التعليم في مدارس رجال الدين
عُني التحقيق البرلماني بهذه المدارس فذكر أشياء كثيرة يعرفها الناس جميعًا، ولكنه أظهر أشياء ما كان يفترض إمكانها، فلم يكن أحد يعلم أن «جماعة الفرير» التي كانت مقصورة على التعليم الأولي قد عُنيت بالتعليم الثانوي والعالي ونافست فيهما الجامعة منافسة خطرة، فلها ثلاثون مدرسة يعطى فيها التعليم الثانوي وأثبت الإحصاء أن تسعة أعشار الذين يتقدمون من مدارسها إلى السنترال يقبلون في هذه المدرسة، وظهر أن مدارسها التجارية والصناعية متفوقة، وظهر أن لها طائفة كبيرة من المزارع تدرس فيها الزراعة درسًا عمليًّا منتجًا، وظهر أن هذه المدارس على اختلافها لا تخسر كما تخسر مدارس الدولة بل تعود على أصحابها والمعينين على إنشائها بالربح العظيم.
على أن هذا كله قديم، وقد شعرت الجامعة بعجزها عن منافسة هذه المدارس فوفِّقت إلى إلغائها، واضطُر أساتذة هذه المدارس إلى أن يحملوا مناهجهم التعليمية إلى البلاد الأجنبية التي تقبلتهم قبولًا حسنًا.
ولقد أثبت التحقيق فوز هذه المدارس ولكنه عجز عن تعليله، ومع ذلك فتعليله يسير؛ لأن رجال الدين قد اتخذوا لأنفسهم مثلًا أعلى في التعليم، فهم يحرصون على الوصول إلى هذا المثل الأعلى، وهم لذلك مخلصون مقتنعون جادون فيما يعملون، فهم أساتذة ومراقبون، وقد يكون المثل الأعلى الذي اتخذوه لأنفسهم خاطئًا في رأي العلم والفلسفة، ولكن قيمته ليست في أنه خاطئ أو مصيب، وإنما هي في الأثر الذي يتركه في النفس وهو عظيم، وقد كان الناس يشعرون بقيمة هذا التعليم فيبعثون بأبنائهم إلى هذه المدارس، سواء في ذلك من آمن ومن ألحد، ومهما تحاول الدولة محاربة هذا التعليم فلن تفلح، وكل ما تصل إليه إنما هو أن يغير هؤلاء الناس أزياءهم.
لست مهتمًّا بالميل إلى الكنيسة فيما أظن، ولكني لو كنت وزيرًا للمعارف لوضعت على رأس التعليم الأولي والثانوي مدير مدارس الفرير، على أن يجتنب التدخل الديني في التعليم؛ لتكون أسر التلاميذ حرة من هذه الناحية.