تعلُّم أبجدية أو نظام كتابة مختلف
عندما تتعلم لغةً كالروسية أو اليونانية أو العربية أو العبرية، لن تقتصر مهمتك على تعلُّم اللغة فحسب، بل سيكون عليك تعلُّم أبجدية جديدة كاملة كذلك. يثبط هذا كثيرين عن البدء من الأساس؛ لقد مررتُ بهذه التجربة مرات عديدة. المشكلة ليست بقدر ما تبدو عليه من سوء؛ فسرعان ما ستصبح طلقَ اللسان في قراءة هذه اللغة.
إليك اقتراحي بشأن كيفية التعامُل مع ذلك. في البداية، ينبغي أن يقدِّم كتابُك الدراسي بضعة حروف فحسب كل مرة. كان أول كتاب دراسي استخدمتُه لتعلُّم اللغة الروسية بعنوان «كتابي الروسي الأول»؛ في الدرس الأول، قدَّمَ ذلك الكتاب بضعة من الحروف المتطابقة في كلٍّ من اللغتين الإنجليزية والروسية، ثم بضعة حروفٍ جديدة. كانت الجُمَل بالغةَ السهولة لدرجة أن تعلُّم اللغة الروسية بَدَا أنه سيكون في غاية السلاسة. لقد بدأ بهذه الجُمَل باللغة الروسية: «هذا توم»، «هذه نينا»، «هذه ماما»، «هذا بابا»، «هذا منزل». كان هذا سهلًا. ثم طرح أسئلةً من قبيل: «هل هذا توم؟» «هل هذه نينا؟»
كانت كلها أشياء سهلة، ولم تكن الأبجدية تمثِّل مشكلة؛ لأن معظم الحروف كانت مألوفة.
ثم قدَّمَ الدرسُ التالي مزيدًا من الحروف، وهكذا إلى أن تعلمتُ جميعَ حروف الأبجدية الروسية دون أن ألحظ؛ فمَن ذا الذي قال إنه يتعين عليك أن تتعلَّمها جميعًا مرةً واحدة؟
(١) عندما تكون الأبجديةُ أو نظامُ الكتابة مختلفًا تمامًا
إذا كنتَ تتعلَّم اللغة السنسكريتية، أو العربية، أو العبرية، أو أي لغة أخرى من اللغات؛ حيث لا يوجد تشابُه بين شكل الحروف التي عليك أن تتعلَّمها وأبجدية لغتك، ينبغي أن تُلزِم نفسك بتعلُّمِ قليلٍ من الحروف في كل مرة. تتَّبِع الكتبُ الدراسية الجيدة هذا النهجَ؛ فهي غالبًا ما تكتب الأسماء والكلمات العالمية المألوفة التي بمقدورك تمييزها بأبجدية اللغة الأجنبية التي تتعلَّمها؛ كي تُدرِّبك على نطق الحروف والكلمات بصوت مرتفع.
أيضًا يمكنك شراء كتب تعلم الحروف الأبجدية للأطفال من متاجر بيع الكتب الدينية التي تبيع كتبًا بالعبرية أو العربية أو السنسكريتية؛ لا يهم إذا كان الشرح بالغَ التبسيط ما دام أنه يؤدِّي الغرض.
عندما أتعلَّم أحرفًا غير مألوفة، دائمًا ما أبحث عن أشياء مشابِهةٍ للحروف قد تُذكِّرني بأصواتها، أو طريقة نطقها؛ أحاول أن أكوِّن صورًا للحروف، أو أن أجعل الحرفَ يبدو مثل شيء مألوف لي، ويبدأ بالحرف الإنجليزي المناسب.
هكذا يُعلَّم الأطفال تَذكُّرَ الفارق؛ وهذه هي الاستراتيجية التي يمكن أن تستخدمها كي تُسهِّل على نفسك بها تعلُّمَ حروفٍ أبجديةٍ مختلفة. استعِنْ بخيالك لتوليد أفكارك الخاصة التي تساعدك على تذكُّر الحروف الأبجدية، وبالأخص تلك الحروف التي تزعجك باستمرار. جرِّبْ وابتكِرْ روابطَك الخاصة التي تساعدك على إيجاد العلاقات بين الحروف وأصواتها.
(١-١) الحروف الصينية
إذا كنتَ تدرس إحدى اللغتين الصينية أو اليابانية، فإنك تحمل على عاتقك مهمة ثقيلة تتمثَّل في تعلُّم الحروف الصينية (فقد «استعار» اليابانيون نظامَ الكتابة الصينية وعدَّلوه بما يتوافق مع لغتهم). فما هي أسهل طريقة لتعلُّم حروف اللغة الصينية؟ إليك اقتراحاتي:
بدايةً تعلَّمْ منطقَ الرموز؛ فهي لم تُصمَّم عشوائيًّا؛ فطريقةُ بناء الرموز تحملُ معاني.
وإذا لم تستطع أن تفهم المنطق وراء الرموز أو تجده، فاصنع المنطق الخاص بك؛ ألِّفْ أيَّ معنًى يبدو منطقيًّا من وجهة نظرك. قلْ لنفسك شيئًا من قبيل: «يبدو هذا الحرف مثل شخص يرتدي قبعة غريبة يؤرجح عصا الجولف.» ثم أوجد علاقةً مضحكةً تساعدك في تذكُّر معناها، وسوف تحقِّق هدفك (أشرح هذه الطريقة لتعلُّم المفردات في الفصل التاسع). بالتأكيد يستغرق إيجاد هذه العلاقة المنطقيةِ وقتًا ومجهودًا، لكن هذه الطريقة أسهل من حفظ الرموز حفظًا دونما وعي.
(٢) النَّسْخ الحرفي
إذا كنتَ تفكِّر في استخدام أحد الكتب الدراسية التي تتوقَّع منك معرفةَ الأبجدية بأكملها قبل أن تبدأ في تعلُّم اللغة، فتأكَّدْ على الأقل أنه يحتوي على نَسْخٍ جيد لكلمات اللغة الأجنبية بأحرف لغتك الأم — وهو بمثابة دليل إرشادي سهل الفهم للنطق إلى جانب النص المكتوب باللغة الأجنبية — حتى تتمكَّن من القراءة دون الحاجة إلى تفقُّد صفحة الحروف الأبجدية لتقرأ كل كلمة. إذا خلا الكتاب الدراسي من هذا، فدَعْهُ — على الأقل — ريثما تحقِّق تقدُّمًا يكفي لئلا تحتاج إلى مساعدةٍ في النطق.
والشيء المبشِّر هو أنه عندما تحقِّق تقدُّمًا في اللغة، لن تعود في حاجةٍ إلى نطق كل كلمة بصوتٍ عالٍ؛ فالكلمات سوف تكون في «حصيلتك اللغوية من الكلمات الأساسية». هذه هي الطريقة التي ينبغي أن نتعلَّم قراءةَ اللغة الإنجليزية بها؛ ينبغي أن نظلَّ ننطق الكلمات التي لا نعرفها بصوت مرتفع إلى أن تدخل ضمن المفردات التي يُمكننا التعرُّف عليها بمجرد النظر. وإلى أن نتمكَّن من التعرُّف على الكلمة من نظرة واحدة، لدينا استراتيجية لقراءتها على كل حالٍ.
وأنت لا تزال في مرحلةِ نطْقِ الحروف الأبجدية بصوت عالٍ، لا تفقِدْ عزيمتك؛ فسوف تحرز تقدُّمًا في التعرُّف على الكلمات في لمح البصر، وسيحدث ذلك عاجلًا غير آجِل.
إن قراءة النصوص والاستماع إليها مع قراءتها من النص المطبوع سوف يُمكِّنانك من التعوُّد على الحروف الأبجدية سريعًا. تذكَّر أن التكرار هو مفتاح التعلُّم السريع من هذا النوع.
اعتدتُ على البحث عن كتابٍ دراسي أو صفحةٍ على الإنترنت لتعليم الحروف الأبجدية لمتحدِّثي اللغة الإنجليزية؛ فهما كثيرًا ما يحتويان على نظام القوائم المرقَّمة التي تُسهِّل الحفظ؛ لتساعدك في تعلُّم أصوات الحروف الأبجدية؛ الشيء الذي تخلو منه الكتبُ الدراسية المعتادة. استخدِمْ أيَّ شيء يمكنك استخدامه.
(٣) تعلَّمْ سرْدَ الحروف الأبجدية
عندما تعلَّمْتُ اللغة الروسية، تعلَّمْتُ الأبجدية من خلال حفظ بضعة أحرف في كل مرة، وقد سهَّل هذا عليَّ إتقانَ أصوات الحروف، وتعلُّمَ الحروف الأبجدية الغريبة دون جهد أو معاناة. ولو أن هذا لم يعلِّمني — للأسف — ترتيبَ الحروف في الأبجدية؛ ومن ثَمَّ كنتُ أجد صعوبةً في البحث عن الكلمات في القاموس؛ لهذا السبب تحتاج إلى التمكُّن من سرد الحروف الأبجدية. لستَ مضطرًّا إلى تعلُّمها فورًا؛ إذ إنك ستكابد ما يكفي من عناءٍ من جرَّاء فكِّ شفرة الحروف الغريبة، وقراءة الكلمات التي تشكِّلها هذه الحروف، لكن ينبغي أن يكون تعلُّمُ سرْدِ الحروف الأبجدية هو خطوتك التالية.
لستَ في حاجةٍ إلى تعجيل هذه العملية؛ ابدأ بالأربعة أو الخمسة حروف الأولى من الحروف الأبجدية، ثم تعلَّمِ الحروفَ النهائية وبعضًا من الحروف الوسطى، سيكون هذا كافيًا ليُعلِّمك — على الأقل — هل ستبحث عن معنى الكلمة التي لا تعرف معناها في بداية القاموس أم في آخِره. هناك اقتراح آخَر بأن تُميِّز الحروف الأبجدية عند حافة صفحات القاموس المتلاصقة في تلاحُم؛ فسيساعدك هذا في العثور على الكلمات سريعًا.
ينطبق نفس المبدأ على اللغات التي تستخدم الأبجديةَ المقطعية الصوتية بدلًا من الحروف الأبجدية، مثل اللغة الكورية؛ حالما تتعلَّم ترتيبَ الرموز التي تبدو غير مألوفة في البداية، سيسهل عليك كثيرًا استخدام القاموس.
وسرعان ما ستجد نفسك تقرأ صفحات من النصوص الأجنبية بسهولةٍ لا تقل عن سهولة القراءة بلغتك الأم، وستتعجب من أنك كنتَ تتعثَّر في قراءة النص الأجنبي.