أيا حُسن هذا العيش لو كان قصَّةً
يُسرُّ بها ساري الورى وهْو يسمرُ
على ما بها من ضجَّةٍ بين شقوة
وكم عاشقٍ للنقص يهوى وينكرُ
فليت الفتى يبدو له صرفُ عَيْشِه
كعيش غريبٍ قصةً تتدبَّرُ
ويا رُبَّ مأساة إِذا ما بدت له
تُمَثلُ إِنْ يحزن لها فهْو يصبرُ
وفي فنِّها ملهًى وحسنٌ وسلوة
ولولا فنون العيش ما كانَ يعذرُ
وإِن كان ربُّ الناس يقضي اقتتالهم
فما شأن مثلي، وهْو أعلى وأقدرُ؟
وما قصَّرَتْ بي رغبة عن محاسن
أريدُ لها عيشًا سوى العيش يُقْدرُ
حياةٌ كحسناء المسارح شرُّها
إِذا ما حكَتْهُ عاد بالفن يبهرُ
ممثلة حسناء كم مثَّلَت أذًى
وغدرًا أجادتْ فنَّها وهْي تغدرُ
فما زادها إِلَّا بهاءً وحظوة
لدى عاشقيها وهْي بالفنِّ تأسرُ
تَملَّيْتَها لما ولعتَ بفنِّها
ولولاهُ تزري بالحياة فتكدُرُ
حنانيك إِنَّ العيشَ فنٌّ فلا تُرَعْ
وإِن ناب خطبٌ فهْو مَحْكَى ومخبرُ
تُعانُ بهذا الرأي إِن كنتَ قادرًا
وإِن أمكن الإِصلاح لمَ تكُ تُقصُرُ
يمثِّل كلٌّ دوره في حياته
فإِنْ راقَ فنٌّ فهْو شأوٌ ومظهرُ
أَإِنْ نَمرٌ في النفس لمْ يُمْسِ هِرَّةً
تظلُّ على الأسقام تبكي وتسخرُ
وما نمرٌ عن هِرَّةٍ بُمبَاعدٍ
ويطغى وديع حين يبغِي ويقدرُ
سر الحياة
عبء لُغز الحياة يا قلبُ ما أفْـ
ـدح عبئًا يُحثَى عليك وثقلَا
لُعْزُ عيشٍ ولُغز عقلٍ وما أعْـ
ـجبَ لُغْزًا يروم للُّغز حلَّا
كلما رمتَ بالمجاهل خُبْرًا
زادكَ العيشُ بالمعالم جهلَا
عبثُ العيش كلَّما قال لا سِرًّا
أعَدْتَ السُّؤالَ جدًّا وهزلَا
قد خبرتَ الأنامَ يا قلبُ هلْ تنْـ
ـشد سرًّا من بَعْد ذاك وسؤْلَا؟
وحياةٌ بالسِّر أحجى حياة
هيَ أحلى ممَّا تراه وأعلى
خدعةُ العيش أن يُلَوَّح بالسر
إِذا عاف عائشوه وملَّا
فتزيد الحياةُ حسنًا ومأمو
لًا وتغوي الحياةُ نشأً وكهلَا
مثلما حُجِّبَتْ فتاة ليُرجى
سرُّ حسن لها استَسرَّ وقلَّا
لو بدتْ عاطلًا لما خَلبت لُبًّا
ولا استعبدتْ عشيقًا وخِلَّا
كم سعيد يلهو ويعمل لا ينْـ
ـقضُ فعلًا وليس يُنْكِر قولَا
وعلى غدرها أحبَّ حياةً
وحباها في الحب أهلًا ونسلَا
عاشقًا للحياة بعضًا وكلًّا
راضيًا بالحياة فرعًا وأصلَا
فإِذا شاكه من العيش هَمٌّ
قَال قولًا ورام للُّغْز حلَّا
عبءُ لغز الحياة يا قلب ما أفْـ
ـدحَ عبئًا يُحثى عليك وثقلَا
سرُّها أنك السعيدُ إِذا لم
تَدْرِ أنْ لا سرًّا لديها فَتُجْلى
ضَلَّةٌ ما أقول كم لاح من كَشْـ
ـفٍ وقد كان خافِيَ السرِّ قبلَا
ولعلَّ الحياة أكبر لولا
مُعْظِمٌ للحياة غالى وأغلى
فهْي من فرطِ رفعةٍ في انخفاض
تلك عليا إِنْ يُعلِها فهْي سُفلى
باءَ باليأس من عُلاها وقد غا
لى فقالَ الحياة بالحطِّ أولى
ويعيد الحياة فرضًا وحسنًا
ومتاعًا مَنْ يأخذ العيش سهلَا
بعد الإخاء والعداء
حنوتُ على الودِّ الذي كان بيْننا
وإِن صدَّ عنهُ ما جنيْنا على الودِّ
حنوتُ ولو أني حنوتُ وما حنا
ولو أنه يبغي هلاكي من الحقدِ
ولا أكذَبنَّ الناسَ قلبي كقلبه
له آنة ميلٌ عن النِّصف والقصدِ
كِلانا جنى شرًّا فعاد إِخاؤنا
مُحالًا حكى ذكرى الشباب على بُعْدِ
فيا طيبَ ذكراه وَيا بُعْدَ عهده
وأينَ قديمُ الودِّ من حاضر الصَّدِّ
مَضَى حيثُ يمضي عابرٌ بعدَ عابرٍ
من الأهل والأصحاب والذخر والولْدِ
مضى حيث يمضي كلُّ رأيٍ ومذهب
له أجلٌ كالناسِ ظعنٌ بلا عوْدِ
إِذا أنا أُنسيتُ الإِساءة من أخٍ
ذكرتُ له منِّي إِساءة ذي عمْدِ
وأيقنتُ لا ينسى عدائي وما جنى
عدائي عليه من عناءٍ ومن جهدِ
أيلتئمُ الصَّخران في اليمِّ بعد ما
تردَّدَ موجُ اليمِّ بالصدْع والهدِّ؟
ويتفق الخِلَّانِ من بعد ما بَدَتْ
به بغضة من مينِ قولٍ ومن نقدِ؟
وكنا على ما كانَ من قُرْبِ أنفسٍ
كنهرين في وادي الغضارة والوردِ
قد اقتربا مجرًى وماءً وعسجدًا
من الشمس لألاءً كلألأة الودِّ
حياة شباب عسجدٌ أيُّ عسجدٍ
وعهدُ إِخاءٍ لا يغيض ولا يكدي
إِلى أن دعا داعي الحياة وإِفنها
فمال بنا قصدُ السبيل عن القصدِ
وغيَّر منا القلبَ والنفسَ والمنى
وزاد طماحُ النفس بُعْدًا على بُعْدِ
هو البُغض مثلُ الحبِّ لحظٌ فمنطق
فنارٌ لها بين الأضالع كالوقد
وإِن كنتَ تدري الحبَّ كيف طروقه
ولم تدره أيْقَنْتَ ما جاء بالحقدِ
فيا ليتَ أنِّي قد غفرتُ جَفَاءه
وَنَبْوته حتى يصدَّ عن الصدِّ
ويذكر لي صَبْري على الضَّيْم والأذى
فيأسى على ما كان منه من الكيدِ
وتكسبني منهُ الندامةُ ألفةً
وإِنْ كان لي من قبل كالحجر الصلدِ
أعيشُ بصفوٍ منه يومًا فإِن جنى
على إِثرِهِ غَدْرًا ذخرتُ له ودِّي
وأُذْكِرُ نفسي منه عند انصرافها
شمائل تستدعي المغيِظَ إِلى الحمدِ
أبعد بلائي العيش أبغي مُبَرَّأً
وكيف ونفسي لي كما الضدُّ للضدِّ
يروقك حسن الفجر والنجم في الدجى
ومرأى رياض من عرار ومن وردِ
وأحسنُ منها البشر في وجْه صاحب
حليفك منه ما استسرَّ ولم يُبْدِ
فيا ليتَ لي دُنيا أبيعُ حطامها
بودِّ أخٍ لو يُشترى الود بالنقدِ
إِذا الحبُّ لم يَخْلُصْ من البغض والأذى
فكيف خلاص الود من عنت الحقدِ؟
وخِلَّاننا مثلُ الجوارح أيُّهُمْ
فقدنا، فبعضُ النفس في ذلك الفقدِ
أحقٌّ طِلاب الودِّ من نقص طالب
إِذن قَمنٌ نشدانك الودَّ بالحمدِ
لتكمل بالخِلِّ الذي أنت ناشدٌ
كما كَملَ النصفان تجمع في العدِّ
ويا طيب قلب غرَّه الودُّ حقبةً
كما عظم المخدوع بالفضل والمجدِ
وإِنك لا تدري أقَلْب مراوغٍ
أسرُّ أم القلبُ المغرَّرُ بالودِّ
وإِنَّ ودادَ المرءِ من بعضِ غُنْمِه
ولو أن مخلوف الوفا غاضَ لم يُجْدِ
تعيش بمخلوف الرجاءِ وكذبه
فَطامِنْ فإِنَّ الودَّ يا قلبُ لم يُرْدِ
رحيق الحياة الودُّ، لوْ دام صفوه
وكالخمر أصفاه المعتَّق ذو العهدِ
وأحسنه ما كان من عصره الصِّبا
ولم يَحْلُ بعد الشَّيب مُسْتَحدثُ الودِّ
فمَنْ لي بعود الدهر للودِّ والصِّبا
أليفَيْن ما كانا كما الندِّ للندِّ
يخال الصِّبا ودًّا وودُّ الصِّبا صبًا
كيانهما الممزوجُ كالجوهر الفردِ
وإِنَّ فقير الناس مَنْ خان خِلَّه
وإِن نالَ حظًّا من طريفٍ ومن تلْدِ
أأبغي إِخاءً لم تُشِبْهُ عداوة
وأنقم عفو الغدر أو غدرة العَمْدِ؟
كأَنِّيَ لم أدرِ الأنام وخلقه
ولم أَدْرِ أن الضِّدَّ يولع بالضدِّ
أبعد فراغي من جنازة ودِّنا
أروم خلود الودِّ من عادم الخلدِ؟
متى أرتضي الخلان صحوًا وغيمة
فأمنحهم غيثي وأمنعهم رعدي
أُغالط نفسي فيهمُ وأغرها
وإِن لاح منهم غدر أعدائيَ اللدِّ
وأكتم من آلام نفسيَ عزَّةً
إِذا لم يُتَحْ لي ما أُزيل به وجدي
فيا ساقيَ النسيان عَاطِ صحابتي
وهات لِيَ النسيان رفدًا على رفدِ
وهيهاتَ ما أمرٌ إِذا جدَّ جده
ليُنْسَى ولو وارُوه في مُشبه اللحدِ
إِذا انفلَّت السهم الطَّليق فما له
ولو أنَّه سهم النَّميريِّ من ردِّ
ويعجز هذا الدهر عن نقض فعله
ألا وهو الدَّهْر المصرَّفُ ذو الأَيْدِ
وفي وصف الطباع
ما ازدريتُ الأنام إِلَّا وهان الْـ
ـكيد منهم وهانَ منهم عداءُ
وتفرَّدْتُ لا أَصُولُ بكيدٍ
وتزهدْتُ واستقام العزاءُ
ومِن الناس مَنْ إِذا ما ازدراهم
كان منه الإِجرام والإعتداءُ
ولوَ انِّي أكبرتُهم لم يروني
غافرًا واحتوتْنيَ البغضاءُ
ولوَ انِّي أكبرتُهم لم ترَ الرحْـ
ـمة ديني وما بهم رُحماءُ
وُدُّهُمْ مثل بَغْضِهِمْ فيه عدوى
مثل عدوى تسعى بها الثؤباءُ
وَيَرى المرءُ أنَّه كلُّ شيءٍ
هو تبرٌ وما عداه هباءُ
مركزُ الكونِ حوله دارة الأفْـ
ـق وبهوٌ من فوقه وسماءُ
ولقد تحْمَد الخليل طويلًا
ثم يَبْدُو ما كان منه انطواءُ
فإِذا الغدرُ شيمةٌ وطِباعٌ
وإِذا الودُّ والوفاء رياءُ
وإِذا النفسُ جانبٌ مُدْلَهِمٌّ
بالدنايا وجانبٌ وَضَّاءُ
وإذا المرءُ يحمد الصحب منه
جانبًا والكريهُ منه خفاءُ
ومع الخُبْرِ بالأنام فقد يعْـ
ـرو الفتى عند غدرهم إِعياءُ
كلُّ يومٍ يَخال منه جديدًا
وهْو رثٌّ وما طواه العفاءُ
قلبُه الآمل المضلَّل بالودِّ
يقود الأسى إِليه الرجاءُ
ومعَ اليأس منهم كرمُ الصفْـ
ـح إِذ الحتْمُ ما جنوا والقضاءُ
كلُّهم يَشْتَكي ويشمت بالشا
كي وكلٌّ كما يسيء يساءُ
كلُّهم يندبُ الوفاءَ وكلٌّ
يتأذَّى وطَبْعُهُ الإِيذاءُ
كلُّهم قانصٌ يرى في وفاءِ الْـ
ـخلِّ صَيْدًا وليْسَ منه وفاءُ
كلهم لا يودُّ للناس ما يرْ
غب فيه لنفسه ويشاءُ
ويُسَرُّ الفتى ويبْدِي اكتئابًا
إِن ألمَّتْ بصاحب بأساءُ
صادق العطف كان أو كاذب العطْـ
ـف ففي نحْسِ خلِّهِ سراءُ
وارتياح أن لَمْ يُصَبْ مثل خلٍّ
نزل الحزن دَارَه والشقاءُ
وسواءٌ خِبٌّ وغِرٌّ ولا غرْ
وَ فللغرِّ صولة وعداءُ
كلُّهم إِن يرقْكَ منه ذكاءٌ
بعد حين يرعْكَ منه غباءُ
فكأنَّ الذكاءَ منه وميضُ الْـ
ـبرقِ، والعقل كله ظَلْماءُ
كلُّهم يبغض النقيصة حقًّا
حذرَ الناس بغضه إِخفاءُ
واكتسابًا للحمد والربح يقلَا
ها ولولاهما لعيف الرياءُ
كلُّهم يُلْبِسُ النقيصة منه
حلة الخير وهْو منه بَراءُ
يغضب المرء للفضيلة كيما
يحسب الناس أنَّ ذاك نقاءُ
وسواء نقصٌ وفضلٌ لديه
إِن تدانت من كسبه النعماءُ
ومن الناس مَنْ يَبوح بنقصٍ
وكثيرٌ من قوله إِطراءُ
كالذي قال إِنما أفْقَدَتْه الْـ
ـحلمَ منه صراحةٌ وإِباءُ
يمدح الحلم مغريًا وهْو يَسْطُو
مغنم الخبِّ في الورى الحُلَماءُ
حذرًا للشرور يمدح خيرًا
ذاك جبنٌ في طبعه واتقاءُ
قسم النقصَ والمحامد بين الـ
ـنَّاس منه الأحقادُ والأهواءُ
فلئيم من كان منه جفاء
وكريمٌ من كان منه إِخاءُ
ذاك ميزانه وما الحقُّ إِلا
ما رأى الحق يأسه والرجاءُ
ويرى الأخرَق الذي يرحم النا
س وإِن ودَّ أنهم رحماءُ
كي يمدُّوه بالذي ضنَّ عنهم
بِجَدَاهُ وهكذا الأحياءُ
كلُّ حيٍّ يصون منه حياة
ولئن غال ما عداه العفاءُ
حاطها بالصِّيال والمكر والقسْـ
ـو ولو عمَّ ما سواه الشقاءُ
وبإِنكار كيده وأذاه
وبدعوى الكمال وهْو طلاءُ
يتدنَّى يبغي العلاء ولا يُثْـ
ـنيه عمَّا يحطُّ منه إِباءُ
غير من آثروا على أنفس منْـ
ـهم نفوسَ الورى وقَدْ قِيلَ داءُ
وعجيبٌ أن كان أطْهَرُ ما في الـ
ـنَّفس داءً والحرص منه الشفاءُ
وأشَدُّ القُسَاةِ ينكر لؤم الـ
ـنَّاسِ كيما يكون منه مضاءُ
وهْو يُطْرِي الحياة بُقْيَا على الكيْـ
ـد وذعرًا يكونُ منه الثناءُ
بين أمريْن يدرجُ النَّاس طرًّا
جوع بطن أو أن يكون امتلاءُ
ومن الجوع أو حَذارا له أو
خَشْية الموت كم قسا الأحياءُ
وامتلاء يصير شهوة جسمٍ
يهتك الطهرَ حفزها والمضاءُ
هَيِّنٌ بعدها إذا ما الضحايا
نال منها نحسٌ ونال شقاءُ
خمصُ بطنٍ، ونهمةٌ وحذارٌ
واحتيال، وقسوة ورياءُ
ذلك العيش ثم ما كان من خيْـ
ـرٍ بكيٍّ لولاه عِيفَ البقاءُ
وقتالٌ على الحياة دَعاه الْـ
ـحيُّ فضلًا يبغي به ما يشاءُ
ذاك فَضلٌ إِذا أساء ولكن
وهْو نقصٌ في الناس حين يُساءُ
ولوَ انَّ السبيل للموت سهلٌ
لم تكن عنه نجوة أو عزاءُ
فاحمد العيشَ إِنَّ حبَّك للْعَيْـ
ـش مُلحٌّ مَهْمَا تمادى العناءُ
إِن أقوى الرجاء ما تعرف النفْـ
ـس وإِنْ قبَّحَ الحياةَ الذكاءُ
لم يعفها وإِنما شاء أن يُبْـ
ـصِرَ قدمًا من حسنها ما يشاءُ
دائبٌ بَصَّر الأنام بما جَمَّـ
ـلَ عيشًا ووصفُه إِغراءُ
والذي يَكْلَأُ الحياة على العِلْـ
ـم بها لا تروعه الأشياءُ
يمدح المرء مثلَ ما حاز من فضْـ
ـلٍ فإِن زاد كان منه هجاءُ
فقليلٌ ما نصدق النفس قولًا
وكثيرٌ من أجل ذاك المراءُ
مُهجةُ الحاسدين من سورة الأحْـ
ـقادِ والبُغْض مهجة هوجاءُ
ساء فعلٌ منهم فساءت ظنونٌ
والورى في طباعهم شركاءُ
سوءُ ظنِّ الأنام طبعٌ ولكنْ
مقلة الظن مقلة حولاءُ
كلُّ حيٍّ أمامه ما جنى الخصْـ
ـمُ يراه وما جناه وراءُ
وعجيب أن يحسد المرء حتى
بعد أن لم تَدُم له النعماءُ
أيُّ نفس من أنفس الناس عافَتْ
حسدًا للقلوب منه اكتواءُ
لا بلِ الفضل إِن تضاءلَ ما في الـ
ـنَّفس منه ولم يكن إِيذاءُ
كلهم ذلك الحسود ولكن
هَيِّنٌ ما بدت به الفضلاءُ
لو ينال الأنام ما حسدوه
حسدوا ضدَّه ولِيمَ القضاءُ
حسبوا اللؤم من ذكاءٍ وعقل
فادَّعاه الطغام والأعلياءُ
وتباهَوا بقدرة اللؤم فيهم
واستشاطوا إِن قيل هم لؤماءُ
وقليل ما يندم المرء إِن لم
يك جرْم من بعده الازدراءُ
فإِذا الناسُ زَيَّنوا منه جرمًا
شملته من مدحهم خيلاءُ
ومضى سادرًا يرود من الآ
ثام مرعًى ودأبه الكبرياءُ
يبتغي المرء أن يرى الناس طُرًّا
حيث يرضى، وخلقهم ما يشاءُ
وهْو لا يستطيع تغيير ما في
نفسه كي يكوَن منهم رضاءُ
وحقيقٌ بالشك من رأيه يتْـ
ـبع ما خولِجَتْ به الحوَبْاءُ
رأيه مثل خلقه وهواه
حاكم فيه جوُّه والغذاءُ
في قنوطٍ ومطمع، وانقباض
وارتياحٍ، تناكرت آراءُ
لو بدا الشر في النفوس تعادَتْ
رحم الله فاحتواه كساءُ
وإِذا الشر أعوز المرء عجزًا
ادَّعى أن عجزه استعلاءُ
ومُقِرُّ بالشرِّ كي يُغفر الشرُّ
وكيما يعود منه اعتداءُ
واعتداءٌ بالجود حرصٌ وكسبٌ
وهْو منه استزادة لا وفاءُ
ولقد يحقدُ العشيرُ إِذا خلَّا
كَ رزء وكان منه رثاءُ
يجرؤ الفرد بالجميع على الشرِّ
ولولاه غاله استخذاءُ
شدَّ من أزر سافلٍ أنَّ شرًّا
جُمِعَتْ في مناله الجبناءُ
فجبانٌ يشدُّ أزرَ جبانٍ
وعداءٌ يكونُ منهُ عداءُ
ولقد يفعلون خيرًا ليخف الشـ
ـرُّ منهم وذاك منهم رياءُ
والشقيُّ الجَزوعُ من شر قومٍ
جرَّ نفعم منه إِليهم رجاءُ
مستنيمٌ إِلى الولاء ويكوي
قلبَه أن يفيض منهم ولاءُ
جاهل بالأنام يخدعه المطْـ
ـري نفوسًا لهم وحَقَّ الهجاءُ
لقَّنوهُ أنَّ المروءةَ أنْ يغْـ
ـتَرَّ بالنَّاس وهْو منه غباءُ
لا بل الفضلُ خيره وهْو يدري
إِنْ بلاهم أنْ قد يعز الجزاءُ
مطمئنًّا بعدَ اصطناعٍ جَميلٍ
عندهم إِن دهاه منهم بلاءُ
كلهم ظالم وإِن كان مظلو
مًا رأى أن قَسْوَهُ استشفاءُ
يشتفي من لواعج الغيظ والذلِّ
بظلم الأذلِّ، بئس الدواءُ
يظلم الصاغر الضعيف كما يظْـ
ـلمه من له عليه اعتلاءُ
طبقاتٌ مقدَّرات من الطغْـ
ـيان ما إِن يُخال فيها انتهاءُ
ومعَ الشرِّ والأباطيل في نفْـ
ـسٍ فللخير آنة سيماءُ
الصحراء
أَرحْبُك أم صمتٌ على الأرض غالبُ
غدا مُصْحرٌ من روعه وهْو هائبُ؟
كَصمتِ الخشوع المطرقين نزوعهم
مقابرُ صرعى للرَّدى وخرائبُ
وصمت لذي المحراب في بيت ربِّه
يقاربه في صمته ويخاطبُ
تَوقَّعَ مَنْ قد غَاله الصمتُ هاتفًا
يكلِّمه من فرط ما الصمتُ راعبُ
كمخترقِ الظلماء لاحَ لعينه
إِذا جَال فيها اللحظ ما هو غائبُ
حدٍ أن يُناجي النفس فيك أخو الحجى
ويخشع صمتًا راكب فيك ذاهبُ
ويخشع من رَحْبٍ كأن لا مدًى له
حكى أبدًا ما حدَّه الدهرَ حاسبُ
ويخشع أن لا شيءَ إِلا مُجانِسٌ
فلمْ يلفَ إِلا مُشبهٌ أو مُناسبُ
وكم راع رأي العين إِن كان لا يُرى
سوى الشِّبه يتلوه الشَّبيه المصاقبُ
حكى خدعة الآمال آلُكَ رافعًا
على الأفق بُشرى كذَّبَتْها العواقبُ
سرابُ الأماني في الحياة خديعةٌ
وقد تهلك المرءَ المُنى والرغائبُ
وَمَنْ ضلَّ في خَرْقٍ من العيش لبُّهُ
كمن خذلتْه في الفيافي المذاهبُ
تَفتَّحُ أبواب الجحيم عن اللظى
كأنَّ شُوَاظَ القيظِ يسْفيه دائبُ
سموم كدفَّاع البراكين أو لظى الْـ
ـحرائق يصلاه الحصا والنجائبُ
ويصلاه ركْب خال دنيا تقلَّصتْ
عن النار لو يسعى جحيم مقاربُ
ويسودُّ وجه الأفق حتى كأنما
ذُكاءُ دجت أو يكسف الشمس حاجبُ
وكم حَار ركْب من فجاءة صحوة
كما راع مرأى الحسن والعُرْي سالبُ
إِذ الجو كالبلَّوْر أخلص لونه
وصبَّ عليه من سنا الشمس ساكبُ
كذلك غبَّ الغيث ريعان بهجة
كأن طلاءً قطره وهْو صائبُ
كأنَّ ضياءً في سواد سحابةٍ
تكاثر حتى ثَقَّب الدجن ثاقبُ
تفجَّر ينبوع من النور غامرٌ
كما غمر الأرضَ المياهُ السواربُ
ضياءٌ ترى المألوف من كلِّ منظر
به فإِذا المألوف منه الغرائبُ
وما فرحةُ الولهانِ عاد حبيبه
بأصدق منها فرحة وهْو آيبُ
نهارك أم ليلُ الدَّراريِّ نائلٌ
من اللبِّ نيلًا لم تنله الكواعبُ
أديم سماءٍ يُبْرِزُ الشهبَ صفْوهُ
فأحسبها تدنو به وتقاربُ
أما يخشع السُّمَّارُ من كثرة الدنى
ويذهل من رحب الفضاء المراقبُ؟
يَبيتُ يُناجِي النجم والنجم سامرٌ
فتفضي إِليه بالحوار الكواكبُ
كأَنَّ لحاظ النجم من لحظ عاقلٍ
وأنَّ رقيبًا في السماء يراقبُ
يُسائِلُهُ عن عيشه أيْن سرُّهُ
كأنَّ وراء النجم ما هو طالبُ
إِذا خطَّ فيك الدهر سطرًا محوْتَهُ
كذا اليمُّ لا يقوى على اليمِّ كاتبُ
وترقل فيك اليعملات وإِنما
سفائن لجَّ البيد تلك الركائبُ
وللبحر أمواجٌ؛ وللبيد مثلها
إِذا هبَّ إِعصارٌ على الركب كاربُ
فيغرق في لجٍّ من الترب حائنٌ
كما احتشدَتْ فوق السفين السواربُ
ورحبك رَحْب البحر يطويك هائب
ويركبه ذو مطلب وهْو هائبُ
بأفقكما للشهب رهْب وروعة
جَلَا لكما شِبْهٌ وشِبْهٌ مقاربُ
وذي دولة في اليمِّ قد دال أمره
وآخر أردتْه لديك المطالبُ
ويَصغر عيشُ المرء في اليمِّ مثلما
تضاءل فيك عيشه والرغائبُ
لمحْلك يلقى مكرم الضيف ضيفه
بخيرٍ وأما خصمه فهْو سالبُ
وتشحذُهُ الأخطارُ حتى كأنما
بَنُوك سيوف ينتضيها المحاربُ
لقد صقلَتْها نار قينٍ وصيقل
كما صقلَتْهم في الحياة النوائبُ
تنسَّكْت في بُردِ التقشف لم يكنْ
معاش ولا ترجى لديك الأطايبُ
النجاح
أنت ربُّ الأوشاب والأعلياءِ
وجماعُ الجهود والأهواءِ
تلبس المرء منك حلة فضل
يلهج الناسُ حولها بالثناءِ
أيُّ فضلٍ للمرء إِن لم تَحُكهُ
وذكاءٍ إِن لم تكن في الذكاءِ
فُرَص العيش كلُّها لك جنْدٌ
والعطايا موائلٌ كالإِماءِ
وصروف الأقدار طرًّا عبيدٌ
للذي تصطفيه للآلاءِ
لا يضيرُ الذي اصطفيتَ عداءٌ
لا ولا يُزْدَرى لفرط الغباءِ
ويودُّ الذكيُّ لو كان غِرًّا
ثم تكسوه حلَّة الأذكياءِ
أنت سحرٌ يكسو القبيح جمالًا
ويُنيلُ الوضيع أفقَ العلاءِ
وينيل القَميءَ أجنحة النسْـ
ـر فيغدو لقومه كسَماءِ
يرتجي الناس غيثها وعلاها
بخشوعٍ وذلَّةٍ ورياءِ
إِيهِ يا مالك القلوب قلوبُ الـ
ـنَّاس طرًّا طوع اللُّها والعطاءِ
رُبَّ قلبٍ مُماكسٍ لك في البيْـ
ـع وذاكَ المِكاسُ غير الإِباءِ
تنثر التبر مثلما تبعث الشمْـ
ـس بأضوائها على الأرجاءِ
فوق وغْدٍ أو فوق غِرٍّ حَظِيٍّ
أوْ على ظافرٍ من الفُضَلَاءِ
لك ثوبٌ يخْفي العيوبَ ويحبو الْـ
ـفَضْل فضلًا من روقة الآلاءِ
قَدَرٌ حاكه وليسَ صَناعٌ
كصناع يدعونَه بالقضاءِ
معدنُ الخير والفضيلة والحكْـ
ـمة من يرتدي بذاك الرداءِ
أيُّ فضل تعطى القويَّ قواه
إِن عداه النجاحُ في الأحياءِ؟
أيُّ صيت يجُدي الذكيَّ بيانٌ
لم يُصبْ نهزةً من الإصغاءِ
أيُّ فضل تحبو الحكيمَ نُهاهُ
وهْو لولا الأنصار كالأغبياءِ؟
سَرَفٌ أن أضاعه الدهر لا يفْـ
ـقر دهرًا أضاعه من ثراءِ
أترى التِّبر لو يظل دفينًا
كان يُجبي أطايب الأشياءِ؟
أترى الحسن كان يعتد حسنًا
وهْو في خفيةٍ عن البُصَراءِ؟
يغنمُ الظافر السعيدُ وإِن كذَّ
ب منه النُّقادُ بُطْلَ الطلاءِ
وهْو في أعين الأنام نضارٌ
وسواه في الخلق كالدقعاءِ
يغفِر الناس شرَّه وأذاه
ويمدُّونه بمحض الولاءِ
إِنما الحقُّ ما رأى النَّاسُ حقًّا
ثَابتًا في عقيدة الأهواءِ
والشريف الذي يرون شريفًا
نال أو لم يَنَلْ مدى الشرفاءِ
والكريم الذي يرون كريمًا
حاز أو لمن يَحُزْ هوى الخبراءِ
صاح لو يُنْبَذُ المزيَّفُ طُرًّا
حَرَبَ الناسَ كلُّ هذا الإِباءِ
ثم باءوا بحيرةٍ وضلالٍ
في دعاوى العقول والآراءِ
وإِذا النجح لم يكنْ منه ميزَا
نٌ فكلٌّ مزيف الأنباءِ
كنْ جديرًا به وإِن لم تَنَلْهُ
إِنما الحقدُ آلة الأدْنياءِ
وَيَضيرُ الأنامَ كيدُ حَقودٍ
صدَّ عن خيْر مطمح وعلاءِ
فدعِ النَّاسَ يكلفون بما شا
ءوا وعشْ في حقيقة الأشياءِ
إِن تجدْها أو لم تجدْها فللعيِّ
وللجدِّ نشوة الصهباءِ
نشوة النجْح نشوة السعي والخا
سِرُ منْ لم يَفُزْ له بطلاءِ
ولعلَّ الأحقاد ما صفَّر النجْـ
ـح وانحنى عليه بالأزراءِ
ورجاءٌ للنجح خيرٌ من النجْـ
ـح فعِشْ من طلابه في رخاءِ
إِنَّ بعدَ الرجاء أن تبلغ القصْـ
ـدَ ولا قصْدَ بعد نَيْل الرجاءِ
ولقد يَنْكُبُ النجاحُ أناسًا
بالذي فاق نكبةً للشقاءِ
والسعيدُ المحرومُ من أسْلَمَ الأطْـ
ـماعَ طرًّا لصرف حكم القضاءِ
ويودُّ الذي تودُّ له الأقْـ
ـدار يبغي فيها رخاء الرضاءِ
ذاك خُبْر يغْري الحكيم وإِن شقَّ
فَيُلْفِي رخاءَه في العزاءِ
ولقد يُحْبَطُ الطموحُ إِذا زَحْـ
ـزحَه الهمُّ عنه بالإِعياءِ
وفروضُ الحياة أَخْلَقُ بالسَّعْـ
ـي وأحجى من اقتعاد السماءِ
إِن أعلى من العلاء خليقًا
بعلاء لا حائزًا للعلاءِ
والسعيد الحظيُّ من رُزِقَ الجدَّ
وفي الجدِّ مصرع الثؤباءِ
هو طبُّ الملال إِنْ أعنتَ العيْـ
ـشُ وغالتْ غوائلُ البأساءِ
وسواء نجحٌ وَفَوتٌ إِذا أحْـ
ـمَدْتَ ما في مسعاته من دواءِ
والشقيُّ المحروم من لا يَرى في الْـ
ـعَيْش فرضًا ينأى به عن شقاءِ
ذاك من مات قلبه وهْوَ حيٌّ
وغدتْ نفسه كقفرٍ خلاءِ
خاصمتْه النعماء في كلِّ أمرٍ
وبَدَتْ فيه وحْشَةُ البيداءِ
خيبة المرءِ أن يَمَلَّ مُناهُ
لا تمادِي الحرمان والإِبطاءِ
ولعلَّ الإِبطاء في النجح أهنَا
وقصارى المبذول للأزراءِ
ويُملُّ العطاء بعد أوانٍ
كعزوف من بعد طول الغذاءِ
والذي لا يَمَلُّ فرضًا معادًا
كلَّ يوم مُوَفَّقُ السعداءِ
لا ينال البعيدَ من لا يرى الأدْ
نى سبيلًا يُدني إِلى البعداءِ
خطوةٌ إِثرَ خطوةٍ هكذا سُنَّـ
ـةُ عيشٍ وسُنَّة في الجِراءِ
وامتناع الطليب أهونُ من أنْ
يندب المرء خيبةَ الأهواءِ
هو خطبٌ أدهى من الفَوْتِ وقعًا
وهْو داء أشدُّ من ذا الداءِ
كالذي يستطب بالخطب من خطْـ
ـبٍ وَيُقْصِي الأدواءَ بالأدواءِ
ليس يُدْعى الرضاء يأسًا فكم را
ضٍ وفي سعْيه دبيبُ الرجاءِ
والذي يستدرُّ نجْحًا من الخيْـ
ـبة أحجى برفعةٍ وعلاءِ
فإِذا ما نَكَصْتَ في العيش فاعْلَمْ
ليسَ في العيش موطنٌ للنجاءِ
يُدخِلُ المرءُ نفسَه في الرزايا
كيْ يداوى من رعدة الجبناءِ
مثلما أَسْمَعُوا الجيادَ صليلًا
كي يَهونَ الصليلُ في الهيجاءِ
صاحِ، ما العيشُ بالمخلَّدِ في الدهْـ
ـر فترتدَّ ناكصًا للوراءِ
وإِذا ما ارتخصْتَ ما هو مبذو
ل ويا رُبَّ مُرخَصٍ من سخاءِ
فالهواءُ الحياةُ وهْو مُذَالٌ
لو نأى كان مُنْيَةَ الأحياءِ
لا تقلْ خيبة الرجاء سمومٌ
فالشقيُّ الشقيُّ بالأسماءِ
إِنَّ بَعْضَ السمومِ منه دواءٌ
كدواء الرَّمداء بالظلماءِ
وإِذا ما هَمَمْتَ بالخير لا تُو
لعْ بكسبِ الإِجلال والإطراءِ
ليْس بين الإطراء والذمِّ إِلا
كانطباق الجفون في الإِغفاءِ
واللبيبُ العليم بالناس لا يغْـ
ـترُّ بالمدح منهمُ والهجاءِ
غايظوا الراجحَ السعيد بمن خا
ب ولو فاز كان في البغضاءِ
يزعمون الخُيَّابَ أحجى بفوزٍ
قد لواه القضاء ذو الأخطاءِ
زعموا الدهر يظلم الندبَ إِذ يسْـ
ـمو بشأو اللئام والأدنياءِ
فإِذا الندب نال شأوًا أعدُّوا
ما أعدُّوا له من الإِيذاءِ
ولعمري لو بُيِّن النقصُ والفضْـ
ـلُ لكانوا في النقصِ كالشركاءِ
باتفاقٍ أو باقتدارِ نجاحٍ
كان أو لم يكن لدى الفضلاءِ
ولوَ انَّ المفضولَ لم يُلفِ نُجْحًا
ضاعف الفَوتُ غَبن صرْف القضاءِ
نابَهُ النقصُ من قضاءٍ فإِن خا
بَ فَغبنٌ مضاعفٌ في الجزاءِ
ليسَ فوزُ الأباة قدْرَ شقاءٍ
هزم الذلُّ نخوةَ الأحياءِ
لا بل الفوزُ صحةٌ واقتدارٌ
وببذلٍ للذُّخْر أو للحياءِ
وبأن تطَّبي رضاء ذوي الجا
هِ وأهلِ الجدود والأقوياءِ
وبإِحباطِ مَنْ يكيدُ بكيدٍ
رُبَّ فوز مستجلَبٍ بالدهاءِ
وبإِطراء من ترى منه نفعًا
وبإِرضاء كلِّ دانٍ ونائي
واحتذاءِ الحياة ترضى الذي تر
ضاه من شيمةٍ ومن سيماءِ
وبأنْ لا تعاف كسبًا ولا خُلْـ
ـقًا يُداني من مطلبٍ ورجاءِ
فإِذا عِفْتَ كان سعْدُكَ في الخيْـ
ـبة والنجح من صنوف الشقاءِ
رُبَّ قُوتٍ للمرء منه سقامٌ
وهْو في جسم آخرٍ كالدواءِ
وكذا النجحُ منه عزٌّ ونَعْمَا
ءُ ونجحٌ يُلمُّ بالبُرحاءِ