نُوار سَعد: لا وقت للأقنعة
بعد أن تزوَّجنا أنا ونوار سعد، فجأةً يا صديقتي، أحسست بأنه ليست هنالك أية جاذبية أنثوية تخصها، لا أعرف كيف أشرح ذلك، ولكنها لم تَعُدْ تلك التي جعلتني ذات يوم أذوب في حضنها مثل ثلج على سطح صفيح ساخن … ربما السبب الوحيد أنه لم تَعُدْ هنالك مغامرة ومخاطرة أو تحدٍّ. إن سهولة امتلاكها … لا، أنا لا أريد أن أفكِّر بتلك الطريقة، ولكن ربما كان الشيء الذي دفعني للزواج منها أنها جميلة ومشتهاة، وأن كل رجل أعرفه يفضِّلها على عشرات النساء، وحتى المختار نفسه … كان رحمة الله عليه لا يستطيع أن يخفي شبقًا بنوار في كل حركة يقوم بها … خاصة حركة أنامله. كنت ألاحظ ذلك، أنا أعرف أشياء كثيرة … وكنت كلما أحس برغبة الآخَرين بها، أسعى نحو امتلاكها بقوة أكبر، أنتِ تعلمين مقدار التضحية التي بذلتُها في سبيل هذا الزواج. صراحة يا صديقتي القديسة الجميلة، أنا سأكون واضحًا مع نفسي وشجاعًا وحاطلِّقها، إذا لم يكن اليوم فغدًا، سأطلقها.
قرأت الخطاب للمرة المائة، وكلما أُذَكِّرُه به يطلب مني تمزيقه، أهدِّده بأنني سأريه لنوار سعد، ولكنه كان يصر على القول إنه يحبها وسوف يحبها للأبد.
– كويس اللِّي كتبتوا دا شنو؟
– حالة جنون، حالة … ما عارف … كتبت اللِّي كتبتوا … ما في داعي للابتزاز. أرجوكِ مزقي الجواب! أو اديني ليه.
الفصل صيف، والدومات الشاهقات أنضجن ثمارها البُنية، المختار يحب ثمار الدوم، في مثل هذه الأيام يمارس رياضة تسلُّق الأشجار؛ حيث نجني ثمار تسلُّقه دومًا، دليبًا وبلحًا، في بعض الأحيان كوارث، قد يسقط من علوٍّ شاهق فجأةً، أكثر من مرتين كُسِرت يده اليمني، لكنه يكابد الألم في صبر إلى أن يشفى، ثم يتسلق الأشجار مرة أخرى، صلينا على روح المختار قرب النهر جميعا؛ سارة حسن، أمين محمد أحمد، آدم، مايكل كولي صديقنا الحبشي أخو سابا الأصغر، برهاني، كلٌّ صلَّى وفقًا لما يعتقد، سَبَحَ مايكل وأمين وعبَرَا النهر للضفة الأخرى، أصبح عبور النهر هوايتهما المفضَّلَة منذ أن اكتشَفَا بيض السلاحف المدفون تحت الرمال على الشاطئ، بالذات بعدما أُعجِبَا بطعمه في طبيخ الزقني الحبشي مع الدجاج.
كما ينتفض الكلب، انتفض الكلب، جرى بعيدًا على شميم كلبة. سارة حسن أصبحت سمينة وقصيرة وأكثر سوادًا، تشكَّلَ بريقٌ غريبٌ بعينيها، كان هذا جزءًا من حصاد السنوات السبع التي قضتها في معتقلات متفرِّقة، ولكن سارة تضع في الحسبان خسارات أخرى كثيرة، أهمها تجربة الاغتصاب والحبل والإجهاض القسري، والأسوأ يا صديقتي القديسة: ادعاء الحُب.
التقطتْ أذن مايكل كولي الجملةُ الأخيرة، كرَّرها في سره بنشوة خاصة، كان يجفِّف ملابسه على رمال الشاطئ النظيفة، أمين لم يسمع شيئًا، طائر مالك الحزين يقف على حافة مركب قديم على الشط الآخَر، خلفه تمتد جزيرة التماسيح، وفي البعيد جدًّا يوجد كهف مايا.
– ولكن الأسوأ يا مايكل هو أن الضمانة الوحيدة لسلام الحكومة والحركة هي الولايات المتحدة الأمريكية، والضمانة الوحيدة للولايات المتحدة الأمريكية مقابل التزامها بحراسة هذا السلام هي موارد السودان البترولية … بمعنى آخَر: استبعاد الصين أو فطمها.
قال مايكل في قرف: أنا أكره الصينيين، هم المموِّل الرئيسي للمحرقة في دارفور.
بصق ثم أضاف: أمقتهم.
ولكنه أيضًا قال مُبتسمًا: ولكن الأسوأ يا صديقتي القديسة هو ادعاء الحُب.
التقط مالك الحزين سمكة كبيرة، حَجَل بها بعيدًا عن المركب العجوز. مرت سحابة داكنة تحت الشمس، رأى الجميع الكلب وقد التصق بالكلبة وأعطى كلٌّ منهما مؤخرته للآخَر.
– نعم!