مكارثي يُواجه مأزقًا غير متوقع
كانت الساعة حوالي الثالثة بعد الظهر عندما توقفَت سيارة الأجرة الخاصة بويذرز مرةً أخرى أمام سور هايد بارك المقابل لتلك المجموعة الرائعة من الشقق الفخمة. كان يجلس في الكشك الصغير الخاص به في الردهة، المجرم السابق جيمس ديلاني وهو يُطالع صفحات صحيفة بعد الظهر وأثناء ذلك سقط ظل على وجهه مما جعله ينتفض. وانتفض أكثر عندما اكتشف هوية الشخص الذي ألقى ذلك الظل، المُحقق المفتش مكارثي!
سأل المفتش مع إيماءة برأسه نحو الأعلى: «هل هما هنا؟»
أجاب ديلاني في توتُّر إلى حدٍّ ما: «كلَّا إنهما بالخارج.» وأضاف: «ليس من المُتوقَّع أن يعودوا حتى حوالي الرابعة والنصف. الطابق الأول، وأول شقة على اليمين. وهي بجوار المصعد مباشرة.»
قال المفتش: «سأستخدم السلالم.» وأضاف: «إن المصاعد تُصيب الإنسان بالخمول.»
ودون المزيد من الحديث، صعد سلَّمًا رخاميًّا رائعًا. وأثناء ذلك، رأى ديلاني من زاوية عينه يُغادر على عجل عبر المدخل.
كانت بسطة السلَّم، التي تؤدِّي إلى ممرٍّ أقل فخامة من المدخل، خالية تمامًا. لم تكن هناك علامة على وجود أي شخص، سواء على ذلك المستوى أو على السُّلم المؤدي إلى الأعلى. وبعد أن أخرج طفاشة من جيبه، أدخلها ببراعة في ثقب المفتاح في ذلك الباب الذي على يمين المصعد، وحرَّكها بمهارة، ثم فتح الباب ودخل بهدوء.
وجد نفسه في ردهة داخلية صغيرة، ولكن أيضًا مؤثثة بنحوٍ مبهرَج، تؤدي إلى غرفة استقبال كبيرة. وبعد أن اتجه نحو النوافذ الأمامية، وجد أنها تطلُّ مباشرةً على بارك لين. ومن الشرفة في الخارج كان بإمكانه تحية ويذرز بسهولة كما لو كان على الرصيف.
وسرعان ما قرَّر أن هذه الغرفة بالتحديد ليس بها ما يُهمه. لقد سُكنت حديثًا بحيث لا تحتوي على أي شيءٍ يُحتمل أن يكون مفيدًا له. لكنه تفحَّصها واهتمَّ بشيء أو شيئين قد يثبت أنهما مفيدان فيما بعد. ومنها انتقل إلى غرفة نوم كبيرة للغاية، وبالتأكيد مبهرجة تمامًا مثل غرفة الاستقبال نفسها. وقد وُضِع فيها الصندوقان الجديدَان الباهظَا الثمن هذان واللذان نقلتهما تيسا دومينيكو من مكان إقامتها في داوتي ستريت ذلك الصباح. كانا لا يزالان مُقفلَين، ويبدو أنهما لم يُلمسا منذ أن وضعهما خادما الشقق هنا. كان سيمنحهما بعض الاهتمام الشخصي بمجرد أن يُكمل تفحُّص الشقة؛ فقد علَّمته التجربة أنه من السيئ عدم معرفة تفاصيل أي مكان قد تُواجهك فيه المتاعب في أي لحظة.
وكان ملحقًا بهذه الغرفة المريحة للنوم حمام رخامي بالكامل يتجاوز في الفخامة أي حمام استمتع بالاغتسال فيه، حتى في أغلى الفنادق. وكان له بابان؛ واحد يُدخَل إليه من غرفة النوم، والآخر ينفتح على غرفة مُلحقة لتبديل الملابس، والتي تنفتح مرة أخرى على ممر داخلي يحتوي على أربعة أبواب.
وبتجربة الدخول إلى أولها، اكتشف أنه خاص بغرفة نوم أخرى. وبعد أن أغلق الباب من بعده ذهب إلى الباب التالي؛ فوجدها أيضًا غرفة نوم أخرى، وحتى هذه الغرفة التي من الواضح أنها إضافية أو «احتياطية» كانت مؤثَّثة على نحو يُثير انبهار الرجل العادي. لا شك في أنه إذا كانت هذه الشقق بالتحديد، حسبما قُيِّمت، هي الأغلى في لندن، فمن المؤكد أنها تمنح الشخص الذي استأجرها الكثير مقابل الأموال التي دفعها فيها.
كان على وشك المرور إلى الباب الثالث عندما تناهى صوت إلى أذنه جعله يتوتر ويستمع باهتمام قدر إمكانه. وعلى الرغم من أن غرفتَين وممرًّا كانوا يَفصلونه عنه، فإنه كان مُتأكدًا تمامًا من أنه سمع صوت قفل الباب الخارجي، إن لم يكن ذلك الخاص بالباب الذي يؤدى إلى غرفة الاستقبال الرائعة تلك. فعاد بسرعة إلى غرفة الملابس وأنصَت هناك للحظة؛ كان هذا كل ما يحتاجه ليتأكد أن ساكني الشقة قد عادُوا عل نحوٍ غير مُتوقع تمامًا، وأنه حوصر في موقف لا يُحسد عليه.
بعد الإسراع مرةً أخرى إلى الممر، بحث عن باب للخدَم قد يُوفِّر له مخرجًا، لكن لم يكن هناك واحد. كما أن غرفة الطعام في الشقة، والتي ربما بها باب للخدم، كان مدخلها من غرفة الاستقبال والخروج من الأمام. وللوصول إليها، كان عليه المرور عبر غرفة النوم وغرفة الاستقبال، واحتمالات حدوث ذلك، دون أن يُلاحظه أحد، كانت قليلة للغاية. وبينما كان يُحاول أن يتخذ قراره بشأن أفضل تصرُّف، دخلت تيسا دومينيكو إلى غرفة النوم، وتبعها رفيقها، مما جعل هذه الفرص مُنعدمة تمامًا.
تسلَّل مكارثي إلى باب الحمام على أطراف أصابعه، وفتحه قليلًا جدًّا دون ضوضاء ليرى كيف تطور الموقف. فوجد الأمور غير مُواتية للغاية؛ لأنه بينما تخلصت تيسا من معطف الشينشيلا الرائع الذي كانت ترتديه وألقته على السرير مع قُبَّعتها، ومن الواضح أنها كانت على وشك إصلاح مكياجها، ببساطة استند الرجل ذو العينين الجامدتَين بتكاسُل على الباب الذي يجب أن يمر من خلاله مكارثي بالضرورة للخروج. وهو ما، في رأي المفتش، عقَّد الأمور بالكامل.
ومن الواضح أنهما لم يكن لديهما أدنى شك في وجود أيِّ طرف ثالث في الشقة، وبدا ذلك جليًّا من خلال طريقة محادثتهما. كان الرجل هادئًا ورزينًا للغاية مثلما حدث عندما خرج من مطعم السنيورا سبادوجليا في الليلة قبل السابقة، لكن نَبرة صوت تيسا دومينيكو أثبتت أنها مضطربة على أقل تقدير، إذا لم تكن هناك عاطفة أقوى تسيطر عليها في هذه اللحظة.
سألت: «أين سمعت أنهم يعملون بجدٍّ للتحقيق في موت» — ارتجف صوتها للحظة — «موت، موت ماسكاني؟»
أخذ سيجارة من علبته وأشعلها قبل الرد.
ثم قال بلا مبالاة تامة: «ألم تتوقَّعي أنهم سيفعلون؟» وتابع: «يا عزيزتي تيسا، هذه هي الطرق الغريبة لبلدك هذا؛ حيث تُولي الشرطة نفس القدْر من الاهتمام لقتل أحد رجال العصابات كما لو كان رئيس الوزراء. بطبيعة الحال سيكون الغضب في الصحف أقل، لكن طريقة العمل هي نفسها تمامًا.»
لفت انتباه مكارثي على الفور، وهو من ذوي الخبرة في الأشكال المخُتلفة من اللغة الإنجليزية التي يتحدَّث بها العديد من جنسيات العالَم في سوهو، أن هذا الرجل بلا شك ألماني على الرغم من أنه يتحدث الإنجليزية جيدًا، ولكن بطريقة مدرسية. لم يكن هناك شيء من العامية في صياغة عباراته. لقد ذكَّر مكارثي عبر كلٍّ من أسلوبه في الكلام وعباراته بذلك المذيع الذي يُدرك أن ما يقوله كوميديٌّ، اللورد هاو هاو من هامبورج، أكثر من أي شخص سمعه من قبل. والفارق الوحيد هو في نوع من الشر الكامن في صوت هذا الرجل الذي افتقر إليه المذيع الألماني تمامًا.
وتابع الرجل قائلًا: «أنا أتحدث على نحو شخصي تمامًا، وأعتقد أنه لا يُوجَد ما يدعو إلى الخوف كثيرًا من نتائج مساعي سكوتلاند يارد. إنهم لا يسترعون انتباهي لأنهم لا يَمتلكون أي قدر من العبقرية أو الإلهام. ومن أجل طمأنتك، يُمكنني القول إنَّ لودفيج قد أدَّى مهمة، هل نقول، التصفية مرات عديدة، وهو مُحترِف إلى درجةٍ تجعلُه لا يترك وراءه أي أثر ليحصلوا عليه. أظن أن كلمة «خيط» هي الكلمة التي كان يجب عليَّ استخدامها.»
وبينما كان يُراقبها مكارثي وهي جالسة أمام مرآتها، رأى ارتجافة نفور تسري في أوصال تيسا الجميلة.
وصاحت: «أنا أكره ذلك القزم الرهيب!» وتابعت: «أنا أخاف منه.»
قال: «هذا كلام بلا معنى، وغير عادل.» وأضاف: «ليس لديك سبب لتخافي من لودفيج. في واقع الأمر لقد قدم لكِ خدمة رائعة بأن أزال من طريقك ما كان يُهدِّد بأن يكون خطرًا كبيرًا عليكِ.»
لو كان مكارثي أحد الحيوانات، لكان، إذا استخدمنا هذا التعبير البالي، قد «استنفر أذنيه». إذن ذلك السائق القزم هو القاتل الفعلي لفلوريلو ماسكاني، بتحريض من هذا الألماني ذي الدم البارد، بالطبع. هل هذا المسخ هو أيضًا قاتل ذلك الشخص رونر؟ شك مكارثي في ذلك، حيث أظهرت بعض الأدلة المؤكدة التي يُمكن رؤيتها بوضوح عند المدخل الذي قُتل فيه رجل العصابات، أنه قد رُشق أولًا بسكين على نحو متقَن. أما في قضية سوهو سكوير، لا بد أن الوضع مختلف تمامًا: أيًّا كان من قتل رونر فقد تصارع معه بالتأكيد، وشل حركته بقوة كبيرة أثناء ارتكاب الفعل المروع. وبالحكم من خلال بِنية جسم ذلك المتشبه بالأنثى فإنه من المستبعد تمامًا أن القزم هو من ارتكب الجريمة على الرغم من قوة جذعِه وذراعَيه بلا شك. وكذلك في قضية هاربر، كان مكارثي على يقين من أن الجرح الذي تسبَّب في قتل الشرطي الطويل للغاية والقوي على نحو غير عادي، قد حدث مباشرة باليد، ولا يمكن للقزم أن يصل إلى النقطة الواقعة أسفل كتف هاربر حيث يُوجَد الجرح المميت. وما لم يكن مخطئًا تمامًا، كان الرجل الذي ارتكب جريمتي القتل في سوهو سكوير يقف على بُعد بضع أقدام منه في تلك اللحظة.
قالت بعصبية: «مع ذلك، كنت أتمنَّى لو أن هناك طريقة أخرى للتخلُّص من فلوريلو.»
مرة أخرى هزَّ كتفيه ذواتَي المظهر الرياضي ونظر إليها بمرح.
سأل وأوحَت نبرته بأن الأمر برمته ليس له أدنى قدْر من الأهمية بالنسبة إليه: «وما الطريقة الأخرى التي يمكن أن تكون فعَّالة إلى هذا الحد؟» ثم أضاف: «هل تعتقدين أنه كان من الممكن شراء سكوت رجل عصابات ومُبتز مثله، لأي فترة من الوقت؟ لقد هدد مرارًا وتكرارًا بقتلك في حال كانت لديك الجرأة لتفضيل أي شخصٍ آخر عليه. وأنت ليس لديكِ أدنى شك في ذهنكِ أنه كان يعني تلك التهديدات، ومن المؤكد أنه كان سيُنفذها.»
اعترفت قائلة: «هذا صحيح بالفعل.» وتابعت: «كان سيقتلني عاجلًا أو آجلًا.»
أومأ برأسه موافقًا. وقال: «بالضبط؛ كانت لديه كل غرائز الوحش البري، فيما عدا شجاعته. كان القتل هو الطريقة الوحيدة للتعامل معه. لقد واتته الجرأة أيضًا لتهديدي، وإن كان في موقف مختلف تمامًا. أنتِ، بنفسكِ، أبلغتِني أنه أطلق تهديدات ضدي الليلة الماضية.»
«لقد كررتُ لك ما قاله بالضبط؛ وأنه كان يعنى ذلك، ليس لديَّ أدنى شك على الإطلاق.»
«ولا أنا؛ لقد كان من تلك الطبقة من الجرذان البشرية.» وتابع قائلًا: «وقد تصادف أنني لستُ الرجل الذي يتحمل التهديدات من أي نوع ومن أي شخص. لقد منحتُه الفرصة الكاملة لترجمة كلماته الشريرة إلى أفعال الليلة الماضية في حانة فازولي. لقد أذللتُه في التراب الذي ينتمي إليه، لكن لم يجرؤ على الرد.» ثم ضحك ضحكة قصيرة وقاسية. وتابع: «هذا حسم مصيره بالنسبة لي.» وأضاف: «والآن، دعينا ننتهي من ذلك. لقد كان مفيدًا لبعض الوقت، وبعد أن انتهت تلك الفائدة، لقيَ المصير الوحيد المُمكن لعديمي الفائدة في هذا العالم.»
واختتم بإيماءةٍ فسَّرَها مكارثي على أنها إنهاء موضوع فلوريلو ماسكاني للأبد، ثم بخطوته البطيئة تلك عبر الغرفة وضع عقب سيجارته في منفضةٍ وسط الغرفة. في نفس اللحظة، نهضت الفتاة، ورفعت قُبعتها عن السرير وارتدتها مرة أخرى، وقد أخذت تنظر إلى نفسها في المرآة بينما تفعل ذلك. فرفع الرجل، هيلنر، مثلما دعاه ديلاني، معطف الشينشيلا وأعطاه لها. من الواضح، أن مكارثي شعر بالسعادة، أن الاثنين قد خرجا مرةً أخرى، حيث ابتسم حظ مكارثي المعروف على نحو رائع! وبطريقتِه الصامتة انسلَّ من خلال غرفة تبديل الملابس إلى ذلك الممر الذي تُوجَد فيه غُرَف النوم الأربع، وأغلق الأبواب خلفَه بحذَر.
لم يتحرَّك مرة أخرى حتى سمع للمرة الثانية ذلك الصوت الحاد للباب الخارجي وهو يُغلَق من بعدهما، وحتى عندئذٍ توجَّه فقط حتى باب الحمام للتأكُّد من مغادرتهما. لبضع دقائق، وقف يُنصِت باهتمام، لكنه لم يسمع أي صوت على الإطلاق. كان من المُمكن أن يغامر بالتسلُّل إلى نوافذ غرفة الاستقبال ويسترق نظرةً إلى أسفل ولكن نظرًا لأن ستائر الشقة المُبهرجة كانت مفتوحة، فمن المُمكن أن يَنكشِف أمره إذا ألقى هيلنر أو الفتاة نظرة إلى أعلى. فقرَّر أولًا أن يُواصل فحص غُرَف النوم هذه؛ فلا بدَّ أن أمتعة الرجل في واحدة أو أخرى منها؛ لأنه لم يرَ أي أثر لها في الغرف التي مرَّ بها بالفعل. لقد قال ديلاني شيئًا عن ذلك، لكن ماذا قال بالضبط، هو لا يستطيع التذكُّر. وتساءل كثيرًا عما إذا كانت متعلقات تيسا الجديدة قد تحمل أي شيء يثير اهتمامه.
أكمل فحصه للغرف واحدة تلو الأُخرى، ولم يجد شيئًا مما سعى إليه. من الواضِح أن مُتعلِّقات هيلنر الشخصية لم تصِل بعد.
كان عائدًا إلى الممر مرةً أخرى عندما رأى بعض الألواح الداخلية التي قد تكون بسهولة تامة المدخل المموَّه جيدًا لدولاب خفيٍّ في الحائط. وبينما هو مُنحنٍ لفحصها ودون أدنى تحذير دعاه ذلك الصوت الحاد الذي كان يَستمع إليه منذ لحظات ليرفع يدَيه، وبسُرعة؛ وفي نفس اللحظة دُسَّت ما كان يبدو واضحًا للغاية أنها فوَّهة مسدس دوَّار أو مسدس آلي في ظهره. وأنبأ التهديد الكامن وراء النبرة الهادئة مكارثي أنه كلما استجاب لهذا الطلب على نحو أسرع كان ذلك أفضل.
لكن، على نحو لا إرادي تقريبًا، التفَّ مكارثي ليجد السلاح قد انتقل بسرعة إلى فُم معدته وهو يُحدِّق في العينين ذواتَي اللون الأزرق الثلجي الثابتتَين تمامًا وقد ضاقتا الآن. ورأى الآن أن ما دفعه في ظهره كان مُسدسًا آليًّا، مُلحقًا به كاتم صوت، والذي كان لديه القدرة على قتل أي شخص يُفرغ فيه. لجزء من الثانية فقط، ومضَت في ذهن المفتِّش فكرة أن يخاطر ويبادر بالهجوم، لكن العينين اللتَين كانتا تَنظران إليه بازدراء شديد لم تعودا فارغتَين وخاليتَين من التعبيرات؛ كان هناك في قساوتهما الشاحبة ما أخبر مكارثي أن هذا الرجل سيقتل دون أدنى ندم. كان الأمل الوحيد الذي لدَيه هو التلاعُب لبعض الوقت والاستفادة من أي فرصة قد يَمنحها له الآخر، وهو الأمر الذي يقلُّ احتمال حدوثه.
قال بمرح، مع ابتسامته المتَّقدة: «يبدو أن الأمور لم تَسِر على النحو المطلوب بعض الشيء.»
رد الآخر بنبرة هادئة مساوية: «بل على نحوٍ كبير، بالنسبة إليك.»
حاول مكارثي المخادعة قائلًا: «ربما.» وتابع: «أعتقد أنه من دواعي سروري التحدُّث إلى السيد — أم أنه البارون؟ — هيلنر؟»
«هذا الاسم سيفي بالغرض مثل أي اسم آخر. لتبسيط الأمور سنتَّفق على هيلنر، البارون هيلنر. وأنت، كما أعتقِد، المُحقِّق المفتش مكارثي، من سكوتلاند يارد.»
صحَّح مكارثي بنفس الطريقة اللطيفة قائلًا: ««نيو» سكوتلاند يارد.» وأضاف: «رغم أنه خطأ شائع بين الأجانب.»
اعتقد المفتش أن الآخر ابتسم ابتسامةً باردة، باردة بشدة لدرجة لا تُبشِّر بالخير.
تساءل هيلنر: «هل لي أن أسأل ماذا تفعل هنا؟»
رد مكارثي بذكاء: «كنت أظن أن ذلك سيبدو واضحًا على الفور لرجل في مثل ذكائك.» وأضاف: «ومع ذلك، إذا كنت تُريد التوضيح بكلمات كثيرة، فأنا كنت أتفحص المكان، معتقدًا على نحو خاطئ أنك والسنيورا دومينيكو قد خرجتما مرة أخرى.»
قال هيلنر، بطريقته المدرسية في نُطقِ اللغة الإنجليزية: «كان من المفترَض أن نفعل ذلك لولا المصادفة المحضة.» وتابع: «لحُسنِ حظِّي، ولسوء حظك بالتأكيد، بينما كنتُ أساعد «السنيورا» كما تُسميها، على ارتداء معطفِها، تصادف أن أُلقي نظرة على مرآتها من زاوية مُعينة. أعطتني تلك الزاوية منظرًا مثاليًّا لك، وأنت تَختبئ بالخلف، وتسترق النظر عبر باب الحمام.» وأضاف بتجهُّم: «كان بإمكاني أن أطلق عليك الرصاص في التوِّ واللحظة، يا مكارثي، وفي ظل ظروف أخرى، كنتُ سأفعل ذلك بكل تأكيد. ولكن تصادف أن السيدة كانت بالفعل في حالة عصبية شديدة، لذا لم أرغب في إفزاعها بأحد التصرفات الهستيرية الذي ربما لا يُناسب هدفي. على المرء أن يفكر في هذه الأشياء.»