شكر وتقدير

يبدو أن مارك توين قد عبَّر خير تعبير حين قال: «لم يتسنَّ لديَّ وقت لكتابة رسالة قصيرة؛ لذا، بدلًا من ذلك، كتبت واحدة طويلة.» إنني إذ كُلِّفت بكتابة كتاب قصير جدًّا عن موضوع كبير جدًّا، يمكنني التأكيد أن هذا يستغرق وقتًا. يُضاف إلى ذلك أن التنوع البيولوجي موضوع متنوع للغاية، كما سيعلم القرَّاء خلال الكتاب، حتى إن الكتاب المتوازن، لا سيما إن كان قصيرًا جدًّا، لن يستطيع ذكر كل نوع من الأنواع؛ ولذلك لم أجد مفرًّا من التحيز؛ فأمثلتي تعتمد بدرجة أكبر على الفقاريات، خاصةً الثدييات، ولست نادمًا على ذلك؛ فهي توضح جيدًا مشكلات الحفاظ على التنوع البيولوجي ومبادئه الأساسية، وهو ما يهم. كما أنني أعتمد اعتمادًا لم يأتِ اعتباطًا على أعمال وحدة أبحاث الحفاظ على الحياة البرية في جامعة أكسفورد لأسباب وجيهة، وهي أنني أعرفها خير معرفة بصفتي المدير المؤسس لها، ومهمتها المتمثلة في «تنفيذ حلول عملية لمشكلات الحفاظ على الطبيعة من خلال البحث العلمي الأصلي» تتفق وموضوع هذا الكتاب. حتى الأمثلة التي ذكرتها تستدعي مصادر ومراجع كثيرة جدًّا حتى إنه يستعصي ذكرها؛ وأولئك المتعطِّشون للقصة الكاملة سيجدون المراجع على الرابط www.wildcru.org/VSI_Biodiversity_Conservation.

قبل كل شيء، أُعرب عن امتناني لزوجتي الدكتورة دون برنام — التي لم تترك كلمةً إلا وقرأتها وتحقَّقت منها وتدخَّلت بالتعديل — لرؤيتها المهنية ودعمها الشخصي. أشكر أيضًا شكرًا خاصًّا صديقي وزميلي الدكتور كريستوفر أوكين على كفاءته الدائمة (والفضل في ذلك يعود لبيتر وجيونجيفر كاداس). بالإضافة إلى دون وكريستوفر، راجَع نجما الحفاظ على الطبيعة الساطعان الدكتور دارا هير والدكتورة لورا بيري الكتاب بأكمله مراجعةً مثمرةً، وراجعه كذلك ممثلَا الجيل القادم النجمان الصاعدان، كريشين جوميز وكلير مار، اللذان أكنُّ لهما امتنانًا بلا حدود، إلى جانب جون سامون الذي قرأ أيضًا المخطوط كله باعتباره ممثلًا للقارئ العادي (إذا كان هذا وصفًا مناسبًا لجراح كبير). إلى جانب هؤلاء الزملاء المخلصين، أتقدم بالشكر إلى النقاد المتخصصين الذين تناولوا فصولًا بعينها وهم: الدكتور لوكا كيافيريني، والدكتورة ألين كوتريل، والبروفيسور كريس داي، والدكتور كيم جاكوبسن، والدكتورة كيري كيلشو، والبروفيسور أندرو لوفريدج، والدكتور إيوان ماكدونالد، والدكتور سيلفيو ماركيني، والدكتور أكسل مرنشلاجر، والدكتور كريس نيومان، والدكتور أوجين بينجور، والبروفيسور أليكس تيتلبويم، والدكتور بيتر تيريل، وغيرهم من أعضاء وحدة أبحاث الحفاظ على الحياة البرية الممتازين في أنحاء العالم (والفضل فيما بلغوه جميعًا، وأنا على وجه الخصوص، يعود للدعم الرائع من توم ودافنا كابلان).

إنني مسرور للغاية لأنني تأخرت في تسليم هذا الكتاب سنوات. فلو كنت سلمت الكتاب في موعده، لكنت استبقت الطفرة في تطور تكوين مجال الحفاظ على التنوع البيولوجي التي تغيَّر بعدها شكله العام تمامًا عما كان منذ بضع سنوات (وإن كنت لم أنسَ مساعدة الدكتورة روز شو والدكتورة روث فيبير في الكتاب في مرحلة مبكرة). لكن سعادتي لعدم إنجاز الكتاب والموضوع ما زال في أطواره الأولى لا ينتقص منها إلا اعتذاري عمَّا سببت من إحباط لمسئولة دار نشر جامعة أكسفورد، لاتا مِنون، راعية السلسلة. وإنني ممتن لها امتنانًا خاصًّا لأنها جعلتني أطمئن لأن عصر المحررين الذين يتقنون عملهم لم يولِّ تمامًا.

سيرى القراء في هذه الصفحات لأي درجة كانت المؤثرات السريعة التي تعرَّض لها التنوع البيولوجي والحفاظ عليه جذرية، خلال فترة لا تكاد تبلغ عمرًا مهنيًّا. لقد بدأت حياتي المهنية في بورنيو، وكذلك ابني، إيوان، لكن في الفترة بين جيلي وجيله كان ثلث الغابات قد اختفى. والمهنة التي كانت تَقْنَع فيما مضى بالتعرف على أثر قدم حيوان، أو التحديق بإمعان في عيون حيوانات نوع آخر، أو حتى الاقتراب منه بدرجة كافية لمعرفة ما سيفعله بعد ذلك، ولمعرفة السبب، وصلت الآن لمرحلة مُربِكة حيث التشابك بين تيراجرامات من الكربون، والملوثات العالمية، والجينومات الفيروسية، وقوى السوق، وحقوق الملكية، والجغرافيا السياسية، بتحليلاتها التلوية ونماذجها. وفي هذا الواقع الجديد ما يدعو للبهجة والخوف. لم يكن أحد لِيتخيلَ منذ عشرين عامًا أن يكون الحاضر هكذا؛ لذلك فإنني إذ أكتب هذه الكلمات الآن، وحفيدتي، هانا، قد أتمَّت عامها الأول، لا يسعني سوى أن أتساءل كيف ستبدو الأمور، حين تبلغ من العمر ما يُمكِّنها من قراءة هذا الكتاب. وأيًّا كانت الوجهة التالية لرحلة الحفاظ على التنوع البيولوجي من البحث العملي إلى الجغرافيا السياسية، فإنها مُلحَّة إلى حد خطير.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤