سنة سبع وتسعين وماية وألف (١٧٨٢م)
فيها تسحب أيضًا جماعة من الكشاف والمماليك وذهبوا إلى قبلي فشرعوا في تجهيز تجريدة، وعزم مراد بك على السفر، وأخذ في تجهيز اللوازم، فطلب الأموال فقبضوا على كثير من مساتير الناس والتجار والمتسببين وحبسوهم وصادروهم في أموالهم وسلبوا ما بأيديهم، فجمعوا من المال ما جاوز الحد ولا يدخل تحت العد.
وفي منتصف ربيع الآخر برز مراد بك للسفر وأخرج خيامه إلى جهة البساتين، وخرج صحبته الأمير لاچين بك وعثمان بك الشرقاوي وعثمان بك الأشقر وسليمان بك أبو نبوت وكشافهم ومماليكهم وطوايفهم وسافروا بعد أيام.
وفي أواخر جمادى الثانية وردت الأخبار بأن رضوان بكم قرابة علي بك حضر إلى مراد بك وانضم إليه، فلما فعل ذلك انكسرت قلوب الآخرين وانخذلوا ورجعوا القهقرى ورجع مراد بك أيضًا إلى مصر في منتصف شهر رجب، وترك هناك مصطفى بك الشرقاوي وعثمان بك الأشقر.
وفي يوم الخميس سادس عشرين رجب اتفق مراد بك وإبراهيم بك على نفي جماعة من خشداشينهم وهم: إبراهيم بك الوالي وأيوب بك الصغير وسليمان بك الأغا، ورسموا لأيوب بك أن يذهب إلى المنصورة فأبى وامتنع من الخروج، فذهب إليه حسن كتخدا الجربان كتخدا مراد بك واحتال عليه، فركب وخرج إلى غيط مهمشة ثم سافر إلى المنصورة.
وأما إبراهيم بك الوالي فركب بطوايفه ومماليكه وعدى إلى بر الجيزة فركب خلفه علي بك أباظة ولاچين بك وحجزوا هجنه وجماله عند المعادي، وعدوا خلفه فأدركوه عند الأهرام فاحتالوا عليه وردوه إلى قصر العيني، ثم سفروه إلى ناحية السرو ورأس الخليج.
وأما سليمان بك فإنه كان غايبًا بإقليم الغربية والمنوفية يجمع من الفلاحين فردًا وأموالًا ومظالم فلما بلغه الخبر رجع إلى منوف، فحضر إليه المعينون لنفيه وأمروه بالذهاب إلى المحلة الكبرى، فركب بجماعته وأتباعه فوصل إلى مسجد الخضر، فاجتمع بأخيه إبراهيم بك الوالي هناك، فأخذه صحبته وذهبا إلى جهة البحيرة.
وفي يوم الأحد غاية شهر رجب طلع الأمرا إلى الديوان، وقلدوا خمسة من أغوات الكشاف صناجق وهم: عبد الرحمن خازندار إبراهيم بك سابقًا وقاسم أغا كاشف المنوفية سابقًا وعرف بالموسقو، وهو من مماليك محمد بك وإشراق إبراهيم بك وحسين كاشف وعرف بالشفت بمعنى اليهودي، وعثمان كاشف ومصطفى كاشف السلحدار، وهؤلاء الثلاثة من طرف مراد بك.
وفي شهر شعبان وردت الأخبار من ثغر الإسكندرية بوصول باشا إلى الثغر واسمه محمد باشا السلحدار واليًا على مصر، فنزل الباشا القديم من القلعة إلى القصر بشاطي النيل.
وفي أواخر شعبان وصل سلحدار الباشا الجديد بخلعة قايمقامية لإبراهيم بك.
وفيه وصلت الأخبار بأن سليمان بك وإبراهيم بك رجعوا من ناحية البحيرة إلى طندتا، وجلسوا هناك وأرسلوا جوابات إلى الأمرا بمصر بذلك، وأنهم يطلبون أن يعينوا لهم ما يتعيشون به.
وفيه أرسلوا خلعة إلى عثمان بك الشرقاوي بأن يستقر حاكمًا بجرجا، وطلبوا مصطفى بك وسليمان بك أبانبوت وعثمان بك الأشقر للحضور إلى مصر، فحضروا واستقر عثمان بك الشرقاوي بجرجا.
وفي غرة رمضان هرب سليمان بك الأغا وإبراهيم بك الوالي من طندتا وعدوا إلى شرقية بلبيس ومروا من خلف الجبل وذهبوا إلى جهة الصعيد، ورجع علي كتخدا ويحيى كتخدا سليمان بك إلى مصر بالحملة والجمال وبعض مماليك وأجناد.
وفي أواخر رمضان هرب أيضًا أيوب بك من المنصورة وذهب إلى الصعيد أيضًا، وتواترات الأخبار بأنهم اجتمعوا مع بعضهم واتفقوا على العصيان، فأرسلوا لهم محمد كتخدا أباظة وأحمد أغا جمليان وطلبوهم إلى الصلح ويعينون لهم أماكن يقيمون بها ويرسلون لهم احتياجاتهم، فأبوا ذلك، فطلبوا عثمان بك الشرقاوي ومصطفى بك للحضور فامتنعا أيضًا، وقالا: لا نحضر ولا نصصلح إلا إن رجع إخواننا رجعنا معهم ويردون لهم إمرياتهم وبلادهم وبيوتهم ويبطلوا من صنجقوه وأمروه عوضهم.
فلما حضر الجواب بذلك شرعوا في تجهيز تجريدة وأخذوا يفتشون أماكن الأمرا المذكورين، فأخذوا ما وجدوه بمنزل مصطفى بك واتهموا أناسًا بأمانات وودايع لمصطفى بك وعثمان بك الشرقاوي، منهم الدالي إبراهيم وغيره، فجمعوا بهذه النكتة أموالًا كثيرة حقًّا وباطلًا.
وفي يوم الخميس عشرين شهر شوال كان خروج المحمل والحجاج وأمير الحاج مصطفى بك الكبير، ولما انقضى أمر الحج برزوا للتجريدة وأميرها إبراهيم بك الكبير وجمعوا المراكب وحجزوها من أربابها، وعطلوا أسباب التجار والمسافرين وجمعوا الأموال كما تقدم من المصادرات والملتزمين والفلاحين وغير ذلك، وكان أمرًا مهولًا أيضًا، وبعد أيام وصل الخبر بأن إبراهيم بك ضمنهم للصلح واصطلح معهم، وأنه واصل صحبتهم جميعًا.
في سادس عشر ذي القعدة حضر إبراهيم بك ووصل بعده الجماعة ودخلوا إلى مصر وسكنوا في بيوت صغار، ما عدا عثمان بك ومصطفى بك فإنهم نزلوا في بيوتهم، وحضر صحبتهم أيضًا علي بك وحسين بك الإسماعيلية، فلم يعجب مراد بك ما فعله إبراهيم بك ولكن أسره في نفسه ولم يظهره، وركب للسلام على إبراهيم بك فقط في الخلا ولم يذهب إلى أحد من القادمين، وسكن الحال على ذلك أيامًا.
وشرع إبراهيم بك في إجرا الصلح وصفا الخاطر بينهم وبين مراد بك، وأمرهم بالذهاب إليه فذهبوا إليه وسلموا عليه، ثم ركب هو الآخر إليهم ما عدا الثلاثة المعزولين، وكل ذلك وهو ينقل في متاع بيته وتعزيل ما فيه، ثم إنه ركب في يوم الجمعة وعدى إلى جزيرة الدهب وتبعه كشافه وطوايفه، وأرسل إلى بولاق وأخذ منها الأرز والغلة والشعير والبقسماط وغير ذلك، فأرسل له إبراهيم بك لاچين بك وسليمان بك أبانبوت؛ ليردوه عن ذلك فنهرهم وطردهم فرجعوا، ثم إنه عدى إلى ناحية الشرق وذهب إلى قبلي وتبعه أغراضه وأتباعه وحملته من البر والبحر.
وفي هذه السنة قصر مد النيل وانهبط قبل الصليب بسرعة فشرقت الأراضي القبلية والبحرية وعزت الغلال بسبب ذلك، وبسبب نهب الأمرا وانقطاع الوارد من الجهة القبلية وشطح سعر القمح إلى عشرة ريالات الإردب، واشتد جوع الفقرا.
ووصل مراد بك إلى بني سويف وأقام هناك وقطع الطريق على المسافرين، ونهبوا كل ما مر بهم في المراكب الصاعدة والهابطة.
ذكر من مات في هذه السنة
وأما من مات في هذه السنة من الأعيان:
توفي الفقيه النبيه العمدة الفاضل حاوي أنواع الفضايل الشيخ أحمد ابن الشيخ الصالح شهاب الدين أحمد بن محمد السجاعي الشافعي الأزهري، ولد بمصر ونشأ بها وقرا على والده وعلى كثير من مشايخ الوقت، وتصدر للتدريس في حياة أبيه وبعد موته في مواضعه، وصار من أعيان العلما، وشارك في كل علم وتميز بالعلوم الغريبة، ولازم الوالد وأخذ عنه علم الحكمة الهندية وشرحها للقاضي زاده قراءة بحث وتحقيق والجغميني ولقط الجواهر والمجيب والمقنطر وشرح أشكال التأسيس وغير ذلك، وله في تلك الفنون تعاليق ورسايل مفيدة، وله براعة في التأليف ومعرفة باللغة وحافظة في الفقه.
ومن تآليفه: شرح على دلايل الخيرات كالحاشية مفيد، وشرح على أسماء الله الحسنى قرظ عليه الشيخ عبد الله الإدكاوي رحمه الله تعالى، فقال: سبحان من اختص بالأسماء الحسنى والصفات الحسنا وجعل سره سبحانه في أسمائه وعلمها لأوليائه، فمن تعلق بها أو تخلق فقد تمسك من سببها بالحظ الأوفر والكبريت الأحمر، هذا وكان ممن منحه الله أسرارها، وأظهر أنوارها، فأوضح من معانيها ما خفي ومنح طلابها كنزًا يتنافس في مثله أنبل الفضلا وأفضل النبلا، أحمد الاسم، محمود الصفات، على الفعل حسن القول والذات، نجل العالم العلامة العمدة الفهامة كعبة الأفضال وقبلة الإجلال من تقصر عن تعداد محاسنه ولو طولت باعي: مولانا الشيخ أحمد السجاعي حفظ الله عليه نجله الرشيد وأراه منه ما يسر القريب والبعيد، وحين لمحت عيني ما كتب مما حقه أن يرقم بدل الحبر بالذهب عوذته بالله عن كل حسود، وعلمت أنه — إن شاء الله تعالى — سيسود، وتطأ أخمصه أعناق الأسود، وقلت:
ومن كلام المترجم:
ومن قوله:
ومن كلامه:
ومن كلامه:
ومن كلامه في جواب قصيدة أرسلها له الإمام الأديب محمد بن رضوان الصلاحي رحمه الله تعالى:
وهي طويلة ومنها:
ومن قوله:
ورأيت له جوابًا عن اللغز للدماميني في الفاعل وهذا هو اللغز:
فأجاب المترجم بقوله:
قلت: وأصل هذا الإشكال في قول طرفة بن العبد حيث قال:
إذ هو مروي بكسر الباء وسكون الراء للوقف مع أن الصنبر ضبطه كجر حل لاسم يوم من أيام برد العجوز فاستشكلوا هذا، وقد أجاب جماعة بأنه لغة غريبة، وقيل بل أخطأ فيه، ووجهه ابن جني بأن هاج فعل قصد به المصدر وأضيف إلى فاعله وهو الصنبر فهو مجرور بكسرة نقلت عند الوقف للباء قبلها بلغة غريبة ولا خطأ وهذا هو الذي ألغز فيه الدماميني، وكان المناسب للمجيب أن يصرح في جوابه أنه مما وجهه ابن جني لئلا يتوهم أنه من مبتكراته، وقد راعى ذلك الإمام العلامة سيدنا محمد بن أحمد الجوهري، فقال:
وسمع المترجم معنا كثيرًا على شيخنا السيد محمد مرتضى من الأمالي وعدة مجالس من البخاري وجزء ابن شاهد الجيش، والعوالي المروية عن أحمد عن الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر المسماة بسلسلة الذهب وغير ذلك.
ومن فوايد المترجم أنه رأى في المنام قايلًا يقول له: من قال كل يوم يا الله يا جبار يا قهار يا شديد البطش ثلثماية وستين مرة أمن من الطاعون.
توفي ليلة الاثنين سادس عشر صفر من السنة بعد أن تعلل بالاستسقا، وصلي عليه بالغد بالجامع الأزهر ودفن عند أبيه بالبستان، رحمه الله تعالى.
ومات الشيخ الصالح الناسك الصوفي الزاهد سيدي أحمد بن علي بن جميل الجعفري الجزولي السوسي من ولد جعفر الطيار، ولد بالسوس واشتغل بالعلم قليلًا على علما بلاده ثم ورد إلى مصر في سنة اثنتين وثمانين وماية وألف فحج ورجع وقرأ معنا على الشيخ الوالد كثيرًا من الرياضيات مع مشاركة سيدي محمد وسيدي أبي بكر ولدي الشيخ التاودي بن سودة حين وردا مع أبيهما في تلك السنة للحج والشيخ سالم القيرواني، ثم غلب عليه الجذب فساح وذهب إلى الروم مجاهدًا وأصيب بجراحات في بدنه وعولج حتى بري، وتعلم اللغة التركية وعرضت عليه الدنيا فلم يقبلها، والغالب عليه إخفاء الحال.
وورد إلى مصر في سنة إحدى وتسعين، وتزوج بمصر وأقام بها مع كمال العفة والديانة وسلامة الباطن والانجماع عن الناس مع صفا الخاطر والذوق المتين والميل إلى كتب الشيخ الأكبر والشعراني وزيارة القرافتين في كل جمعة على قدميه، أخبر سيدي محمد بن عبد السلام بن ناصر أنه لقيه قبل موته بيومين، فسأل عن حاله، فقال: يا فلان إني أحببت لقا الله تعالى، توفي في ثالث ربيع الأول من السنة، ودفن بالقرافة، رحمه الله تعالى.
ومات العمدة العلامة والحبر الفهامة قدوة المتصدرين ونخبة المتفهمين النبيه المتفنن الشيخ محمد بن إبراهيم بن يوسف الهيتمي السجيني الشافعي الأزهري، الشهير بأبي الإرشاد، ولد سنة أربع وخمسين وماية وألف، وحفظ القرآن وتفقه على الشيخ المدابغي والبراوي والشيخ عبد الله السجيني، وحضر دروس الشيخ الصعيدي وغيره، وأجازه أشياخ العصر وأفتى ودرس، وتولى مشيخة رواق الشراقوة بالأزهر بعد وفاة خاله الشيخ عبد الرءوف، واشتهر ذكره وانتظم في عداد المشايخ المشار إليهم بالأزهر وفي الجمعيات والمجالس عند الأمرا ونظار الأزهر وفي الأخيار، وله مؤلفات في الفنون وكتب حاشية على الخطيب علي أبي شجاع إلا أنها لم تكمل ورسايل في مستصعبات المسايل بالمنهج، وصنف رسالة تتعلق بندا المؤمنين بعضهم بعضًا في الجنة، توفي في أواخر ذي القعدة وأرخه أديب العصر قاسم بقوله:
ومات الإمام الهمام والعلامة المقدام المتقن المتفنن المفيد الشيخ يوسف الشهير برزة الشافعي الأزهري، أحد العلما المحصلين والأجلا المفيدين تفقه على الشيخ العلامة الشيخ أحمد رزة وإليه انتسب وبه اشتهر، وحضر على كل من الشيخ الحفني والشيخ أحمد البجيرمي والشيخ عيسى البراوي، ودرس الفقه والمعقول بالأزهر وأفاد وأفتى، وصار في عداد المتصدرين المشار إليهم مع الانجماع والحشمة والكمال والرياسة وحسن الحال، ولم يتداخل كغيره في الأمور المخلة، ولم يزل مقبلًا على شأنه حتى توفي في عاشر جمادى الأولى من السنة.
ومات الشيخ الصالح والورع علي بن عبد الله مولى الأمير بشير جلبه مولاه من بلاد الروم وأدبه وحبب إليه السلوك، فلازم الشيخ الحفني ملازمة كلية وأخذ عنه الطريق وحضر دروسه، وسمع الصحيح على السيد مرتضى بتمامه في منزله بدرب الميضاة بالصليبة، وكذلك مسلم وأبو داود وغير ذلك من الأجزاء الحديثية ومسلسلات ابن عقيلة بشروطها وغالبها بقراءة السيد حسين الشيخوني.
وكان إنسانًا حسنًا حلو المعاشرة كثير التودد لطيف الصحبة مكرمًا محسنًا خيِّرًا له بر وصدقات خفية، توفي في يوم الأحد تاسع عشرين رجب، بعد أن تعلل بالفتق عن كبر، وصلي عليه بسبيل المؤمنين ودفن بالقرب من شيخنا محمود الكردي بالصحرا، وكان منور الوجه والشيبة وعليه جلالة ووقار وهيبة يلوح عليه سيما الصلاح والتقوى، رحمه الله تعالى.
ومات الشيخ الصالح عيسى بن أحمد القهاوي الوقاد بالمشهد الحسيني وخادم النعال بالموضع المذكور، وكان رجلًا مسنًّا سخيًّا بما يملك مطعامًا للواردين من الغربا المنقطعين، وأدرك جماعة من الصالحين، وكان يحكي لنا عليهم أمورًا غريبة، وله مع الله حال وفي فهم كلام القول ذوق حسن، وللناس فيه اعتقاد عظيم.
وفي آخره أعجزه الهرم والقعود فتوجه إلى طندتا في آخر ربيع الثاني ومكث هناك برحاب سيدي أحمد البدوي إلى أن توفي في يوم الأربعا ثاني عشر جمادى الثانية، ودفن عند مقام الولي الصالح سيدي عز الدين خارج البلد في موضع كان أعده السيد محمد مجاهد لنفسه فلم يتفق دفنه فيه.
ومات العلامة الفاضل المحدث الصوفي الشيخ أحمد بن أحمد بن أحمد بن جمعة البجرمي الشافعي، قرأ على أبيه وحضر دروس العشماوي والعزيز والجوهري والشيخ أحمد سابق والحفني وآخرين، ودرس وأكب على إقراء الحديث، وألف في الفن وانتفع به الناس، وكان يسكن في خانقاه سعيد السعدا مع سكون الأخلاق، والانجماع عن الناس وملازمة محله، ومن شعره ما أرسله إلى شيخنا السيد العيدروس حين قدومه إلى مصر في سنة ثمان وخمسين وماية وألف.
ولا زال يفيد ويسمع حتى وافاه الحمام في يوم الجمعة ثاني رمضان، وكانت جنازته خفيفة لاشتغال الناس بالصيام، وكان يخبر عن والده أن جنازته كانت خفيفة، رحمه الله.
ومات الفاضل المبجل سيدي عيسى چلبي بن محمود بن عثمان بن مرتضى القفطانجي الحنفي المصري، ولد بمصر ونشا نشوًا صالحًا في عفاف وصلاح وديانة وملازمة لحضور دروس الأشياخ، وتفقه على فضلا وقته مثل الشيخ الوالد والشيخ حسن المقدسي، وأخذ العربية والكلام عن الشيخ محمد الأمير والشيخ أحمد البيلي وغيرهما، واقتنى كتبًا نفيسة، وكان منزله موردًا للفضلا وكان يعزم عليهم ويعمل لهم الضيافات في كل عام ببستان خارج مصر يعرف ببستان القفطانجي ورثه عن آبائه، وكان نعم الرجل مودة وصيانة، رحمه الله تعالى وسامحه.