتساءل أحدهم: ما هذا؟
فأجابه زميله الثاني: لعله غريقٌ ألقى به الموج على الشاطئ.
مالَ يتفحَّص «أحمد» … ولكن ضربة صاعقة من «أحمد» ألقت به إلى الوراء دون حراكٍ … وقبل أن تمتد أيدي الحارسَيْن الآخرَين إلى بنادقهما، كان «قيس» و«عثمان» قد تكفَّلا بهما دون ضجةٍ … وتمدد الحراس الثلاثة على الأرض دون حراكٍ، فسحبهم الشياطين خلف الصخور … وقال «أحمد»: سوف نحل محل هؤلاء الحراس الثلاثة … وندخل الجزيرة.
تساءلت «إلهام» بقلقٍ: ولكننا خمسة!
فأجابها باسمًا: حسنًا … سيكون هناك اثنان من الأسرى.
أسرع «أحمد» و«قيس» و«خالد» باستبدال ملابسهم بملابس الحراس … وقال «أحمد» ﻟ «عثمان» و«إلهام»: سوف تكونان أنتما الأسيرين.
أجاب «عثمان» ضاحكًا: إنها قسمة عادلة … فأنا و«إلهام» لن يمكننا إخفاء حقيقتنا، حتى لو ارتدينا ملابس الحراس.
سار الخمسة باتجاه البوابة العريضة في مدخل الجزيرة، وأطلَّ أحد الحراس من أعلى متسائلًا: من أنتم؟
أجابه «أحمد» في خشونةٍ: ألا ترى … لقد عدنا باثنين من هؤلاء الشياطين لم تلتهمهما أسماك القرش، ولا شكَّ أن الزعيم سيسره التحدث إليهما.
أشعل الحارس ضوء كشافه القوي ثم صوبه نحو وجَهيْ «إلهام» و«عثمان»، ثم هتف: يا لَهما من اثنين … لا شكَّ أن الزعيم سيأمر بالتخلص من هذا الفتى الأسمر … أما الفتاة فأظنُّ أن الزعيم سيعتبر نفسه محظوظًا؛ لعثوركم عليها حيةً بسبب جمالها الفائق.
ثم فتح الحارس البوابة الحديدية، فمر منها الشياطين الخمسة، وقد نكس «أحمد» و«قيس» و«خالد» رءُوسهم، وأرخَوا قبعاتهم فوق وجوههم؛ لكيلا يكتشف أحد حقيقتهم … وساعدهم الظلام السائد على قلب الجزيرة في إخفاء ملامحهم … وما إن خطَوْا أولى خطواتهم حتى تكشفت لهم أجزاء الجزيرة … كانت هناك مبانٍ متفرقة، كان من الواضح أن بعضها يتم شغله كأماكن للإقامة، والبعض الآخر لممارسة تدريبات المصارعة والكاراتيه … وفي اليسار كان هناك طابور من الإرهابيين يتدرَّب في عنفٍ تحت الأضواء الكاشفة … وعلى مسافةٍ منهم آخرون يتدربون على القتال بالسلاح الأبيض.
تساءل «قيس» هامسًا: أين سنتجه الآن؟
أحمد: من الضروري عثورنا على مكان إقامة «جارسبيا أنطونيو»؛ لننزع منه مكان الغواصة النووية قبل اكشاف حقيقتنا.
تلفتت «إلهام» حولها وهي تقول: إننا في حاجة إلى «كاتي» … فأين اختفت؟
فجأةً ظهر طابور من الإرهابيين يسير في خطوة عسكرية منتظمة مقتربًا من الشياطين، الذين أسرعوا بالتواري خلف أحد المباني بجوار مخزنٍ ضخم للسلاح … ومرَّ الطابور فالتقط الشياطين أنفاسهم، وهمس «عثمان»: لو أنهم اكتشفوا حقيقتنا لكانت مصيدةً لنا.
لكن من الخلف جاء الصوت متسائلًا يقول: من أنتم وماذا تفعلون هنا؟
التفت الشياطين، فشاهدوا ستةً من المدافع الرشاشة مصوبة إليهم.
قال «أحمد» دون أن يفقد رباطة جأشه: إننا من ضمن الحراس، وقد قمنا بأسر هذين الاثنين … فلوح الحراس الستة بمدافعهم الرشاشة في وجوه الشياطين، وقال أحد الحراس ﻟ «أحمد»: عليكم أن ترونا بطاقاتكم، فهذه المنطقة ممنوع اجتيازها إلا بإذن خاصٍّ.
أحمد: إن الوقت لم يتسع لنا للحصول على الإذن … أما البطاقة فها هي … ومد «أحمد» يده في جيب سترته، وأخرج بطاقة الحارس صاحب البدلة … ومدها إلى الحراس الستة، ولكن وفي نفس اللحظة كانت قبضته تمتد لتصيب أقرب الحرَّاس إليه … وعلى الفور عمل بقية الشياطين في تنسيقٍ رائع … فقد قفزت «إلهام» من مكانها مصوِّبة ضربةً هائلة بقدمها أطاحت بأقرب الرجال إليها … وقفز «عثمان» ليهوي على رجلٍ آخر فألقاه على الأرض دون حراكٍ … وتشابكت أيدي «قيس» و«خالد»، وطارا في الهواء وصوَّبا عدة ضرباتٍ سريعة متلاحقة لاثنين من رجال العصابة … وقبل أن يضغط الحارس السادس على زناد مدفعه الرشاش كانت ضربة من «أحمد» تأخذ طريقها إليه، فجعلته يترنح إلى الخلف … ثم عاجله «أحمد» بضربةٍ أخرى ألقت به إلى الوراء … ولكن جاء سقوط رجل العصابة فوق مدفعه الرشاش الذي انطلقت منه دفعة رصاص في الهواء كانت كفيلةً بجذب أنظار سكان الجزيرة.
صاح «عثمان»: علينا بالتفرق فورًا.
ولكن قبل أن يتحرك الشياطين من أماكنهم، كانت هناك العشرات من المدافع الرشاشة تحيط بهم من كلِّ مكانٍ … وقد سقط فوقهم ضوء كشاف قويٌّ أحال المكان إلى نهارٍ … وشعر الشياطين أنهم وقعوا في فخ … وكان أقل قدرٍ من المقاومة يعني موتهم … فألقوا بأسلحتهم على الأرض … ثم رفعوا أيديهم لأعلى في استسلام.