الفصل السادس

أمراض الأحياء البرية

أمراض الأحياء البرية وثيقة الصلة بالحفاظ على التنوع البيولوجي لأنها من الممكن أن تهدد البشر والأحياء البرية، بما في ذلك الأنواع المهددة بالانقراض. في كلتا الحالتين، وأيًّا كانت الفوائد، فإن محاولات السيطرة على المرض من الممكن أن تؤدي إلى اضطراب سلوك الناجين، وتهديد جماعات سكانية، وتغير ديناميكياتها، مما يثير العديد من القضايا التنفيذية والأخلاقية. يمكن لأمراض الأحياء البرية أن تكون ذات تداعيات كبرى، بيئية، واجتماعية واقتصادية، وصحية؛ لذا فإنها تستدعي التدخل — الذي غالبًا ما يكون فتاكًا — مما يؤثر بشدة على ما إذا كنا نرى الأحياء البرية كصديق أم عدو.

تسبب الأمراض الحيوانية المصدر — أي الأمراض المترتبة على عوامل ممرضة انتقلت من الحيوان إلى الإنسان، وبالعكس — ملايين الوفيات بين البشر سنويًّا. علاوة على ذلك، أكثر من ٧٠ في المائة من الأمراض البشرية الناشئة تأتي في الأصل من التعرض للأحياء البرية من خلال التجارة. على الجانب الآخر، هناك مخاطر تعريض الأحياء البرية للمرض، كما هو الحال حين يزور السياح الغوريلات الرواندية الشهيرة، على سبيل المثال. تسبب أمراض مثل فيروس نقص المناعة البشرية، والإيبولا، والمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (سارس)، وإنفلونزا الطيور، وأخيرًا، كوفيد-١٩، خسائر اقتصادية على مستوى العالم، وتوتر العلاقات الدولية. حتى قبل كوفيد-١٩، كانت الخسائر الاقتصادية العالمية الناجمة عن الأمراض الحيوانية المصدر الناشئة قد بلغت مئات المليارات من الدولارات الأمريكية على مدى العقدين من ٢٠٠٠ إلى ٢٠٢٠. في عام ٢٠٢٠، قدر صندوق النقد الدولي أن الخسائر الاقتصادية العالمية الناجمة عن كوفيد-١٩ ستصل مع حلول عام ٢٠٢٥ إلى تريليونات الدولارات (في المملكة المتحدة، تبلغ التكلفة المتوقعة ٣٦٨ مليار جنيه إسترليني، أو ٥٥٠٠ جنيه إسترليني للشخص الواحد).

أحيانًا ما يكون الخوف من التهديدات بالأمراض في غير محله. كان الثعلب آكل السرطان (وهو ليس ثعلبًا حقيقيًّا ولا يأكل السرطان بكثرة) مشتبهًا به في أن يكون مستودعًا برِّيًّا (غابيًّا) لليشمانيا الطفلية، التي تسبب داء الليشمانيات الحشوي، وهو مشكلة صحية عامة كبرى في البرازيل. حين تتبعت أنا وأورين كورتيني هذه الثعالب لاسلكيًّا في غابات الأمازون، وجدنا أنها تتقدم حتى تقترب من القرى. وبالعمل مع عالم الأوبئة كريس داي، وجدنا أن الثعالب مصابة بالليشمانيا. ولكن في عام ٢٠٠٢، قدمت أنا وأورين، وكريس، وآخرون تقريرًا عن حالة المناعة وأمصال الدم لدى ٢٦ ثعلبًا صِيدوا من البرية وتعرضوا على مدى ١٥ شهرًا لمستعمرات مختبرية من ذباب رملي ناقل الطفيلي، اللوتزومية الطويلة اللوامس؛ كانت النتيجة أن أصيب ٧٨ في المائة من هذه الثعالب بالطفيلي، وإن لم يُصب أحد منها بالمرض. ما حسَم المسألة هو أنه بعد ٤٤ جلسة من تغذي الذباب الرملي على الثعالب، وبعد تشريح ١٤٦٩ ذبابة متخمة بدماء الثعالب لم يثبت إصابة ولو واحدة بالطفيلي، (على العكس من ذلك، أُصيب ١١ في المائة من الذباب الرملي الذي تغذى على كلاب مصابة موجودة في نفس المكان، أو «في نفس الموطن البيئي»). أشارت العمليات الحسابية التالية إلى أن الكلاب المنزلية كانت مسئولة عما لا يقل عن ٩١ في المائة من الحالات التي انتقل فيها المرض، وهكذا ثبتت براءة الثعالب آكلة السرطان.

أساسيات الأمراض

على الرغم من كثرة العوامل المُمْرِضة والعوائل، وتنوع تفاعلاتها، فإن تعقيد الأوبئة يتلخَّص في بضعة مبادئ عامة بديهية. يتمثل أحدها في المُعامِل، R0، الذي صار معروفًا على نطاق واسع بفضل جائحة كوفيد-١٩. R0، المعروف أيضًا برقم التكاثر الأساسي للحالة، هو متوسط عدد الأفراد الجدد الذين انتقلت إليهم العدوى من فرد واحد مُصاب. منطق R0 بسيط: إذا كان سينتج عن حالة الإصابة الأولية أكثر من حالة ثانوية في المتوسط (R0 > 1)، فإن العدوى ستنتشر في جماعة من المضيفين. وتحدي السيطرة على العدوى والأمراض بنفس القدر من الوضوح: المفترض أن تنتج عن حالة الإصابة الأولية حالة ثانوية واحدة أو أقل في المتوسط؛ تختفي بعدها العدوى عاجلًا أو آجلًا من الجماعة المضيفة. وبحسب العامل المُمْرِض والمضيف، قد يتحقق ذلك عن طريق عزل الأفراد المُصابين ومخالطيهم (الحجر الصحي)، أو علاج العدوى، أو منع العدوى عن طريق التطعيم، أو كما هو شائع في حالة الأحياء البرية، عن طريق قتل الحيوان البري المضيف.
إذا كان R0 > 1 وعاليًا، فمن المحتمل أن ينتشر المرض سريعًا في السكان، مسببًا وباءً، لكن قد ينفد المضيفون القابلون للإصابة بالعدوى، كما يمكن أن يحدث مع السعار. إذا كان R0 > 1 ومنخفضًا، فسيكون المرض أخف وطأةً ولكن أكثر استمرارية، حيث سيكون لدى المضيفين الوقت للتكاثر أو الانتقال، مما يزيد عدد الأفراد القابلين للإصابة من المتاحين للتواصل. هنا ستكون النتيجة مرضًا متوطنًا؛ التهاب الكبد الفيروسي، والهربس، وكوفيد-١٩ كلها على هذا النمط. من العوامل التي تؤثر على ديناميكية المرض عامل الانتقال (سواء كان طفيليًّا مجهريًّا أو طفيليًّا عيانيًّا، أو بكتيريا، أو فيروسًا) وطريقة الانتقال. قد تعتمد طريقة الانتقال على الكثافة، كما في حالة داء ديستمبر في الأسود، أو على الاتصال، مثل فيروس هربس ابن عرس، وهو مرض مُنقول جنسيًّا في حيوانات الغرير.

من العلامات الحاسمة أن الأنواع قد تطورت لديها أنظمة مناعية، مما أعطى بعضها مناعة أكبر من غيرها لعوامل ممرضة معينة. بعض العوامل الممرضة يمكنها إصابة أصنوفات محدودة فقط؛ فبعض الطفيليات متخصصة المضيف، بينما البعض الآخر له عدة مضيفين. الانتقاء من أجل المناعة هو آلية تطورية أساسية تؤدي إلى الانتواع، وهو عملية انفصال جماعات سكانية لتشكيل أنواع جديدة. في الواقع، تستحق الطفيليات الحفاظ عليها لأنها تحافظ على العمليات البيئية، بما في ذلك الانتقاء الجيني المناعي من خلال الوفاة واختيار الزوج. يتطور المضيفون والطفيليات جنبًا إلى جنب. ففي شجرة الحياة التطورية للثدييات نرى ارتباطًا بين تنوع أنواع الطفيليات الخارجية وعدد الأنواع التي انقسمت إليها مجموعة الثدييات. وعلى نفس النحو في حالة الطيور، هناك أدلة على أن الطفيليات الدموية الحيوانية لها دور كبير في الانتقاء الطبيعي، فهي بمثابة الوسيط في الحفاظ على التنوع الجيني. إذا كنا سنعتمد المساواة في نظرتنا للتنوع البيولوجي، فلماذا نعطي المضيف قيمة أكبر من طفيليِّه؟ هل ينبغي أن نحزن على انقراض الحمام المهاجر، أم على العُثَّة التي ربما هلكت بانقراضها؟ وهل من المهم إعادة توطين القنادس في بريطانيا من أجل استعادة أنواع الطفيليات التي كانت تصيبها، وبالأخص عُثَّتها الدويدية الفريدة من نوعها، ديموديكس كاستوريس، وهي نوع اكتُشف مؤخرًا؟

بدأ إدراك الدور بعيد المدى للعوامل الممرضة، وبالأخص الطفيليات، في التجمعات السكانية الطبيعية بعد البحث النظري لروي أندرسون وروبرت ماي في عام ١٩٧٨. كان جليًّا أن المُمْرِضات تسبب الأمراض، بل والموت، للأفراد، لكنهما بيَّنا أن هذه العملية يمكن أن تؤثر على الجماعات السكانية، بتنظيم أعدادها من خلال تأثيراتها على الخصوبة والوفيات. على مستوى الجماعات السكانية، من الممكن أن تسبب الأمراض حالات مأساوية من الوفيات الجماعية؛ في وسط كازاخستان في عام ٢٠١٥، مات حوالي ٢٠٠ ألف ظبي سايجا من تسمم الدم النزفي الذي تسببه بكتيريا الباستوريلة القتالة. في حالات أخرى، قد تكون للأمراض أعراض فرعية غير مميتة لكن آثارها طويلة الأمد، كما في حالة الدودة المدورة المعدية المعوية أوسترتاجيا جرونيري، وهي طفيلي يصيب رنة سفالبارد فيقلل من وزنها، ودهون ظهرها، وخصوبتها. يسهل على المفترسات الإيقاع بالفرائس المريضة، وعلى مستوى الفرد، الشخصية مهمة: فالمضيف الجريء ذو الشخصية النشطة قد يكون أكثر عرضة للأمراض من المضيف الوديع. ومن ثَمَّ من خلال هذه الوسائل، يصنع وجود الطفيلي ضغوطًا انتقائية. يمكن أيضًا للطفيليات أن تغير مباشرةً سلوك مضيفها. توجد علاقة تحكم غريبة بين الجرذ البني وواحد، واحد فقط، من طفيلياته العديدة: المقوسة الجوندية، التي يمكن أن تصيب جميع الفقاريات داخلية الحرارة، لكن لديها مضيف واحد مؤكد فقط، ألا وهو القط. من ثم فإن المقوسة الجوندية التي تعيش في الجرذ تحتاج إلى العثور على قط لإكمال دورة حياتها. والمدهش أن الجرذان المصابة بالمقوسة الجوندية تُظهِر سلوكيات جاذبة للقطط أكثر من الجرذان غير المصابة. تبحث الجرذان المصابة بهمة عن رائحة بول القطط؛ إذ يغير الطفيلي سلوك هذه الجرذان الانتحارية، فيدفعها إلى مخالب القط. ولا يوجد فرق بين الجرذان المصابة بالمقوسة الجوندية وتلك التي لم تُصَب بها في صفات سلوكية أخرى لا تفيد الطفيلي، مثل الوضع الاجتماعي أو نجاح التزاوج. يحفز الطفيلي الجرذ للبحث عن القط، وهو السلوك الذي يؤدي إلى هلاكه ليساعده على انتقاله.

كذلك من الممكن أن تؤثر الأمراض تأثيرًا خطيرًا على الجماعات السكانية بطريقة غير مباشرة من خلال التأثيرات الضارة على أنواع أخرى، مرتبطة بها بيئيًّا؛ من الأمثلة اللافتة للنظر على ذلك الطاعون الحرجي، الذي انتشر شمالًا وشرقًا، بعد دخوله سان فرانسيسكو عام ١٩٠٠، ماحيًا مستعمرات كاملة من كلاب البراري، مما أدى إلى جوع بنات مقرض ذات الأقدام السوداء، علاوة على إصابتها مباشرةً بالعدوى. تناقصت بنات مقرض إلى خمس إناث قادرات على الإنجاب (لكن بفضل برنامج متميز للتربية في الأسر، اشتمل على الاستنساخ التناسلي باستخدام تقنية تسمى نقل نواة الخلية الجسدية لزيادة التنوع الجيني، أُعيد توطين ما يقرب من ٣٠ جماعة سكانية).

متى يكون المرض مؤثرًا على الحفاظ على التنوع البيولوجي؟

قد يقول أحد أنصار المذهب التقليدي إن الأمراض المعدية، بصفتها عملية طبيعية، تقع خارج نطاق الحفاظ على التنوع البيولوجي، تمامًا كما أنه ليس دور اختصاصي الحفاظ على التنوع البيولوجي أن يتدخل في الافتراس الطبيعي. تشمل الاستثناءات الواضحة المعالم الحالات التي يهدد فيها المرض الحيواني المصدر صحة البشر أو حيثما يكون تأثير المرض على التنوع البيولوجي، في شكل تهديده لتنوع الأنواع، أو تعريضها للخطر، أو تهديده لوظائف النظام البيئي، متأثرًا بعوامل مصدرها البشر. على سبيل المثال، في عام ٢٠٢٢ في جنوب شرق آسيا، هددت حمى الخنازير الأفريقية ١١ نوعًا من الخنازير البرية المتوطنة، منها الخنزير الملتحي والخنزير الثؤلولي، مما ألحق الضرر بالنمور والفهود الملطخة التي تفترسها، وبعدد كبير من عمليات النظام البيئي مثل حراثة التربة، ونشر البذور والمغذيات، كل هذا حدث في أبعد المناطق البرية ولكنه نتج عن قفزة فيروسية من الخنازير الصينية المستأنسة في عام ٢٠١٨ (الشكل رقم ٦-١). إذا كان المرض يهدد في المقام الأول بقاء الأنواع، أو الجماعات السكانية، فعندئذٍ ستكون حجة التدخل قوية. تشمل التدخلات الممكنة العزل (مثل استخدام النرويج للسياج لمكافحة مرض الهزال المزمن بين حيوانات الرنة)، وتعديل الموائل (تجفيف أراضي المستنقعات حيث تنشأ كوليرا الطيور)، والتدخل الجيني (مثل التحكم في مقاومة الضفادع الجينية للمرض الناتج عن الإصابة بفطر الكايتريد). لكن ما برح القتل أن كان هو الملاذ الأول، وليس الأخير، الذي درج عليه الناس، على أمل خفض R0، وهو ليس أملًا واقعيًّا في جميع الحالات. قد يكون التلقيح خيارًا أكثر تقدمًا، لكنه ليس عمليًّا دائمًا، كما في حالة الإيبولا في الغوريلات، ومن الممكن أن يكون له مضاعفات. على سبيل المثال، إذا تكاثرت الأسود بعد التطعيم ضد سل الكلاب، فقد لا يكون هذا في مصلحة الفهود الصيادة.
fig19
شكل ٦-١: يهدد انتشار حمى الخنازير الأفريقية الأحد عشر نوعًا من الخنازير البرية في جنوب شرق آسيا. تشير الجزر المظللة بلون أدكن إلى تفشى المرض فيها بدرجة أكبر (إصابة عدد أكبر من الخنازير) منذ أوائل أغسطس ٢٠٢٠. تشير الكتل المظللة إلى نطاقات أنواع الخنازير البرية في آسيا. تشير الرموز الأبجدية تحت عنوان أنواع الخنازير إلى مستويات التهديد وفقًا للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، وهي مدرجة هنا في ترتيب تصاعدي: غير مهدد (غ م)، شبه مهدد (ش م)، عرضة للخطر (ع خ)، مهدد (م ﻫ)، مهدد بشدة (م ب). حيثيات تقييم التهديدات من أعلاها لأدناها مذكورة في البحث الأصلي.

الاضطراب والتطعيم

بعد حصولي على دكتوراه في سلوك الثعلب الأحمر، بدأت مسيرتي المهنية بأن خاطبت النخبة في منظمة الصحة العالمية بقلق بشأن السعار المنتقل عن طريق الثعالب. عند مخاطبتي هؤلاء الأطباء البيطريين الكبار، الذين سأسخر منهم قليلًا بالقول بأنهم كانوا يرون أن الثعلب الجيد هو فقط الثعلب الميت، حدثتهم بأن الثعالب هي أعضاء في مجتمعات يمكن أن يزيد اضطرابها بالقتل من انتقال المرض بين الناجين: إنه تأثير الاضطراب حيث النوايا حسنة لكنها تزيد الأمور سوءًا. السعار، وهو عدوى فيروسية عادةً ما تنتقل في اللعاب عن طريق العض، يكاد يكون فتاكًا دائمًا بالبشر والثعالب الحمراء (لكن من المثير للاهتمام أنه أقل فتكًا بالنمس أو الراكون). حتى منتصف سبعينيات القرن العشرين، كان الرأي السائد هو أنه يمكن السيطرة على السعار عن طريق قتل عدد كافٍ من حامليه — وهو الثعلب، في أوروبا — لخفض R0 بين الناجين لأقل من واحد. لكن إطلاق الغاز الخانق في أوكار مئات الآلاف من الثعالب في خمسينيات وستينيات القرن الماضي — وهو ما قضى على حيوانات الغرير بالتبعية — لم يقضِ على داء السعار الأوروبي ولا أبطأه. بعد تجربة في عام ١٩٦١ أجراها جورج بير من مركز مكافحة الأمراض، حيث استُبدل بالسيانيد اللقاحُ الذي دسوه في أفواهها عن طريق الأداة البغيضة الاسم، «قاتل القيوط»، جاء فرانتس ستيك وآخرون بإنجاز كبير في سويسرا، التي بلغها داء السعار عام ١٩٦٧. شملت تجربة فرانتس وديانًا على شكل حرف Y: مع انتشار السعار في ساق اﻟ Y، رُشقت مداخل كل ذراع من الشوكة برءوس دجاج، محملة بواسمات حيوية يمكن اكتشافها في أسنان الثعالب التي أكلتها. عند مدخل أحد فرعَي الشوكة، كانت الطعوم تحتوي على سم؛ وفي الآخر، احتوت على لقاح فموي حي موهَّن يحمل اسم ساد. وجاءت النتيجة باعثةً على السرور؛ اخترق السعار الحاجز الوقائي المسموم، أما في الفرع الآخر فقد توقف المرض تمامًا عندما اصطدم بالنظام الاجتماعي غير المضطرب للثعالب الملقحة. لقي فرانتس حتفه عام ١٩٨٢ عندما تحطمت طائرته الهليكوبتر أثناء إسقاط رءوس الدجاج. كان الإرث الذي خلَّفه هو القضاء على المرض بدلًا من مضيفه البري: بحلول عام ١٩٩٦، كانت سويسرا خالية من داء السعار، بعد ٢٫٦ مليون طعم. وفي تسعينيات القرن الماضي، بدأت ست عشرة دولة التطعيم الفموي، وقد يصبح داء الكلب الأوروبي قريبًا ماضيًا منسيًّا نتيجة الجمع بين المعرفة بشأن البيئة السلوكية للثعالب وتقدم تكنولوجيا اللقاحات. (تعثر القضاء النهائي على الوباء، بسبب نقل الناس الحيوانات بطرق غير قانونية، وعدم الالتزام بالتمويل، والسياسة في أوروبا الشرقية، ووصول كلاب الراكون الغازية).

قد لا يقضي داء السعار على الثعلب الأحمر الدائم المقاومة، لكنه قد يؤدي إلى فقدان ثعلب بلانفورد الذي يعيش في الجروف، بذيله الرقيق المنفوش، وهو واحد من أندر الحيوانات المفترسة في غرب آسيا. كانت هذه الثعالب قد اكتُشفت في ثمانينيات القرن الماضي، في عين جدي، في إسرائيل، أقصى الغرب من نطاقها المعروف، لكنها ما إن اكتُشفت حتى واجهت الإبادة بسبب تفشي داء السعار في الثعالب الحمراء المتواجدة (المتواطنة) معها وما صاحب ذلك من عمليات قتل للثعالب. كذلك يهدد داء السعار بالانقراض حيوان الذئب الإثيوبي، النادر بقدر ما هو بديع. كرس كلاوديو سيليرو حياته للحفاظ على الأفراد الباقين البالغ عددهم حوالي ٥٠٠، إذ ينسحبون من التوسع الزراعي وتغير المناخ إلى مساحات متضائلة من الهضاب الجبلية، وهناك في آخر معقل لهم، في جبال بيل، تتوالى عليهم حالات تفشي السعار. أدت حالات التفشي هذه إلى وفيات وصلت إلى ٧٧ في المائة كل ٥–١٠ سنوات. أشارت التجارب النموذجية إلى أن التطعيم المستهدَف للقطعان في مواقع استراتيجية، مثل مداخل الممرات الحركية، قد يحل المشكلة. وقد حقق المرجو منه، بيد أن اصطياد كل ذئب وحقنه كان عملًا شاقًّا لكنه أُنجز بشغف. في عام ٢٠١٦، اختبر الفريق أربعة طعوم تحمل واسمات حيوية قابلة للرصد لاحقًا في دماء الذئاب في ١٢ قطيعًا، مستخدمًا ثلاث طرق لتوصيلها، كان أفضلها أن يقترب رجل ممتطيًا حصانًا من الذئب المستهدف ليلًا، ويقذف إليه شريحة لحم. كذلك ألقوا لثلاثة قطعان بطعم يحتوي على لقاح فيروس حي موهَّن معدل اسمه ساج ٢. بعد أسبوعين، تبين من الواسمات الحيوية أن ٨٦ في المائة من الذئاب التي أكلت الطعم المحمل باللقاح صار لديها حماية كافية من داء السعار. وبعد ١٤ شهرًا، كانت جميع الذئاب المطعمة عدا واحد في صحة جيدة. الآن يبدو أنه من الممكن تنفيذ حملة تطعيم وقائي ورصد على نطاق واسع.

كان تأثير الاضطراب أبرز ما في سياق السل البقري، وهو مشكلة عالمية تؤثر على قرابة ٥٠ مليون رأس ماشية في جميع أنحاء العالم وتكلف ثلاثة مليارات دولار سنويًّا. في عام ١٩٧٤ اكتُشفَت إصابة غرير مقتول على الطريق بالسل في المملكة المتحدة، ومن يومها والغرير الأوروبي يُعد مستودعًا للمرض. تتسبب في السل البقري بكتيريا المتفطرة البقرية التي تؤثر بشدة على الأبقار الحلوب، لكنها نادرًا ما تسبب المرض أو الوفاة في حيوانات الغرير. ما إذا كان قتل الغرير للحد من سل الماشية في الأبقار قد نجح أم لا هو موضوع خلاف، ومما يفسر نتائجه المتباينة ما أحدثه من اضطراب. كانت التجربة العشوائية للسيطرة على الغرير أكبر وأغلى تجربة لإدارة الحياة البرية على الإطلاق، وقد قارنت بين ١٠ نسخ من ثلاثة أساليب علاجية: قتل الغرير كرد فعل حيثما يتفشى المرض في الأبقار؛ والقضاء عليه استباقًا؛ وعدم اتخاذ أي فعل، حيث طُبق كل أسلوب من هذه الأساليب على مساحة ١٠٠ كيلومتر مربع من الأراضي الزراعية. توقف العمل بالعلاج التفاعلي لأنه أدى إلى تفاقم الأمر، كما توقعت فرضية الاضطراب. في حالة العلاج الاستباقي، بينما كانوا يتخلصون من الغرير، كان عدد القطعان التي تأكد اندلاع الوباء فيها داخل منطقة الإعدام أقل بنسبة ٢٣ في المائة من المناطق التي لم يُعدم فيها. وعلى ذلك فقد زاد تفشي الوباء في القطعان بنسبة ٢٥ في المائة في محيط عرضه ٢ كيلومتر حول منطقة الإعدام الأساسية. بعد تسع سنوات، وبعد خمس سنوات من انتهاء التجربة، كان العلاج الاستباقي مقترنًا بانخفاض إجمالي بنسبة ٢٦ في المائة (مع تباين واسع) في مرض الماشية في مناطق الإزالة. شهد المزارعون في مركز كل منطقة من مناطق الإزالة وأولئك الذين على حوافها هذا التحسن الإجمالي بشكل مختلف جدًّا، حيث بلغ متوسط التحسن ٨ في المائة فقط مع تباينات واسعة، تراوحت بين تدهور إجمالي بنسبة ١٦ في المائة وتحسن بنسبة ٣٥ في المائة؛ وهو مكسب لا يستحق ما بُذل من جهد وإنفاق وقتل. خلص فريق الخبراء إلى أن «إعدام الغرير لا يمكن أن يساهم مساهمة مجدية في مكافحة السل البقري في بريطانيا في المستقبل»، وأن «بعض السياسات قيد النظر من المحتمل أن تجعل الأمور أسوأ لا أفضل». كما أشاروا إلى أن «ضعف أنظمة اختبار الماشية يعني أن الماشية نفسها تُسهم بشكل كبير في استمرار وانتشار المرض في جميع المناطق التي يوجد فيها مرض السل البقري». على الرغم من ذلك، فقد واصلت الحكومة البريطانية إعدام الغرير، بسبب ضغوط جماعات ذات نفوذ في القطاع الزراعي. عند إجراء مقارنة عام ٢٠٢٢ بين معدل الإصابة بمرض السل البقري في المناطق الشديدة الخطورة التي أُعدم فيها الغرير والتي لم يُعدم فيها لم يُرصَد أي فرق بينهما. بل كانت مستويات إصابة الماشية أعلى قليلًا في مناطق إعدام الغرير في معظم السنوات (شكل رقم ٦-٢).

استقبلت وزارة البيئة والغذاء والشئون الريفية في المملكة المتحدة هذا التحليل بدحض شديد، حيث أشار كل طرف إلى التحليلات التي تدعم تفسيره. بحلول ذلك الوقت، كان قد قُتل نحو ١٤٠ ألف غرير آخر دون تأثير ملحوظ مع تبدد آمال جيل من مزارعي الألبان بقسوة. ولا يسع المرء سوى أن يتساءل ما إذا كان الأثر المستعصي إثباته كان يستحق ما أُنفِق لتحقيقه. ثمة رأي سائد بين علماء الحفاظ على التنوع البيولوجي وهو أن أكبر مساهمة في حل مشكلة مرض السل البقري تكمن في اختبار أكثر فعالية للماشية المصابة، وإعدامها في وقت مبكر، والنجاح المرجو في العملية المعقدة لوجستيًّا لتطعيم الماشية والغرير، وقد صار لدى كليهما مناعة متطورة. تُجري حاليًّا تجارب للتعجيل بنشر مخطط للقاح السل البقري بحلول عام ٢٠٢٥.

fig20
شكل ٦-٢: معدل الإصابة بسل الماشية بين الماشية داخل وخارج ٣٠ منطقة إعدام للغرير في المنطقة شديدة الخطورة في إنجلترا، خلال سنوات إعدام الغرير (من سبتمبر إلى أغسطس) ٢٠١٣/١٤-٢٠١٨/١٩.

اعتبارات أوسع

يؤثر المرض أيضًا على إعادة توطين الحيوانات والنباتات. فلنتذكر في هذا الصدد فئران الماء المهددة بالانقراض في بريطانيا بسبب المنك الأمريكي الغازي. كذلك تهدد بكتيريا البريميات، التي تسبب داء فايل في البشر، فئرانَ الماء، حيث تؤخر النضج الجنسي وتقلل معدلات نموها وبقائها على قيد الحياة. خلال إعادة توطينها، كانت فئران الماء المرباة في الأسر خالية من المرض عند الإفراج عنها، لكن بعد أربعة أشهر في البرية، كان ٤٣ في المائة منها تفرز بكتيريا البريميات في فضلاتها، مقارنةً ﺑ ٦٫٢ في المائة في فئران الماء التي نشأت في البرية. يمكن قياس الإجهاد في الحيوانات البرية باستخدام تقنية تسمى قدرة الكريات البيضاء على المقاومة؛ إذ يشير انخفاض استجابة الكريات البيضاء إلى كبت المناعة ومن ثَمَّ الإجهاد الفسيولوجي. قبل إطلاق فئران الماء، كان الأيسر أن تعيش فئران الماء الصغيرة في مجموعات، لكنه أدى إلى خفض قدرتها على المقاومة، ربما بسبب الإجهاد الاجتماعي، وربما يكون ذلك قد زاد من سهولة تأثرها بالبكتيريا. منذ ذلك الحين، صارت فئران الماء الصغيرة تُربى منفصلة.

البيئة، ومن ثَمَّ عملية الحفاظ عليها، مليئة بالتسلسلات والروابط غير المتوقعة. مرض سرطان الوجه الذي يصيب حيوان شيطان تاسمانيا هو سرطان غير فيروسي معدٍ ينتقل عن طريق العض. كان قد شوهد لأول مرة في عام ١٩٩٦، وفي غضون ٢٠ عامًا، انتشر في ٨٠ في المائة من النطاق الجغرافي لشيطان تاسمانيا، مما أدى إلى انخفاض أعداده بأكثر من ٩٥ في المائة. أدى هذا الهلاك لشيطان تاسمانيا إلى ارتفاع أعداد القطط البرية التي كان يسيطر عليها فيما سبق. والأسوأ من ذلك أنه مع انخفاض أعداد حيوانات شيطان تاسمانيا وارتفاع أعداد القطط، بدأت أعداد الدصيور الشرقي، وهو أصغر مفترس في المنطقة، من مفترسات الطبقة المتوسطة، في التراجع سريعًا. من الممكن أن يصاب الدصيور بطفيلي المقوسة الجوندية من القطط. كذلك من الجائز أن تكون أعداد الدصيور قد انخفضت بسبب توالي فصول الشتاء الرطب الدافئ، والآن قد يحول افتراس القطط لصغاره دون عودة أعداده للتزايد، وهو موقف يُسمى «جُب المفترسات»، وقد يزداد سوءًا إذا صارت القطط، التي كانت سابقًا نهارية لتجنب حيوانات شيطان تاسمانيا الليلية، تنشط أكثر ليلًا ومن ثم تصادف صغار الدصيور أكثر. تأكيدًا على أهمية علم الجينوم من أجل الحفاظ على التنوع، أثار دليل ظهر مؤخرًا على انتخاب الأليلات (أشكال مختلفة من الجينات) المقاوِمة لسرطان الوجه لدى شيطان تاسمانيا بين الجماعات البرية المخاوف من أن جماعات شيطان تاسمانيا المرباة في الأسر، المعزولة عن البرية، قد تكون غير مناسبة للنقل في المستقبل. لكن لحسن الحظ، أظهرت مقارنة الشياطين التاسمانية على مستوى تنوع الجينوم الشامل والتنوع الوظيفي (في أكثر من ٥٠٠ جين) أن الحال ليس كذلك. يستلزم التعقيد البيئي نهجًا يتناول كل حالة على حدة فيما يتعلق بتأثير المرض على التنوع البيولوجي، وهذا يتطلب الرصد، والمراقبة، والتقييم.

تتقاطع الأمراض مع تغير المناخ، وهو ما يؤدي إلى تحولات في نطاقات الحيوانات. فقد أدى إلى انتقال الديدان السحائية لدى الأيائل ذات الذيل الأبيض شمالًا، حيث تصيب الآن الموظ والأيل الأحمر في دوائر العرض الأعلى هذه، وتسبب انتشار الديدان الرئوية في ثيران المسك على نحو أوسع. ينتقل البعوض أيضًا، وتنتقل معه الملاريا. أدى التقاطع بين الأمراض والمناخ إلى توجيه تحذيرات لمديري الحدائق الوطنية والمناطق المحمية بوجوب التخطيط بعناية لمنع وصول الأمراض المعدية والاستعداد لإدارتها. يتقاطع أيضًا الانتشار في خطوط العرض العليا نتيجة لتغير المناخ مع أمراض البرمائيات: عندما يبرد الجو، تعاني البرمائيات الآتية من مناخ دافئ من الإصابة بفطر كايتريد أكثر من تلك التي نشأت في مناطق باردة.

التفكير السريع

قد تجبر الأمراض المعدية علماء الحفاظ على التنوع البيولوجي على التصرف بسرعة، معتمدين على معلومات غير كاملة، ودون معرفة حجم الجماعات السكانية المعنية أو عدد الأفراد المصابين. يقترح استعراض لعام ٢٠٢١ التنسيق بين رصد المرض ورصد الجماعات السكانية في الحياة البرية، بحيث تتحول المراقبة السلبية للمرض إلى شيء أشمل، يُعرَف بالرصد المتكامل للحياة البرية (الشكل رقم ٦-٣). يتفق هذا التفكير المتكامل مع نهج «صحة واحدة» الذي يسلط الضوء على التقاطع بين الناس، والحيوانات الأخرى (المستأنسة والبرية)، والبيئة.

تتضح الروابط العميقة بين البشر، والحيوانات المستأنسة والبرية، والبيئة في حالة مأساوية أخرى لأمراض الحياة البرية: فقد ترتب على تفشي مرض سارس عام ٢٠٠٢ إصابة ٨٠٩٦ شخصًا، وموت ٧٤٤ شخصًا. وقد استجابت مقاطعة جوانجدونج، في الصين، بقتل الآلاف من زباد النخيل الملثم، بالإضافة إلى كلاب الراكون، والغرير ابن مقرض، والقطط المنزلية.

fig21
شكل ٦-٣: الرصد المتكامل للحياة البرية كمزيج من رصد الجماعات السكانية، والمراقبة السلبية (المسح)، والمراقبة النشطة (المستهدِفة) للأمراض.

في أعقاب سارس، لم يكن تفشي كوفيد-١٩ إلا واحدًا من العديد من الأوبئة الناجمة عن الفيروسات المنتقلة من غير الآدميين: نشأ فيروس نقص المناعة البشرية، المسبب للإيدز، من ذبح الشمبانزي البري لأكل لحمه؛ وانتقل فيروس إنفلونزا الخنازير الجديد عام ٢٠٠٩ من الخنازير إلى البشر في منشأة لإنتاج اللحوم في المكسيك. ومن المرجح أن تكون الأوبئة المتكررة في العصور الوسطى قد انتشرت عن طريق بكتيريا اليرسينيا الطاعونية المقترنة بالجرذان وبراغيثها؛ وهكذا يكون العيش مع الجرذان قد أودى بحياة مئات الملايين من الناس. في عام ٢٠٢٢، عُثر على سلالة متباينة للغاية من سارس-كوف-٢ في الأيائل ذات الذيل الأبيض، ويرجح قدرتها على الانتقال من الأيائل إلى البشر. إن الرسالة بشأن الحفاظ على التنوع البيولوجي وصحة الإنسان واحدة: هذه المخاطر طويلة الأمد، وهي متفاقمة، وتتطلب اهتمامًا شاملًا.

يعود مصدر فيروس سارس-كوف-٢، الفيروس المسبب لكوفيد-١٩، على الأرجح إلى منجم نحاس ناءٍ في موجيانج، في مقاطعة يونان، وهو يعود بنا من خلال بعض إعادة توزيع الحمض النووي الريبي للفيروس، إلى فيروس آخر يُدعى فيروس كورونا الخفافيش RaTG13، الذي كان جينومه يطابق سارس-كوف-٢ بنسبة ٩٦٫٢ في المائة وهو يصيب خفافيش حدوة الحصان هناك (Ra هي المقابل لرينولوفوس أفينيس؛ اسم الخفاش). وقد ظُن في البداية أن حيوانات البنغول قد تكون مضيفًا وسيطًا، لكن علم دراسة الجينوم نقض هذا الظن؛ في الواقع، كنا نعمل مع زملاء صينيين في أسواق ووهان تلك ووجدنا أن لا البنغول ولا الخفافيش كانت تُتداوَل هناك، على الرغم من بيع عدد هائل بلغ ٤٧٣٨١ فردًا من ٣٨ نوعًا، بينها ٣١ نوعًا محميًّا، بين مايو ٢٠١٧ ونوفمبر ٢٠١٩، تربى بعضها في المزارع، والبعض الآخر اصطيد من البرية، والدليل على ذلك الجروح التي أحدثتها الفخاخ. في عام ٢٠٢٢، فحص فريق بقيادة مايك ووربي الأوساخ المتبقية في قفص كان يسكنه كلاب راكون ووجد تطابقًا مع سلالة الفيروس التي أصابت أول بؤرة للمرضى من البشر في محيط نفس الكشك داخل السوق. ذاع على لسان وينستون تشرشل القول المأثور: «أولئك الذين لا يتعلمون من التاريخ، محكوم عليهم أن يكرروه.» لن يتفاجأ أحد، لا سيما علماء الحفاظ على التنوع البيولوجي، من أن استمرار أسواق الحياة البرية في الصين قد أتاح ظهور فيروس كورونا آخر وأشد عدوى.

رغم ضخامة عدد الوفيات البشرية الناجمة عن كوفيد-١٩، إذ تعدت ستة ملايين شخص، فإنه ليس أعلى معدلات الوفيات الناجمة عن أمراض حيوانية المصدر: فقد أفادت التقارير بأنه في غرب أفريقيا في الفترة من ٢٠١٤ إلى ٢٠١٦، قتل فيروس الإيبولا ١١٣١٠ من ٢٨٦١٦ شخصًا مصابًا (كانت الخفافيش هي المستودع، لكن انتقلت الإيبولا إلى البشر عبر القرود والظباء الأفريقية الصغيرة)، في حين أنه منذ عام ١٩٨١ توفي نحو ٣٢ مليون شخص من الإيدز. ومع أنه من الجائز أن تكون الأمراض المعدية قد ظلت لقرون تنتقل في كلا الاتجاهين بين البشر والحيوانات الأخرى، فإن ضغط السكان من البشر على البيئة اليوم، وتوغلهم في كل برية، جنبًا إلى جنب مع التجارة في الأحياء البرية، زاد من مخاطر الأمراض حيوانية المصدر زيادة هائلة أنتجت ما حذرتُ في مقال في عام ٢٠٠٦ من أنه «مزيج متفجر من المخاطر».

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤