١٨ أغسطس
يوم السفر: كان الجو في الصباح حارًّا لا يُطاق.
ففي الساعة الواحدة بعد الظهر أخذ الحمَّالون متاعنا الكبير إلى الميناء، ولقد ذهبنا إليها نحن بعد الغداء، فقطعنا طريقنا إليها بالسيارة في نصف ساعة لأنها تبعد عن الفندق ستة أميال، وفي طريقنا إلى الميناء شهدنا «جاموسة» مكسورة الرِّجل وقد أسرع الناس في سبيل الجزارة حتى يذبحها ليكون أكلها حلالًا.
أما الباخرة التي ستحملنا مدة السفر فإنها كبيرة حقًّا، وحين وصلنا إليها أخذ رئيس السفرجية رقم القمرة التي سننزل فيها، وعندما صعدنا إلى الباخرة ألفيناها جميلة ووجدنا بها كُبري للتنزُّه والألعاب على ظهرها.
وعلى هذا فقلَّ أن ترى أحدًا يمشي حيال نوافذ الغرف الخاصة بالساكنين.
وكان بين الراكبين طائفة من السائحين اكتظَّت الباخرة بأقاربهم الذين قدموا معهم لتوديعهم، وقد علمنا أن الباخرة بعد أن تصل إلى «سنغافورا» ستأخذ سبيلها إلى هولندا «رأسًا».
أقلعت الباخرة في الساعة الرابعة وتركت الميناء وأخذت طريقها بعيدًا عن الشاطئ، فحمدنا الله أن هيأ لنا سبحانه أسباب الرحلة إلى جاوة، وحمدناه جلَّ شأنه على أن حفظنا من المخاطر، وأحاطنا بكنف من عنايته السامية ورعايته العالية.
وفي إقلاع الباخرة ورحيلها إيذان بانتهاء الرحلة وجوازها شأوها الأخير.
حين خروجنا من الميناء شهدنا الباخرة التي أقلتنا من أستراليا إلى جاوة، وحين ابتعدنا عن الشاطئ أصبحنا في جو رخو هنيء عليل فسُررنا لما نتمتع به بعد ستة عشر يومًا قضيناها بين القيلولة والهجير.
ثم مررنا على جزيرة «بنكا» وشهدنا شواطئ «سومطرا» فإذا بنا نقع على منظر عجيب.
منظر لرجلين من الإنجليز قد اتَّشحا بلباس صغير كذلك الذي يلبس في لعب الكرة.
ولشد ما أدهشني أن يصطحب الرجلان معهما فئة من السيدات وهما على ذلك الزي الشاذ الذي لا يستعمل في أوروبا إلا داخل المنازل والذي يستحيل على رجل أوروبي أن يلبسه خارج منزله.
والذي يزيد في دهشتي أن واحد الرجلين قنصل لإنجلترا في جزيرة «يورنيو» وأن هذا الزي المقبول هنا وفي البلاد الجاوية لاشتداد الحرارة ليدفعني إلى التساؤل:
أمن أجل حرارة الجو يتشبه المتمدنون من الأوروبيين بطبقات الزنوج فينزعون عنهم ثيابهم وتبدو جسومهم عارية على هذا الوضع الذي تشمئز منه النفوس؟