الفصل الرابع

قصائد بحيرة

«عدن ميلز»

إلى إدواردو أوجارتي.

تضعيفة شعرية لبحيرة عدن

أغنامنا ترعى الكلأ، بينما الرياح تزفر أنفاسها.

جار ثیلاسو
كان صوتي العتيق،
غافلًا عن العصارات الكثيفة المريرة.
إنني أراه في خيالي يلعق أقدامي،
تحت أوراق السرخس الهشة المبتلة.

•••

آه يا صوت حبي العتيق!
آه يا صوت حقيقتي،
آه يا صوت جنبي المفتوح،
حين انبجست كل الوردات من لساني،
ولم تشعر الحشائش بأسنان الجواد اللامبالية.
ها أنت هنا تنهل من دمائي،
تنهل من مزاح الطفل الذي كنته سابقًا،
بينما تتكسر عيناي في مهب الرياح،
على الألمونيوم وأصوات السكاری.

•••

دعوني أمر من الباب،
حيث تأكل حواء النملات،
وآدم يخصب السمكات الباهرات.
دعوني أمر أيها الأقزام ذوو القرون،
إلى غابة الراحة والرقاد،
والقفزات ذات البهجة الخالصة.

•••

إني أعرف الماهية السرية،
التي يمكن أن تكون لدبوس صدئ،
وأعرف أهوال عيون يواقظ،
على سطح الطبق المحدد.

•••

غير أنني لا أريد دنيا ولا حلمًا أيها الصوت القدسي،
بل أريد حريتي،
أريد حبي الإنساني،
في أشد جوانب النسمة المهجورة ظلمة.
حبي الإنساني!

•••

تلك الكلاب البحرية،
تلاحق بعضها البعض،
والريح يترصد جذوع أشجار غافلة.
آه أيها الصوت العتيق،
احرق بلسانك هذا الصوت،
المجبول من الصفيح ومن مسحوق التلك،
أريد أن أبكي كما يحلو لي،
كما يبكي الأطفال في الصف الأخير،
لأنني لست إنسانًا، ولا شاعرًا، ولا ورقة،
إن أنا إلا نبض جريح،
يحيط بأشياء الجانب الآخر.
أريد أن أبكي وأنا أهتف باسمي،
واسم كل زهرة وطفل وشجرة شربين على شاطئ هذه البحيرة،
كيما أنطق بحقيقتي كإنسان من دم،
وأخنق في نفسي الهزؤ وملابسات الكلم.

•••

كلا، لا. أنا لا أسأل، وإنما أرغب،
يا صوتي الذي تحرر،
أن تلعق يديَّ.
وفي متاهة السواتر،
يستقبل جسدي العاري،
قمر العقوبة والساعة المغطاة بالرماد.

•••

هكذا كنت أتكلم.
هكذا كنت أتكلم حين أوقف «زحل» القطارات،
وكان الضباب والحلم والموت يبحثون عني جميعًا.
كانوا يبحثون عني هناك،
وهناك،
حيث يطفو جسدي بين التوازنات المتناقضة.

سماء حية

لن يكون لي أن أشكو،
إذا فشلت في العثور على ما أنشد.
لن أرى صراع الشمس مع المخلوقات نتنة الجراح،
بالقرب من الأحجار الجدباء والحشرات الخاوية.

•••

غير أنني سأذهب إلى المسارح الأولى،
مسارح الصدمات، والسوائل، والهمهمات،
التي تخترق أجسام الرضعاء،
وإلى حيث يعرضون عن كل سطح،
حتى أدرك أن هدفي سيبلغ مرماه من البهجة،
حين أطير ممتزجًا بالحب وبالرمال.
صقيع المُقَل المنطفئة لا يصل إلى هناك،
ولا خوار الشجرة التي تغتالها اليرقة.
كل الأشكال هناك، فيما بينها،
تتبع تعبيرًا واحدًا محتدمًا
عن التقدم إلى الأمام.

•••

ليس بإمكانك أن تتقدم عبر أسراب النوَّار،
فالهواء يذيب أسنانك التي قُدَّت من سكَّر،
ولا تستطيع أن تهدهد ورقة السرخس المارقة،
دون أن تشعر بدهشة العاج النهائية.

•••

هناك، تحت الجذور وفي لباب الهواء،
تتكشف حقيقة الأمور الخاطئة.
السباح النيكلي الذي يترصد أشد الموجات رقة،
وقطيع الأبقار الليلية ذات الأقدام الأنثوية الحمراء.

•••

لن يكون لي أن أشكو،
إذا فشلت في العثور على ما أنشد،
غير أنني سأذهب إلى المسارح الأولى،
مسارح الرطوبة وخفقات القلوب،
حتى أدرك أن هدفي سيبلغ مرماه من البهجة،
حين أطير ممتزجًا بالحب وبالرمال.

•••

أطير نضيرًا كعادتي فوق فُرُش خالية،
فوق جماعات من النسمات وقوارب جانحة إلى الشاطئ،
وأتعثر بوجل في الأبدية الجامدة الثابتة،
وفي الحب الذي لا يطلع لنهايته فجر.
الحب، الحب الذي يَبين!
عدن ميلز – فيرمونت، ۲٤ أغسطس ۱۹۲۹

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤