تاريخ اشتراك بطليموس الثاني مع والده بطليموس الأول
وفي تاريخ ٢٥ أو ٢٦ من شهر «دبستروس» (المقدوني) أي حوالي مارس–أبريل من عام ٢٨٥ق.م أشرك «بطليموس سوتر» ابنه معه في عرش ملك مصر وبعد ذلك بنحو عامين مات «بطليموس سوتر» تاركًا لابنه العرش منفردًا.
وهكذا نرى أنه على الرغم مما أوردناه من مناقشات في تاريخ تولي «بطليموس الأول» الحكم وتاريخ وفاته فإن المسألة لا تزال تحتاج إلى وثائق جديدة تُميط اللِّثام بصورة واضحة عن حقيقة الأمر.
ونعود بعد ذلك إلى عهد تولي «بطليموس الأول» عرش ملك أرض الكنانة بوصفه فرعونًا مستقلًّا في ملكه على غرار فراعنة مصر في عهودها القديمة.
والواقع أنه منذ عام ٣٠٤ق.م كان «بطليموس الأول» فرعونًا لمصر ويمثل السلطة الإلهية التي كان يتحلى بها الفراعنة القدامى، ولكن على الرغم من أن «بطليموس» لم يُتوج فعلًا فرعونًا لمصر في عام ٣٠٥ق.م فإنه كان كما ذكرنا قد أفهم الشعب أنه ملك مصر منذ موت «الإسكندر الأكبر» عام ٣٢٣ق.م.
والآن يتساءل المرء: كيف أصبح «بطليموس» فرعونًا شرعيًّا على مصر مع أنه كان لا يجري في عروقه الدم الإلهي بوصفه ابن «رع» أو ابن «آمون»؟ وكل ما نعرفه عنه في بداية حياته أنه وُلد حوالي عام ٣٦٧ق.م في مقدونيا وكان أبوه يُدعى «لاجوس» وأمه تدعى «أرسنوي» وقد نفاه الملك «فليب الثاني» ملك مقدونيا والد «الإسكندر الأكبر» عام ٣٣٧ق.م بسبب ما كان بينه وبين الإسكندر من وُدٍّ وصداقة، ولكن بعد موت «فليب» أسرع «الإسكندر» إلى إعادته إلى البلاط، ولا نعلم إذا كان قد رافق «الإسكندر» في حملته على مصر أو لا، كما لا نعرف إذا كان قد عرف أرض الكنانة قبل أن يعينه المجلس الحربي الذي عقده قواد «الإسكندر» بعد موت الأخير شطربة على مصر، وعلى أية حال فقد رأيناه في خلال حروب «الإسكندر» قد أظهر شجاعة عظيمة ومهارة فائقة كما أبدى مقدرة ممتازة في حكم البلاد المصرية من عام ٣٠٥ حتى عام ٣٢٣ق.م بوصفه شطربة.
والواقع أن ما لدينا من مصادر أصيلة قد أغفلت ذكر تتويج «بطليموس الأول» على الطريقة المصرية، غير أن شواهد الأحوال تدل دلالة واضحة لا لبس فيها ولا إبهام على أنه كان قد تُوج فرعونًا، ولا بد أن نعلم أن بطليموس الأول نفسه كان على علم تام أنْ لا سبيل لحكم البلاد المصرية دون أن يسير على نهج ملوكها القدامى وبخاصة عندما نتأكد أن مصر كانت تلفظ أي فاتح أجنبي لا يدين بدينها ويتعبد لآلهتها، وعلى فإن «بطليموس» لا بد كان قد تُوج في «منف» بمعبد الإله «بتاح» الذي كان يُتوَّج فيه كل ملوك مصر منذ فجر التاريخ، ومن ثم أصبح ملكًا شرعيًّا على أرض الكنانة غير أن بُنُوَّتَهُ لآمون لم تصل إلينا في عهده بل سنرى ذلك في عهد ابنه وخلفه «بطليموس الثاني» الذي جعله في صف الملوك الشرعيين على مصر على غرار «الإسكندر الأكبر».