الفصل العاشر
الشاعر يصل إلى هافانا
إلى دون فرناندو أورتيث.
لحن السود في كوبا
حالما يطلع البدر،
سأذهب إلى سنتياجو دي كوبا.
سأذهب إلى سنتياجو.
في عربة من المياه السوداء،
سأذهب إلى سنتياجو.
وسوف يغني النخيل من فوق الأسطح،
سأذهب إلى سنتياجو.
عندما تريد النخلة أن تصبح
لقلقًا،
سأذهب إلى سنتياجو،
وعندما تريد شجرة الموز أن تصبح قنديل
بحر،
سأذهب إلى سنتياجو،
مع رأس «فونسكا» الشقراء،
سأذهب إلى سنتياجو.
ومع ورود روميو وجولييت،
سأذهب إلى سنتياجو.
آه يا كوبا، آه يا إيقاع البذور
الجافة!
سأذهب إلى سنتياجو،
آه أيها الزنار الحار ويا قطرة
الأخشاب!
سأذهب إلى سنتياجو.
أيها المعزف المجبول من الأشجار
الحية،
أيها التمساح. يا زهرة التبغ!
سأذهب إلى سنتياجو،
لقد قلت دومًا إنني سأذهب إلى
سنتياجو.
في عربة من المياه السوداء،
سأذهب إلى سنتياجو،
النسمة والكحول يصاحبان مركبتي،
سأذهب إلى سنتياجو،
ومرجاني وسط العتمة،
سأذهب إلى سنتياجو.
البحر الغارق في الرمال،
سأذهب إلى سنتياجو.
حرارة بيضاء، فاكهة ميتة،
سأذهب إلى سنتياجو.
آه لنضارة أعواد قصب السكر
الثيرانية!
آه يا كوبا!
آه يا منحدر النهدة والطين!
سأذهب إلى سنتياجو.
هافانا، أبريل ١٩٣٠م
قصيدة صغيرة مطلقة
إلى لويس كاردوثا إي أراغون.
أن تضل الطريق،
هو أن تصل إلى الثلوج،
والوصول إلى الثلوج،
هو عشرون قرنًا من رعي الكلأ في
المقابر.
•••
أن تضل الطريق،
هو أن تصل إلى المرأة،
المرأة التي لا تخشى الضوء،
المرأة التي تقتل ديكين في ثانية
واحدة،
الضوء الذي لا يخشى الديكة،
والديكة التي لا تعرف الغناء فوق
الثلوج،
•••
ولكن …
لو ضلت الثلوج طريقها إلى القلب،
فقد تأتي الرياح الجنوبية،
ولما كان الهواء لا يعبأ
بالأَنَّات،
يكون علينا مرة أخرى أن نرعى الكلأ في
المقابر،
•••
رأيت سنبلتين حزينتين من الشمع،
تدفنان براكين منظر طبيعي.
رأيت طفلين معتوهين يبكيان،
إذ يفقآن عيني أحد القتلة،
•••
ولكن «اثنان» لم يكن رقمًا أبدًا،
لأنه الأسى وظله،
لأنه القيثارة التي يفقد الحب آماله
عندها،
لأنه برهان على مطلق آخر لا شأن له
به؛
وهو حصن الميت،
وعقاب البعث الجديد،
الذي ليس له من نهاية،
الموتى يكرهون رقم اثنين،
ولكن رقم اثنين يهدهد المرأة
للنوم.
ولما كانت المرأة تخشى الضوء،
والضوء يرتجف أمام الديكة،
والديكة وحدها تعرف كيف تطير فوق
الثلوج،
فلا بد لنا أن نرعى الكلأ في
المقابر،
دونما انقطاع.
نيويورك ١٠ يناير
١٩٣٠م
وأخيرًا استطاع القمر أن يتوقف
وأخيرًا استطاع القمر أن يتوقف،
عند منحدر الجياد المتوهج البياض.
شعاع من الضوء البنفسجي.
كان هاربًا من الجراح.
عرض على صفحة السماء،
لحظة ختان طفل ميت.
•••
كان الدم يهبط الجبل،
والملائكة تبحث عنه؛
بيد أن الكئوس إنما كانت رياحًا،
ولم تملأ آخر الأمر سوى الأحذية.
كانت الكلاب العرجاء تدخن
الغليون،
وثمة رائحة جلد يحترق،
تصبغ الشفاه المستديرة،
لمن يقيئون في الأركان،
بلون الرماد.
وكانت تُسمع صرخات متطاولة،
من جنوب الليل الجاف؛
وسببها أن القمر يحرق بشمعاته،
ذكران الجياد.
وكان الحائك المتخصص في الأردية
الأرجوانية،
قد سجن ثلاث نسوة صالحات،
ويعرض عليهن جمجمة،
من خلال زجاج النافذة؛
وكان ثلاثتهن،
يحطن في الضاحية بجمل أبيض،
يبكي لأن الفجر وجب عليه أن يمر عبثًا من
ثقب إبرة.
آه أيها الصليب!
آه أيتها المسامير!
آه أيتها الشوكة!
آه لتلك الشوكة التي انغرست في
العظام،
إلى أن غطى الصدأ الكواكب
السيارة!
ولما لم يكن هناك من يلتفت إلى
الوراء،
فقد استطاعت السماء أن تتعرى.
عندئذ صلصل الصوت العظيم،
وصاح الفريسيون:
تلك البقرة الملعونة ضروعها مترعة
باللبن.
كان الجمهور يسد الأبواب،
ويمشي المطر في الطرقات،
عازمًا أن يصيب القلب بالبلل،
بينما تعكر صفو الأصيل،
بالنبضات وبالحطابين،
وكانت المدينة المظلمة تحتضر،
تحت مطارق النجارين.
•••
تلك البقرة الملعونة،
ضروعها مترعة برصاص الخردق،
كما قال الفريسيون الزرق.
ولكن الدماء خضبت أقدامهم،
وفجرت الأرواح النجسة،
كبسولات من بحيرات،
فوق جدران المعبد،
ها قد عرفنا بالتحديد،
اللحظة التي ستنجو فيها حياتنا،
لأن القمر قد غسل بالمياه،
حروق الجياد،
وليست هي الفتاة الحية،
التي أسكتوها في قلب الرمال.
وحينئذ.
خرج المقرورون يصدحون بأهازيجهم.
وأشعلت الضفادع أنوارها،
عند ضفة النهر المزدوجة.
تلك البقرة الملعونة. الملعونة.
الملعونة. الملعونة،
لن تدعنا ننام، كما قال
الفريسيون.
وابتعدوا نحو بيوتهم عبر ضجة
الطريق،
يد فعون السكارى ويبصقون ملح
الأضاحي،
بينما الدماء تلاحقهم بثغاء
الخراف.
•••
كان هذا ما حدث،
واستيقظت الأرض،
تنفض عن نفسها،
أنهارًا راجفة من العثة.
نيويورك ١٨ أكتوبر ١٩٢٩م