الشيطان يعظ

١

(حجرة ذات أسلوب مغربي يتصدَّرها ديوان يجلس عليه موسى بن نصير.)

(يدخل حاجب، ينحني تحية.)

(موسى يقف ثم يتجه نحو الباب. يدخل الأمير طالب بن سهل على حين ينسحب الحاجب. يلتقيان بالأحضان وسط الحجرة.)

(يجلسان على الديوان جنبًا لجنب.)

(طالب بن سهل يصمت قليلًا ثم يواصل.)

(موسى بن نصير يُؤخَذ بما سمع فيتطلع إلى محدثه صامتًا.)

(موسى بن نصير يصفق يدًا على يد، يدخل الحاجب. على حين يهبط الظلام.)

٢

(إضاءة.)

(موسى بن نصير وطالب بن سهل. يدخل الحاجب.)

(ينسحب الحاجب. يدخل الشيخ. عجوز وقور. يرفع يديه تحية. يشير له ابن نصير بالجلوس فيجلس على وسادة بين أيديهما.)

(موسى بن نصير وطالب بن سهل يتبادلان النظر برهة.)

(يهبط الظلام.)

٣

(إضاءة.)

(مدخل مدينة النحاس. موسى بن نصير، طالب بن سهل، عبد الصمد بن عبد القدوس الصمودي.)

(ينظرون إلى الداخل وقد لفه ظلام الفجر.)

(يأخذ الظلام في الانقشاع ويتجلى رويدًا داخل المدينة. ميدان مكتظ بالناس، في عمقه قصر، تقوم على دائرة محيطة الحوانيت وتتفرع عنه الطرقات. الرجال الثلاثة يتراجعون في حذر.)

(صمت.)

(يتقدم، يتقدمون في حذر، يلمسون المتجمدين، يشقون طريقهم بينهم حتى عرش المرأة.)

(ثم ينظر خلفه إلى طالب بن سهل.)

(يهبط الظلام.)

٤

(إضاءة.)

(موسى بن نصير، طالب بن سهل، عبد الصمد، يرمون بالشباك في بحيرة ويسحبونها في دأب وصبر. تخرج شبكة عبد الصمد وفيها قمقم.)

(صمت.)

(يهبط الظلام.)

٥

(إضاءة.)

(موسى بن نصير، طالب بن سهل، عبد الصمد، يقفون ناحية من الميدان غير بعيد من مدخل المدينة. يتابعون ما يحدث هنا وهناك وقد يعلِّقون عليه. ومنظر النهار يبدأ والميدان خالٍ إلا من شرطي يتقلَّد سيفه، ويتفقد الحوانيت. يمر عابر ثم آخر. يقبل التجار فيفتحون حوانيتهم ثم يقبل الزبائن نساء ورجالًا وشبانًا وتدب الحياة وتتصاعد.)

(من حانوت قريب تترامى أصوات. فتاة تقلِّب بين يديها أقمشة، وشاب أيضًا يفعل مثلها.)

(يقبل شاب فتعترض سبيله فتاة جميلة ثم تتبعه مغازِلة إياه وهو يمتنع ويتدلل.)

(تقترب متسولة من الرجال الثلاثة في جلبابها الرث.)

(يُقبل رجل مريض يتوكَّأ على ذراع زوجه.)

(يبصق ثم يذهب.)

•••

(يقدم موكب رجل غني. عبيد يحملون هودجه، وعبيد يتقدَّمون موكبه وهم يوسِّعون له طريقًا بين الناس بالعنف.)

(رجل عجوز يقف ناحية من الميدان.)

(يُقبل عليه نساء ورجال ذوو مظهر حسن وهم يتغامزون.)

(ضَحِك.)

(يقترب الشرطي فيضع يده على منكب الضرير.)

(يخرج حاجب من باب مكتوب أعلاه «العدل أساس الملك».)

(يتوجَّه كثيرون نحو المحكمة ويقفون على مبعدة. يخرج شرطي سائقًا أمامه رجلًا معصوب العينين يئن بصوت مسموع فيدفعه بعيدًا عنه ثم يخاطب الجمهور.)

(يدخل الشرطي ثم يجيء بشاب يسير مفرِّجًا الجمهور.)

(ضَحِك.)

(يدخل الشرطي ثم يرجع بنعش محمول. ثم يخاطب الجمهور.)

(ثم يرجع وهو يقول.)

(صوت طبل يجيء من ناحية القصر الملكي، الأنظار تتجه نحو القصر. يخرج الحاجب الأكبر محوطًا بحرس ثم يمضي حتى يقف في وسط الميدان. يلتف الجمهور حوله. حتى التجَّار يغادرون حوانيتهم. يقترب من الجمع موسى بن نصير وطالب بن سهل وعبد الصمد.)

(صمت.)

(صمت.)

(أصوات الحراس وبعض المتجمهرين: لتحيَ الإلهة ترمزين.)

(الحاجب الأكبر والحرَّاس يرجعون إلى القصر.)

•••

•••

(يتجمَّع نفر من الشباب نساءً ورجالًا على مبعدة يسيرة من الرجال الثلاثة.)

(يذهبون.)

(صوت موسيقى من ناحية القصر.)

(يخرج موسيقي ومنشد يتبعهما عبيد يحملون دنان الخمر.)

(يملئون الكئوس … يقدمونها للناس.)

(أناس يقبلون على الشراب ويشيع الطرب.)

•••

(يذهب السقاة وهم يوزعون الخمر. تترامى أصوات موسيقى شعبية، يظهر فريق جديد من طريق جانبي يدل مظهره على أنه يمثل «سيرك» ويعلن عنه. يتقدمه منادٍ يتبعه بلياتشو ورجال أقوياء مصارعون وحاملو أثقال.)

(الناس يلتفتون نحو المنادي.)

(الناس تتابع الإعلان، وعند نهاية كل مقطع يتصاعد الهتاف.)

(ضجة تجيء من طريق جانبي. تتقدم الجماعة المتمردة على رأسها موسى بن نصير وقد أحاط بهم جنود شاكو السلاح يسوقونهم نحو القصر.)

(تسمع السؤال امرأة مارة فتقف ثم تقترب من عبد الصمد.)

(سرعان ما يتجمهر أناس حوله مستطلعين.)

(المتجمعون يلحون في غضب.)

(غضب من الكهل وضحك من الجمهور.)

(يمر الشرطي فيفترق الناس.)

(من القصر يخرج رئيس الشرطة يتبعه حرس. تُنصَب منصة في الميدان.)

(الجمهور يهرع للمشاهدة.)

(رئيس الشرطة يجلس على المنصة. يقدم أمامه مجموعة المتمردين وعلى رأسهم موسى بن نصير.)

(رئيس الشرطة يلتفت نحو موسى بن نصير ويقول):

(الجنود يسوقون المتهمين إلى القصر.)

•••

(يجيء رجلان وقوران، يقفان على مقربة من طالب بن سهل وعبد الصمد دون أن يفطنا إلى وجودهما.)

(يذهبان.)

•••

(يقترب نفر من الشرطة من موقف طالب بن سهل وعبد الصمد.)

(يتردد عبد الصمد ولكن الجنود تدفعه صوب القصر.)

•••

(ما يكاد يُتِمَّ قوله حتى تقترب منه امرأة كهلة حسنة المنظر.)

(تسير المرأة فيتبعها طالب بن سهل منفعلًا بصورة واضحة.)

(يهبط الظلام.)

٦

(إضاءة.)

(بهو العرش. الملكة ترمزين جالسة فوق العرش. حُجَّاب. حُرَّاس.)

(تدخل المرأة.)

(الملكة تشير إلى الحجَّاب والحرَّاس فينسحبون. يدخل طالب بن سهل. ينحني تحية.)

(الملكة تبتسم. تشير إلى مقعد قريب فيجلس عليه تمعن فيه النظر بإعجاب لا تحاول إخفاءه. طالب يبادلها النظر بتأثُّر.)

(صمت.)

(تصفق. يدخل حاجب.)

(الحاجب يذهب. عبد الصمد يدخل. يرفع يديه تحية. يلمح طالب بن سهل ولكنه يتجاهله. يجلس عندما تشير إليه الملكة بالجلوس.)

(طالب بن سهل يرفع يده مستأذنًا في الكلام.)

(ترمزين تصفق. يدخل حاجب.)

(يحضر موسى بن نصير ويسمع آخرة خطابها ثم يقف.)

(صمت.)

(صمت)

(صمت.)

(صمت.)

(صمت.)

(ترمزين تضحك في سرور وشماتة.)

(تصفق يدخل حاجب. تأمره بإحضار الجنود.)

(يدخل الجنود.)

(تقف. تقترب من طالب وهو ضمن المقبوض عليهم.)

(تشير إلى الجنود فيمضون بهم)

(يهبط الظلام.)

٧

(إضاءة.)

(الميدان.)

(حراس … الجمهور يتطلع نحو العرش. موسيقى يتخللها هتاف كالهدير. طبول يعقبها صمت شامل.)

(يظهر موكب الملكة ترمزين خارجًا من القصر في هالة بالغة من الكمال والجمال.)

(هتاف يستمر حتى تجلس على العرش.)

(تشير الملكة إلى كبير الحجَّاب.)

(يتقدم كبير الحجَّاب ويلقي خطبته):

«أيتها الملكة المجيدة ترمزين، سيدة عالمي الأحياء والأموات. ودعي آخر لحظة من حياة البشر الفانية، وتبوئي عرش الألوهية الخالد، دمت لنا وللأرض إلهة خالدة.»

(فجأة يرعد انفجار مروع يعقبه ظلام.)

٨

(إضاءة.)

(المنظر الأول. منظر الميدان والجثث المتجمدة. موسى بن نصير، طالب بن سهل، عبد الصمد.)

(موسى وعبد الصمد ينظران فيما حولهما، طالب مستغرق في النظر إلى ترمزين.)

(يتبادلون النظر في صمت.)

(يتبادلون النظر مرة أخرى.)