ماذا بعد؟
على مدى جيل أو أكثر، كان الشغل الشاغل لاختصاصيِّي الحفاظ على التنوع البيولوجي هو الصمود، يخوضون المعارك على جميع الجبهات التي تقدمت في الفصول من الرابع إلى التاسع، لوقف، أو على الأقل إبطاء، فقدان التنوع البيولوجي. إذا أردنا وصف جهودهم بطريقة معاصرة سنقول إنها هتاف من ثلاث عبارات على إيقاع الطبول: أوقفوا الخسارة، قللوا التكلفة، أطلِقوا العِنان للقيمة. اليوم صار السياسيون، والمشاريع التجارية، وقطاع عريض من الجمهور على دراية أفضل بأهمية التنوع البيولوجي في إطار الاستدامة. بل إن الحالة الملحة صارت أكثر إلحاحًا، وهناك عهد جديد من الحفاظ على التنوع البيولوجي لديه طموح أكبر، بتدارك التدهور واستعادة المفقود، وهو ما يعني أحيانًا استعادة الموائل. من الأمثلة الملهمة يغورات إيبيرا. الحيوانات اللاحمة الكبيرة محركات حيوية في عمليات بيئية رئيسية؛ لذا فانخفاض أعداد اليغورات الناجم عن فقدان الموائل والصيد في الأرجنتين إلى حوالي ٢٠٠ يغور في خمسة في المائة من نطاقها التاريخي هو أمر مأساوي. اختفى آخر اليغورات من أراضي إيبيرا الرطبة، وهي منطقة محمية في إقليم كوريينتس، في خمسينيات القرن الماضي، جنبًا إلى جنب مع الكثير من فرائسها. بدأ تعاون فذ في التصدي لهذا الانخفاض من خلال زيادة أعداد الفرائس المتبقية — تماسيح الكيمان، والكابيبارا، وأيل المستنقع — واستعادة أنواع محلية منقرضة مثل أيل البامباس، وآكل النمل العملاق، والبقري المطوق، كجزء من برنامج نقل لأنواع متعددة. في الوقت نفسه، طاف الفريق في المجتمع بنشاط للحصول على الدعم من كل قطاع، وعمل على تحويل الاقتصاد المحلي من اقتصاد قائم على استهلاك الموارد إلى اقتصاد قائم على السياحة البيئية. بعد ١٠ سنوات من التحضير، في ٢٠٢١، أطلقوا سراح اثنتين من اليغورات، مع كل واحدة منهما شبلان في عمر أربعة أشهر، مع الاحتفاظ ﺑ ٨ إلى٢٠ فردًا آخرين في قائمة الانتظار لإطلاقهم قريبًا.
الترميم، في علم البيئة، هو التعافي المدعوم بأساس علمي لنظام بيئي تعرض للتدهور، أو التلف، أو التدمير، بالاستناد إلى العلم. تتضمن إعادة التوطين إعادة نوع من الحيوانات أو النباتات إلى موئل كان قد اختفى منه، أو، في حالة التعزيز، زيادة أعداده بعد انخفاضها إلى حد خطير. بالإضافة إلى ذلك، هناك نوعان آخران من نقل الأنواع للحفاظ عليها وهما الاستعمار المُعان والاستبدالات البيئية، وهما مثيران للجدل إذ ينطويان على نقل الأنواع خارج نطاقها الأصلي لتجنب الانقراض أو التعويض عن وظائف بيئية مفقودة. المصطلح المتداول حاليًّا هو «إعادة الحالة البرية»، أي إعادة الأرض المزروعة إلى حالتها الطبيعية السابقة أو إعادتها إلى حالة طبيعية أكثر دون الإيحاء بالعودة إلى ماضٍ معين، في الحالات الأبسط من إعادة الحالة البرية؛ وقد عبَّر عن معناه البديهي خير تعبير العنوان الفرعي لكتاب إيزابيلا تري الملهِم لعام ٢٠١٧: «إعادة الحالة البرية: عودة الطبيعة لمزرعة بريطانية». ابتكر مايكل سوليه وريد نوس مفهوم إعادة الحالة البرية رسميًّا في عام ١٩٩٨ كآلية لحفظ التنوع البيولوجي باستخدام مناطق محمية أساسية كبيرة، والربط بينها، وإعادة توطين أنواع الرئيسية، خصوصًا المفترسات الكبيرة. تعود أهمية المناطق المحمية الكبيرة المترابطة جيدًا في مجال الحفاظ على التنوع البيولوجي إلى نظرية الجغرافيا الأحيائية للجزر (التي تقول بأن الجزر الأصغر والأكثر عزلة لديها أنواع أقل من النباتات والحيوانات)، حيث للمفترسات الكبيرة أهمية خاصة في تحريك متتاليات الغذاء وتحتاج إلى محميات كبيرة ومترابطة. على العكس، إعادة الحالة البرية للمناطق المزروعة من خلال التخلي عنها عمدًا تشكل إعادة «سلبية» للحالة البرية. على نحو متنامٍ، بات المقصود بالأساليب «الإيجابية» عمليات نقل مصممة لإعادة إرساء عملية بيئية مفقودة أو متدهورة؛ في الحالة القصوى يمكن أن يعني هذا أن تأتي وظيفة الأنواع قبل الشكل. تمثل إعادة الحالة البرية تحديًا أمام الممارسين فيما يتعلق بأن يفهموا كيفية تأثير النشاط البشري في الماضي والحاضر والمستقبل على وظائف النظام البيئي، واتخاذ الإجراءات العلاجية المناسبة بأقل قدر ممكن من التدخل الدائم. لأن التطور يحدث على مر الزمن الجيولوجي، فإن السؤال الهام المطروح على المنظرين والممارسين على حد سواء هو: ما الحالة المرجوة التي يجب أن يسعوا لإعادة التنوع البيولوجي إليها؟ لا يمكن لعلم الأحياء ولا المنطق تقديم إجابة صحيحة واحدة. يتعلق السؤال ببناء مستقبل مناسب عن طريق إعادة إرساء عمليات ديناميكية طبيعية، أكثر مما يتعلق بالعودة لماضٍ مفقود.
ما هي الأنواع الحاسمة التي قد يُعاد إدخالها في النظم البيئية المستنزفة؟ كان لديَّ تجربة مؤثرة في البراري الكندية، حيث تعاونتُ مع أكسل مورهينشلاجر في إعادة إدخال الثعالب السريعة — وهي شكل مصغر من الثعلب الأحمر الأشهر منها وتزن كيلوجرامين — وقد اكتَسبَت بصعوبة موطئ قدم رغم معدل الوفيات المرتفع في البداية بسبب ما لاقته من عداء من أنواع من نفس الطائفة وهما القيوط والعقبان الذهبية. توضح عملية إعادة المنك الأوروبي المربى في الأسر إلى جزيرة هيوما الإستونية تقاطعًا بين إعادة الحالة البرية والأنواع الغازية. كانت هيوما مأهولة بالمنك الأمريكي البري، الذي كان يقدم عملية بيئية مماثلة لتلك التي يمكن أن يقدمها المنك الأوروبي الأصلي، فهو من العرسيات المفترسة؛ رغم تقدير اختصاصيِّي الحفاظ على التنوع لهذه العملية، فإنهم يفضلون أن يقدمها النوع الصحيح، أي النوع الأصلي. انتقالًا من إعادة إدخال مفترس صغير إلى إعادة توطين فريسة كبيرة، في عام ٢٠٢٠ نجحت مؤسسة الحفاظ على كارباثيا في إعادة توطين البيسون في جبال فاجاراش في رومانيا، بعد غياب دام أكثر من ٢٠٠ عام. جاء هذا بعد مشاورات عامة دقيقة، والمرور بحظيرة حجر صحي ثم حظيرة كبيرة للتأقلم قبل الإفراج عنه تمامًا. كانت هذه الخطوة الأولى في خطة لإعادة توطين ١٠٠ بيسون إجمالًا في ثلاث مناطق متصلة، لغرس بذرة جماعة سكانية قادرة على البقاء، ومن ثَمَّ إعادة بناء السلسلة الغذائية في الموئل.
بصفتها مفترسات القمة، تلعب الحيوانات اللاحمة الكبيرة أدوارًا حاسمة في النظم البيئية، إلا أن أعدادها قد انخفضت. قد تكون عمليات النقل بمثابة حبل النجاة لاستعادتها. أجرى سيث توماس تحليلًا لما يقرب من ٣٠٠ عملية إعادة توطين للحيوانات تضم ١٨ نوعًا من المفترسات امتدت عبر ٢٢ دولة في خمس قارات، وبينما كان ثلثا الحالات ناجحة، فإن الثلث الآخر لم يكن كذلك: لماذا؟ يبدو أن اختصاصيِّي الحفاظ على التنوع يتعلمون الدرس؛ في حالة آكلات اللحوم المولودة في البرية، ارتفعت نسبة النجاح من ٥٣ في المائة قبل عام ٢٠٠٧ إلى ٧٠ في المائة؛ وفي حالة الحيوانات المولودة في الأسر، فقد تضاعفت نسبة النجاح من ٣٢ في المائة قبل عام ٢٠٠٧ إلى ٦٤ في المائة. لكن اختلفت الأنواع: إذ سارت عمليات إعادة التوطين على ما يرام مع الذئاب ذات العرف، والكوجر، والأصلوت، لكنها لم تنجح مع الأسود الأفريقية، والضباع البنية، والفهود الصيادة، والوشق الإيبيري، والذئاب. بوجه عام، زاد «الإطلاق المرن» (الأقلمة) من فرص النجاح بمقدار ٢٫٥ مرة، وكانت نتائج المنقولين الأصغر سنًّا أفضل من الأكبر سنًّا، والمولودون في البرية أفضل من المولودين في الأسر. لا شك أن عمليات إعادة التوطين ستصبح سهمًا حاسمًا في جعبة إنعاش التنوع البيولوجي، وتوضح مثل هذه الدراسات مدى إتيانها بنتائج طيبة، والأهم، كيفية جعلها تأتي بنتائج أفضل.
كانت الثعالب السريعة وحيوانات البيسون الأوروبي قد اختفت تمامًا من كندا ورومانيا على الترتيب، لكن الوضع كان مختلفًا في حالة ضفدع جبال الأبنين الأصفر البطن، فهو نوع إيطالي مهدد بالانقراض ظل يختفي بسبب الصرف الزراعي للأراضي الرطبة وزاد من مأساته إصابته بفطر الكايتريد. لم تبقَ هذه الضفادع إلا في معاقل متفرقة تضم من ٦ إلى ٢٠ فردًا. ومن ثَمَّ كانت المهمة زيادة أعدادها أو تعزيزها، بينما كانت تواجه شتى المخاطر التي تتشاركها الجماعات الصغيرة المتفرقة. كانت الخطوة الأولى، التي بدأت عام ٢٠١٤، هي الحرص على أن تكون المواقع المرشحة لإطلاقها فيها خالية من فطر الكايتريد، وفي الوقت نفسه تربية مجموعة في الأسر لتُرعى وهي في بيوضها حتى تصير ضفادع صغيرة قوية. أُطلِقَت دفعة أولى من ٦٧ ضفدعًا بين عامَي ٢٠١٤ و٢٠١٧. وقد أدت تربيتها برعاية شديدة إلى تكاثرها بعمر أصغر بنحو سنتين من معاصرتها البرية. بحلول نهاية عام ٢٠١٨، كان النسل المشترك للضفادع التي أُطلقت من الأسر والتي نشأت في البرية قد ضاعف العدد الأصلي.
المحاولة الأخيرة للأنواع المنقرضة في البرية
إعادة تأهيل بريطانيا
حوالي ٢٦ في المائة من أراضي بريطانيا محمية، ما يعادل ضعف النسبة المحمية في الولايات المتحدة. رغم ذلك، فإن هذه المقارنة مُضلِّلة: تشمل المناطق المحمية في أمريكا متنزهات وطنية شهيرة، مثل يلوستون، وهي أقرب بكثير إلى نظام بيئي يعمل بشكل طبيعي، مع هياكل غذائية أكثر اكتمالًا تشمل آكلات اللحوم العليا. تذكيرًا بالتعارض بين المشاركة والتجنيب في الفصل الثالث، تميل الولايات المتحدة إلى تجنيب الأرضي، بينما تتقاسم المناطق المحمية البريطانية الأراضي المجنبة. في الفصل التاسع، شُخِّصَت الزراعة البريطانية بأنها شديدة الاعتماد على الدعم، وهو ما أدى، بالإضافة إلى الإنكار الخاطئ للآثار الخارجية، إلى التشجيع على إلحاق الأضرار المدمرة بالتنوع البيولوجي الذي يجب اعتباره من الآن فصاعدًا رأس مال طبيعيًّا ثمينًا. تكشف هذه الرؤية الواقعية عن أنه ليس من قبيل الخيال الهيبي، وإنما من قبيل الاقتصاد السليم، أن تُرَد بعض الأراضي الزراعية الهامشية لحالة برية، وأن تُراعى ثلاثة مبادئ عند زراعة جميع الأراضي الزراعية: وجوب إنفاق المال العام على السلع العامة، وأن يُعزَّز رأس المال الطبيعي إذ سيرثه الجيل القادم، ويجب السماح بهامش للخطأ، وهو المبدأ الاحترازي. إذا كانت هذه الإرشادات الرفيعة المستوى بشأن استخدام الأراضي تقدم رؤية من على ارتفاع ٤٠٠٠٠ قدم تقول بأن الزراعة يجب أن تتغير عاجلًا على نحو يفيد التنوع البيولوجي (وكلًّا من المناخ والاقتصاد)، فكيف يمكن أن يبدو ذلك على مستوى الأرض؟
بما أن اختصاصيِّي الحفاظ على التنوع البريطانيين كانوا في طليعة الداعين إلى الحفاظ على التنوع البيولوجي حول العالم وتنفيذه، فإنه من الأنسب أن تتبنى بريطانيا بحماس إعادة الحالة البرية إلى أراضيها، بناءً على مبدأ: «افعل ما تعظ الناس به». غير أنه لم يتبقَّ في بريطانيا مناطق برية طبيعية، وحتى الريف البريطاني البالغ الروعة هو من صنع الإنسان. شكل الريف الذي يريده البريطانيون يتحكم فيه خيار المستهلك. قد يكون من دواعي التحرر لدى البريطانيين ألا يكونوا مقيدين بإنشاء الريف المتنوع بيولوجيًّا الذي يريدونه، لكن هذه الفرصة تثير الأسئلة العسيرة المترابطة عن السبيل لإدارة الأجزاء المشتركة من الأرض، وأي فترة من الماضي ستحدد سيناريو لأفضل مستقبل، هذا في حالة الأجزاء المخصصة للحماية من الأرض؟
آخر مرة كان الريف البريطاني غير متأثر بالناس، وكان به مجموعة كاملة من الحيوانات الكبيرة، كانت خلال الفترة بين الجليدية الأخيرة، حيث يُحتمل أن يكون قد ساد آنذاك فسيفساء مختلطة من التجمعات النباتية المفتوحة والمغلقة. بعد ذلك، خلال أوائل عصر الهولوسين، قبل ١٢٠٠٠ سنة، كانت بريطانيا الطبيعية غابة مغلقة في المقام الأول. لكن مع بزوغ فجر الزراعة، انتقل التوازن مرة أخرى إلى مزيج من مراعي الأشجار المفتوحة والموائل المغلقة، حيث أُزيلت الغابات للزراعة وتربية الماشية بتوسع أكبر. بعد الثورة الصناعية، والدمار الذي أحدثته «المعجزة» الزراعية فيما بعد الحرب، صار ٧٥ في المائة من بريطانيا الآن مزروعًا (تشكل الأنواع الموجودة في الغابات ٤٠ في المائة من الأنواع التي فُقدَت منذ عام ١٨٠٠). أصبح التقدير التكنولوجي لعلم بيئة الترميم متقدمًا، فهو على سبيل المثال تحت رعاية مجموعة الخبراء المتخصصين في نقل الأنواع للحفاظ عليها التابعة للجنة بقاء الأنواع التابعة للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة. تتوقع الجمعية الخيرية لإعادة الحالة البرية لبريطانيا أن تعود الحياة البرية ﻟ ١٢٠ ألف هكتار في المستقبل القريب.
السؤال بشأن الرؤية المستقبلية الواجب استلهامها من الماضي هو السؤال الذي واجهته إقطاعية نيب كاسل البالغ مساحتها ١٤٠٠ هكتار في غرب ساسكس، التي كانت تخسر المال عندما تزرع بالطريقة التقليدية، على الرغم من الدعم الكبير من السياسة الزراعية المشتركة. وبالتالي، فإن كلًّا من الجانب المالي والأخلاقيات البيئية دفعت أصحابها، في عام ٢٠٠١، لتحويلها إلى أكبر مشروع لإعادة الحالة البرية للأراضي المنخفضة في المملكة المتحدة. وقد استمدوا إجابتهم على ما يجب أن يبدو عليه المستقبل من فسيفساء عصر الهولوسين؛ حيث تتجول الخيول والأبقار والخنازير في الأراضي بحرية، كبدائل في حقيقة الأمر للحيوانات الكبيرة التي كانت موجودة قبل ٥٠٠٠ سنة: التربان، والأوروخس، والخنزير البري. كان اليحمور الأوروبي موجودًا بالفعل في نيب أما الأيل الأحمر والأيل الآدم فقد أعيد توطينهما. كل نوع، من خلال تقنياته المختلفة في أكل الحشائش والاقتيات على النباتات المرتفعة، والتنقيب عن الطعام في الأرض، يحفز النباتات بطرق مختلفة، مما يكوِّن فسيفساء متحولة من الموائل، وهو تعقيد لا يمكن لنوع واحد من حيوانات الرعي أن يُحدِثه بمفرده. لم تصبح الإقطاعية مصدر أرباح فحسب، تقدم مزيجًا من الغذاء، والتعليم، والسياحة البيئية، لكنها أصبحت بالفعل موقعًا مهمًّا على الصعيد الوطني لتكاثر العندليب، وطائر القمري، وفراشة الإمبراطور الأرجوانية.
تعطينا نيب مثالًا على إعادة الحالة البرية لنظام بيئي على نطاق مزرعة (كبير)، لكن ماذا عن إعادة تجميع العناصر المفقودة من التنوع البيولوجي البريطاني مثل مكعبات لعبة الليجو؟ بين الفرص العديدة، لنتأمل الجدجد الحقلي الذي واجه الانقراض في المملكة المتحدة عام ١٩٩١. أطلقت منظمة الطبيعة الإنجليزية برنامجًا لاستعادة الأنواع يجمع بين إدارة الموئل حيث نجت الجداجد ببرنامج تكاثر خارج الموئل وبروتوكول فحص صحي في الجمعية الحيوانية في لندن. أُخذَت اليرقات من البرية، وبين عامَي ١٩٩٢ و٢٠٠٧ عاش أحفادها في برنامج تكاثر أنتج أكثر من ١٧٠٠٠ يرقة في الطور الأخير من النمو لإعادة توطينها في سبعة مواقع في النطاق السابق للجدجد: ظلت أربعة باقية حتى بعد ذلك بثمانية أجيال في عام ٢٠٠٧. في عام ٢٠١٠ ظلت مجموعة ثانية من المواقع، يتلقى كل موقع منها ستة ذكور وست إناث من اليرقات في الطور الأخير من النمو كل أبريل لمدة ثلاث سنوات، وهي اليوم مزدهرة.
كانت ثلاث عمليات بيئية معتمدة على التنوع البيولوجي غائبة بشكل واضح عن بريطانيا في القرن العشرين: النبش في الأرض (لتجريد بقع من الأرض لنمو نباتات جديدة)، وبناء السدود (لإنشاء مساحة مناسبة لأنواع أخرى)، والافتراس من قِبَل الحيوانات اللاحمة الكبيرة (للحد من الرعي الجائر من قِبَل الفرائس المتوفرة توفرًا زائدًا). يمكن توفير هذه الخدمات، على الترتيب، عن طريق الخنازير البرية، والقنادس، والذئاب أو الوشق.
استعادة تقليب التربة من خلال إعادة توطين الخنزير البري
استعادة ديناميات مجاري الأنهار وضفافها بإعادة توطين القنادس
القنادس أيضًا مهندسون للنظام البيئي يعملون عن طريق قطع الأشجار وبناء السدود والبيوت على إنشاء البحيرات، والأراضي الرطبة، وغيرها من الموائل من صنعها من أجل تنوع رائع، متعاقب من الأنواع الأخرى. بصفتها نوعًا أساسيًّا، فإنها توسع الممرات النهرية، وتضيف تعقيدًا جيومورفولوجيًّا، وتنوعًا بيولوجيًّا، وإنتاجية. ترتشح الرواسب من الماء الذي يتسرب من خلال السدود، مما يكون الأراضي الرطبة ضمن فسيفساء من المناظر الطبيعية التي تبدو، في عيون بعض الناظرين، جميلة. فُقدَت كل هذه الأشياء الحسنة عندما أفاد جيرالدوس كامبرينسيس عام ١١٩١ بأن تايفي كان النهر الوحيد في ويلز أو إنجلترا الذي ما زال به قنادس (مات القندس الاسكتلندي الأخير قبل ٤٠٠ عام).
بتشجيع من توجيهات الاتحاد الأوروبي بخصوص الموائل (تنص المادة ٢٢ على أن تستعيد الدول الأعضاء الأنواع التي فُقدت في العصور التاريخية، على أن يكون سبب انقراضها قد زال؛ وتدعمها أيضًا المادة ١١ من اتفاقية برن)، بدأ الحماس لإعادة توطين القنادس يتوهج. في عام ١٩٩٥، نشرتُ مقالًا بعنوان: «إعادة توطين القندس الأوروبي في بريطانيا: هل هو بدافع الحنين للماضي أم لاستعادة التنوع البيولوجي؟» اعتمدت الإجابة بشكل كبير على حقيقة أن القنادس تقدم الفئات الثلاث جميعها من خدمات النظام البيئي: (أ) الخدمات التنظيمية: تحسين نوعية المياه، والوقاية من الفيضانات، وتنظيم تدفق المياه، ورفع منسوب المياه الجوفية، والحفاظ على المياه؛ (ب) وخدمات الدعم: إنشاء موائل رطبة وصيانتها مع فوائد للتنوع الحيوي، بما في ذلك بعض أنواع الأسماك الهامة اقتصاديًّا عن طريق رفع درجة حرارة المياه؛ (ج) والخدمات الثقافية، مثل السياحة والجماليات. من عساه يختار التنازل عن هذه الفوائد؟ الكثير من الناس، وخاصةً أولئك الذين على دراية بالأضرار التي تسببها القنادس الأمريكية. برك القنادس التي تبدو جميلة ووافرة لبعض العيون هي، عند آخرين، أماكن لتكاثر البعوض وطفيلي الجياردية، وبعض صيادي السلمون البريطانيين المخالفين لا يقتنعون بنظرائهم النرويجيين، الذين يدركون عمومًا أن برك القنادس تهيئ للسلمون الصغير (والكثير من الأسماك الأخرى) بداية مثالية في الحياة، فقد تطوروا معًا، على كل حال. لا توجد كلمات مديح لخدمات النظام البيئي التي تقدمها العمليات الهندسية للقنادس أكثر سحرًا من كتاب بِن ماكدونالد «أحجار الزاوية»؛ إنها خدمات مفيدة جدًّا لدرجة أن السلطات الحكومية في أوهايو عام ١٩٤٨ أنزلت القنادس جوًّا بالمظلات في زوايا نائية من ولايتهم الجافة لإعادة الرطوبة للأراضي.
في اسكتلندا، بعد إطلاق القنادس في تجربة مدروسة جيدًّا بموجب ترخيص حكومي عام ٢٠٠٩، جماعة منها مستقرة في غابة نابديل، كما هو الحال مع جماعة أخرى استقرت بعد إطلاقها سرًّا في حوضَي نهرَي فورث وتاي. يبلغ عددها الآن حوالي ١٠٠٠ وقد صارت من الأنواع الأوروبية المحمية (وهو ما صُدِّقَ عليه في اسكتلندا في مايو ٢٠١٩). بشكل كاشف، كان الصراع بين الإنسان والحياة البرية والاستياء في الأماكن التي أُعيد توطين القنادس فيها سرًّا أكثر من الأماكن التي جرى فيها ذلك خلال المشاورات الدقيقة في نابديل، وهو أمر ذو دلالة.
أولئك المنزعجون بكوابيس مالتوسية عن زيادة الأعداد وخروجها عن السيطرة ربما يطمئنهم أن جيلًا سابقًا من البريطانيين الأقل تعليمًا سواء تقنيًّا أو بيولوجيًّا استطاع، بسهولة على ما يبدو، أن يفرط في صيد كل من الخنازير البرية والقنادس حتى دفعها للانقراض. يشير هذا إلى أن كليهما يمكن تقليص أعدادهما حتى يصلا إلى حد مقبول، إذا كان المجتمع راضيًا عن قتلهما — بل حصادهما — وتوصل لرأي حول ماهية الأعداد المقبولة.
استعادة المفترسات: الذئب، الوشق؟
كانت الذئاب في يوم من الأيام أوسع الثدييات البرية غير المتعايشة انتشارًا. غير أن أعدادها في الولايات المتحدة انخفضت من ملايين في العصور الاستعمارية إلى ما يقرب من الصفر، جنبًا إلى جنب مع الحمام الزاجل والجاموس. وهي بصدد العودة للتكاثر في أوروبا، إذ يوجد الآن حوالي ١٢٠٠٠ فرد في أنحاء القارة الأوروبية، وقد شوهدت مؤخرًا لأول مرة منذ أكثر من قرن في بلجيكا، ولوكسمبورج، وهولندا، والدنمارك. ظلت فكرة إعادة توطين الذئاب في اسكتلندا تثير حماس اختصاصيِّي الحفاظ على التنوع البريطانيين لعقود. يؤجج هذا النقاش إعادةُ توطينها في متنزه يلوستون الوطني في مونتانا حيث انخفضت أعداد الأيائل الحمراء سريعًا، وأدى تغير المنظر لينطوي على الخوف إلى تحفيز سلاسل غذائية من المرجح (فهو أمر محل جدل) أن يكون أدى إلى زيادة الغابات النهرية، جنبًا إلى جنب مع أعداد القنادس، واستقرار المجاري المائية، وتقليل التآكل، وزيادة التنوع البيولوجي. في اسكتلندا، حيث يمنع الرعي الجائر للأغنام أو الأيائل الحمراء تجدد النظام البيئي لغابة كاليدونيا، قد يقلل إدخال الذئاب من أعداد الأيائل الحمراء الوفيرة إلى النصف، لكنه غير مطروح سياسيًّا حتى لو أدت إعادة هيكلة الدعم إلى تقليل أعداد الأغنام وحولت رعاة التلال نحو مستقبل يكونون فيه رعاة مهرة للبيئة. الأنسب عمليًّا، على الرغم من العقبات التشريعية الهائلة، هو إقامة متنزه ممتد مسيج للذئاب — شبيه عمومًا بمتنزه كروجر الوطني — ربما يكون حول إقطاعية ألاديل الشهيرة في ساذرلاند حيث يمكن أن تتوفر فرصة للتنوع الحيوي، والسياحة، والتوظيف (فقد ارتبطت إعادة توطين الذئاب في يلوستون بزيادة بقيمة ٣٥٫٥ مليون دولار أمريكي في الإنفاق من الزوار). يمكن أن يكون هذا موازيًا، من الناحية التقنية، لإدارة شبه مستقرة من الكلاب البرية الأفريقية في المحميات المسيجة في جنوب أفريقيا. تشير محاكاة التجربة إلى أن محمية بمساحة ٦٠٠ كيلومتر مربع قد تكون كافية، حيث قد يتنوع أسلوب الإدارة داخلها من عدم التدخل (حد أقصى ١٠٤ ذئاب/١٠٠٠ كيلومتر مربع، تقلل من أعداد الأيائل إلى حوالي ٤/كيلومتر مربع، مما يؤدي إلى انهيار في أعداد الذئاب وانقراضها، لكنه يتأجل بالتحول إلى أيائل السيكا واليحمور الأوروبي، والخنازير البرية، والقنادس حسب المتاح)، إلى الاقتصار على قطيع واحد فقط/٢٠٠ كيلومتر مربع (بحد أقصى ٤٨ ذئبًا في المتوسط/١٠٠٠ كيلومتر مربع، وهو ما سيثير ضغوطًا اجتماعية أقل بين الذئاب التي ستكون لها تأثير ضئيل على الأيائل التي سترتفع إلى أكثر من ٢٠/كيلومتر مربع). باختصار، قد يبدو هذا المتنزه كأنه جزء من الطبيعة البرية، وقد يبعث عواء الذئاب على البهجة، لكن حتى أكبر محمية مسيجة يمكن تخيلها ستتطلب إدارة مكثفة مع عواقب عسيرة من ناحية العمل والأخلاق.
ماذا عن الوشق؟ رغم أنه يبدو أقل إثارة للجدل من الذئاب، وأعيد توطينه بنجاح في سويسرا، فإن الهمسات بشأن إعادة توطين الوشق في اسكتلندا تُستقبَل بمعارضة شديدة بين أولئك الذين يخشون على الزراعة والحفاظ على أنواع أصلية مهددة بالانقراض مثل ديك الخلنج والقط الوحشي. يبتهج البعض الآخر لاحتمال استعادة أحد الأنواع الجذابة ومعه عمليات بيئية مفقودة. يدعي الطرفان في جدالاتهما المنقسمة والحادة في الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي، أن لديه دعم عامة الناس، لكن من دون أدلة. لتقديم تلك الأدلة، قاد اختصاصي الحفاظ على التنوع البيولوجي، دارا هير، فريقًا متعدد القطاعات لكشف مواقف العامة، ومعتقداتهم، وسياستهم المفضلة بشأن إعادة توطين الوشق بين عينة مقسمة طبقات من أكثر من ١٠٠٠ شخص يعيشون في اسكتلندا. الأغلبية، سواء كانوا من المناطق الحضرية أو الريفية، كانوا مؤيدين باعتدال للفكرة، وإن كانوا قلقين بخصوص المشاكل المتعلقة بمربي الماشية. هذا الجدل، الذي اندفع إلى الساحة السياسية، يذكرنا بأن الحفاظ على التنوع البيولوجي يشمل طيفًا يتراوح من المسائل الواقعية (ما يؤثر على حياة الكائنات الفردية، والناس) إلى الجغرافيا السياسية (مصالح الأمم التي تكاد تكون دائمًا جغرافية المرجعية). أنا شخصيًّا، أتوقع أعظم فرص لمستقبل التنوع البيولوجي في قطبَي ذلك الطيف، بما فيهما من واقعية ومعرفة على الترتيب.
تجاوز الحدود نحو الجغرافيا السياسية والمستقبل
في الاستخدام اليومي، تختص الجغرافيا السياسية بمجال السياسة، وخاصةً العلاقات الدولية، كما أنها تتأثر بالجغرافيا (وبالتبعية بالاقتصاد والديموغرافيا)، وغالبًا ما تشتمل على مصالح متعارضة. عند التأمل للحظة نكتشف أنها تشكل الخلفية لأغلب مواضيع هذا الكتاب وتتخلله، ولهذا السبب قلت إن المجال الجديد للجغرافيا السياسية للحفاظ على التنوع البيولوجي يشمل تقريبًا كل جانب من جوانب الحفاظ على التنوع البيولوجي خارج علم الأحياء. أُقيم أول مؤتمر دولي مخصص للجغرافيا السياسية للحفاظ على التنوع البيولوجي في أكسفورد عام ٢٠١٩، تحت شعار «النهوض بالحوار عبر التخصصات» وتناول الروابط الجغرافية بين نتائج الحفاظ على التنوع والترتيبات السياسية والاجتماعية والاقتصادية داخل البلدان، والعلاقات بينها. تسعى الجغرافيا السياسية للحفاظ على التنوع البيولوجي إلى فهم كيف تؤثر ممارسات الجغرافيا السياسية ونظرياتها على الحفاظ على الحياة البرية وتُوجِّهه. وهي تشير إلى أن الحفاظ على التنوع البيولوجي بحاجة إلى فهم أفضل لآثار التباين السياسي والاقتصادي على المستوى الوطني على التنوع البيولوجي، وكيف يمكن أن يشكل هذا الممارسات الجغرافية السياسية المتعلقة بالأمن البيئي؛ وكيف يمكن أن تحسن الوسائل الجغرافية السياسية (الدبلوماسية، وعقد المعاهدات) من نتائج الحفاظ على التنوع البيولوجي؛ وكيف تُقسم الأراضي، وتُؤمَّن الحدود، وتُدار حركات الناس والحياة البرية؛ وكيف تُقيَّم فعالية استراتيجيات الحفاظ على التنوع ضمن الواقع الجغرافي السياسي القائم وكيف يمكن أن يتغير هذا.
تعتبِر رباعية الحفاظ على التنوع البيولوجي مشاركةَ المجتمعات المحلية في الحفاظ على التنوع البيولوجي أمرًا حاسمًا لنجاحها، مع شمولية (بما في ذلك الديمقراطية التشاورية) هي نقيض الاستعمار الجديد في الحفاظ على التنوع البيولوجي (حيث يهيمن على القرارات داخل المنطقة نفوذ مهيمن من خارجها دون وجه حق). تجلت أهمية مراعاة وجهات النظر المختلفة في مؤتمر حضرته في يونيو ٢٠١٩ في كيجالي، قمة اقتصاد الحياة البرية، لاستهلال «رؤية تتزعمها أفريقيا للحفاظ على التنوع البيولوجي». وهناك عَلِمَ حضور تضمنوا ١٤ وزيرًا لدول ورئيسَين، هما رئيس بوتسوانا، موكجويتسي ماسيسي، ورئيس زيمبابوي، إمرسون منانجاجوا، أن الإنفاق الاستهلاكي على السياحة (المعتمدة على الحياة البرية إلى حد كبير) في أفريقيا البالغ ١٢٤ مليار دولار في عام ٢٠١٥ من المقرر أن يتضاعف. ألقى الرئيس منانجاجوا خطابًا حماسيًّا عبَّر عن المشاعر وأفصح عن الأولويات المحلية؛ إما أن تسدد الحياة البرية نفقات مستقبلها في أفريقيا أو سيكون قدرها أن تزول.
حين تكون الآراء آتية من دوائر مغلقة لأشخاص مشترِكين في التصورات من الممكن أن تعطي انطباعًا خادعًا بالإجماع. في أعقاب حادثة الأسد سيسل، كانت وسائل الإعلام الغربية واختصاصيُّو الحفاظ على التنوع مهتمين بالانقسامات في الآراء حول فوائد إعطاء الأسود قيمة الأصول مقابل النفور الأخلاقي من صيد الحيوانات لاستخدامها تذكارات. في المقابل، كشفت منصات وسائل التواصل الاجتماعي التي أغلب متابعيها من الأفارقة أن بعض المواطنين في البلدان التي يحدث فيها صيد الأسود على الأقل تشغلهم أمور مختلفة. فهذا الجمهور الأفريقي لا يرفض صيد الحيوانات لاستخدام أجزاء منها تذكارات من منظور الرفق بالحيوان، لكن نتيجة لارتباطاته التاريخية وما بعد الاستعمارية المعقدة التي فُسِّرَت على أنها إيحاء باحترام الأسود أكثر من الأفريقيين، وهو عكس الغرض المقصود من السياحة باعتبارها وسيلة لتيسير التفاهم بين الثقافات والسلام.
في كل هذه التحديات والآمال، من المهم أن نفهم أنفسنا. البشر، مثل جميع الحيوانات، لديهم قدرات وحدود يشكلها الانتقاء الطبيعي. يمكن تطبيق المعرفة بهذه القدرات والحدود، جنبًا إلى جنب مع المعرفة بكيفية تشكيل الثدييات، بما فيها البشر، لمجتمعات وكيفية تعاونها، تطبيقًا مثمرًا على تحدي الحفاظ على التنوع البيولوجي (وبقية المشروع البشري). إن التوفيق بين الجهود المبذولة وبذرة الطبيعة بدلًا من العمل ضدها قد يثمر نتائج طيبة. وإنني أسمي هذا النوع من التفكير الحوكمة الطبيعية وهي تقوم على ثلاث ركائز حاسمة: (١) علم البيئة (التوازن الديناميكي بين الكائنات الحية وبيئتها)؛ (٢) والتعاون (التأقلم على العمل الجماعي حتى عندما تترتب على ذلك خسائر قصيرة الأجل تتعارض والمصلحة الشخصية)؛ (٣) والنظم الثقافية (كيف يتجلى هذا التأقلم ويتباين عبر المجتمعات). يظن البعض أن أفعال البشر، والمجتمع، تنبع بصورة بحتة من تأثيرات تشكلها السياسة أو المجتمع. لا يشير المنظور البيولوجي إلى أن هذه التأثيرات غير مهمة، لكنه يؤكد أن الناس لا يمكن فهمهم فهمًا صحيحًا خارج سياق التطور، ولا يمكنهم تقديم مستقبل للتنوع البيولوجي دون فَهْم عملياته وتقدير وحدتهم مع الطبيعة.