أقوال مأثورة
ويقال إنها ذهبت إلى أن «إيروس» ينحدر أصله من جي (الأرض) وأورانوس (السماء).
•••
ويروي شاعر هلِّيني في القرن الثاني قبل المسيح أن سافو ونيكاندر يتحدثان عن حب إلهة القمر سيليني في الكتاب الثاني عن أورويا.
•••
ولقد عبرت سافو عن الحب أجمل تعبير حين وصفته بأنه حلو-مر، وأنه «مهدِّئ الآلام»، وإذا كان سقراط يصف «الإيروس» بأنه سفسطائي، وأفلاطون يقول عنه (على لسان ديوتيما في محاورة المأدبة) إنه يزدهر بالألم والعذاب، فقد وصفته سافو بأنه «رواية الأساطير».
ويحكى أن الشاعر هزيود وسافو قد ذهبا إلى أن بروميثيوس بعد أن انتهى من خلق البشر سرق النار من الآلهة وأعطاها لهم؛ وغضبت الآلهة فسلَّطتْ على الأرض وباءين، كان أحدهما المرض وكان الآخر النساء …
وهناك كثير من الأخبار المأثورة عن سافو، وهي أخبار متضاربة في معظم الأحيان، تُروى على لسان الكتَّاب والفلاسفة والمؤرخين، ويستند بعضها إلى شذرات متفرقة من أشعارها، ويُروى بعضها الآخر دون سند مأثور من الشعر أو التاريخ. ومع أن معظم هذه الأخبار يصور الشاعرة في صورة منسوجة من الخرافة والخيال، فإنها تلقي على كل حال شيئًا من الضوء على شخصيتها ومدى ما تمتعتْ به على مرِّ الأجيال من حب وإعجاب.
فهناك من يروي عنها مثلًا أنها قالت عن إله الأنهار أخيلوس إنه كان أول من اخترع مزج الخمر. ويبدو أن تردد كلمة الذهب في كثير من صورها الشعرية قد جعلهم يقولون على لسانها إن الذهب ابن الإله الأكبر زيوس، وإنه يظل خالصًا من الصدأ، بل إنها قد بيَّنت ذلك بنفسها على حد تعبير باوزانياس.
ويظهر أن طبيعتها الحزينة المفعمة بالشوق والشجن قد ساعدت على رواية بعض الأخبار التي تتحدث عن الموت على لسانها. فأرسطو مثلًا في كتاب الخطابة (الكتاب الثاني، ٢٢، ١٣٩٨ ب٢٧) يروي على لسانها أن الموت شيء فظيع، وأن الآلهة أنفسهم هم الذين حكموا بذلك على البشر، ولو أن الموت كان شيئًا جميلًا، لماتوا هم أيضًا. ومثل هذا القول لا يُستبعد منها، فالإحساس بتجربة الموت ظاهر في أشعارها، يؤثر في النفس بمثل ما تؤثر كلماتها عن الشيخوخة وضياع الشباب.
•••
ويظهر أنه كان من طبعها أيضًا أن تأخذ تشبيهاتها من عالم النبات والأزهار والثمار: فالعروس عندها تفاحة لم يجنها القاطفون، لا لأنهم لم يشتهوها، بل لأنهم لم يستطيعوا الوصول إليها كما تقول القصيدة المشهورة. أما العريس فهي تحب دائمًا أن تصوره في صورة البطل، عظيمًا يصطدم رأسه بالسقف، خفيفًا ورشيقًا مثل أخيل.
وليس عجيبًا بعد هذا أن تهيب شاعرة الجمال في معظم قصائدها بإلهة الجمال، وأن تمجدها وتتغنى بها في أكثر من مناسبة، بل إن هيمريوس يذهب إلى أنها كانت دائمًا تفتتح بها أغانيها. ولقد أُثر عن سافو أنها كانت الوحيدة بين النساء التي يستيقظ عشق الجمال في نفسها عند سماعها لأنغام القيثار. ومن الطبيعي أن يقول القدماء عنها إنها قد وهبتْ شِعرها كله لأفروديت كما وهبتْه للعشاق في كل زمان، وأن تختار الموضوع الخالد لأغانيها، ألا وهو الجمال وسحر الجميلات.
شواهدُ تاريخية
في زمن واحد (مع ألكايوس وبيتاكوس) ازدهرت سافو، هذه الإنسانة المدهشة؛ لأنه على قدر ما تبلغ الذاكرة التاريخية — وهذا عهد بعيد — لم تستطع امرأة واحدة بقدر ما نعلم أن تقيس نفسها بها في الشعر.
وقد حكم المدينة (ميتيلينه) في تلك الأزمان طغاة كثيرون على أثر الاضطرابات الداخلية …
•••
السنة الثانية من الاحتفالات الأوليمبية الخامسة والأربعين (=٥٩٨ق.م.): زمن ازدهار الشاعرة سافو والشاعر ألكايوس.
•••
يقول خاميلئون (وهو أحد تلاميذ أرسطو ومؤرخ من القرن الرابع قبل المسيح) في كتابه عن سافو: إن البعض يزعمون أن هذه الأبيات وجهها الشاعر أناكريون إليها، كما يقول إن سافو ردَّت عليه بهذه الأبيات:
أما أن هذه الأغنية ليست لسافو، فذلك ما يتضح لكل إنسان …
•••
•••
٣٤١ سنةً، منذ أن تولى ألياتيس السلطة على الليديين، عندما كان أرسوكليس أرخون في أثينا.
•••
منذ أن رحلت سافو إلى صقلية، بعد نفيها من مدينة ميتيلينه، عندما كان كريتياس الأكبر حاكمًا (أرخون) على أثينا، وكان الجاموريون (ملاك الأرض) قد استولَوا على السلطة في سيراكوزا.
•••
انحدرت سافو من مدينة ميتيلينه، في جزيرة لسبوس، وكان أبوها هو إسكاماندروس أو إسكاموندرونيموس كما يقول البعض. وكان لها ثلاثة إخوة: أريجيوس، ولاريخوس، وخاراكسوس. وكان هذا الأخير أكبرهم سنًّا، ويقال إنه أبحر إلى مصر، وهام حبًّا بفتاة تدعى دوريخا أنفق عليها أموالًا طائلةً، وكانت سافو تحب شقيقها الأصغر لاريخوس أكثر من أخويه، وكان لها ابنة تدعى كلايس، على اسم أمها. وقد اتهمها البعض بالشذوذ الخلقي والجنسي. أما من ناحية المظهر فيبدو أنها كانت بشعةً وشديدة القبح، إذ إن وجهها كان أسود السِّحنة، كما كان جسدها ضئيلًا جدًّا.
…
عن … على نحو ما تخبط خاميلئون (مؤرخ من القرن الرابع ق.م.) في أقواله عنها، تتحدث وتستخدم اللهجة الأيولية، كتبتْ تسعة كتب من الشعر الغنائي …
•••
سافو، ابنة سيمون، وفي رأي البعض ابنة أويمينوس، أو إيريجسوس، أو إكرتيوس، أو سيموس، أو كامون، أو إيتارخوس، أو إسكاماندرونيموس، كانت أمها تدعى كلايس. وهي شاعرة غنائية، تنحدر من جزيرة لِسبوس في إيريسوس، وقد ازدهرتْ في الأعياد الأوليمبية الثانية والأربعين (٦٠٨–٦١٢ق.م.)، في الوقت نفسه الذي عاش فيه ألكايوس وسزيخوروس وبيتاكوس. كان لها من الإخوة ثلاثة: لاريخوس، وخاراكسوس، وأريجيوس.
تزوجت رجلًا بالغ الثراء، كركيلاس، كان قد جاء من أندروس، وولدتْ له ابنةً سمِّيت كلايس. كانت لها ثلاث رفيقات وصديقات هن: أثيس، وتليزيبا، وميجارا. وتزعم ألسنة السوء أن علاقة الصداقة التي كانت تربطها بهن كانت علاقة مَشينة. أما تلميذاتها فهن أناجورا (والمقصود بها أناكتوريا) من ميليه (ملطية)، وجونجيلا من كولوفون، وأنييكا من سالاميس. وقد وضَعتْ ثمانية كتب من الشعر الغنائي كما كتبتِ الأبيجرام، والأليجيا، واليامب والمونوديا.
إيروس «عشق» سافو … هل كان شيئًا إلا فن الحب، الذي كان سقراط فيه أستاذًا؟ أريد أن أقول إن كليهما قد مارس الحب مع أشباهه، فمارست سافو الحب مع النساء، ومارسه سقراط مع الرجال، وكلاهما قال إنه يحب الكثيرين وإن كل ما هو جميل يأسره. ذلك أن ألكيبياديس وخارميدس وفايدروس كانوا بالنسبة إلى سقراط ما كانته جيرينا وأثيس وأناكتوريا بالنسبة إلى سافو اللسبية، وكما كان لسقراط منافسوه مثل بروديكوس وجورجياس وتراسيمخوس وبروتاجوراس فقد كان لسافو منافساتها مثل جورجو وأندروميدا. إنها تعتب عليهن أحيانًا، وتعارضهن أحيانًا أخرى، وتتحدث في سخرية تمامًا كما كان يفعل سقراط.
•••
•••
•••
أحسَّ صولون الأثيني بالبهجة عندما غنَّى حفيده إكسيكستيدس في إحدى المآدب أغنيةً من أغاني سافو، فطلب من الصبي أن يعلِّمه هذه الأغنية، فلما سئل في ذلك قال: «لكي أتعلمها فأستطيع بعد أن أموت.»