من النقل إلى العقل: الجزء الثاني (علوم الحديث): من نقد السند إلى نقد المتن
«وعلوم الحديث كلها خلافيَّات مثل باقي العلوم النقلية. ومن ثَم فهي ليست علومًا مُقدَّسة؛ الصواب فيها من جانب واحد. هي اجتهاداتٌ إنسانية خالصة، الصواب فيها متعدد؛ ومن ثَم فالاجتهاد مع القدماء وضدهم خلافٌ مشروع.»
حَظِيت أقوالُ النبي «محمد» بمكانةٍ كبيرة لدى الجيل الأول من المسلمين، باعتبارها نصوصًا مُفسِّرة لمنطق الوحي في القرآن الكريم، ومُقرِّرةً لما استُحدِث من أفعالٍ وأقوال من غير وحي. وتُوورِثت هذه المكانة من عقدٍ إلى عقد حتى دُوِّنت هذه الأقوال وما جاءت في سياقه من أحداثٍ في القرن الثاني الهجري، ثم نُقِدت ورُتِّبت وفقَ شروطٍ ومُحدِّدات مع القرن الخامس الهجري. ومن هنا يرى «حسن حنفي» أن منهجية علم الحديث تحتاج إلى نظر، فكما احتاج السنَد إلى نقدٍ وتحليل وتأصيل وتَتبُّع للراوي وجرحه وتعديله، يحتاج المتن أيضًا إلى هذه الآليات حتى لو صحَّ السنَد واتَّصل.
في هذه السلسلة يحاول «حسن حنفي» إعمالَ العقل فيما تركه لنا الأوَّلون من تراثٍ أصبحنا نتوارثه نقلًا وكأنه عِلمٌ مُقدَّس لا يجوز تأويله أو دراسته، وذلك عن طريق عقلنة العلوم الخمسة في السلسلة (القرآن، الحديث، التفسير، السيرة، الفقه)، التي خصَّص «حنفي» لكل موضوعٍ فيها كتابًا واحدًا.