حلقة الخيول الدائرية
الشبه كبيرٌ بينها وبين الخيول، لكنها ترفع قائمتيها الأماميتين إلى أعلى فتبدو وكأنها تدور على قائمتين اثنتين، وفي الوسط واحد منها، لماذا هو بالذات في الوسط؟ إنه لا يختلف عنها، القائمتان الأماميتان مرفوعتان إلى أعلى فلا تلمسان الأرض، بل ترتفعان فوق الركبتين وتتدليان على الجنين كاليدين، هو تمامًا مثلها، لكنه في الوسط، في مركز الدائرة، ولا أحد يقترب منه، الكل يدور في المحيط الخارجي، وجهه ناحيته ينظر إليه ولا يرمش، يقف حين يقف، ويدور حين يدور، ويهز رجله حين يهز رجله، ويطرقع بحافره حين يطرقع، ويميل بمؤخرته إلى اليمين أو الشمال فيميل.
والمتفرجون جالسون في مقاعدهم، الصفوف الخلفية ترى ظهور الصفوف الأمامية، والصفوف الأمامية ترى ظهور الخيل، الكل لا يرى إلا ظهورًا، والظهور مقوَّسة تظهر منها فقرات العمود الفقري واضحة ومدبَّبة تؤلم العين، وحركة الدوران تؤلم العين، والمقاعد الخشبية تؤلم الفخذين، والملعب كبير واسع مستدير بغير سور يمنع الهواء البارد.
الهواء البارد يطرد النوم، والمتفرجون ينفخون في أيديهم ليُدفِئوها، والحوافر تصطكُّ بالأرض، الصوت المنتظم يتبع الحركة، والحركة على شكل دائرة. الكل في المحيط الخارجي، وواحد فقط في الوسط، واحد فقط لا يختلف عن الكل، فالقائمتان الأماميتان مرفوعتان إلى أعلى متدليتان على حافة البطن بلا عمل، والقائمتان الخلفيتان هما فقط اللتان تدوران كالخيول تمامًا حين ترقص أو حين ترفس، لكنها ليست خيولًا، فالوجوه ملوية ناحية الوسط والظهور ناحية المتفرجين، والمتفرجون سئموا منظرَ الظهور وغلبهم النوم فوق المقاعد الخشبية لولا الهواء البارد الذي يلفحهم.