ما هو الغرض من الحفاظ على التنوع البيولوجي؟
لأنه تخصصٌ عملي، فإن السؤال «ما هو الغرض من الحفاظ على التنوع البيولوجي؟» متداخل مع السؤال التطبيقي «ما الذي يفعله اختصاصيو الحفاظ على التنوع البيولوجي؟» من الممكن أن يكون الجواب السريع هو توثيق وفهم ومعالجة فقدان التنوع البيولوجي الذي ورد وصفه في الفصل الثاني. وإذا تعمقنا أكثر فسنجد أن ألدو ليوبولد كان يظن في عام ١٩٤٩ أن الغرض هو «الحفاظ على سلامة المجتمع الحيوي واستقراره وجماله». وأورد تشارلز إلتون، الذي تعده الغالبية العظمى من الناس مؤسس علم البيئة، في كتابه الصادر عام ١٩٥٨ «علم بيئة الغزو لدى الحيوانات والنباتات» أن الحفاظ على التنوع البيولوجي مهم: (١) لتعزيز الاستقرار البيئي؛ و(٢) لتوفير معيشة أغنى؛ و(٣) لأنها العلاقة الصحيحة بين البشر وسائر الكائنات الحية. ويمضي بنقاطه من العلم إلى الأخلاق ويتوسع في النقطة الثالثة، قائلًا: «… ملايين من الناس في العالم يرون أن الحيوانات لها حق في الوجود وأن نتركها لشأنها، أو أنه ينبغي على الأقل ألا نجور عليها فتنقرض أنواعها.»
في كتابه المرجعي الصادر عام ٢٠٢٢، «الحفاظ الفعال على البيئة»، يقول إجناسيو هيمينيز ملخصًا الأمر: «مهمتنا هي الحفاظ على النظم البيئية الطبيعية و/أو استعادتها مع معظم مكوناتها الأصلية، ومن ثَمَّ تحصيل أقصى فوائد للمجتمع والحصول على دعمه.» وبإيجاز بليغ يقدم الكتاب المرجعي لهامبلر وكاني لعام ٢٠١٣ «الحفاظ على التنوع البيولوجي على أنه حماية الحياة البرية من الأذى الذي لا يمكن إصلاحه».
في الماضي، ناقش اختصاصيو الحفاظ على التنوع البيولوجي ما إذا كان ينبغي أن يركزوا على أنواع معينة، عمومًا تلك التي في محنة، أم على الموائل التي توفر العيش لتلك الأنواع، المهدَّدة أو غير ذلك. يطمح كلا التوجُّهين إلى الفاعلية، بقدر ما سيكون النوع المحمي مظلة، بل وسفيرًا، لأنواع أخرى، بينما يوفر الموئل المحمي العيش لمجتمع كامل. مؤخرًا، توجه بعض اختصاصيِّي الحفاظ على التنوع البيولوجي، بدلًا من ذلك، نحو الحفاظ على العمليات البيئية، مثل التأثيرات التنازلية لعملية الافتراس، حيث يطمحون في حالة متطرفة من محاولات استعادة الحياة البرية إلى إعادة تكوين عمليات تعطلت ولو بإدخال كائنات مختلفة تمامًا، ولكنها مشابهة.
في عام ٢٠٠١، تعمَّد توني ويتن أن يضع لبحثه عنوان «علم الحفاظ على التنوع البيولوجي: سلوك تشتيتي في الوسط الأكاديمي؟» من المغري، عند النظر في الغرض، أن يتحول الانتباه نحو سؤال ماذا يفعل اختصاصيو الحفاظ على التنوع البيولوجي، وفعلًا قد يكون هناك دلائل على أغراض اختصاصيي الحفاظ على التنوع البيولوجي ودوافعهم الأساسية من خلال الفحص الدقيق لتصرفاتهم. أحيانًا تُذكِّرنا الإجابة بأعمال البستنة، مثل جهودهم للحفاظ على الموائل لأنواع مثل الفراشة اللؤلؤية الصغيرة أو طائر الصفرد اللذين لم يعودا متناسبَين تمامًا مع استخدامات البشر الحديثة للأراضي، بحيث صارا نوعًا ما مثل المحركات البخارية. وأحيانًا يبدو عملهم أشبه بأعمال الإصلاح، بتصحيح أخطاء جيل سابق مستخدمين القسوة، وإن كان بقلب مثقل، مثل قتل حيوان المنك الأمريكي الذي استطاع التكيف مع البيئة لكنه كان غازيًا ويضر الأنواع الأصلية في منطقة ما. أحيانًا يأخذ الحفاظ على التنوع البيولوجي شكل نوع من أنواع تخطيط المجتمع حيث يسعى إلى الحفاظ على توازن معين بين المفترسات والفرائس أو المتنافسين. أو يكون مثل قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، فيتوسط للتوفيق بين الناس والحياة البرية حينما يكونان في نزاع. أو يكون، على نطاق أكبر بكثير، هو تنسيق استخدامات الأراضي على سبيل المثال بهدف الحفاظ على المناطق المحمية في حالة جيدة، للحفاظ على وظائف النظام البيئي ومن ثَمَّ خدماته، أو من ناحية أخرى تتعدى الأحياء، لفهم وتوجيه الميزانيات الوطنية والجيوسياسية التي تحدد مثل هذه الأنشطة. هذه الأنشطة والتدخلات هي العمل الجدير بالاحترام لخبراء مهرة يستخدمون وسائل نظيرة للمباضع، والعقاقير الوقائية، والمضادات الحيوية، وقد يكون أكثر ما يستخدمونه وسائل تشبه مسكنات الرعاية التلطيفية الموجودة في حقيبة الطبيب. بالمثل، هذا ما يفعله الأطباء، لكنه ليس الغرض من الأطباء. لمعرفة الغرض، يجب أن نتوجه إلى قسَم أبقراط أو، في حالة المحامين، إلى إلهة العدالة التي تزن الأدلة وهي معصوبة العينَين. في الفصول اللاحقة، سأصف المشكلات العملية التي تواجه التنوع البيولوجي، والأدوات المستخدمة لعلاجها، ولكنني سأسأل أولًا: ما هي المبادئ العليا التي يسترشد بها اختصاصيو الحفاظ على التنوع البيولوجي في أعمالهم في خط موازٍ لتلك المبادئ السامية للطب والقانون؟
المدهش أن هذا السؤال لم يُناقش كثيرًا بين علماء الحفاظ على التنوع البيولوجي، لكن من العدل القول بأن هناك دائرتَي تركيز: الأولى متجذرة في أعماق التاريخ، والثانية معاصرة للغاية. أقر مايكل سوليه في مقاله التأسيسي عام ١٩٨٥ للحفاظ على البيئة قواعد وظيفية (مثال عليها مجموعة من المبادئ الأساسية، المستمدة من علم البيئة، والجغرافيا البيولوجية، وعلم وراثة السكان) وكذلك معيارية (مثل أن التنوع البيولوجي له قيمة ذاتية، بغض النظر عن قيمته العملية أو المنفعية). بعدها ﺑ ٢٥ عامًا، قدم بيتر كاريفا وميشيل مارفيير، ببراجمتية شديدة، الحفاظ على التنوع البيولوجي في صورته الحديثة الناشئة متمحورًا حول الإنسان؛ فلكي يكون الحفاظ على التنوع البيولوجي قابلًا للتنفيذ ويمكن الدفاع عنه، يجب أن يقدم فوائد للناس. وجملتهما الختامية «إننا باختصار ندعو إلى الحفاظ على التنوع البيولوجي لأجل الناس بدلًا من الحفاظ عليه من الناس» كانت شديدة اللهجة حتى إنها لفتت الأنظار. ربما كانت هذه الصرامة هي السبب في الانقسام الناشئ بين نوعين من اختصاصيِّي الحفاظ على التنوع البيولوجي؛ العلماء الجدد للحفاظ على التنوع البيولوجي المتمحور حول الإنسان، وأنصار الطبيعة الكلاسيكيين. ويتداخل مع هذه النقاشات، التي لا تزال نادرة بما يثير الدهشة، التناقض بين اختصاصيِّي الحفاظ على التنوع البيولوجي الذين، وهم ينظرون إلى نفس البيئة الطبيعية، إما يسعون إلى «الاستغلال لأقصى درجة دون الإخلال بالقدرة المستقبلية على الاستغلال لأقصى درجة» أو «الاستغلال بأقل قدر ممكن للحفاظ على حياة بناءة»، كما أوضح بدقة كلٌّ من جون فيوسيتيتش ومايكل نيلسون في عام ٢٠١٠. سيتبين أن إشارة سوليه الأصلية إلى القيمة الجوهرية للتنوع البيولوجي تحدد أين يقف كل فرد من الاختصاصيين على هذا الطيف.
لم يتغير الهدف من الحفاظ على التنوع البيولوجي فحسب، بل تغير أيضًا نطاقه واختصاصه. في عام ٢٠٠٧، اعتنى ماكدونالد وكولينز ورانجام بتوثيق رحلة الحفاظ على التنوع البيولوجي بين المباحث المختلفة: «لم يعد من الممكن حل مشكلات البيئة بالجبر التقليدي الذي يحل كل مشكلة بمعزل عن الأخرى؛ وإنما يجب التصدي للمشكلات كمجموعة تُعالَج جملةً. يتطلب تطبيق الحفاظ على التنوع البيولوجي على النحو الصحيح تصميم حلول عملية لأعقد المعادلات الآنية على الإطلاق!»
يتجلى هذا التحول المحوري في المنظور في تاريخ الوكالة الحكومية للحفاظ على التنوع البيولوجي في إنجلترا. في عام ١٩٤٧، أُنشئت منظمة الحفاظ على الطبيعة في إنجلترا، بموجب القرار ٧١٢٢ الصادر عن وزارة تخطيط المدن والريف آنذاك. في عام ٢٠٠٥، بعد عدة كيانات، أُنشئت هيئة إنجلترا الطبيعية لتحقيق دور منظمة الحفاظ على الطبيعة السابقة بصفتها الهيئة الرسمية للحفاظ على الطبيعة في إنجلترا. في عام ١٩٤٧، في عصر كان فيه الحفاظ على التنوع البيولوجي حكرًا على علماء التاريخ الطبيعي المتحمسين الذين كانوا يفكرون بالأساليب التي يُشار إليها الآن ﺑ «حماية البيئة ببناء الحصون»، خُصصت للمناطق المحمية خمس وظائف؛ كانت الأخيرة منها، وأوجزها ذكرًا، هي كونها «مصدرًا للرفاهة» (أي ما يتعلق بفوائدها للناس مقابل حماية الطبيعة، من الناس غالبًا). في عام ٢٠٠٥، عند إطلاق هيئة إنجلترا الطبيعية، كان الشعار الذي ساهمتُ في صياغته هو «للناس، والأماكن، والطبيعة»؛ أُدرِج الناس بوضوح باعتبارهم أول هؤلاء المستفيدين. (ويستمر الأمر مع خريطة طريق لتحقيق الأهداف «تضع الناس في محور عملنا»، في بيان للاتجاه الاستراتيجي مليء بكلمات مثل «منح فرصة»، و«تمكين»، و«مشاركة»، و«تحقيق»، و«انخراط».) ومن المثير للاهتمام في سياق البحث عن الغرض من الحفاظ على التنوع البيولوجي، أن إنجلترا الطبيعية في مسوغ مهمتها ذكرت «القيمة الجوهرية للحياة البرية». لقد نشرت هيئة إنجلترا الطبيعية «الاتجاه الاستراتيجي» الخاص بها في عام ٢٠١٤ ومثل سوليه، ذكرت «القيمة الجوهرية»؛ في الواقع ذكرتها مرتين: «في النهاية، لن ينجح أي نهج للحفاظ على التنوع البيولوجي إلا إذا انطلق من إجماع عام حقيقي على أهمية البيئة الطبيعية، لقيمتها الجوهرية وقيمتها للناس والاقتصاد»، والعبارة الختامية تقول: «جاءت هيئة إنجلترا الطبيعية للحفاظ على البيئة الطبيعية وتحسينها، لقيمتها الجوهرية، ولرفاهة الناس وانتفاعهم بها، وللازدهار الاقتصادي الذي تجلبه.» كما ذكرتُ سابقًا، سيتبيَّن لنا أهمية القيمة الجوهرية سواء كانت للناس أو البيئة. من المثير للاهتمام أن مهام الوكالة الأمريكية للأسماك والحياة البرية (لحماية الأنواع المهددة والسعي لمساعدتها على التكاثر مجددًا) والوكالة الأمريكية لحماية البيئة (لحماية صحة الإنسان والبيئة) لا تذكران شيئًا عن القيمة الجوهرية.
يكتب اختصاصيو الحفاظ على التنوع البيولوجي عن أعمالهم أكثر مما يكتبون عن أيٍّ من المبادئ التي يسترشدون بها. لكن لأن المبحث الحديث للحفاظ على التنوع البيولوجي شمولي التوجه إلى حد بعيد، ويتغلغل في كل مجال من مجالات النشاط البشري، فمن المهم إعمال النظر في تلك المبادئ. على سبيل المثال، يتجاور الحفاظ على التنوع البيولوجي والعدالة الاجتماعية حين ينشأ صراع بين البشر والحياة البرية، وهو التداخل الذي حدا بجون فيوسيتيتش وزملائه في عام ٢٠١٨ لاقتراح المبدأين التاليين:
لا يجوز للبشر التعدي على مصالح الآخرين (بما في ذلك غيرهم من البشر، أو آكلات اللحوم الكبيرة، أو أي من عناصر الطبيعة مما له قيمة جوهرية) أكثر مما يلزم من أجل حياة طيبة هادفة. عندما يبدو أن القدرة على عيش حياة طيبة هادفة متعارض حقًّا مع مصالح بعض عناصر الطبيعة ذات القيمة الجوهرية (مثل آكلات اللحوم الكبيرة)، فإن الحل العادل سيكون غالبًا هو تصحيح مظاهر الظلم من ناحية البشر وليس التعدي على آكلات اللحوم الكبيرة.
أيضًا يركز هذا المبدأ الأخير على الأسباب الأساسية وراء فقدان الأنواع والصراع بينها. هذه النزعات المتأصلة وراء فقدان التنوع البيولوجي تبدو بعيدة كل البعد عن الصورة المثالية للطبيعة التي حفزت العديد من اختصاصيِّي الحفاظ على التنوع البيولوجي. ومن بينها الفوارق الكبيرة في توزيع الثروة داخل الدول وبينها، وفي التكاليف التي يتحملها الناس نتيجة للحفاظ على البيئة، والنفوذ المستشري لنخبة الأثرياء المسيطرين على الحكم. وخلف كل معضلة تقريبًا من معضلات الحفاظ على التنوع البيولوجي تكمن تبعات تزايد عدد السكان.
ما هي المبادئ العليا التي قد يسترشد بها اختصاصيو الحفاظ على التنوع البيولوجي؟ أحدها هو إعطاء الأولوية للأدلة والحياد التام عند تقييمها، وهو المبدأ الذي يهتم به علماء الحفاظ على التنوع البيولوجي (على عكس جماعات الضغط) اهتمامًا عميقًا، مثلهم مثل الأطباء والمحامين. قد تحسب أن احترام الأدلة مبدأ كافٍ، لكن الأطباء والمحامين يذهبون لأبعد من هذا. كما أن الحياة والعدالة مبدآن في الطب والقانون، هناك مبدآن ساميان مؤهَّلان لأن يكونا مرشدَين لاختصاصيِّي الحفاظ على التنوع البيولوجي: أولًا، الحفاظ على العدالة بين الأجيال في التنوع البيولوجي، وهو ما يمكن التعبير عنه بحماية رأس المال الطبيعي؛ ثانيًا، احترام القيمة الجوهرية للكائنات غير البشرية.
العدالة بين الأجيال في التنوع البيولوجي
في الفصل الثاني، وصفت كيف أن التنوع البيولوجي الذي يمكن للبشرية أن تستفيد منه، قد أفسده أسلافنا، وأنا وأنت بالتأكيد، منذ الثورتين الصناعية والزراعية، إفسادًا واسعًا بالفعل، ولا يمكن إصلاحه في كثير من الحالات. إن الاستمرار في هذا الاتجاه لهو انتهاك لمبدأ عدم إلحاق الضرر. كان جوزيف ستيجليتز، الذي فاز بجائزة نوبل في الاقتصاد عام ٢٠٠١، من بين أول مفكري العصر الحديث الذين تناولوا باهتمام مفهوم العدالة أو الإنصاف بين الأجيال هذا. تعود أصول الفكرة لفيلسوف القرن الثامن عشر إدموند بيرك، الذي زعم أن «المجتمع ما هو إلا عقد بين الأموات، والأحياء، والذين لم يولدوا بعد». ودافع بقوة عن حُجته القائلة بأنه لا ينبغي لأي جيل أن تبلغ به الأنانية حد التفكير في نفسه فقط. بل إن بيرك اعتبر الناس بمثابة أوصياء واجبهم المحافظة على البيئة الطبيعية حتى يورثوها للأجيال القادمة، وهي العاطفة التي تردد صداها في حركتَي مقاومة الانقراض والعمل المناخي في القرن الحادي والعشرين. هذا يثير التساؤل بشأن معدل الخصم للأجيال المستقبلية مقابل احتياجات الجيل الحالي.
في عمله الملهِم «أرض خضراء ومزدهرة»، يلخص ديتر هِلم الموقف إذ يقول: «إننا إذا حرمنا الأجيال المستقبلية من بيئة طبيعية معززة فسنكون قد أخفقنا في واجباتنا تجاههم، وأخفقنا في واجبنا الخاص كأوصياء على رأس المال الطبيعي.» هِلم ليس شخصية هامشية؛ إنه عالم اقتصاد ذو رؤية ثاقبة ومستشار للحكومة البريطانية؛ لذا فلتتمعن جيدًا في استخدامه لكلمة معززة. إنه يفسر هذه الصراحة بالمحاججة بأن الجيل القادم يجب أن يحصل على بيئة معززة لأن الحالية — بسبب «التسارع الهائل» الذي أحدثته حقبة الأنثروبوسين — لم تعد مستدامة. والأهم أن هِلم يختتم حجته الاقتصادية بحجة أخلاقية: «إننا مدينون لهم بجبر الضرر الذي أوقعناه، وكذلك الحرص على ألا يتفاقم الوضع.»
إن الحجج القائلة بأن كل أشكال التنوع البيولوجي تقريبًا تساهم في رأس المال الطبيعي ومن ثَمَّ لها قيمة نفعية هي حجج مقنعة. بيد أنني أخشى على الكثير من أشكال التنوع البيولوجي إذا كان الحكم على قيمتها هو المال وحده؛ فمن الممكن أن تفقد الطائرة المذكورة في التشبيه الكثير من صواميلها دون أن يكون هناك أي فرق مادي ظاهر. إذا كنا نريد إنقاذ التنوع البيولوجي، فلا بد أن يشمل الدافع للقيام بذلك القيمة المادية، لكنه لا يقتصر عليها.
القيمة الجوهرية للأنواع غير البشرية
من الجائز التعبير عن المبدأ الأخلاقي الثاني للحفاظ على التنوع البيولوجي من حيث القيمة الجوهرية للكائنات غير البشرية. ولكن ما الذي له قيمة جوهرية؟ مما لا شك فيه أن أتباع أسلوب سوليه في الحفاظ على التنوع البيولوجي يرون أن بعض الأنواع البرية على الأقل لها قيمة جوهرية (وربما ترى هيئة إنجلترا الطبيعية أن الطبيعة بأسرها كذلك). الأشياء ذات القيمة الجوهرية قيمة في حد ذاتها، دون النظر إلى فائدتها. قد يُعتَبَر أن شيئًا ما له قيمة جوهرية إذا كان، مثلك، لديه مصالح؛ وإذا كان للشيء قيمة جوهرية، فستكون الحجة الأخلاقية بالدرجة الأولى هي أن عليك واجب أن تعامله بإنصاف أو باحترام وباهتمام على الأقل فيما يتعلق برفاهته أو مصالحه.
إذا كان لديك كلب، أو حتى هامستر، فأظن أنك تدرك أن لديه مصالح، مثل تجنب الألم، والبقاء على قيد الحياة، ورعاية صغاره، واللعب بالكرة. إذا كنت ترى أن كلبك لديه مصالح، فسيكون من الصعب أن تجادل بأن الذئاب أو الثعالب، أو أي حيوان ثديي آخر، وربما أي فقاري، ليس لديها مصالح (وقد عشت مع الكلاب والثعالب ويمكنني القول بأن الثعالب تفكر أسرع). تَروَّ أين تضع حدًّا، ولكن إذا كنت تظن أن الذكاء عامل ذو صلة بالموضوع، فلا تنسَ الأخطبوط. على أي حال، المغزى الفلسفي هو أن القيمة الجوهرية تعطي الفرد الحق في المعاملة العادلة مع بعض الاهتمام على الأقل برفاهته. هذا هو الرأي الذي أومن به، وهو يُسمى الابتعاد عن مركزية البشر (ولا يجب الخلط بينه وبين كراهية البشر). إنه الاعتقاد بأن هناك على الأقل أجزاء من العالم غير البشري لها قيمة جوهرية، وأنه من الخطأ الإخلال برفاهة عنصر ذي قيمة جوهرية دون سبب كافٍ لفعل ذلك. إن إدراك ما يمكن اعتباره سببًا كافيًا سيكون محور مبدأ من المبادئ العليا الموجهة للحفاظ على التنوع البيولوجي. كيف سيؤثر هذا المبدأ — ويمكن في سياق الصراع بين الإنسان والحياة البرية أن نسميه الحفاظ العادل على التنوع البيولوجي — على سلوكك؟ فيما يتعلق بالحفاظ على التنوع البيولوجي، يمكن معرفة الإجابة بوحي من تجربة افتراضية وضعها جون رولز في عام ١٩٧١، والمعروفة باسم حجاب الجهل (ولها الكثير من القواسم المشتركة مع مفهوم «المراقِب المحايد» الذي جاء به آدم سميث عام ١٧٥٩). الأمر ببساطة هو أن تضع نفسك في مكان الكائن الآخر، ثم تفعل به، قدر الإمكان، ما ترضى أن يُفعل بك.
العدالة بين الأجيال، والقيمة الجوهرية، والتفاعل المُراعي
ما برح الناس منذ آلاف السنين يكتبون عن الطريقة الصحيحة للتعامل مع الحيوانات غير البشرية (والرسوم في كهوف ماروس تشير إلى أنهم كانوا يفكرون في ذلك منذ حوالي ٣٥ ألف سنة أو نحو ذلك)، من ثم فإنها ليست بالمسألة السهلة. ومع ذلك، فإن الاهتمام بالعدالة بين الأجيال والقيمة الجوهرية، ويوصفان عمومًا بالعدل تجاه الأجيال المستقبلية وتجاه الأنواع الأخرى، يعطي بالفعل إرشادات أخلاقية للحفاظ الواقعي على التنوع البيولوجي. في مقال كتبته مع فران تاترسال في عام ٢٠٠١، وصفت الموقف الذي أفضله تجاه التنوع البيولوجي ﺑ «التفاعل المراعي». يقوم هذه الموقف على ملاحظة أن المشاكل التي يواجهها الناس مع الحيوانات البرية ليست فقط معقدة ومتنوعة، بل وتثير أيضًا ردود أفعال تتراوح بين الكدر واليأس بين الأشخاص الذين قد يظهرون، في الوقت نفسه تقريبًا، رفقًا بلا كلل وكراهية شديدة. العلاقات بين الإنسان والحياة البرية المتعددة الجوانب: حقيقة أن الثعالب التي دائمًا ما تقتل الحملان نادرة لا تعني أنه لا يوجد ثعالب دائمًا ما تقتل الحملان. ورغم أنه لا بد من رعاية الطبيعة لأسباب علمية وأخلاقية كذلك، فإن حقيقة أن معظم الثعالب لا تقتل الحملان معناها أن الراعي يجب ألا يبطش بلا جدوى بالثعالب التي لا تقتلها، ولكنها لا تعني أنه يجب ألا يبطش بالثعالب التي تقتلها.
في عصرنا الحاضر، في العديد من الدول المتقدمة، صار واقع العيش مع الحياة البرية بعيدًا أكثر فأكثر، وربما ضَعُفَ الشعور بالخوف والألم الناجم عن ذلك الواقع. ومع ذلك، فإنه بين الأشخاص الذين يتعاملون مع الطبيعة تعاملًا مباشرًا هناك بعض الأشخاص الذين يرفضون تطرف النزعة النفعية القاسية ولكنهم على ذلك لا يعتبرون كل حياة مقدسة. من الممكن لأصحاب هذا الموقف أن يكون لديهم رغبة عارمة في الحفاظ على التنوع البيولوجي ورعايته مع تقبل أحيانًا للحاجة إلى السيطرة عليه واستغلاله، لكن على أن تكون كل من تلك التفاعلات مراعية. بالنسبة إلى أولئك الذين يبدو لهم مفهوم المراعاة غامضًا، فيجوز توصيفه على أنه تحمل مسئولية الوعي بجميع جوانب المسألة. وهذه هي الشمولية التي يسعى إليها الحفاظ على التنوع البيولوجي العابر للتخصصات.
يثير مبدأ التفاعل المراعي مع الطبيعة فكرة أن هدف الحفاظ على التنوع البيولوجي هو على نحو ما تعزيز التعايش. إن الإلزام بعدم الإقدام بعلم على فعل من شأنه أن يضر بالتعايش بين الكائنات أو دعم هذا الفعل، وبالسعي لتحسين رفاهة الحياة البرية، يؤدي إلى مبدأ عام: يقع على عاتق اختصاصي الحفاظ على التنوع البيولوجي مسئولية تجنب أي شيء يمس التعايش بين البشر والحياة البرية، والعمل على تعزيزه، وتحسين رفاهة الحياة البرية. ستتوقف تبعات هذا المبدأ على أحكام اختصاصي الحفاظ على التنوع البيولوجي وأفعاله على سعة منظوره الأخلاقي، أي ما إذا كان يتبنى موقفًا متمحورًا حول الإنسان أم غير متمحور حول الإنسان. في الحالة الأولى، حيث دائرة الأنواع التي يُقَر بأن لها مصالح ومن ثَمَّ قيمة جوهرية لا تشمل إلا البشر، فإن أي ممارسة لا تزيد من تدهور الوضع الحالي للتعايش بين البشر والحياة البرية ورفاهة الحياة البرية يمكن أن تكون مقبولة، والأخلاقيات السائدة ستكون نفعية فقط؛ سيكون التدخل مناسبًا ما دامت عواقبه لا تتعارض مع قدرة الناس في المستقبل على استغلال الحياة البرية بقدر ما يرغبون (لكن لنتذكر ما ذكره ديتر هِلم بشأن تعزيز البيئة). على الجانب الآخر، بديهيًّا سيعتقد اختصاصي الحفاظ على التنوع البيولوجي الذي يتبنى موقفًا غير متمحور حول الإنسان أن دائرة الأنواع التي لها مصالح، ومن ثَمَّ لها قيمة جوهرية وتستحق الاهتمام، ستكون أوسع. من هذا المنظور، ستكون مسئولية اختصاصي الحفاظ على التنوع البيولوجي ذي الرؤية غير المتمحورة حول الإنسان (مثل زميله ذي الرؤية المتمحورة حول الإنسان) هي استنكار الأعمال التي من المرجح أن تضر بالتعايش بين الإنسان والطبيعة والسعي للنتائج التي تحمي الأنواع، والعمليات التي تربط بينها. ولكن، علاوة على ذلك، سيضع صاحب الرؤية غير المتمحورة حول الإنسان في اعتباره وجهة نظر الحياة البرية كذلك، والذي من المرجح أن يدفع القرارات في اتجاه الإحجام عن إلحاق الضرر بمصالح الحياة البرية ما لم يكن التدخل ضروريًّا لضمان أن يستطيع الأشخاص المعنيون أن يعيشوا حياة ذات معنى. قد يبدو الفرق — ما بين مراعاة وجهة نظر الحياة البرية أو عدمها — صغيرًا، لكن قد يكون له أبلغ الأثر على توجه الاثنين. على سبيل المثال، على اختصاصي الحفاظ على التنوع البيولوجي صاحب الرؤية المتمحورة حول الإنسان عند النظر في العوامل التي تؤثر على جواز الصيد الترفيهي للأسود أن ينظر في طائفة عريضة من العوامل، ولكن وجهة نظر الأسد ليست من بينها. أما الاختصاصي صاحب الرؤية غير المتمحورة حول الإنسان فعليه عند تقييم نفس الموضوع أن ينظر في جميع العوامل نفسها، بالإضافة إلى وجهة نظر الأسد؛ قد لا يغير هذا حكمه، لكنه سيغير منظوره عند اتخاذ هذا الحكم. كما أنه ليس من السهل تخمين تقييم الإيجابيات والسلبيات إذا كنت في موضع الأسد.
كيف ينبغي لاختصاصي الحفاظ على التنوع البيولوجي أن يقرر أي وجهة نظر يتبناها؟ تدل التشابهات بين الثدييات، على سبيل المثال، أنها أيضًا لها مصالح مثل البشر. لذا قد نتوقع أن يسود الموقف الثاني بين اختصاصيِّي الحفاظ على التنوع البيولوجي، حيث يمتد الاهتمام متجاوزًا البشر ليشمل الكثير من الأنواع. وهذا المنظور ليس غريبًا في العديد من الثقافات. فلدينا مثال رقيق ومعبر في القصة التي حكتها عالمة النبات روبن وول كيمير عن مواقف الأمريكيين الأصليين من التعايش مع الطبيعة، في كتابها «جدائل عشبة المن». وهناك أفكار مماثلة مألوفة بين علماء التاريخ الطبيعي التقليديين، كما عبر عن ذلك هنري بيستون بأسلوب جميل في كتابه «البيت النائي»:
إننا بحاجة إلى تصور آخر للحيوانات، أكثر حكمة وربما أكثر روحانية … في عالم أقدم وأكمل من العالم الذي نعيش فيه، كانت تعيش حياة تامة وكاملة، وقد وُهبت فيضًا من الحواس فقدناه أو لم نحصل عليه قط، تعيش بأصوات لن نسمعها أبدًا. إنها ليست إخوة لنا، وليست تابعة لنا؛ بل هي أمم أخرى، محاصرة معنا في شبكة الحياة والزمن، رفاقنا في سجن الأبهة والمعاناة على الأرض.
غير أن هناك تباينًا في القيم حتى بين المحترفين من اختصاصيِّي الحفاظ على التنوع البيولوجي، حيث كشفت عينة منهم مؤخرًا عن مواقف تتفق وواحد من الأغراض الأربعة المميزة للحفاظ على التنوع البيولوجي: (١) مذهب جديد يعمل على تجنب أزمة التنوع البيولوجي وأقصى غايته تحسين رفاهة الإنسان في المقام الأول؛ (٢) ومذهب تقليدي يؤكد أن الأنواع والنظم البيئية لها قيمة جوهرية؛ (٣) ومذهب رحيم يمكن أن نراه كرد فعل تجاه تزايد اللجوء للقتل كأداة للحفاظ على التنوع البيولوجي؛ (٤) والحفاظ على تراث الصيد وحمايته.
الرحلة إلى الحفاظ على التنوع البيولوجي العابر للتخصصات
مع أخذ هذه الأفكار في الاعتبار، أعود إلى تعريف للحفاظ على التنوع البيولوجي ساعدت في صياغته من منظور غير متمحور حول الإنسان:
الحفاظ على التنوع البيولوجي هو رعاية سلامة الجماعات البيئية واستعادة عافيتها، أي الأنواع والجماعات السكانية الأصلية والنظم البيئية. إن الحفاظ على التنوع البيولوجي عنصر من العناصر المكونة للاستدامة. الاستدامة هي تلبية مصالح الإنسان بطريقة عادلة اجتماعيًّا دون حرمان الأنواع، أو النظم البيئية الأصلية، أو التجمعات البرية الأصلية من عافيتها.
هذا يثير السؤال حول ما إذا كان الحفاظ على التنوع البيولوجي وإدارة الحياة البرية (ولو حتى مكافحة الآفات) مختلفين. من الممكن بالتأكيد أن يكونا كذلك على مستوى سطحي، بقدر ما تتضمن الإدارة والسيطرة أحيانًا قتل أفراد من نوع ما يسبب مشكلة، وتقليل أعداده عمدًا. بيد أنه مع اعتماد «السبب الكافي» المذكور أعلاه، فلا بد أن نفس القاعدة المعرفية (مثل الأساس البيئي لديناميكيات السكان) ونفس الأطر الأخلاقية المقترحة، وبالتأكيد نفس الاهتمام برفاهة الحيوان، ستكون كلها قابلة للتطبيق (وهو جانب ذُكر بوضوح في حركة الحفاظ الرحيم على التنوع البيولوجي). ولذا، فإن وجهة نظري الخاصة هي أن المحافظة على الأنواع المعرضة للخطر والتحكم في الأنواع المؤذية كلها مشمولة في نفس الإطار العلمي والأخلاقي، ومن ثَمَّ فهي مجرد أجزاء مختلفة من الطيف الواسع للتحديات المتعلقة بالتعايش بين الناس والتنوع البيولوجي الأوسع.
مع هذا النطاق الواسع، كيف سيبدو الحفاظ على التنوع البيولوجي في المستقبل؟ لقد بدأت جذوره الحديثة مع علماء الجغرافيا الاجتماعية في أواخر القرن التاسع عشر، بالإضافة إلى بعض كتابات مثل ما كتبه ألدو ليوبولد وجون موير. لكنه شهد طفرة مع النمو السريع لعلم البيئة السلوكي في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، الذي أرسى الحفاظ على التنوع البيولوجي كعلم مركز ثقله في أقسام البيولوجيا في الجامعات. في الواقع، لقد انبثقت مجموعتي البحثية، وحدة أبحاث الحفاظ على الحياة البرية في أوكسفورد، من خلال إنشاء أول وظيفة بحثية جامعية على الإطلاق مخصصة صراحةً للحفاظ على الحياة البرية في عام ١٩٨٦. ثم جاء عصر نظم المعلومات الجغرافية وانطلق من أقسام الجغرافيا جيل من أبحاث الحفاظ على التنوع البيولوجي. وسرعان ما انضمت موضوعات أخرى، بعيدًا عن العلوم الطبيعية، إلى المزيج المتداخل التخصصات مع تخصصات فرعية معترف بها في مجالات اقتصاد الحفاظ على التنوع، وقانون الحفاظ على التنوع، وتسويق الحفاظ على التنوع، وأخلاقيات الحفاظ على التنوع، والجغرافيا السياسية للحفاظ على التنوع. والآن، بدأت كليات إدارة الأعمال تشارك أيضًا؛ فرغم أن قيمة الحيوانات غير البشرية تتجاوز المال بكثير، فإن قيمتها المالية ستقرر مصيرها بشكل كبير. سيتطلب إدراك هذه القيمة أبرع العقول التجارية (التي توجهها اليد الرادعة لأصحاب التوجه الأخلاقي). أظن أن المستقبل يكمن في النظام العابر للتخصصات الذي يعمل بعبور حدود التخصصات لإنتاج أشكال شاملة من المعرفة.
ما الذي قد يطمح لتقديمه هذا التخصص البالغ الأهمية؟ في مقال نُشِر عام ٢٠١٣، اقترحت أن تكون إحدى الإجابات «بشر يتمتعون بمستوى معيشة صحي، ومرتفع مع مراعاة العدالة، ومستدام، بجانب نظم بيئية عاملة مأهولة بمستويات «طبيعية» من التنوع البيولوجي.» تحقيق مثل هذه الرؤية يتطلب مستوى يكاد يكون خارقًا من البراعة والعقلانية والحُنكة السياسية بجانب تقدير الإلهام الكائن في الطبيعة، بل واستشعار ما فيها من روحانية. سيتطلب أيضًا أطرًا قوية للتنظيم وتطبيق القانون وسن القوانين، ولذلك سأختتم هذا الفصل بمقدمة موجزة لبعض الاتفاقيات الدولية الهامة الحالية.
قواعد اللعبة
اعتُمدَت اتفاقية التنوع البيولوجي في مؤتمر البيئة والتنمية (مؤتمر «قمة الأرض») في ريو دي جانيرو، بالبرازيل في يونيو ١٩٩٢، ودخلت حيز التنفيذ في ديسمبر ١٩٩٣؛ وقد صَدَّقَت عليها ١٩٦ دولة وتغطي التنوع البيولوجي على جميع المستويات: النظم البيئية، والأنواع، والموارد الجينية. ولما كانت أول معاهدة عالمية تقدم إطارًا قانونيًّا للحفاظ على التنوع البيولوجي، فقد أرست الاتفاقية ثلاثة أهداف رئيسية: (١) الحفاظ على التنوع البيولوجي؛ (٢) والاستخدام المستدام لمكوناته؛ (٣) وتقاسم الفوائد الناشئة عن استخدام الموارد الجينية بطرق عادلة ومنصفة.
يجمع الإطار العالمي للتنوع البيولوجي أهدافه الثلاثة والعشرين في أربع غايات يجب تحقيقها بحلول عام ٢٠٣٠. (أ) الحفاظ على تكامل وترابط وصمود جميع النظم البيئية، أو تعزيزها، أو استعادتها بحلول عام ٢٠٥٠؛ وقف الانقراض المترتب على أنشطة البشر للأنواع المعروفة بكونها مهددة، وخفض معدل الانقراض والخطر على جميع الأنواع إلى العُشر، مع حلول عام ٢٠٥٠؛ والحفاظ على التنوع الجيني داخل المجموعات السكانية من الأنواع البرية والمستأنسة. (ب) استخدام التنوع البيولوجي وإدارته بشكل مستدام، وتقدير فوائد الطبيعة للناس، بما في ذلك وظائف النظم البيئية وخدماتها، مع الحفاظ عليها وتعزيزها بحلول عام ٢٠٥٠. (ج) تقاسم الفوائد المالية وغير المالية الناشئة عن استخدام الموارد الجينية تقاسمًا عادلًا، يشمل الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية، وزيادتها زيادة كبيرة بحلول عام ٢٠٥٠، مما يساهم في الحفاظ على التنوع البيولوجي واستخدامه استخدامًا مستدامًا، وفقًا للقواعد المتفق عليه دوليًّا بخصوص التوزيع. (د) توفير ما يلزم لتنفيذ الإطار العالمي للتنوع البيولوجي بالكامل من وسائل التنفيذ الكافية، بما في ذلك الموارد المالية، وبناء القدرات، والتعاون التقني والعلمي، وإتاحة ونقل الوسائل التكنولوجية لجميع الأطراف، وخاصةً الدول النامية، مع العمل على سد فجوة تمويل التنوع البيولوجي البالغة ٧٠٠ مليار دولار سنويًّا، ومواءمة التدفقات المالية مع الإطار العالمي للتنوع البيولوجي ورؤية عام ٢٠٥٠ للتنوع البيولوجي.
بصفتها معاهدة بيئية للأمم المتحدة، توفر اتفاقية حفظ أنواع الحيوانات البرية المهاجرة خطة عالمية للحفاظ على الحيوانات المهاجرة وموائلها واستخدامها بشكل مستدام. تجمع هذه الاتفاقية الدول التي تمر بها الحيوانات المهاجرة، «دول النطاق»، وتضع الأساس القانوني لتدابير منسقة دوليًّا للحفاظ على التنوع البيولوجي على امتداد نطاق الهجرة؛ وهي الاتفاقية العالمية الوحيدة المتخصصة في الحفاظ على الأنواع المهاجرة، وموائلها، ومسارات هجرتها.
تأسس الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة في الخامس من أكتوبر ١٩٤٨ في بلدة فونتينبلو الفرنسية. وبصفته أول اتحاد بيئي عالمي، كان هدفه تشجيع التعاون الدولي وتوفير المعرفة العلمية والأدوات لتوجيه أعمال الحفاظ على التنوع البيولوجي. وقد صار المركز اليوم أكبر شبكة بيئية وأكثرها تنوعًا في العالم بفضل خبرة ونفوذ أعضائه الذين يفوق عددهم ١٣٠٠ — بما في ذلك دول، ووكالات حكومية، ومنظمات غير حكومية، ومنظمات شعوب أصلية — وأكثر من خمسة عشر ألف خبير دولي.
اتفاقية الاتجار الدولي في أنواع الحيوانات والنباتات البرية المهددة بالانقراض هي معاهدة متعددة الأطراف لحماية النباتات والحيوانات المهددة بالانقراض. وقد صيغت نتيجة لقرار اتُّخِذ عام ١٩٦٣ في اجتماع لأعضاء الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة. وهدفها هو ضمان ألا تهدد التجارة الدولية في عينات من الحيوانات والنباتات البرية حياة الأنواع في المناطق البرية، وهي تمنح درجات متفاوتة من الحماية لأكثر من ٣٥ ألف نوع من الحيوانات والنباتات.
غالبًا ما تعمل هذه المعاهدات المختلفة بطريقة بعيدة كل البعد عن المثالية. على سبيل المثال، كانت حصص تصدير تذكارات الصيد المحددة لدول النطاق الأفريقية للنمور بموجب اتفاقية الاتجار الدولي في أنواع الحيوانات والنباتات البرية المهددة بالانقراض اعتباطية، تفتقر إلى أسس علمية قوية، ولا تُعدل بانتظام، وتتعارض جوهريًّا مع مبادئ الاستخدام المستدام، وتوخي الاحتياط، والإدارة التكيفية. ومع ذلك، فإنه بإمكان الصكوك القانونية والخبراء أن يفيدوا الحفاظ على الحياة البرية في القرن الحادي والعشرين من خلال الأبحاث العابرة للتخصصات، المستنيرة أخلاقيًّا والمطبقة تطبيقًا فعالًا.