جحيم الشياطين!
انفتح باب الزنزانة وألقى الحراس ﺑ «كاتي» إلى الداخل، دهشت «إلهام» من المفاجأة وأسرعت إلى «كاتي» محاولةً إفاقتها … وفتحت الفتاة الكوبية السمراء عينيها في ألمٍ قائلةً: لقد اكتشفوا حقيقتي … فذلك «الأخطبوط» المجرم كان يشكُّ فيَّ، وقد تأكد من حقيقتي بعد أن قمت بمساعدتكم وإنقاذكم من أسماك القرش.
عثمان: سوف يدفع هذا الوغد ثمنًا غاليًا.
كاتي: إنهم سوف يقومون بإرسالنا إلى أعدائكم داخل الغواصة مع بقية الملاحين المسجونين بداخلها.
أحمد: ثقي أن الفوز سيكون من نصيبنا في النهاية؛ لأننا لا نغش أو نخدع أحدًا ولا نمارس الإرهاب لتحقيق أغراضٍ دنيئة.
فجأة صاح «قيس» وهو ينظر من نافذة الزنزانة: انظروا! … وتزاحم الشياطين للرؤية واتسعت عيونهم من المفاجأة … كانت الغواصة الضخمة الكبيرة في قلب المحيط، وقد برز أعلاها تحت ضوء الفجر الوليد.
هتف «خالد»: إنها غواصتنا … لقد ظهرت أخيرًا.
قال «قيس»: وهذا معناه أن رحلتها ستبدأ حالًا … وأنهم سيأتون ليسوقونا إليها.
إلهام: وما العمل إذن ونحن مقيدون، وبلا سلاحٍ.
أحمد: علينا أولًا أن نحل قيودنا ولو أدمت معاصمنا.
ابتسمت «كاتي» برغم آلامها وقالت: إن لديَّ مفتاحًا لتلك القيود كنت أحتفظ به معي للطوارئ.
أخرجت المفتاح من سترتها فاحتضنتها «إلهام» قائلةً: أنتِ رائعةٌ يا «كاتي».
حلَّ الشياطين قيودهم … وهمس «أحمد»: سوف تعتمد خطتنا على هروبنا من هذه الزنزانة، وانتشارنا في الجزيرة قبل أن يكتشفوا هذا الهروب.
قيس: وهل سنسرع إلى الغواصة واقتحامها للسيطرة عليها؟
أحمد: لا … إن لهؤلاء الإرهابيين دينًا في أعناقنا يجب أن نسدده لهم أولًا، فسوف نقوم بنسف هذه الجزيرة وجعلها قطعةً من الجحيم.
عثمان: كيف ذلك ونحن بلا سلاحٍ؟
أحمد: سوف نتجه إلى مخازن الذخيرة التي تمتلئ بها الجزيرة ونقوم بنسفها … وتوجد على هذه الجزيرة كمياتٌ من القنابل كافيةً لنسف مدينةٍ كاملة، وبعدها سننتهز فرصة الاضطراب الذي سيعم الجزيرة للاتجاه نحو الغواصة والاستيلاء عليها.
إلهام: فكرةٌ رائعة … ولكن كيف سنغادر الجزيرة؟
أحمد: سترين حالًا … وراح يدقُّ على جدار باب الزنزانة صائحًا: إن «كاتي» تموت … افتحوا الزنزانة بسرعةٍ … وأطل أحد الحراس فشاهد «كاتي» ممددةً على الأرض تتظاهر أنها في النزع الأخير، ففتح الحارس الباب بسرعةٍ، وما كادت رأسه تطل إلى الداخل حتى هوت عليه ضربةٌ هائلةٌ جعلته يترنح، ويسقط داخل الزنزانة … وقبل أن تتحرك إصبع زميله فوق زناد مدفعه الرشاش، كان رأس «عثمان» قد هوى عليه بضربةٍ قوية فترنح الحارس وسقط على الأرض … والتقط الشياطين مدفعَي الحارسين، وألقوا بالاثنين داخل الزنزانة وأغلقوها عليهما.
همس «قيس»: يوجد أربعة حراس آخرون حول المبنى.
أحمد: إنهم لن يشكلوا أية صعوبةٍ.
اقترب الشياطين من الحراس الأربعة، وظهرت «إلهام» من قلب الظلام للحراس الأربعة وهي تقول: هل لديكم ثقابٌ؟
التفت الحراس الأربعة مندهشين … وكان هذا هو آخر ما فعلوه ذلك المساء، فقد أصابت أربع ضربات هائلة الحراس الأربعة، فألقت بهم نحو الجدار الذي اصطدموا به في عنفٍ … ثم تهاووا على الأرض دون حراكٍ، وسرعان ما كان الشياطين يسحبونهم إلى الزنزانة ويغلقونها عليهم.
هتف «عثمان» في سرورٍ: الحمد لله لقد نجونا.
أحمد: سوف نقوم بتقسيم أنفسنا إلى ثلاث مجموعاتٍ … أنا و«عثمان» … لتدمير مخزن الذخيرة في شمال الجزيرة، و«قيس» و«خالد» لتدمير المخزن الثاني في قلب الجزيرة. أما «إلهام» و«كاتي» فعليهما تدبير زورق سريع، ينتظراننا به عند شاطئ الجزيرة الخلفي؛ لكي نبحر به بسرعةٍ إلى الغواصة بعد أداء مهمتنا.
أومأ الشياطين برءُوسهم موافقين … ثم تفرقت المجموعات الثلاث، واقترب بعض الحراس من مبنى السجن وأدهشهم عدم وجود حراسه … وهتف أحدهم: أين ذهب هؤلاء الأغبياء … ومن سيسلمنا الأسرى لنذهب بهم للغواصة؟
لكن حارسًا آخر صاح في ذهول: انظروا … إن الحراس الستة بداخل الزنزانة … ولا بد أن هؤلاء الشياطين المساجين قد تمكنوا من الهرب.
صاح حارس آخر: لنسرع بإخبار الزعيم.
لكن ما كاد المسلحون يغادرون مبنى السجن، حتى دوَّى انفجار هائل في مخزن الذخيرة بقلب الجزيرة، وتصاعدت كرةٌ هائلة من النار إلى قلب السماء … سارت نارٌ شديدة في كلِّ اتجاه … وتعالى صياح وصراخ الإرهابيين من كل مكان … وقبل أن تمر ثوانٍ قليلة دوَّى انفجار هائل مرةً أخرى في شمال الجزيرة، وقد تحول مخزن الذخيرة إلى أشلاء … واشتعلت النيران في كل مكانٍ بالجزيرة التي تحولت إلى قطعة من الجحيم … جحيم صنعه الشياطين.
اندفع «أحمد» و«عثمان» و«خالد» و«قيس» في لحظةٍ واحدة نحو شاطئ الجزيرة … وهناك كانت مفاجأةٌ صغيرة بانتظارهما … مفاجأة سارة … كان «جاك إرنست» و«جارسبيا أنطونيو» يرقدان مقيدين داخل الزورق الوحيد الموجود على شاطئ الجزيرة، الذي وقفت لحراسته «إلهام» و«كاتي».
قالت «إلهام» باسمةً: لقد حاول هذان الوغدان الهرب من الجزيرة إلى الغواصة بزورقنا … فتكفَّلنا بهما.
أحمد: سوف يسعد رقم «صفر» أن يضع يده على هذين المجرمين؛ لكي يجبرهما على الاعتراف للعالم كله بما دبَّراه من عمل إجرامي نحو بلادنا العربية المسالمة … هيَّا بنا.
قفز الشياطين و«كاتي» إلى داخل الزورق الذي انطلق نحو الغواصة الساكنة فوق سطح الماء على مسافةٍ قريبة.
وخلال دقائق كان الشياطين يجلسون داخل الغواصة، بعد أن تغلبوا على الحراسة القليلة بداخلها.
حلَّ الشياطين قيود ملاحي الغواصة الذين لم يصدقوا بنجاتهم … وسرعان ما كانوا يستعيدون نشاطهم ثانية … ويبحرون بالغواصة الرائعة التي انطلقت تجاه مياه الخليج العربي … كأنما لم تمر بها مغامرة من أعجب المغامرات التي مرُّوا بها.