الرسالة الأخيرة من رقم «صفر»!
في نفس الوقت وصلت رسالة من «خالد»: أطلق الحكم صُفارته … يجب بدء المباراة. ما النتيجة عندكما؟!
نقل «أحمد» الرسالة إلى «مصباح»، الذي قال: يجب أن نُغادر المكان فورًا.
كان «أحمد» يُفكِّر في أن يظل في مكانه لحظة، فهو قد تراجع الآن، فلا بد من الانتهاء من هؤلاء. ونقل أفكاره إلى «مصباح» الذي قال: إن «خالد» و«باسم»، في انتظارنا، ولا بد أنَّهما في حاجة إلينا. وإلَّا كانا قد تصرفا.
قال «أحمد» ينبغي أن يقوما بالعمل، أو الانتظار بعض الوقت.
ثم أرسل إلى «خالد»: انزلا الملعب، إذا كانت الظروف طيبة.
في نفس الوقت، كان الرجال قد قاموا بإفاقة زملائهم، وأصبح العدد ضخمًا.
همس «مصباح»: إنَّ الموقف غير مُتكافئ …
ابتسم «أحمد» وقال: إنَّ الشياطين يُمكِن أن يَكسبوا المعركة في كل الظروف.
ابتسم «مصباح» وهمس: إنَّني أعرف ذلك …
أخذ الرجال يتحدثون، فقال «جروشو»: إنَّني لم أر أحدًا. لقد نزلت السلم، ثم لا أدري ماذا حدث!
قال آخر: لقد اشتبكنا معهم، إنَّهم أربعة.
تساءل الرجل الهادئ: وأين هم الآن؟
مرَّت لحظة دون أن يجيب أحد، ثم قال صاحب الصوت الهادئ. ينبغي تفتيش المكان بدقة. وصمت فترة، ثم قال: أو كهربتُه إذا لزم الأمر.
سمع «أحمد» و«مصباح» هذه الكلمات، وبسرعة كانوا يضعون مادة عازلة على ملابسهم، بينما تحرَّك رجال العصابة في عملية بحث عن الشياطين.
نظر «أحمد» في ساعته ثم قال: إنَّ القنابل المخدِّرة التي أحملها مدتها ثلاث ساعات فقط. وصمت لحظة، ثم أضاف: هل نستطيع أن نُنْهِي المباراة هناك في هذه المدة؟
وقبل أن يُجيب «مصباح»، أخرج «أحمد» قنبلة مخدِّرة من جيب سري كانت القنبلة في حجم البلية.
ضغط على زر صغير فيها، ثم دحرجها على الأرض في اتجاه رجال العصابة. بعد لحظات بدأ الرجال يسعلون، وواحد بعد الآخر، أخذوا يتهاوون إلى الأرض. في نفس اللحظة كان «أحمد» يقترب منهم. لم يكن أحد منهم يراه؛ فقد غطت الدموع، نتيجة الغازات التي أطلقتها القنبلة المخدرة. اقترب «أحمد» من زر الحائط وضغطه فانفتح الباب، وبسرعة أخذ طريقه إلى الخارج، في الوقت الذي كان فيه «مصباح» قد خرج هو الآخر … وقفا لحظة حتى أُغلق الباب مرة أخرى، ثم انفلتا بعيدًا عن المكان.
أسرعا في خطواتهما، حتى ظهر تاكسي فأشار إليه، ثم أعطى «أحمد» للسائق عنوان المكان: شارع ٣٢. وخلال ثلث ساعة كانا هناك. غادروا التاكسي بعيدًا عن المنزل رقم «٦٠»، وعندما تحرك التاكسي مُختفيًا، اتجها إلى المنزل. لم يكن هناك شيء.
أرسل «أحمد» رسالة إلى «خالد» الذي ردَّ بسرعة: إنَّنا داخل الملعب. الطريق «ن». «ي» … ففهم أنَّ الطريق إلى اليمين، ثم إلى أعلى، فتقدما إلى داخل المنزل.
همس «مصباح»: احذر أجراس الإنذار.
أخرج «أحمد» آلة صغيرة من جيبه ثم ضغط بها على الباب، فانفتح. توقَّف لحظة، حتى يسمع أجراس الإنذار، إلَّا أنَّها لم تنطلق، فهمس: لا بد أنَّ «خالد» و«باسم» قد عطلا الأجراس.
دخلا وأغلقا الباب بسرعة، ثم أخذا طريقهما حسب تعليمات «خالد»، إلى اليمين وبعدها إلى أعلى. اتجها إلى اليمين، فوجدا سلمًا، فصعدا بسرعة. لكن فجأة، لمعت لمبة في جهاز الاستقبال، فعرف أنَّ «خالد» يطلب منه التوقُّف. أمسك يد «مصباح» وتوقفا. كانت الإشارة غامضة، فلماذا يتوقفان الآن؟ إلَّا أنَّ «أحمد» فكَّر: من الضروري أن الموقف يحتاج إلى ذلك، ظلَّا واقفين. لحظة، ثم جاءتهما رسالة، استمعا إلى الحديث عند آخر درجة.
صعدا مرة أخرى في حذر، وعند آخر درجة، توقَّفا. أخرج «مصباح» سماعة دقيقة من جيبه، ثم لصقها بدرجة السلم، ووضع ذراعيها في أذنيه، ثم أخذ يسمع. كان هناك حوار يدور. سمع: إنَّ الهجوم يجب أن ينتهي. هل تسمع؟ النقطة س. هل تسمع؟
لحظة صمت. ثم سمع واحد يقول: إنَّ أحدًا لا يرد!
قال رجل خشن الصوت: لا بد أنَّ شيئًا قد حدث! يجب حرقُ الأوراق فورًا.
جاءت رسالة من «خالد»: يجب أن نتحرَّك، قبل أن نفقد كل شيء.
أسرع «أحمد»، و«مصباح» في اتجاه نهاية الطرقة الطويلة التي كانت أمامهما. فجأة سمعا دقًّا خفيفًا، فعرفا أنَّ «خالد» و«باسم» أمامهما مباشرة. لحظة ثم ظهرا، فهمس «خالد»: إنَّ حجرة العمليات في نهاية الطرقة، أمامنا مباشرة.
اقتربا في هدوء، وفجأةً فُتِح الباب، وظهر رجل أشيب الشعر، نحيل القوام. بسرعة، اختفى الشياطين في حجرات على الجانبين، غير أنَّ الرجل الأشيب كان قد لمحَهم في حركتهم الأخيرة. وصرخ رجل خلفه: هناك مَن دخل الحجرات!
كانت هذه الصرخة كافية، ليُغيِّر الشياطين خطتهم. لقد كان عليهم الآن أن يدخلوا معركة، بدلًا من احتمال أعمال لا يتوقَّعُونها. فتراجعوا بسرعة، وفي حركة واحدة، فتحوا الأبواب، في نفس اللحظة التي كان فيها الرجل الأشيب، والرجال خلفه أمامهم، قفز «أحمد» في الهواء، وضرب الرجل، إلَّا أنَّه كان يَقِظًا لحركة «أحمد»، فقد ألقى بنفسه بعيدًا. في نفس الوقت كان بقية الشياطين قد اشتبكوا مع الآخرين.
عرف «أحمد» أنَّه أمام خصم قوي، أسرع نحوه في سرعة، إلَّا أنَّ الرجل كان قد أخرج مسدسًا كاتمًا للصوت، وصوَّبه إلى «أحمد» … لكنَّه قبل أن يضغط الزناد، كان «باسم» قد قذفه بخنجر في يده، فسقط المسدس منه. واصطدمت الرصاصة بالأرض … وقبل أن يفيق من مفاجأة «باسم» كان «أحمد» قد وصل إليه. ضربه يمينًا مستقيمة، تلقاها الرجل في براعة، ثم ضرب «أحمد» ضربة، ألقت به بعيدًا. غير أنَّ «خالد» الذي كان قد ضرَب أحدهم بقدمه ضربة قوية، جعلته يتراجَع بشدة، ويصطدم بالرجل الأشيب، فيسقطان معًا … وتابعهما «خالد» في نفس الوقت الذي اشتبك فيه «أحمد»، بآخر، كان على وشكِ أن يضرب «خالد» بقبضة حديدية استطاع «أحمد» أن يتلقَّاها في بساطة، ثم يضرب الرجل في وجهه بقبضة يده، فيتهاوى الرجل على الأرض.
فجأة، أبصر «أحمد» بالرجل الأشيب يجري مبتعدًا وهو يقصد إحدى الحجرات، فترك المعركة. وقال ﻟ «مصباح» وهو يجري: حتى النهاية.
اختفى الرجل الأشيب، لكن «أحمد» كان قد وصل إليه. أغلق الرجل باب الحجرة، وحاول «أحمد» في البداية أن يفتحه، فلم يستطع. أخرج الجهاز الدقيق من جيبه، ثم ضغط زرًّا فأرسل الضوء الرفيع الحاد في اتجاه مفتاح الباب، فانفتح. وفي لحظة، كان الرجل الأشيب يقف أمام دولاب صغير مصنوع من الصلب، وقد فتح ضلفتَيه، وأخرج بعض الأوراق. عرف «أحمد» أنَّها الخطابات الأصلية التي حصلت عليها العصابة، والتي تتبادَلها أمريكا وروسيا.
لمح الرجل «أحمد»، فسحب مسدسًا من الدولاب، ثم أطلق طلقة على «أحمد»، الذي استطاع أن يقفز في لمح البصر بعيدًا عنها. وتابعه الرجل بطلقة أخرى، فمرَّت بجوار قدمه. في نفس اللحظة التي أخرج منها مسدَّسه، وأطلق طلقة على يد الرجل، فسقط مسدسه، قبل أن يضغط الزناد للمرة الثالثة … ووقف الرجل لا يدري ماذا يفعل الآن … لقد أصبح بلا سلاح، في الوقت الذي يقف فيه «أحمد» وقد أمسك مسدَّسه … استند الرجل إلى الحائط وكان يبدو متعبًا تمامًا … وفجأة، لم يره «أحمد». لقد انفتح باب في الحائط، ثم أُغلِق في لمح البصر. أسرع «أحمد» إلى الحائط، وضغط عليه بيده، فلم ينفتح.
فكَّر لحظة سريعة، ثم جرى خارجًا من الحجرة. كان الشياطين قد انتهوا. فقال «أحمد» وهو يجري: الخطابات في الداخل، سأعود حالًا.
بينما كان «أحمد» ينزل السلالم قفزًا، كان الشياطين قد اتجهوا إلى الحجرة التي تضم الخطابات الحقيقية التي كانت مبعثرة على الأرض.
في قفزات سريعة، كان «أحمد» يقف عند باب البيت خرج بسرعة، ووقف خارجه كان مسدسه لا يزال في يده على استعداد لأيِّ حركة. مرَّت لحظة سريعة، ثم سمع صوت موتور سيارة. فجأة، فُتِح باب آخر بجوار باب البيت، وخرجت سيارة مرسيدس سبور، في سرعة فائقة … إلَّا أنَّه كان جاهزًا لأي احتمال. فعندما ظهرت السيارة أطلق طلقتين سريعتَين على العجلتين الأماميتين للسيارة، فانفجرتا في صوت شديد … وقبل أن يُفكِّر الرجل الأشيب في أي حركة، كان «أحمد» قد سدَّد ضوءًا قويًّا من مصباح إليكتروني في يده جعل الرجل يضع يديه على عينيه، وفي هدوء، تقدَّم «أحمد» ومدَّ يده بشدة من داخل السيارة … ولم يكن أمام الرجل، إلَّا أن يستسلم.
في بساطة، دفعه أمامه إلى داخل المنزل … ثم أغلق الباب.
ظهر الشياطين يحملون عدة دوسيهات، فهم «أحمد» أنَّها تضم الخطابات المسروقة، والتي قاموا بتزييفها، لخلق أزمة حادة بين القوتين الأعظم.
قال «مصباح»: إنَّ رجال البوليس الدولي في الطريق.
ولم يكد ينتهي من جملته، حتى ارتفعت أصوات السيارات. في نفس الوقت الذي أحسَّ فيه «أحمد» بدفء جهاز الاستقبال، فعرف أنَّ هناك رسالة من رقم «صفر». تلقَّى الرسالة التي كانت تقول: تهنئتي. لقد أنقذتم العالم من صدام مدمِّر، وأنهيتم قصة الرسائل المزيفة.
وردَّ «أحمد»: إنَّ الشياطين دائمًا على استعداد.
وبعد دقائق، كانوا يأخذون طريقهم إلى فندق «آن» … فقد كانوا في حاجة إلى نوم عميق، بعد هذه المغامرة الصعبة.