الفصل الخامس

في كوخ الفلاح

(ريف نیوبرج)

إلى كونشا مندث،

ومانويل ألتولاجيري.

الطفل «ستانتون»

– هل تحبني؟
– أجل.
– وأنت؟
– أجل. أجل.

•••

حين أبقى وحيدًا،
تبقى معي سنواتك العشر لا تزال،
والجياد الثلاثة العمياء،
ووجوهك الخمسة عشر مع وجه المرجومة،
والحميات الصغيرة،
التي ترقد مثلوجة فوق أوراق الذرة.
أي ستانتون، يا ولدي، ستانتون.
في منتصف الليل،
خرج السرطان إلى الدهاليز،
وتحدث مع القواقع الخاوية،
عن الوثائق.
السرطان الذي تشيع فيه الحيوية،
مفعمًا بالسحائب وبالترمومترات،
بشوقه الطاهر، شوق التفاحات،
بأن تضرب فيها البلابل مناقيرها.
وفي المنزل حيث لا يوجد سرطان،
تنحطم الجدران البيضاء في هذيان الفلك.
وفي الإسطبلات الصغيرة،
وعند مقاطع الغابات،
يلتمع وهج الحروق سنوات عديدة.
كانت آلامي تدمى عند الأصائل،
حين كانت عيناك جدارين،
وحين كانت يداك بلدتين،
وجسدي همسة من همسات العشب.
كانت آلامي تبحث عن ردائها،
مغبرة، تنهشها الكلاب،
وذهبت معها دونما خوف،
إلى باب المياه العتماء.
آه يا ستانتوني، كم أنت أبله وجميل،
وسط الحيوانات الصغيرة،
يا من كسر حدادو الضيعات أضلاع أمه،
ورقد أخوه تحت الأقواس،
والتهمت النملات، أخاه الأصغر،
بينما السرطان يخفق وسط الحجرات،
دونما أسلاك شائكة!
هناك مرضعات يعطين الأطفال،
أنهارًا من الفطر ومرارة الأقدام،
يصعدن إلى الشقق،
ليوزعن جرعات الفئران السحرية.
فالناس في الحقيقة،
يرغبون في إلقاء الحمائم في البالوعات،
وأنا أعرف ماذا ينتظرون،
من يضغطون فجأة على عقلات أصابعنا في الطرقات.

•••

إن غفلتك جبل من السباع یا ستانتون.
ذلك اليوم الذي أعطاك فيه السرطان علقة،
وبصق عليك في عنبر الرقاد،
حيث مات النزلاء في الوباء،
وفتح وردته المحطومة من الزجاج الجاف والأيدي الرخوة،
كيما ينثر الطين على حدقات الذين يبحرون،
ذلك اليوم،
بحثت أنت عن آلامي وسط العشب،
آلامي التي لها زهور من الرعب،
بينما السرطان المرير الأخرس،
الذي يريد أن ينام معك،
يسحق الأراضي الحمراء من فوق ملاءات المرارة،
ويضع فوق التوابيت،
شجيرات مثلوجة من حامض البوريك.
أي ستانتون.
اذهب إلى الغابة مع معازفك اليهودية،
اذهب لتتعلم هناك كلمات سماوية،
ترقد في جذوع الشجر، في السحب، في السلاحف،
في الكلاب النائمة، في الرصاص، في الرياح،
في الزنابق التي لا تنام،
في المياه التي لا تحاكي أحدًا،
كيما تتعلم يا ولدي ما ينساه شعبك دائمًا.

•••

حين يبدأ ضجيج الحرب،
فسوف أترك قطعة جبن لكلبك في المكتب،
وستكون سنواتك العشر،
الأوراق التي تطير في حُلل الموتى،
عشر وردات من الكبريت الواهن،
على كتف فجري.
وأنا يا ستانتون،
أنا وحدي، في غمرة النسيان،
ووجوهك الذابلة فوق فمي،
سوف أخطر مخترقًا بصرخاتي،
تماثيل الملاريا الخضراء.

بقرة

إلى لويس لاكاسا.

تمددت البقرة الجريحة،
وتسلقت شجرات وجداول فوق قرونها،
وكان مخطمها ينزف دمًا في السماء.

•••

مخطمها المغطى بالنحلات،
تحت شارب بطيء من الرضاب.
وأقامت صرخة بيضاء الصباح على قدميه.

•••

البقرات الميتة والحية،
توَرُّدٌ من نور أو من عسل الحظائر،
تثغو وعيونها نصف مغلقة.

•••

فلتعلم الجذور،
وذلك الصبي الذي يشحذ مطواته،
أن بوسعهم الآن أن يأكلوا البقرة.

•••

وفي الأعالي
يشحب لون الأنوار والأوداج.
وأربعة أظلاف
ترتعد في الهواء.

•••

فليعلم القمر،
وليل الصخور الصفراء ذاك،
أن ها قد رحلت بقرة الرماد.

•••

إنها قد رحلت تثغو،
عبر ركام السماوات المتيبسة،
حيث يتغذى السكارى بالموت.

طفلة غارقة في البئر

(غرناطة ونيوبرج)
تعاني التماثيل آلامًا في عيونها،
مع ظلمة التوابيت،
ولكنها تعاني أكثر وأكثر،
من المياه التي لا تصب في البحر …
التي لا تصب في البحر.

•••

أهل البلدة يجرون وسط أسوار القلاع،
محطمين قصبات الصيادين.
سريعًا! إلى الحدود! بسرعة.
ونقت النجمات الحانيات.
… التي لا تصب في البحر.

•••

هادئة في ذكراي،
كوكب، دائرة، هدف؛
تبكين على شطآن عين من عيون الجواد.
… التي لا تصب في البحر.

•••

ولكن ليس من أحد في الظلمة،
يستطيع أن يمنحك مسافات،
بل حدودًا مرهفة،
مستقبل من الماسات.
… التي لا تصب في البحر.

•••

وبينما الناس تبحث عن صمت الوسادة،
فأنت تنبضين على الدوام،
محددة في خاتمك.
… التي لا تصب في البحر.

•••

ستكونين دومًا أمام بعض الموجات،
التي تقبل الجذور والوحدة المرتقبة.
… التي لا تصب في البحر.

•••

ها هم يأتون مع الوديان والهضاب!
انهضي من المياه!
كل نقطة نور سوف تخلع عليك قيدًا!
… التي لا تصب في البحر.

•••

ولكن البئر سوف تمد إليك،
أيادي صغيرة من الفطر،
يا جنية البحر،
يا من لا تخطر غفلتها الطاهرة على بال.
… التي لا تصب في البحر.

•••

لا، التي لا تصب في البحر.
مياه ركدت في إحدى النواحي،
تتنفس بكل كماناتها التي تخلو من الأوتار،
في سلَّم الجراح الموسيقي،
والأبنية المهجورة.
… التي لا تصب في البحر.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤