الكون المتمدد
بدأ علم الكونيات الحديث مع الاكتشافين العظيمين اللذين توصَّل لهما هابل بشأن المجرَّات: أن هناك جزرًا أخرى في الفضاء خارج مجرَّة درب التبانة، وأن هناك علاقة بين الإزاحة الحمراء للضوء القادم من المجرَّات البعيدة وبين المسافات التي تفصلنا عنها. ويعني هذان الاكتشافان معًا أن بالإمكان استخدام المجرَّات كنماذج اختبار من أجل الكشف عن السلوك الإجمالي للكون. وتحديدًا، يُظهِر هذان الاكتشافان أن الكون آخِذ في التمدد.
مع أن اكتشاف العلاقة بين الإزاحة الحمراء والمسافة كان له وقع المفاجأة عند نهاية عشرينيات القرن العشرين، فإنه قد أُدرِك على الفور أن ثمة نظرية رياضية تصف هذه النوعية من السلوك الكوني موجودة بالفعل: نظرية النسبية العامة لأينشتاين. تصف النسبية العامة العلاقات بين المكان والزمن والمادة والجاذبية، وأحد الملامح الأساسية للنظرية هو أنه لا ينبغي التفكير في المكان والزمن ككيانين منفصلين، وإنما هما وجهان لكيانٍ رباعيِّ الأبعاد يُعرَف باسم الزمكان. ترجع فكرة الزمكان الرباعي الأبعاد إلى عام ١٩٠٨، حين نقَّحَ هيرمان مينكوفسكي نظريةَ النسبية الخاصة لأينشتاين، المنشورة عام ١٩٠٥. وقد قال مينكوفسكي: «من الآن فصاعدًا، حُكِم على المكان بمفرده، والزمن بمفرده، أن يَذوِيَا ليصيرَا محض شبحين، وفقط نوعٌ من الاتحاد بين الاثنين سيحتفظ بواقع مستقل.»
إن مكمن قصور نظرية النسبية الخاصة (السبب وراء وصفها بكلمة «خاصة» هو أنها حالة خاصة من شيء أكثر عمومية) هو أنها لا تتعامل مع الجاذبية أو العجلة (التسارع). فالنسبية الخاصة تصف تحديدًا العلاقات بين كل الأجسام المتحركة والضوء (المستخدَم هنا كمصطلح عام لكلِّ أنواع الإشعاع الكهرومغناطيسي)، ما دامت تتحرك في خطوط مستقيمة بسرعة ثابتة، وتصف الكيفية التي سيبدو بها العالم من منظور أيٍّ من هذه الأجسام. كانت تلك إنجازات أعظم بكثير مما يوحي به هذا الملخص السريع؛ وذلك لأن أينشتاين بالأساس عدَّل فهم إسحاق نيوتن لقوى الحركة، بحيث بات يشتمل على فهم جيمس كلارك ماكسويل للضوء، لكن كان المقصود منها أن تكون خطوةً انتقاليةً على الطريق نحو نظرية تامة تضمُّ الجاذبية والتسارع أيضًا.
وقد حقَّقَ أينشتاين هذا عن طريق النسبية العامة، التي أكملها عام ١٩١٥. أبسطُ سُبُل فهم النسبية العامة يكون من خلال زمكان مينكوفسكي الرباعي الأبعاد. لقد اكتشف أينشتاين أن الزمكان مَرِن؛ ومن ثَمَّ فهو يتشوَّه بفعل وجود المادة. والأجسام التي تتحرك عبر الزمكان تسير في مسارات منحنية حول التشوُّه الذي يسبِّبه وجود المادة، مثلما ستتحرك البلية على سطح ترامبولين في مسارٍ مُنحَنٍ حول الموضع الغائر الذي يسبِّبه وجودُ جسمٍ ثقيلٍ موضوعٍ على الترامبولين، ككرة بولينج. والتأثير الذي نطلق عليه اسم الجاذبية هو نتيجة لانحناء الزمكان. وكما ورد في القول الشهير، فإن «المادة تُملي على الزمكان الكيفيةَ التي سينحني بها، بينما يُملي الزمكانُ على المادة الكيفيةَ التي تتحرك بها.»
المهم في الأمر أيضًا أن أشعة الضوء تتبع المسارات المنحنية المناسبة عبر الزمكان في وجود المادة. والتأثير هنا يكون بسيطًا للغاية، ما لم يكن مقدار المادة المعني ضخمًا، أو تكون المادة منضغطةً في حيِّزٍ صغير بكثافة عالية للغاية، أو كلا الأمرين. لكن هذا التأثير يكون ملحوظًا بالكاد في منطقة الفضاء القريبة من الشمس. لقد تنبَّأت النسبية العامة بأن الضوء القادم من النجوم البعيدة والذي يمر بالقرب من حافة الشمس، من شأنه أن ينحني بمقدار معين، وذلك بسبب الكيفية التي تشوِّه بها كتلةُ الشمسِ الزمكانَ في المنطقة المجاورة لها. ومن على الأرض سيكون التأثيرُ على صورةِ إزاحةٍ للمواضع الظاهرية للنجوم الموجودة في الخلفية، مقارَنةً بالمشاهدات الخاصة بنفس الجزء من السماء حين لا تكون الشمس موجودةً بيننا وبينها. وبما أنه لا يمكن رؤية نجوم الخلفية بسبب وهج الشمس، فإن السبيل الوحيد لرصد هذه التغيُّرات سيكون أثناء كسوف شمسي كلي، حين يُحجَب ضوء الشمس بواسطة القمر. وفي مصادفة سعيدة الحظ للفلكيين، حدث كسوف مشابه عام ١٩١٩، وكانت تلك هي المناسبة التي قاس فيها فريقٌ بقيادة آرثر إدنجتون التأثيرَ المنشود، ووجد أنه يتطابق تمامًا مع تنبؤات نظرية أينشتاين، ومن تلك اللحظة صار أينشتاين عالمًا مشهورًا، مع أن الكثيرين لم يكونوا يعلمون تحديدًا سبب شهرته. ومن ذلك الوقت اجتازت النسبية العامة كلَّ الاختبارات التي صُمِّمت لها، وكان آخر اختبار هو تجربة دقيقة أُجريتْ في الفضاء لمراقبة تأثيرات جاذبية الأرض على جيروسكوبات عديمة الوزن.
إن التبعات الكاملة لاكتشاف أن النسبية العامة تقدِّم توصيفًا جيدًا لكوننا مشروحةٌ بالتفصيل في كتاب بيتر كولز الذي أشرنا إليه سلفًا. لكن النقطة الأساسية التي يجب تفهُّمها هي أن التمدد الذي تصفه المعادلات ليس تمدُّدًا «للمكان» مع مرور الزمن؛ فالإزاحة الحمراء الكونية ليست تأثير دوبلر تتسبَّب فيه حركة المجرَّات بعيدًا داخل المكان، كما لو أنها تفر من موقع انفجار كبير، بل هي تحدث لأن المكان (الفضاء) بين المجرَّات نفسه هو الذي يتمدَّد؛ ومن ثَمَّ فالمكان بين المجرَّات يزداد بينما الضوء يسير في طريقه من إحدى المجرَّات إلى أخرى، وهذا يسبب استطالة موجات الضوء بحيث تصير أطوالها الموجية أطول، وهو ما يعني انزياحها نحو الطرف الأحمر من الطيف.
في الواقع، ثمة قليلٌ جدًّا من المجرَّات المنعزلة في الكون؛ فأغلب المجرَّات توجد ضمن عناقيد قد تحتوي على ما يتراوح بين بضع مجرَّات وآلاف المجرَّات، تبقيها معًا قوةُ الجاذبية. تتحرك المجرَّات المنفردة داخل العنقود حول مركز كتلتها المشترك، بينما يُحمَل العنقود بأكمله بعيدًا بفعل تمدد المكان. وكشأن سرب من النحل، تتحرك المجرَّات بعضها حول بعض فيما يمضي العنقود كله في طريقه وحدةً واحدة؛ لذا حين ننظر إلى الضوء القادم من المجرَّات في أحد العناقيد، نجد أن هناك نوعًا من الإزاحة المتوسطة؛ وهي الإزاحة الكونية التي يسبِّبها تمدُّد الكون، لكننا نرى أيضًا أن بعض المجرَّات لها إزاحات حمراء أكبر قليلًا، وبعضها له إزاحات أصغر قليلًا. المجرَّات ذات الإزاحات الحمراء الأصغر هي تلك المجرَّات التي تتحرك مقترِبةً منَّا؛ ومن ثَمَّ فإن حركتها عبر المكان تصنع إزاحة دوبلر زرقاء، وهو ما يقلِّل من إزاحتها الحمراء الإجمالية. أما المجرَّات ذات الإزاحات الحمراء الأكبر فهي تلك التي تتحرك مبتعِدة عنَّا؛ ومن ثَمَّ فإن حركتها عبر المكان تصنع إزاحة دوبلر حمراء، وهو ما يزيد من إزاحتها الحمراء الإجمالية. وكل هذا يُؤخَذ في الحسبان حين يستخدِم الفلكيون التعبيرَ المختصر: «تُظهِر المجرَّات إزاحةً حمراء تتناسب طرديًّا مع مسافاتها.»
النقطة المحورية الثانية بشأن التمدد الكوني هي أنه عديم المركز؛ فلا يوجد شيء خاص بشأن حقيقة أننا نرصد المجرَّات وهي تتباعد بإزاحات حمراء تتناسب طرديًّا مع مسافاتها إلى درب التبانة. وفي مثال آخَر على العادية الأرضية، فإنه مهما كانت المجرَّة التي يتصادف أنك توجد بها، فسترى الأمر عينه؛ أي إزاحة حمراء تتناسب طرديًّا مع المسافة. ويمكن لتشبيه بسيط توضيح هذا الأمر؛ تخيَّلْ شكلَ سطح كرة تامة، مرسومة عليه نقاط عشوائية من الألوان تمثِّل المجرَّات. إذا تمدَّدت هذه الكرة، فستزداد المسافات بين هذه النقاط، بالطريقة عينها التي يزداد بها الانفصال بين المجرَّات في الكون الحقيقي مع تمدُّده. افترِضْ أن معدل التمدد يضاعف المسافة بين كل نقطتين، بحيث إن النقطتين اللتين كان يفصل بينهما سنتيمتران، ينتهي بهما الحال بأن يفصل بينهما أربعة سنتيمترات، وإن النقطتين اللتين كان يفصل بينهما أربعة سنتيمترات، ينتهي بهما الحال بأن يفصل بينهما ثمانية سنتيمترات، وهكذا. وإذا كانت هناك ثلاث نقاط على خط مستقيم يفصل بين كل اثنتين منها قبل التمدد سنتيمتران، فستكون المسافة بعد التمدد بين النقطة المركزية وكلٍّ من النقطتين المجاورتين لها أربعة سنتيمترات، لكن المسافة بين النقطتين الطرفيتين ستبلغ ثمانية سنتيمترات. فمن منظور أيٍّ من النقطتين الطرفيتين ستكون النقطة المركزية قد ابتعدت مسافة سنتيمترين، لكن النقطة الطرفية الأخرى ستكون ابتعدت بمقدار أربعة سنتيمترات. لقد بدأت على مسافة مضاعفة مقارَنةً بالنقطة المركزية، ومقدار «إزاحتها الحمراء» يبلغ ضعف مقدار إزاحة النقطة القريبة منها. ومن منظور كل نقطة على سطح الكرة، تكون الصورة العامة هي نفسها؛ فالإزاحة الحمراء تتناسب طرديًّا مع المسافة.
لكن ماذا لو تخيلنا أن حجم الكرة قد تقلَّصَ؟ في هذه الحالة ستتقارب النقاط بعضها من بعض، وتتناسب «الإزاحة الزرقاء» طرديًّا مع المسافة، وهذا يكافئ النظر إلى الماضي نحو تاريخ الكون الآخِذ في التمدد. فمن الواضح أنه لو كانت المجرَّات آخِذة في الابتعاد بعضها عن بعض اليوم، فمن المؤكد أن بعضها كان أقرب إلى بعض في الماضي. أما ما قد يكون أقل وضوحًا — لكن النسبية العامة تتطلَّبه — فهو أنك لو عكست اتجاه هذا التمدد بدايةً مما عليه الأحوال اليوم، وفعلت هذا لوقت طويل كافٍ، فستصل إلى وقت كان فيه كلُّ المادة وكلُّ المكان مدمجَيْن معًا في نقطة رياضية — نقطة تفرُّد — صفرية الحجم وذات كثافة لا نهائية، شبيهة بنقاط التفرد المتنبَّأ بوجودها في قلوب الثقوب السوداء. وكما الحال بالنسبة لنقاط التفرُّد الخاصة بالثقوب السوداء، فلأن الفيزيائيين لا يصدِّقون النظريات التي تتنبَّأ بظروف فيزيائية متطرفة بدرجة لا نهائية، يُعتقَد أن النسبية العامة تنهار عند وصولها إلى ذلك الحد.
لكن ثمة أسبابًا عدة تدفعنا للاعتقاد بأن الكون بدأ في حالة صغيرة الحجم للغاية (أصغر من الذرَّة)، ودرجة حرارة وكثافة عاليتَيْن للغاية (كثافة تحتوي على كلِّ المادة الموجودة في الكون اليوم)، حتى إن لم يكن أيٌّ من هذه الخصائص لا نهائيًّا. وهذه الفكرة التي تقضي بوجود بداية فائقة الكثافة والحرارة هي أساس نموذج الانفجار العظيم للكون. وقد بدأت فكرة الانفجار العظيم تؤخذ بجدية في النصف الثاني من القرن العشرين، حين أخذت المشاهدات المتزايدة تؤكِّد على حقيقة تمدُّد الكون. والسؤال الكبير الذي جاهد الفيزيائيون في محاولة لحله هو: متى حدث الانفجار العظيم؟ وكم يبلغ عمر الكون؟ وقد جاءت الإجابة من دراسات المجرَّات، التي قدَّمت قياسات لثابت هابل.
ولأن عمر الكون يتناسب عكسيًّا مع قيمة ثابت هابل، فكلما صغرت قيمة ثابت هابل كان الكون أكبر عمرًا. وباستخدام القيمة التي حدَّدها هابل نفسه للثابت — والبالغة ٥٢٥ كيلومترًا في الثانية لكل ميجا فرسخ فلكي — يكون عمر الكون نحو مليارَيْ عام. لكن حتى في ثلاثينيات القرن العشرين كان من الجلي أن ثمة خطأً ما في هذا التقدير؛ لأنه يقلُّ عن عمر كوكب الأرض، وهذا هو السبب وراء أن فكرة الانفجار العظيم لم تبدأ في أن تُؤخَذ مأخذ الجدية إلا بعد أربعينيات القرن العشرين، حين حدثت مراجَعةٌ جذرية لمقياس المسافات، وذلك بعد إزالة الخلط الحادث بين نوعين من النجوم المتغيرة. وبضربة واحدة، خُفِّض ثابت هابل إلى النصف، وتضاعفت التقديرات الخاصة بعمر الكون، وهو ما جعل عمر الكون يبدو قريبًا من عمر كوكب الأرض.
لكن في الوقت عينه تقريبًا، بدأ الفلكيون في تطوير فهمٍ جيد لكيفية عمل النجوم، وعمل تقديرات موثوق بها لأعمارها، فتبيَّنَ أن بعض النجوم يبلغ من العمر أكثر من عشرة مليارات عام، وهو ما سبَّبَ مجددًا الحرج لفكرة الانفجار العظيم بالشكل الذي كانت عليه في خمسينيات القرن العشرين. وقد كان هذا أحد الأسباب التي جعلت نموذجًا كونيًّا منافِسًا — نموذج الحالة الثابتة — جذَّابًا في أعين بعض الفلكيين في ذلك الوقت. كانت الفكرة وراء نموذج الحالة الثابتة هي أنه بينما تتباعد المجرَّات في كون متمدد، فإن القوى المسئولة عن استطالة المكان تتسبَّب أيضًا في ظهور مادة جديدة في الفجوات بين المجرَّات؛ ذرات من الهيدروجين من شأنها أن تكوِّن سُحُبًا من الغاز الذي منه تتكوَّن مجرَّات جديدة كي تملأ الفجوات. وفق هذه الصورة، لا وجودَ لبدايةٍ للكون، ولن تكون هناك نهاية، ويبدو الكون على الدوام بنفس المظهر تقريبًا، لكن في ستينيات القرن العشرين دُقَّ المسمار الأخير في نعش نموذج الحالة الثابتة، حين اكتشف اثنان من المتخصصين في علم الفلك الراديوي هسيسًا من ضوضاء الراديو آتيًا من كل اتجاه في الفضاء. وقد فُسِّر إشعاع الخلفية الميكروني الكوني هذا — الذي تنبَّأت به نظرية الانفجار العظيم (مع أن هذا التنبؤ قد ذهب طي النسيان!) — على أنه البقايا الخافتة للإشعاع القوي الصادر عن الانفجار العظيم نفسه، وهو التفسير الذي تعزَّزَ بمشاهدات لاحقة؛ منها تلك الآتية من أقمار صناعية متخصِّصة أُرسِلت إلى الفضاء لدراسة هذا الإشعاع. وقد زالت الحاجة لنموذج الحالة الثابتة البديل؛ لأن التقديرات الخاصة بعمر الكون زادت تدريجيًّا مع مرور الأعوام.
ومنذ عام ١٩٥٠ فصاعدًا، قلَّلت المراجعاتُ التدريجية لمقياس المسافة — والمبنية على المشاهدات الآخِذة في التحسُّن — قيمةَ ثابت هابل إلى أن صار، مع بداية تسعينيات القرن العشرين، معروفًا أنه يقع في نطاقٍ يتراوح بين ٥٠ و١٠٠، بالوحدات المعتادة، أو كما عبَّرَ أحد الفلكيين عن الأمر: ٧٥ ± ٢٥. ومن هنا جاء مشروع تليسكوب هابل المحوري.
وكحال مجرَّة أندروميدا فإن المجرَّات داخل العناقيد عادةً ما تتحرك على نحوٍ عشوائي عبر الفضاء بسرعة بضع مئات الكيلومترات في الساعة، وهذا يعني أنه من أجل الحصول على تقديرات موثوق بها للإزاحة الحمراء الكونية لعنقود مجرِّيٍّ، من الأفضل النظر إلى العناقيد المجرِّيَّة البعيدة؛ حيث تكون الإزاحة الحمراء أكبر وتمثِّل السرعات الفردية العشوائية وما يرتبط بها من إزاحات دوبلر الزرقاء نسبةً أصغر من الإزاحة الحمراء الكلية. لكن بطبيعة الحال من الأصعب قياس المسافات في حالة العناقيد المجرِّيَّة البعيدة؛ لذا ثمة نوع من المقايضة حين يتعلَّق الأمر باستخدام العناقيد بهذه الطريقة من أجل تحديد قيمة ثابت هابل. استخدم مشروع تليسكوب هابل المحوري الطريقةَ التقليدية التي ابتكرها هابل نفسه، والخاصة بالحصول على المسافات الدقيقة إلى المجرَّات القريبة عن طريق النجوم القيفاوية؛ وذلك باستخدام المسافات الخاصة بالنجوم القيفاوية في معايرة سطوع مؤشرات المسافة الأخرى، كالمستعرات العظمى، ثم المضي أبعد في الكون في سلسلة من الخطوات. كان الفارق في هذه الحالة، بعد ستين عامًا من وقت هابل، أننا نملك تليسكوبًا أفضل، وأنه جرى التخلص من الخلط بين نوعين مختلفين من النجوم المتغيرة، وأن الخمود النجمي صار مفهومًا، وأن مؤشرات المسافة الثانوية كالمستعرات العظمى صارت مفهومة على نحوٍ أفضل هي الأخرى عمَّا كان عليه الحال في وقت هابل. وبلغ التقدير النهائي الذي توصَّلَ إليه فريق عمل المشروع لثابت هابل، في مايو ٢٠٠١: ٧٢ ± ٨، وهو ما يعني أن عمر الكون يبلغ نحو ١٤ مليار عام. ومن حسن الطالع أنه في العقد السابق على ذلك، في تسعينيات القرن العشرين، كانت أعمار النجوم التي نراها قد تحدَّدت بواسطة طرق مستقلة تمامًا، ووُجِد أنها تبلغ نحو ١٣ مليار عام؛ وبذا يكون الكون أكبر بالفعل من النجوم والمجرَّات التي يحتوي عليها.
وهذه النتيجة أعمق كثيرًا مما تبدو عليه من الوهلة الأولى؛ فعمر الكون يتحدد من خلال دراسة بعضٍ من أكبر الأشياء في الكون — العناقيد المجرِّيَّة — وتحليل سلوكها باستخدام النسبية العامة. وفهمُنا للكيفية التي تعمل بها النجوم، والتي منها حسَبنا أعمارها، يأتي من دراسة بعضٍ من أصغر الأشياء في الكون — نوى الذرات — واستخدام النظرية العظيمة الأخرى للقرن العشرين — ميكانيكا الكم — في حساب الكيفية التي تندمج بها النوى بعضها مع بعض كي تُطلِق الطاقة التي تُبقي النجوم على سطوعها. وحقيقة أن العمرين يتماثل كلٌّ منهما مع الآخر، وأن أعمار أقدم النجوم تقل قليلًا عن عمر الكون، هي واحدة من أكثر الأسباب إقناعًا للإيمان بأن فيزياء القرن العشرين بأسرها ناجحة، وأنها تقدِّم توصيفًا جيدًا للعالم من حولنا، بدايةً من أصغر نطاقات الحجم وانتهاءً بأكبرها.
في الوقت الحالي تأكَّدَ، من خلال طرق أخرى مستقلة، أنَّ قيمةَ ثابتِ هابل تقترب من ٧٠ كيلومترًا في الثانية لكل ميجا فرسخ فلكي. وبعض هذه الطرق يتضمَّن معداتٍ تكنولوجيةً متقدمة على غرار الأقمار الصناعية، وفهمًا راقيًا للفيزياء، لكنَّ نهجًا واحدًا بسيطًا يوضِّح بجلاء العلاقة بين المجرَّات والكون، وعند الجمع بينه وبين القياسات الأخرى الأكثر تعقيدًا، فإن العاديَّة المجرِّيَّة تتعزَّز لدينا.
منذ وقت هابل بنى الراصدون فهارسَ تحدِّد مواضع آلاف المجرَّات وإزاحاتها الحمراء وأحجامها الزاويَّة؛ فهارسَ عديدةً مختلفة يحتوي كلٌّ منها على آلاف المجرَّات. بعض هذه الفهارس يتضمَّن الأحجام الزاوية، التي يُعبَّر عنها عادة من خلال أقطار خطوط السطوع الكنتورية عينها المستخدَمة في تحديد مدى عاديَّة مجرَّة درب التبانة. وكل قُطْر زاويٍّ يمكن تحويله إلى قطر خطِّي حقيقي عن طريق ضربه في رقم يعتمد فقط على الإزاحة الحمراء، التي نعرفها، وفي ثابت هابل، الذي نفترض أننا نعرفه بالفعل. وإذا أخذنا آلاف المجرَّات ذات الإزاحات المختلفة، والمنتشرة عبر السماء، يكون من الممكن أن نختار قيمةً ما لثابت هابل، وأن نحسب كل الأقطار الخطِّية، وبعد ذلك نأخذ متوسطًا للعيِّنة كلها كي نقدِّر الحجم المتوسط للمجرَّة. ومن اليسير عمل هذا الأمر مرارًا وتكرارًا باستخدام جهاز كمبيوتر يواصل تغيير قيمة ثابت هابل، إلى أن تصير القيمة المتوسطة التي تخرج بها الحسابات مساويةً للقطر المتوسط الخاص بالمجرَّات الحلزونية القريبة على غرار مجرَّة درب التبانة؛ وهذا يمنحنا قيمةً فريدةً لثابت هابل.
ثمة صعوبات عملية علينا التغلُّب عليها؛ فمثلًا علينا التأكُّد من أن كل الأقطار قد قِيست بالطريقة عينها، وأن العينة مقصورة على المجرَّات التي لها نفس البنية الإجمالية التي للمجرَّات الموجودة في عيِّنَتنا المحلية، وأن المشاهدات تلتقط بالفعل كلَّ المجرَّات ذات الصلة. وأحد أهم العوامل التي يجب وضعها في الحسبان أنه من الأيسر رؤية المجرَّات الأكبر؛ لذا في حالة الإزاحات الحمراء الأكبر ستحتوي عيِّنة المجرَّات على عدد أقل مما ينبغي من المجرَّات الصغيرة؛ لأنه جرى إغفالها، وهذا التأثير يُعرف باسم «تأثير مالمكويست». لكن لحسن الحظ، عن طريق مقارنة أعداد المجرَّات ذات الأحجام المختلفة الموجودة على إزاحات حمراء مختلفة يصير من الممكن حساب المقدار الإحصائي لهذا التأثير — الطريقة التي يتم بها إغفال المجرَّات الصغيرة في العينة مع زيادة مقدار الإزاحة الحمراء — وتصويبه. من أوجه التعقيد أيضًا أن علينا حذف المجرَّات القريبة من الحسابات؛ لأن إزاحات دوبلر العشوائية الخاصة بها تناهِز الإزاحات الحمراء الكونية في المقدار وتسبِّب تشوُّشَ الصورة. لكن هذ الطريقة تصلح مع المجرَّات حتى مسافة ١٠٠ ميجا فرسخ فلكي، وحتى في ظل كل هذه المحاذير يقدِّم أحد الفهارس القياسية، المعروف باسم «آر سي ٣»، مجموعةً فرعية تتكوَّن من أكثر من ألف مجرَّة مناسبة تفي بهذه المعايير، وهذا عدد وفير يمثِّل عيِّنة موثوقًا بها إحصائيًّا. وعند انتهاء كل العمل، يتبيَّن أن قيمة ثابت هابل المبنية على مقارَنة أقطار المجرَّات تقع في أعلى الستينيات، هذا إذا كانت درب التبانة مجرد مجرَّة عادية حقًّا. وهذه القيمة تتفق مع القياسات الأخرى.
بالطبع ليست هذه أفضل أو أدق طريقة لقياس ثابت هابل، لكنها طريقة قيِّمَة لسببين: السبب الأول هو أنها طريقة فيزيائية بارعة يمكن تفهُّمها من منظور خبراتنا الحياتية اليومية، التي فيها نعرف أن البقرة التي تقف على الطرف القَصِيِّ لحقلٍ كبير تبدو أصغر حجمًا لأنها بعيدة، وهي لا تتطلب أيَّ فهم عميق للفيزياء أو الرياضيات. والسبب الثاني هو أنه يمكن استخدام المنطق على نحوٍ معكوس أيضًا. فأوَّل إثباتٍ حقيقي لكون مجرَّة درب التبانة هي مجرَّة حلزونية عادية جاء من مقارَنةِ حجمها بأحجام ١٧ مجرَّة أخرى قريبة نسبيًّا فقط، لكن لو كان ثابت هابل قريبًا من ٧٠، وهو ما تشير إليه التحليلات والمشاهدات الأكثر تقدُّمًا، فعندئذٍ يمكن استخدام تلك القيمة في حساب الحجم المتوسط للألف والنيِّف مجرَّة في عيِّنتنا — وبعضها يبعد مائة ميجا فرسخ فلكي عنَّا — ونجد أنها قريبة للغاية بالفعل من حجم مجرَّة درب التبانة، ومن الحجم المتوسط لعيِّنَتنا القريبة من المجرَّات. وعلى أقل تقدير، مجرتنا مماثلة لنوعية المجرَّات القرصية الموجودة في منطقتنا «المحلية» من الفضاء التي يبلغ عرضها ٢٠٠ ميجا فرسخ فلكي، ويبلغ حجمها أكثر من ٤ ملايين ميجا فرسخ فلكي مكعب.
لكن لا تزال هذه في حقيقة الأمر فقاعة محلية مقارَنةً بحجم الكون القابل للرصد؛ فهناك أجرام بإزاحات حمراء معروفة تتوافق مع مسافات تزيد عن عشرة ملايين سنة ضوئية؛ أي أبعد ثلاثين مرة من أبعد المجرَّات المستخدَمة في هذه الطريقة لتقدير قيمة ثابت هابل. ودراسات هذه الأجرام تبيِّن أن الأمر ينطوي على ما هو أكثر من هذا؛ إذ يبدو أن تمدُّد الكون لم يتباطأ منذ الانفجار العظيم بالكيفية التي تتنبَّأ بها أبسط حلول معادلات أينشتاين، بل ربما بدأ في التسارع.
في تسعينيات القرن العشرين بدأ الفلكيون في استخدام مشاهدات المستعرات العظمى في معايرة العلاقة بين الإزاحة الحمراء والمسافة من أجل الإزاحات الحمراء التي تساوي ١ تقريبًا (أكبر إزاحاتٍ حمراء معروفة لمثل هذه المستعرات تقل عن ٢). وتعتمد هذه الطريقة على اكتشاف أن نوعًا معينًا من المستعرات العظمى — عائلة تُعرَف باسم «المستعرات العظمى من النوع ١أ» — يبدو أن كلَّ أفراده يصلون لنفس القيمة القصوى من السطوع المطلق، وقد جرى اكتشاف هذا من خلال مشاهدات المستعرات العظمى من النوع «١أ» في المجرَّات القريبة التي نعرف جيدًا المسافات التي تفصلنا عنها. وقد مثَّلَ هذا الاكتشاف أهميةً خاصةً؛ لأن المستعرات العظمى ساطعةٌ للغاية، لدرجة أنها يمكن أن تُرَى من على مسافات بعيدة جدًّا.
ومع أن المستعرات العظمى من النوع «١أ» لها السطوع المطلق نفسه، فإنها كلما كانت على مسافة أبعد في الكون، بَدَتْ أكثر خفوتًا، وهذا يعني أنها لو كانت تصل بالفعل إلى نفس القيمة القصوى من السطوع المطلق، فإنه من خلال قياس القيمة القصوى من السطوع الظاهري للمستعرات العظمى من النوع «١أ» في المجرَّات البعيدة للغاية، سيكون بإمكاننا حساب مقدار بُعْد هذه المجرَّات عنَّا، وإذا أمكننا قياس الإزاحات الحمراء لنفس هذه المجرَّات كذلك، فسيكون بمقدورنا معايرة ثابت هابل. وحين جرت هذه المشاهدات، باستخدام أقصى حدود قدراتنا التكنولوجية، وجد الراصدون أن المستعراتِ العظمى في المجرَّات البعيدة للغاية أخفَتُ قليلًا مما ينبغي أن تكون عليه لو كانت المجرَّات التي توجد فيها تقع على المسافات التي تشير إليها القيمة المتفق عليها لثابت هابل.
لا يمكن استبعاد إمكانية أن تكون المستعرات العظمى في هذه المجرَّات البعيدة لا تسطع بنفس مقدار سطوع تلك الموجودة في المجرَّات الأقرب إلينا؛ بَيْدَ أن أفضل استنتاج يتوافق مع كل الأدلة المتاحة هو أن هذه المستعرات العظمى أبعد بالفعل عمَّا يُفترض أن تكون عليه لو كان الكون يتمدَّد بما يتوافق مع أبسط النماذج الكونية منذ الانفجار العظيم. فهناك تعديل بسيط مطلوب لمعادلات أينشتاين كي تتوافق أجزاء الصورة معًا؛ إذ لا بد من إعادة إدخال ثابت كوني صغير إلى المعادلات مجدَّدًا. ربما لم يكن إدخال الثابت الكوني في البداية خطأً فادحًا من جانب أينشتاين.
حين استحدث أينشتاين ثابته الكوني فإنه فعل ذلك كي يحافظ على نموذج الكون ساكنًا، لكن يمكن لاختيارات مختلفة لقيمة هذا الثابت أن تجعل نموذج الكون يتمدَّد على نحوٍ أسرع أو أبطأ، أو تجعله ينهار. واحتواء المعادلات على نوعية الثابت الكوني المطلوب لتفسير مشاهدات المستعرات العظمى يعني ضمنًا أن الكون بأسره مملوءٌ بنوعٍ من الطاقة ليس لها تأثير موضعي ملحوظ على المادة العادية المألوفة، بل هي تعمل عمل السائل المرن المضغوط، بحيث تدفع الكون إلى الخارج في مقابل قوة الجاذبية التي تسحبه إلى الداخل. ولأن الثابت الكوني يُطلَق عليه على نحوٍ تقليديٍّ المسمَّى لامدا، فإن هذا الحقل يُسمَّى «حقل لامدا»، وإذا اخترنا قيمة كثافة مناسبة لهذا الحقل، يكون من اليسير تفسيرُ الكيفية التي تباطَأَ بها الكون في تمدُّده خلال المليارات القليلة الأولى من الأعوام عقب الانفجار العظيم، كما تنبَّأَتِ النماذج الأبسط، لكنه بعد ذلك بدأ في التسارع ببطء.
الأمر يسير على النحو التالي (هناك تفسيرات ممكنة أكثر تعقيدًا من هذا للتسارع الكوني، لكن بما أن أبسط التفسيرات هو أجملها، فلن أناقش هذه التفسيرات المعقدة هنا). حقل لامدا ساكن، ويمتلك القيمة عينها منذ الانفجار العظيم. ولأننا نعجز عن رؤية هذا الحقل، فعادةً ما يُطلَق عليه اسم «الطاقة المظلمة». والطاقة المظلمة خاصية من خصائص الزمكان نفسه؛ لذا حين يتمدَّد المكان ويكون هناك المزيدُ من السنتيمترات المكعبة التي تحتاج إلى أن تُملَأ، لا تقل كثافة الطاقة المظلمة، وهذا يعني أن مقدار الطاقة المخزَّن في كل سنتيمتر مكعب من المكان يظل كما هو، وهو يمارس دومًا مقدار الدفع الخارجي عينه في كل سنتيمتر مكعب. وهذا يختلف تمامًا عمَّا يحدث للمادة مع تمدُّد الكون؛ فحين ظهر الكون إلى الوجود من الانفجار العظيم، كانت كثافة المادة في كل موضع تماثِل كثافتها اليوم في نواة الذرة. ومن شأن مقدارٍ يسير للغاية من هذه المادة أن يحتوي من الكتلة على ما يكافئ كلَّ البشر الموجودين على الأرض اليوم؛ ومن ثَمَّ فإن الجاذبية المرتبطة بتلك الكثافة للمادة كانت هي المهيمنة تمامًا على حقل لامدا. ومع مرور الوقت، تمدَّدَ الكون وصار نفسُ مقدارِ المادة يشغل حيِّزًا متزايدًا من المكان، وبالتبعية قلَّتْ كثافة المادة، وهذا يعني أن تأثير الجاذبية على التمدُّد صار يقلُّ تدريجيًّا، إلى أن صار أقل من تأثير الطاقة المظلمة.
ولتفسير مشاهدات المستعرات العظمى، لا بد أن تأثير المادة على التمدد — الذي يعمل على إبطاء التمدد — قد ضعف إلى درجةٍ صار فيها مساويًا لتأثير الطاقة المظلمة، التي تعمل على تسريع التمدد، وذلك منذ نحو خمسة أو ستة مليارات عام مضت. ومن منظور الإزاحة الحمراء، حدث التحوُّل بين إزاحةٍ حمراء قدرها ٠٫١ وإزاحةٍ قدرها ١٫٧، ومنذئذٍ صار تأثيرُ الطاقة المظلمة أكبرَ من تأثير المادة، وهو ما جعل تمدُّد الكون يتسارع.
إذا كان التمدُّد آخِذًا في التسارع، فمن تبعات ذلك أن يكون الكون أكبر قليلًا من الأربعة عشر مليار عامٍ المحسوبة على افتراض عدم وجود تسارُع؛ لأنه لو كان الكون يتمدَّد على نحوٍ أبطأ في الماضي، فمن المؤكد أنه استغرق وقتًا أطول كي يصل إلى حالته الراهنة. بَيْدَ أن هذا التأثير ضئيلٌ للغاية، وهو يعمل في الاتجاه الصحيح بحيث يحافظ على عمر الكون أكبر من أعمار أقدم النجوم؛ لذا ما من حاجة لأن نشغل أنفسنا به.
لكن على المستوى الكوني، فإن وجود هذا المقدار من الطاقة — وإن كان ضئيلًا — وكتلتها المكافئة، في «كل» سنتيمتر مكعب من الكون — حتى في كل «الفضاء الخاوي» بين النجوم والمجرَّات — يكون له تأثير بالغ؛ فهو يعني أن هناك من المادة على صورة طاقة مظلمة ما هو أكثر بكثير من المادة على صورة نجوم ومجرَّات ساطعة. كان هذا من شأنه أن يمثِّل مفاجأةً كبيرة لهابل ومعاصريه، الذين تصوَّروا أنهم كانوا يدرسون أهم مكونات الكون، لكن في نهاية تسعينيات القرن العشرين كان هذا هو المطلوب تمامًا؛ فبحلول ذلك الوقت كان من الجلي بالفعل أن هناك في الكون ما لا تدركه أعيننا، وكان علماء الكونيات يحاولون بالفعل العثور على ما يُسمَّى «الكتلة المفقودة»، وقد تبيَّنَ أن حقل لامدا هو القطعة المفقودة التي أكملت الصورة الحديثة للكون، الصورة التي تقدِّم هيكلًا عامًّا يمكننا داخله تفهُّمُ أصل المجرَّات وتطوُّرها، وهو الأمر الذي لا يزال على أي حال يمثِّل أهميةً بالغةً لأشكال الحياة مثلنا.