المقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الأمي الكريم وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.
حين تقدَّمنا إلى بني الوطن العزيز برحلتنا إلى «أستراليا» من بضعة شهور كان من حظنا أن نعدهم بتقدمة الحلقتين الباقيتين، رحلتنا إلى «جاوة» ورحلتنا إلى الهند.
وكأنما أراد الله أن يُفسح أمامنا سبيل التوفيق فيما أخذنا به من تحقيق دقيق لهذه الممالك التي أنعم علينا بزيارتها والتجوال فيها، واستظهار بواطنها وحواشيها، فهيَّأ لنا جلَّ شأنه من أسباب الرعاية ما تمكَّنا به أن نفي بالعهد ونبر بالوعد.
وإنَّه لخير أن يقرأ أبناء الوطن المحبوب — وهم شعبة من الشرق — حديثًا عن بلد شرقي يُسطِّره قلم يفاخر بشرقيته ويعتز بها.
إلى ذلك ناحية أخرى يُحسها المسلم شَغفًا وأملًا في دراسة أحوال أُمَّة تؤاخيه في الإسلام.
ولقد طالما تلمَّسنا روح هذه الرغبة في إخراج هذه الرحلة ممن قرءوا رحلتنا الماضية واطَّلعوا على ما ضمَّت واستوعبوا ما احتوت.
فكان لنا في هذه الرغبات الصادقة ما دفعنا إلى أن نُيسِّر من وقتنا فَيْنات متفاوتة نقضي خلالها إلى جمع مُذكراتنا، والبلوغ بها أخيرًا إلى هذه الحالة التي يشهدها عليها أبناء الشَّرق الجميل.
فإذا نحن قدَّمنا رحلتنا إلى «جاوة» تسجيلًا لما تركتْ في نفسنا من أثر بعيد، ودفعًا إلى التاريخ الخالد بما قد ينفع الخلَف ويُجديهم فإنَّما ندعو الله أبلغ الدعاء، ونرجوه أوفر الرجاء أن يُمدَّنا بفيض من رعايته حتى نُقدِّم في موعد قريب رحلتنا إلى «الهند»، وحتى تتم بها الحلقة الأخيرة في سلسلة رحلاتنا حول العالم، هذه الرحلات التي قضينا فيها وفي نوالها ما قضينا من جهود بذلناها مخلصين، وتحمَّلنا أعباءها مؤمنين بأنَّها شطر من العمل الصالح المفيد.