شرَك الثعالب!
اقتربت الساعة من منتصف الليل … تحرَّك «أحمد» في فراشه. كان النور مطفأ في حجرته، ولكنه كان يشعر بأنه مراقَب، بالرغم من أن العدسات التليفزيونية التي كانت تراقب حجرته لم تكن تعمل في الظلام.
ولكن إحساسه جعله يوقن بأنه مراقب بالفعل … ولم يكن لديه أي وقت للتراجع، وكان عليه أن يُتمَّ عمله الليلة … فغادر فراشه في خفَّة، واقترب من باب الحجرة ووقف يتنصت.
كان الهدوء يسود القصر، فأسرع «أحمد» يبدل ملابسه، وحمل سلاحه الذي تسلَّمه في المساء … مدفع رشاش سريع الطلقات كان يتعين عليه لحماية «أوزال» في كل مكان يذهب إليه.
فتح «أحمد» الباب في بطء وأطل للخارج، لم يكن هناك أحد في الردهة العريضة … وتحرك نحو السُّلم هابطًا لأسفل … واندهش «أحمد» عندما لم يصادف أحد الحراس، كان المكان يسوده صمتٌ وهدوء مريبان وزاد إحساس «أحمد» بالخطر … ولكن لم يكن أمامه أي وقت للتراجع.
ظهر مدخل القبو إلى الأمام … يقف على حراسته حارسٌ يغالبه النعاس … نظر «أحمد» في ساعته، كان باقيًا على منتصف الليل ثلاث دقائق … فكمن في مكانه ينتظر وصول «عثمان» وقَطْع التيار الكهربائي. وكانت مهمة الشيطان الأسمر سهلة أيضًا … فلم يصادفه أحد عند خروجه من حجرته. وكان الأمر يبدو كما لو أن جميع سكان القصر وحراسه قد استسلموا للنوم العميق على غير عادتهم. واتجه «عثمان» خارجًا من القصر، وإلى الخلف كانت تقع محطة كهربائية صغيرة، كانت تعمل على إمدادِ كلِّ أجزاء القصر بالكهرباء.
كان مع «عثمان» الأدوات الخاصة بعدم تشغيل المحطة … وفي أقل من دقيقتين لمع من المحطة شرر صغير، ثم ساد الظلام المكان.
كانت هذه هي لحظة العمل بالنسبة ﻟ «أحمد». فما إن ساد الظلام حتى هتف حارس القبو أمامه في قلق: ماذا حدث؟
جاوبه «أحمد» قائلًا: لا شيء … فقط جاءت شياطين الظلام … وقبل أن يرفع الحارس سلاحه، أقنعه «أحمد» ألَّا يفعل ذلك … بضربة قوية أرسلَت الحارس إلى الجحيم.
اندفع «عثمان» إلى الداخل هامسًا: إن كل شيء على ما يرام.
أحمد: إذن هيَّا بنا نحاول فتْحَ باب القبو قبل أن ينتبهَ سكان القصر إلى ما يحدث بداخله.
تفحَّص «عثمان» الباب برغم الظلام وقال: إنه مصفح.
أشعل «أحمد» بطارية صغيرة وجَّهها نحو الباب وهمس في قلق: ما العمل الآن، لن يمكننا نسف الباب أو إطلاق الرصاص عليه، وإلا لفت ذلك الأنظار إلينا.
عثمان: سأحاول فتحه بطريقتي الخاصة … و…
لم يُكمل «عثمان» وتوقَّفَت الكلمات فوق شفتَيه عندما انفتح باب القبو في نفس اللحظة التي عاد فيها الضوء يغمر المكان.
من داخل القبو ظهر عشرة حراس مسلحين يُصوِّبون مدافعهم الرشاشة إلى الشياطين ومن الخلف ظهر عشرة حراس آخرين.
قبل أن تمتدَّ أصابع «أحمد» و«عثمان» إلى سلاحَيهما هتف صوتٌ يقول: إذا حاولتما إظهارَ أيِّ نوع من البطولة فسنجعل جسديكما مثل المصفاة من الرصاص.
سقطَت أيدي الشيطانَين بجوارهما ولم يحاولَا المقاومة وأدركَا أنهما سقطَا في شرَك تم إعداده بإحكام لهما.
ظهر الغضب على وجه «أحمد» … تأكَّد إحساسُه الخاص بأنه كان مراقَبًا، وأن عدم وجود حراسه بداخل القصر ووصولهما السهل إلى القبو كان متعمَّدًا … والتقط الحارس أسلحةَ الشيطانَين … ثم دفعهما رئيس الحراس بغلظة قائلًا: هيَّا سِيرَا أمامي؛ فإن الرجل الكبير ينتظركما.
تبادل «أحمد» و«عثمان» النظرات … كان ما حدث يعني أن «أوزال» قد اكتشف حقيقتَيهما، وأنه لن يرحمهما أبدًا.
لم يكن أمام الشيطانين غير عمل وحيد … عمل انتحاري. وفي لحظة واحدة تشابكَت أيدي «أحمد» و«عثمان»، وقفزَا في الهواء مثل بهلوانين … وانطلقت بضعة رصاصات نحوهما … ولكنها طاشَت كلها وقبل أن يسقط الشيطانان على الأرض، كانت أقدامهما قد أخذت طريقها إلى عدد من الحراس فطرحتهم أرضًا.
اندفع بعض الحراس نحوهما شاهرين سلاحهم بدون أن يُطلقوه. وكان ذلك يعني أن «أوزال» يريدهما أحياء، وكان ذلك في صالحهما تمامًا.
لم يكن أحب للشياطين من دخول المعارك. وهكذا راح الاثنان يطيحان في الحراس بضربات هائلة … واندفع مزيد من الحراس إلى المكان … وشعر الشيطانان أنهما يخوضان معركة ليست في صالحهما، وأصابهما الإجهاد الشديد لكثرة ما قاتلَا.
وفجأة أُصيب كلٌّ منهما بضربة قوية … فسقطَا على الأرض فاقدَي الوعي.