تبدل الأمور
أومأ مكارثي برأسه. ثم قال بجدية: «لقد فهمتُ مقصدك.» وتابع: «من المؤكَّد بنسبة ألف إلى واحد أنها كانت ستَصرُخ في رعبٍ وعلى الأرجح ستَجلب الناس إلى المشهد وهو ما لا تريده أنت هنا، ليس في هذه اللحظة.» وأضاف كما لو كان يناقش نقطة محلَّ اهتمامٍ على نحو موضوعي تمامًا: «وفي نهاية الأمر، من المتوقَّع بالقطع أن امرأةً من هذا النوع «ستُصبح» في حالة توتُّر عصبي شديد عندما تعلم أنها ليست فقط على صلة بقاتلٍ سفَّاح، لكنها أيضًا متورطة تمامًا، وليسَت فقط شريكة، في الجريمة التي ارتُكبت بالأمس، والتي تَعلم الشرطة بكافة تفاصيلها. في الواقع، بصفتي الضابط المسئول عن القضية، لا أظنُّ أن هناك شكًّا في أن تيسا الرقيقة قد أجرت المكالَمة الهاتفية التي وضعت ماسكاني في الفخ كي يتمكَّن ذلك القزم القذِر التابع لك من قتله. أنت تُناديه لودفيج، أليس كذلك؟»
بدا أن العينين الشاحبتَين، اللتَين يُراقبهما مكارثي بعناية، قد أصبح لونهما شاحبًا أكثر إن كان هذا ممكنًا، كما أصبحت نظرة التهديد فيهما بكلِّ تأكيد أكثر عُمقًا. لكن الرجل على ما يبدو كان مُتماسك الأعصاب بشدة ولم يبدُ عليه ولو للحظة الغضب أو حتى الانزعاج.
وقال: «أظن أن المفتش مكارثي لن يطلب التقدير بسبب الحصول على معلومات عبر التنصُّت على محادثة خاصة؟»
سارع المفتش بالموافَقة قائلًا: «بالقطع لا؛ بالقطع لا.» ثم أضاف: «لكنها كانت مفيدة بشدة وسوف تُوفِّر الكثير من الوقت، والمال. إنها مجرَّد بضع ساعات قليلة قبل أن يجد السيد لودفيج نفسه خلف القضبان، في طريقه إلى الإعدام عبر محكمة الجنايات المركزية في أولد بيلي.»
قال هيلنر بحدة: «هذا مجرَّد احتمال.» وتابع: «وسأَقتبِس هنا مقولتكم الإنجليزية، الكثير من المياه ستجري تحت الجسور من الآن وحتى حينها.»
قال مكارثي بحماس: «لا تُصدقها، أيها البارون.» وأضاف: «نحن لا نرتكب الكثير من الأخطاء بخصوص القتَلة في هذا البلد، بمجرَّد أن نتأكد من أنهم كذلك. والمكانة الاجتماعية لا تمثل فارقًا. ونحن سنضع حبل المشنقة حول عنقك في أسرع وقت من أجل جريمة قتل الجاسوس الذي يُطلِق على نفسه «مدام رونر»، وكذلك القتل الغادِر للشرطي هاربر عند البوابة الخلفية، مثلما سنفعل في سائقك القزم.»
سأل الألماني بهدوء: «أهكذا؟»، ولاحظ مكارثي وهو ينظر لأسفل أن إصبعه قد توتَّر على الزناد.
أجاب على الفور: «هكذا.» وتابع: «وهذا جزء من العمل أنا أفخر به نوعًا ما، خاصة بالأخذ في الاعتبار الوقت الذي استغرقتُه في المهمة. لقد كان الانطباع الأول عندي بأنك القاتل هو ما أطلق عليه مجرد «حدس». أنا لا أعلم ما إذا كان لديكم في اللغة الألمانية كلمة تقابلها تمامًا أم لا. إنها تعني فقط نوعًا من الغريزة. وبسبب هذا «الحدس» تتبعتُك إلى خارج سوهو سكوير، ثم أوعزت لصديق لي أن يُواصِل تتبعك. وعند هذه النقطة، أيها البارون، ارتكبتَ أنت خطأك الكبير الأول، إذا كنت لا تُمانع أن أوضحه لك.»
«بالتأكيد ليس لديَّ مانع. فالمرء يعيش ويتعلم من تجاربه.»
قال له مكارثي وهو يهزُّ رأسه: «على نحو ما لديَّ شعور بأنك لن تفعل أيًّا منهما لوقت طويل.» وأضاف: «إن خطأك الأول هو عدم ترك داني ريجان حيث وضَعه أصدقاؤك — رجال عصابة فلو ماسكاني، بالمناسبة — وتركوه. لم يكن هذا ليُغيِّر من الأمر شيئًا في الواقع، ولكنه كان سيأخذ وقتًا أطول قليلًا قبل أن أكتشف أنا، شخصيًّا، الصلة بين المرأة التي وُجدت مقتولة في هامبستيد هيث والشخص الذي قُتل في سوهو سكوير.» وتابع باهتمام: «وبالمثل، قبل أن أكتشف الصِّلة بين مدام رونر المزيفة والشخص الذي سرَق خطط الدفاع المضادة للطائرات من وايتهول بعد ظهر ذلك اليوم.»
كان من الواضح للغاية بالنسبة إلى المفتِّش أن هذا الكلام كان بمنزلة سهم غير متوقَّع تمامًا، والذي قد أصاب هدفه. إذ بدت للحظة تلك العينان الشاحبتان كما لو كانت تلمَع، ومرةً أخرى توتَّر إصبعه على الزناد. لكن الرجل احتفظ بقُدرته التامة على التحكُّم في صوته وهو يسأل سؤاله التالي.
«وكيف حدثت معجزة الكفاءة هذه؟»
أجاب مكارثي بإيجاز: «العطر.» وأضاف: «رائحة محدَّدة كانت تفوح على نحو واضح في غرفة وايتهول التي سُرقت منها الخطط. وكانت تفوح بشدة في المكان الذي قُتل فيه رونر؛ حيث، بالمناسبة، تركتَ أنت خلفك الخنجر المدبَّب ومنديل الدانتيلا. ونفس الرائحة كانت تفوح على نحو واضح عندما أحضر رجال شرطة جولدرز جرين الجثة إلى المشرحة. ليس هذا فقط لكن كانت هناك بُقعة محددة على الملابس الداخلية لتلك «السيدة» والتي دلَّتني على أنها بكل تأكيد قد أمسكت بالخطط المسروقة، وبالفعل، حملتْها بين طيات ملابسها، أو ملابسه، إذا أردت الدقة. إن الاستدلال واضح؛ أن جريمة القتل قد ارتُكبت من أجل الحصول عليها.»
قال هيلنر بهدوء: «أرى أنني لم أكن أُقدِّر ذكاءك حق قدره، أيها المفتش.» وأضاف: «أكمل.»
«وعندما، في وقتٍ لاحق، وجدت بقعًا مُماثلة على أطراف أصابع جثة ماسكاني، لم يكن من الصعب تجميع الخيوط واستنتاج الأمور. لقد كنتُ أعلم بالفعل أن ماسكاني مُتورِّط في القضية، من خلال الحقيقة المجرَّدة أنه كان ضمن المجموعة التي كانت داخل السيارة التي حاولت أن تصدمني أنا وداني ريجان بينما كنا عائدَين من المشرحة. لا بد أنه كان لديك شكٌّ كبير حتى آنذاك، أيها البارون، أني قد ربطتُ بينك وبين تلك الجريمة.»
أجاب هيلنر، وظلَّت عيناه الثابتتان مُركزتين على عينَي المفتِّش الناعمتَين والمخادعتَين للغاية: «لقد كان لديَّ هذا الشك بالفعل، لسببٍ غير مُفسَّر تمامًا حتى بالنِّسبة إليَّ.» وأضاف: «من فضلك تابع؛ إنه أمر مُثير للاهتمام للغاية.»
قال مكارثي: «لقد تلقَّيتَ أنت ضربةً أخرى من الحظ السيِّئ.» وتابع: «إذ بعد أن غادرت حانة فازولي بالأمس، اصطدمتَ بسيارة الأجرة الخاصة بصديقٍ مُحترَم للغاية من أصدقائي والذي، في واقع الأمر، كان قادمًا إلى سوهو ليَصحبني. ونظرًا لأنك، على ما يبدو، واجهتَ اعتراضه بذلك الاحتقار الذي تُبديه للأشخاص الأقل حظًّا من الطبقة الأكثر تواضُعًا بعكس طبقتك، فقد التفَّ وتتبَّعك، أيها البارون.»
«تتبَّعَني أنا!»
كرَّر مكارثي قائلًا: «تتبَّعَك أنت.» وأضاف: «حتى جروفينر سكوير، وبعد ذلك تتبَّعَكَ مرة أخرى حتى هذا المكان.»
قال البارون بحدة: «لم ألحظْه مُطلقًا.»
قال مكارثي في سرور: «لقد استطاع بمهارة أن يَخدعك.» وتابع: «لقد تصادَفَ أنه رجل ذكي يُساعدني من حينٍ لآخر، وقد أدرك أنه اكتشف الصِّلة التي كنتُ بانتظارها منذ أن زارت سيدة صديقة لك حانة فازولي في فترة ما بعد الظهر.»
قال الألماني بالألمانية دون أن يتمكَّن من كبح جماح نفسه: «يا إلهي!»
وقد جاء التغيير الذي ينتظره مكارثي على نحوٍ مُفاجئ وبدا واضحًا على تعبير تلك العينين. إذ إن الكشف عن تتبُّعه حتى جروفينر سكوير ومشاهدته هناك، مع الاستدلال الواضح أن الزيارة تربطه بالتأكيد بالبارونة لينا إيبرهارت، يُعدَّان، بلا شك، ضربةً قاصمة، لكلٍّ من كبريائه وإحساسه بالأمن.
قال مكارثي برفق: «إنَّ النساء لا يَصلُحن مطلقًا في عمليات التجسُّس، أو أي نوع آخر من التآمُر من أجل ذلك. فهنَّ لا يُجِدن كتم الأسرار. وعلى الرغم من ظنِّهنَّ أنهن بارعات، وماكرات بلا شك، فهن دائمًا ما يرتكبن الخطأ الذي إما عاجلًا أو آجلًا يُدمِّرهنَّ ويُدمر كل من له صِلة بهن. إن صديقتي الصغيرة، تيسا دومينيكو، ستفعل نفس الأمر عندما يَقبضُون عليها وتذهب إلى سكوتلاند يارد للاستجواب. أتوقَّع أنهم قد قبضوا عليها الآن. إنها ستُفصح عن كل ما تعرفه، أنت تُدرك أني مُحق، يا هيلنر. وفازولي، هناك نوع ضعيف من الأشخاص يمكن أن تَحصُل منه على ما تريد بالضغط عليه عندما تصعب الأمور. إن الطيور الصغيرة التي تُغرِّد على أشجار ميدان لنكولنز إن فيلدز لا يُمكنها التغريد بسرعة أكبر من السرعة التي سيُفصح بها فازولي عن كل ما يعرفه.»
صدرتْ زمجرة خفيضة تُشبه زمجرة حيوان من حلق الألماني.
وقال بصوت خفيض جدًّا: «اللعنة عليك.» وتابع: «أيًّا كان ما سيَحدث، فأنت، على الأقل، لن تظلَّ حيًّا لتراه!»
قال مكارثي بحدة، وهو يشدُّ قامته: «أخرج هذه الفكرة من رأسك تمامًا.» وأضاف: «سأظل حيًّا، دون شك، وسأُعطيك آخر معلومة، مرفَقة بنبوءة، بلا سبب. هاينريش «لن» يستطيع إخراج الخطط المسروقة خارج إنجلترا هذه الليلة!»
وبسرعة البرق اندفعَت إحدى يديه لأسفل باتجاه الخارج، لتبعد المسدس عن وسطه؛ فانطلق على الفور وسمع صوت الطلقة الثقيلة تشقُّ طريقها نحو إطار الباب. وفي نفس الوقت اندفعَت يده اليمنى نحو وجه الرجل بقوةٍ هائلة، مُسبِّبة جرحًا حتى العظام. فانبثق الدم من الجرح، مما أعاق للحظة هيلنر عن الرؤية ومنح مكارثي ذلك الجزء من الثانية الذي يحتاجه ليُمسِك بمعصم يد الألماني التي تحمل المسدس.
لكنه اكتشف أن خصمه يحتاج إلى أكثر من لكمة واحدة، رغم أنها كانت قوية للغاية، كي يتغلب عليه. إذ اصطدمت قبضة هيلنر اليُسرى بقوة في وجه مكارثي، ودفعت رأسه نحو الباب بقوة مذهلة. بعد لحظة أصابته ضربة ركبة في الأربية بألم مُبرح، لكنها أدت أيضًا إلى شيء آخر لم يتوقعه الخصم أبدًا بالتأكيد.
لقد أشعلت الغضب في دماء المفتِّش الأيرلندي المقاتلة! وبينما هو لا يزال يُمسك بمعصم يد الرجل التي تحمل المسدس، ضرَب وجهه الملطخ بالدماء بشراسة لا يستطيع أحد تحملها لفترة طويلة. فوجَّه هيلنر، الذي يُماثل مكارثي في الطول والقوة، ضربة رأس حديدية نحو وجهه بقوة رهيبة، ليقابل في المرة الثانية التي جربها بلكمة لأعلى كادت أن تُمزِّق تلك الرأس من فوق كتفيه. وبقوة مطلقة، دفع مكارثي خصمه إلى الخلف بعيدًا عن طريق الباب عبر الممرِّ وبمواجهة الحائط.
مع محاولة الألماني للإمساك بحلقه، ضرب مكارثي تحت القلب بيده الحديدية حتى أصبح تنفس الرجل لهاثًا قصيرًا على نحو واضح. ولكن، وعلى الرغم من إصابته، فقد كان شديد الخطورة مثل الأفعى ذات الجرس في كل ثانية من الوقت.
لكن الدم الذي كان يَفقدُه أصابه بالضعف. لقد كان يتدفَّق من وجهه مثل السيل الآن، ليغطي ملابسه، وملابس مكارثي. وحاول عبثًا تنفيذ حركة قفل الساق وطرح رجل سكوتلاند يارد أرضًا، ولكنه فشل؛ إذ إن مكارثي، الخبير في نمط الفنون القتالية المُسمَّى الجوجيتسو، كاد أن يمزق طرفه من مفصله.
ومن ثم كافح بشدة من أجل تحرير يدِه التي تُمسك بالمسدس، لكن المفتش، الذي كان يُدرك أنه إذا حدث ذلك، فقد حانت آخر لحظة له، تشبَّث بها بإصرار مثل كلب بولدوج. مرارًا وتكرارًا أخذ يوجه تلك الضربات الشديدة تحت القلب، ولكن رغم أنها كانت تبطئ الرجل، فمن المؤكد أنه لم يظهر أي علامة على ذلك سوى أنفاسه اللاهثة.
ثم، مع التفافٍ مفاجئ لجسده بالكامل، لكنه لا يزال يُمسك بمعصمِه، انحنى مكارثي بسرعة، وحمل جسد الرجل على كتفه، وأطاح به على الأرض. ومع الإمساك بمعصمِه، أخرج مفصل الذراع تمامًا من تجويفِه وسقط المسدَّس من أصابع اليد التي فقَدت القدرة على التحكم.
ولكن حتى عندئذٍ لم يكن قد أجهز على الآخر بعد. إذ انطلقَت إحدى يدَيه الملطَّخة بالدماء وأمسكت مكارثي من كاحله، وحاول أن يَسحب المُحقق معه على الأرض. وحينها تمكن رجل سكوتلاند يارد من تنفيذ المسكة التي كان يريدها.
لقد انحنى سريعًا مرة أخرى، ونفذ قبضة المقص المتصالب على رقبة الرجل، ودفع إبهاميه إلى أعلى تحت أُذنَيه، وضغط بقوة. ومع شهقة لاهثة، فقد هيلنر الوعي!
ومن ثم فتش مكارثي كل جيب من جيوب الألماني، وبحث بحثًا دقيقًا، ولكن لم يكن هناك أي أثر للخطط المسروقة. لا بد أن هيلنر قد سلَّمها إلى البارونة إيبرهارت خلال زيارته السريعة في الليلة الماضية. على أي حال، كان هذا هو الاستنتاج الذي توصَّل إليه مكارثي، وكان يأمل بشدة أن يكون استنتاجًا صائبًا، نظرًا لأنه لم يجدها معه.
وبعد أن وضع يدَي الرجل الفاقد للوعي خلف ظهره بدأ مكارثي في البحث حوله عن شيءٍ يُوثقه به كي لا يتمكَّن من تحرير نفسه مرة أخرى. فوجد غطاء سرير حريري قوي مزَّقه وجدَّله ليصنع منه حبلًا. وربط معصمَي هيلنر معًا بإحكام خلف ظهره، ثم ربط كاحلَيه بحيث أصبح من المستحيل أن يتحرَّك بوصةً واحدة حتى لو تمكَّن من الوقوف على قدمَيه. وللتأكد من ذلك رفعه، وألقى به على أحد الأسرَّة، ونزع غطاء سرير من غرفةٍ أخرى وربطه به بإحكام؛ ونظرًا لأنه كان في حالة فقدان وعي لم يجرؤ على أن يُكمِّمه تحسبًا لئلا يختنق الرجل حتى الموت. لقد كان متأكدًا تمامًا من أنه مع إغلاق جميع الأبواب، لن يسمعه أحد أبدًا إذا صرخ بصوتٍ عالٍ، فهذه الشُّقَق بالتحديد جدرانها سميكة.
وبعد أن أسرع إلى غرفة الاستقبال، اتَّصل بإدارة سكوتلاند يارد عبر الهاتف ووصل إلى هاينس تمامًا في الوقت الذي كان الرجل يُغادر فيه مكتبه، أغلب الظن كي يُنفِّذ مهمته في فترة ما بعد الظهر.
قال بسرعة: «بيل، يجب تعيين قوة للبحث عن تيسا دومينيكو على الفور. إنها في مكانٍ ما من ويست إند، ربما تتسوَّق. مهما حدث يجب ألا يُسمَح لها بالعودة إلى هنا.»
سأل هاينس في جدية: «وأين تقع هنا تلك؟»
وبعد أن أعطاه العنوان، قال بأنه من الأفضل وضع رجلَين عند المدخل الأمامي لترقُّب وصولها، في حالة عدم نجاح مهمة البحث.
«والآن أعطِ الأوامر لمداهمة حانة فازولي وإلقاء القبض على لويجي دون إضاعة المزيد من الوقت. وأيضًا أَلقِ القبض على كل رجلٍ معروف بانتمائه لعصابة ماسكاني. واحتجزوهم جميعًا للاستجواب إلى أن أتمكَّن من الوصول إلى الإدارة.»
سأل المفوض المساعد باهتمام: «هل استعدتَ تلك الأوراق المسروقة؟»
رد مكارثي: «سأفعل بحلول المساء يا بيل.» وتابع: «لا تدَعِ التفكير فيها يُزعجك. حافِظ أنت على موعد بعد الظهر الخاص بتناول الشاي.»
سأل هاينس بانزعاج: «هل ما زلتَ مُصرًّا على هذه الفكرة المجنونة يا ماك؟»
قال له المفتش على نحوٍ قاطع: «أكثر من أي وقتٍ مضى.» وأضاف: «لا تخذُلني في ذلك، مهما حدث.»
أنهى مكارثي المكالمة قبل أن يتمكَّن المفوض المساعد من إثارة أي اعتراضات أخرى، وهُرِع إلى الطابق السُّفلي، وتوقف للحظة فقط عند كشك ديلاني.
وقال لذلك الرجل الذي حدَّق في حالته الشعثاء الملطخة بالدماء في دهشة: «سأحتفظ بمفتاح تلك الشقة لبعض الوقت.» وتابع: «لا تدع أحدًا يقترب منها. إذا حدث ذلك، فستواجه مشكلة.»
وخرج مسرعًا إلى سيارة أجرة ويذرز، وعند القول إن دهشة ويليام الضخم القوية من حالته كانت كبيرة، فإن هذا لا يكفي لوصف مشاعره مطلقًا.
صاح: «يا إلهي!» وأضاف: «يبدو أنك تعاركتَ، أيها الرئيس. كم كان عددهم؟»
أخبره مكارثي، محاولًا أن يبتسِم من خلال شفتَين مجروحتين: «واحد فقط، لكنه كان قويًّا للغاية. أعِدْني إلى دين ستريت للاغتسال وتغيير ملابسي.»
قال ويذرز في أسف: «يبدو أن هذه البدلة قد تلفَت تمامًا، أليس كذلك؟»
قال مكارثي وهو يهز رأسه حزينًا: «كلمة «تلفت» ليست كافية.» وتابع: «إنها من ماركة سافيل رو، يا ويذرز - ولم أدفع ثمنها بعد!»