الشياطين لا تموت هكذا!
أوشكَت «إلهام» و«زبيدة» على الاستسلام والغرق … ولكنهما فوجئتَا بشبحَين يظهران فجأة في ملابس الغواصين. وأسرع الشبحان بوضع كمامات الأكسجين على وجهَي «إلهام» و«زبيدة» لإنقاذهما في اللحظة المناسبة.
ثم خفَّ هديرُ مياه المجاري بعد لحظات، وعاد الهدوء يغمر المكان … وهمسَت «إلهام» إلى الغواصين قائلةً بامتنان: لقد أنقذتما حياتنا للمرة الثانية في اللحظة الأخيرة. فهتف أحد الغواصين قائلًا من خلف قناعه: إنَّ الشياطين لا تموت هكذا!
كان الصوت مألوفًا ﻟ «إلهام»، حتى إنَّها قالت في ذهول: هدى؟
خلع الغواصان قناعَيهما اللذَين كانَا يحجبان ملامحهما … ولم يكونَا غير «هدى» و«ريما»!
قالَت «زبيدة» في ذهول: إنني لا أكاد أصدِّق ما أراه أمامي … كيف اهتديتما إلى مكاننا؟
قالت «ريما» ضاحكة: لقد كنَّا نتتبعكما منذ اللحظة الأولى التي بدأتما فيها هذه المهمة.
إلهام: إنني لا أفهم شيئًا.
ريما: لقد كانت خطة المهمة مزدوجة، وكنتما لا تعرفان باشتراكنا فيها؛ فقد قصد رقم «صفر» أن يكون هناك فريقان للعمل في هذه المهمة … وهكذا، وضعكما في الصدارة لمطاردة «المرأة الجهنمية»، التي ركَّزَت كلَّ جهودها للتخلص منكما، دون أن تدريَ بوجود فريق آخر منَّا، كانت مهمته التدخل في اللحظة المناسبة، لمساعدة الفريق الأول.
زبيدة: رائع … لهذا انشغل رقم «صفر» عنَّا بعضَ الشيء.
قالت «إلهام» ضاحكة: كان عليَّ أن أُدركَ هذا من نوع الطعام الشهي الذي وجدتُه بالثلاجة، وأعرف طبيعة مَن قام بطهيه وإعداده.
زبيدة: والآن لا وقتَ للضياع؛ فقد حان أوان تسوية الحساب مع تلك الذئبة.
إلهام: ولكننا نجهل مكانها؛ فقد قتلت ذلك المجرم قبل أن يُخبرَنا به.
ريما: لا تقلقا لذلك؛ فقد كنَّا نراقب عصابتها خفية، وأمكننا معرفة المكان الذي تجتمع فيه العصابة، إنَّه عبارة عن فيلَّا قريبة من مسرح «النجوم الزرقاء» بحي «برودواي».
إلهام: هيَّا بنا إذن … ولسوف تكون المفاجأة قاتلة لهؤلاء المجرمين.
زبيدة: ولكننا بحاجة إلى حمام ساخن، وملابس نظيفة، للتخلص من آثار هذه المجاري.
إلهام: أنتِ على حقٍّ.
انطلق الأربعة خارجين من فتحة المجاري بأحد الشوارع الجانبية، وبعد ساعة، كنَّ يغادرْنَ الفيلَّا بملابس نظيفة، وكلٌّ منهن قد تسلَّحَت بمسدس سريع الطلقات.
انطلقت سيارةُ «ريما» إلى حيِّ «برودواي» … كان الوقت عصرًا، وقد بدأت الطرقات تكتظ بالرواد والسكان … وظهر أخيرًا «مسرح النجوم الزرقاء» … وعلى مسافة قريبة منه، ظهرَت فيلَّا صغيرة تُحيطها الأسوار العالية، التي تُخفي ما بداخلها.
زبيدة: علينا أن نتسلَّلَ إلى داخل هذه الفيلَّا … وأوامر رقم «صفر» هي القبض على «المرأة الجهنمية» حية، لتقديمها إلى العدالة لمحاكمتها لتكشف لنا عن الجهة التي لها مصلحة من طرد رجال الأعمال العرب والمستثمرين من أمريكا.
إلهام: هيَّا بنا.
ودارَت الفتيات الأربع حول الفيلَّا، واخترنَ ركنًا بمؤخرتها، تسلَّقنه في براعة وبدون صوت … وفجأة، اندفع كلبُ حراسة ضخم نحو «ريما»، وهو ينبح بصوت وحشي، ويُوشك على تمزيقها … ولم يكن أمام بقية الفتيات غير إطلاق الرصاص على الكلب، وقتله، لإنقاذ الموقف.
فجأةً، تعالَت صيحاتٌ من الداخل، فأسرعَت الفتيات الأربع تحتمين بمداخل الفيلا … وظهر عددٌ من رجال العصابة. ولكن رصاصات الشياطين، أسقطَتهم جرحى يتلوون من الألم … وساد صمتٌ عميق … وظهر وجهُ «سالي» في حذر، يُطِلُّ من نافذة عالية بالفيلَّا … وأطلقَت «إلهام» رصاصةً نحوها، ولكن «المرأة الجهنمية» اختفَت في الحال. فأشارت «إلهام» إلى زميلاتها، فأسرعن يقتحمن الفيلَّا …
في الداخل، وفي قلب الصالة الواسعة، فاجأهن المشهدُ المثير …
كانت «سالي» واقفةً في قلب المكان، وقد ربطَت حول وسطها حزامًا مليئًا بالقنابل، ولامسَت أصابعُها زرًّا في حزامها. وما إن ظهرَت الفتيات الأربع أمامها، حتى غمغمَت في غضب: لقد تمكنتنَّ من خداعي أيتها الفتيات، وكنتنَّ فريقَين في الوقت الذي كنت أطارد فيه فريقًا واحدًا، ظننت أنَّه الوحيد الذي يسعى خلفي.
قالت «إلهام» ساخرة، وهي تصوِّب مسدسها إليها: لستِ أنتِ الوحيدة التي تفكِّر بطريقة مخادعة … ولقد جئنَ لنجعلكِ تدفعين الثمن.
ريما: والأفضل لكِ أن تستسلمي لنا دون مقاومة.
زمجرَت «سالي» في غضبٍ وحشيٍّ قائلة: فلتحاول أيَّة واحدة منكن إيذائي أو القبض عليَّ، سأقوم بالضغط على زرِّ التفجير بحزامي، فينفجر المكان بأكمله، ونموت جميعًا بداخله.
تبادلَت الفتيات الأربع النظرات في قلق؛ فقد كان هذا آخر ما يتوقَّعنه. وتحرَّكَت «سالي» نحو الباب، وهي تقول: ولكن إذا سمحتنَّ لي بمغادرة هذا المكان، فسوف تنجُنَّ بحياتكن. وسارَت «سالي» تجاه سيارتها … وصرخَت «إلهام» في غضب: إننا لن ندَعَ هذه الشيطانة تهرب بفعلتها.
زبيدة: ولكن ليس من أخلاقنا أن نُطلقَ الرصاص على أعدائنا من الخلف.
فاندفعَت «إلهام» صوبَ «سالي»، التي أوشكَت على ركوب سيارتها … وصرخَت «إلهام» في «المرأة الجهنمية»: قفي مكانك؛ فلن أسمح لكِ بالهرب أبدًا.
لكن «سالي» استدارَت بسرعة، مصوبة مسدسًا إلى قلب «إلهام» … وأطلقَت «سالي» الرصاص على «إلهام» … ولكن «إلهام» قفزَت في اللحظة المناسبة بعيدًا، وقد صوَّبَت رصاصة إلى ذراع غريمتها … وأصابَت ذراع «سالي»، فاندفعَت إلى الخلف نحو سيارتها بعنف، فاصطدم جدارُ السيارة المعدني بحزامها … وفي نفس اللحظة، دوَّى انفجارٌ رهيب، وتحوَّلَت «المرأة الجهنمية» وسيارتها إلى أشلاء متناثرة … ونهضَت «إلهام» من سقطتها. في الوقت الذي تعالَت فيه أصواتُ سيارات الشرطة … فهتفَت «زبيدة»: لنُسرع بمغادرة المكان قبل وصول رجال الشرطة.
غمغمَت «إلهام» في أسًى، قائلة: من المؤسف أننا لم نتمكن من معرفة الجهة التي كانت تختفي خلف «سالي» وعصابة «سادة العالم».
ريما: لا شك أنَّ الشرطة ستُلقي القبض على بقية رجال العصابة المصابين، وسيكشف التحقيق معهم عن الحقيقة.
وأسرعْنَ إلى سيارتهن التي انطلقَت بعيدًا … في الوقت الذي كانت فيه سيارات الشرطة تُحاصر مبنى العصابة من كلِّ اتجاه.
وداخل الفيلَّا الخاصة بالشياطين على شاطئ «مانهاتن»، كانت ثمة برقيةُ تهنئة من رقم «صفر». راحَت «إلهام» تقرؤها في سعادة … وكان مع البرقية أربع تذاكر لمسرحية رائعة تُعرض على مسرح «النجوم الزرقاء» … فغمغمَت «إلهام» ضاحكة: حقًّا … إنَّ رقم «صفر» رجل يعرف كيف ينتقي أفضل الأماكن لقضاء وقت ممتع … فما الدنيا إلا مسرح كبير!