الشعراني في مدرسة خوند
استقر الشعراني بمدرسة أم خوند، بعيدًا عن مسجد الغمري المشحون بالدسائس والحسد، وزالت أيام المحن جميعها، وأقبلت أيام المنن جميعها كما يقول الشعراني.
وفي مدرسة أم خوند دخل الشعراني دورًا جديدًا من أدوار حياته الكبرى، وابتدأت الخطوط العريضة لمجده العريض ترتسم وتتحدد، وتأخذ ألوانها، وتتجه إلى أهدافها.
ففي تلك المدرسة تصوف الشعراني، وسلك الطريق إلى الله، وفيها كانت مجالسه العلمية والتعبدية التي غدتْ قِبْلةً لصفوة العباد والعلماء يلوذون بالشعراني الإمام العابد العالم، ينهلون من علمه، ويغترفون من فيضه، ويلتمسون النور في هديه وكلمه.
كما غدت تلك المجالس أيضًا مهوى أفئدة الكبراء والأمراء وأصحاب الوجاهة، يلتمسون لدى صاحبها شفاعة في أمور دنياهم، أو توددًا للجماهير وزلفى لديهم؛ فقد أصبح الشعراني زعيمًا شعبيًّا مرهوب الجانب، كما غدا صاحب صوت وكلمة عالية في مصر، ومطاعة في إستانبول، عاصمة الإسلام ومقر الخلافة التي تدين لها مصر بالتبعية والولاء.
ولا يخلو الأمر أيضًا من التماس بركات هذا القطب؛ القطب الذي بزغ نجمه وتلألأ، وأخذت الدنيا تمتلئ وتفيض بالأحاديث الساحرة عن نفحاته وعجائبه.