في عرين الأسد!
قاد «أوزال» «أحمد» إلى حجرة واسعة بأطراف قصره وقال له: سوف تكون هذه هي حجرتك منذ الآن … لكي تكون قريبًا مني كل وقت … وفي أي مكان سأذهب إليه سترافقني دائمًا.
أحمد: إنني سعيد بتلك الثقة يا سيدي.
أوزال: إنني دائمًا أكافئ بسخاء كلَّ من يخدمني بإخلاص … وأعاقب بقسوة وبلا رحمة كلَّ من يفكر في خيانتي.
قال «أوزال» العبارة الأخيرة بصوت رهيب، وتجاهل «أحمد» لهجة التهديد، وقال: سوف أبذل كل جهدي لخدمتك يا سيدي.
اتجه «أوزال» خارجًا وخلع «أحمد» ملابسه وتمدَّد في الفراش الوثير وأغمض عينيه … كان يدرك بلا شك أنه صار في عرين الأسد … وأن خطة رقم «صفر» في إلحاقه بالعمل لدى «أوزال» قد نجحَت تمامًا وصار «أحمد» من ضمن الحرس الخاص ﻟ «أوزال».
ولكن … كان «أحمد» يعرف تمام المعرفة أنه بات في موقف خطير … فأقل خطأ أو هفوة قد يكشفانه ويكلِّفانه حياته.
كان يعرف أن هناك كاميرات تليفزيونية سرية في الحجرة تقوم بنقل كلِّ تصرفاته إلى «أوزال» ورجاله؛ ولذلك لم يحاول «أحمد» أن يقوم بأي نشاط تلك الليلة. وكان عليه أن ينتظر ما ستُسفِر عنه أحداث الغد … ولقاء «عثمان» ﺑ «أوزال» … ولذلك مد أصابعه وأطفأ النور. وغرق في نوم عميق.
ارتسمَت ابتسامةٌ ساخرة على وجه الشيطان الأسمر وهو يقول لضيوفه: إذا كنتم تريدون مزيدًا من العراك مثل الأمس فأنا على أتم الاستعداد.
وكان عددٌ من رجال «أوزال» وعمال الكازينو قد طرقوا بابه في الصباح الباكر، فاستقبلهم «عثمان» بالعبارة السابقة، ودون أن يهتز قلبه.
تقدم أحد الرجال من «عثمان» قائلًا: لقد جئناك لسبب آخر.
عثمان: إذا كنتم قد جئتم لاسترداد المليون دولار فأنتم تضيعون وقتكم عبثًا؛ فالمرء لا يربح كلَّ يوم مليون دولار لكي يُعيدَها للآخرين.
قال أحد رجال «أوزال»: بإمكانك أن تربح ملايين أخرى لا حصر لها.
– وكيف ذلك؟
– إذا أتيت معنا لمقابلة الرجل الكبير … فهو يرغب في رؤيتك، وربما يضمك للعمل معه.
– ومَن هو هذا الرجل الكبير؟
– هل سمعت عن «أوزال أفران»؟
تظاهر «عثمان» بالدهشة الشديدة وصفَّر بشفتَيه قائلًا: هذا مذهل … لم أكن أحلم يومًا بمقابلة هذا الرجل … هل أنتم جادون في عرضكم؟
– ثِق من ذلك … إنه بانتظارك … وهو لا يحب التأخير.
– وسأكون جاهزًا خلال دقائق قليلة.
بدَّل «عثمان» ملابسه … ثم استقل إحدى سيارات رجال «أوزال» التي انطلقت به إلى ضواحي «نيويورك»، وتجاوزَت السيارة بعضَ الحدائق الواسعة المسورة، ثم توقَّفَت أمام منزل ريفي فاخر بأطرافها.
ما إن هبط «عثمان» من السيارة، حتى تحرَّكَت بركابها وتركَته وحده … وفجأة اندفع ستة من لاعبي الكاراتيه والجودو من داخل المنزل الريفي مسلَّحين بالخناجر والسيوف، وراحوا يدورون حول «عثمان».
هتف «عثمان»: مرحَى … يبدو أن الاستقبال سيكون حافلًا.
واندفع الرجال الستة نحو «عثمان» شاهرين أسلحتهم، ولكنه قفز عاليًا وأطاح بأحدهم وهو في الهواء، بينما ألقى أحد الرجال بخنجره نحو «عثمان»، ولكن الشيطان الأسمر تفاداه بخِفَّة، وانغرز الخنجر في شجرة خلفه، فالتقطه «عثمان»، وبسرعة «الفهد» ألقاه نحو صاحبه فانغرز الخنجر في الرجل فسقط على الأرض وهو يتألم …
لم ينتظر «عثمان» الهجوم مرة أخرى … بل بادر به … واندفع بكل قوته مستخدمًا كلَّ فنون القتال التي يُجيدها … وقبل أن تمرَّ ثلاث دقائق كان مقاتلوه قد تمدَّدوا فوق الأرض بلا حراكٍ …
ومن شُرفة المنزل الريفي تعالَى صوتٌ يقول: برافو … إنني لم أشاهد أداء بمثل هذه المهارة من قبل.
ألقى «عثمان» نظرةً لأعلى فشاهد «أوزال أفران» واقفًا مع بعض مساعديه … وهتف «عثمان» به: إن هذا المكان مليء بالمفاجآت مثل وكر الثعلب.
هبط «أوزال» وتقدَّم نحو «عثمان» قائلًا: إن ما أخبرني به رجالي عنك لم تكن به أية مبالغة.
عثمان: إذن فأنت الرجل الكبير … «أوزال أفران» … يسعدني مقابلتك.
– وأنا أيضًا.
– أخبَرني رجالُك أنك قد تعرض عليَّ عملًا.
تفرَّس «أوزال» في «عثمان» لحظة ثم قال: إنني بالفعل بحاجة لمن كانت له مثل مهارتك … هل توافق على أن تكون ضمن حرسي الخاص؟
كشفَت ابتسامة «عثمان» عن أسنانه الناصعة وقال: بشرط ألَّا تطالبني بالمليون دولار.
انفجر «أوزال» ضاحكًا وهو يقول: لن أطالبك بشيء … بل سأضيف إليها ملايين أخرى إذا قمت بعملك على خير وجه.
– ثِق من ذلك يا سيد «أوزال».
– هذا حسن … والآن سأقوم بتعريفك بشخص آخر التحق بخدمتي منذ وقت قليل هو الآخر.
وعلى البعد كان «أحمد» يقترب من «أوزال» وقد تعلَّقت عيناه ﺑ «عثمان» … وهتف «أوزال» به: هل نمتَ جيدًا؟
أحمد: نعم يا سيدي.
أوزال: حسنًا … فلتتعرف على زميلك الجديد!
ومدَّ «أحمد» يده يصافح «عثمان» وهو ينقل له رسالة بلغة العيون … على حين تعلَّقت نظرات «أوزال» بالشيطانَين، كأنه يقرأ رسالتهما السرية وما يدور في عقلَيهما من أفكار.